فلسطينيون منفيون ومنسيون فى مصر

الأحد، 19 مايو 2013 09:45 ص
فلسطينيون منفيون ومنسيون فى مصر صورة أرشيفية
(أب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 1948 فر سيلمان المحمودى على قدميه مع والديه، وأسرى آخرين من قريتهم بئر السبع فى فلسطين، وسار الشاب الذى كان فى الثامنة والعشرين من عمره باتجاه الغرب لعدة مئات من الأميال، حيث عبر هو وأسرته شبه جزيرة سيناء، قبل أن يستقروا فى منطقة تبعد نحو 90 ميلا شمالى القاهرة.

لم يخططوا للبقاء فى محافظة الشرقية بمصر طويلا، إلى أن وجدوا أنفسهم غير قادرين على العودة إلى ديارهم بعد سيطرة اليهود على مدينتهم، وإعادة تسميتها.

والمحمودى، الذى يبلغ الآن 93 عاما، هو واحد من نحو ثلاثة آلاف فلسطينى يعيشون فى قرية جزيرة فاضل الفقيرة، وهو يقضى أيامه جالسا على حشية على الأرض خارج المنزل المبنى بالطوب اللبن والمكون من غرفتى نوم لا يوجد بهما الكثير من الأثاث، ويجعل الطريق الترابى من الصعب عليه أن يسير فيه وهو يستند إلى عصاه.

وهو يعيش مع 13 من أولاده و28 حفيدا، ومثل جيرانه، ينامون على الحصير المفروش فى طرقات المنزل.

وتعيش جارته خضرة محمد (52 عاما) فى منزل تبلغ مساحته 50 مترا مربعا مشيد بالطوب اللبن مع 19 من أفراد أسرتها، وفى داخل إحدى الغرف يوجد سرير متداع، وتتدلى من السقف مروحة تكسوها خيوط العنكبوت.

وشاهد ثلاثة أجيال من الفلسطينيين من بير السبع المولدون هنا دون الحصول على تعليم مجانى، أو رعاية صحية، وهى الحقوق التى يحصل عليها المصريين.

وقال إن محنتهم أصحبت منسية، حيث إن المنطقة التى يعيشون فيها يتجاهلها الجميع.

وبينما أحيى الفلسطينيون حول العالم مؤخرا الذكرى الخامسة والستين للنكبة، يقول اللاجئون فى جزيرة فاضل، إن وضعهم أسوأ مقارنة باللاجئين الفلسطينيين الذين فروا إلى الأردن أو سوريا أو لبنان.

وخلافا لملايين من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون فى الدول الثلاث، لا تمتلك وكالة غوث اللاجئين وتشغليهم "الأونروا" أى مكاتب لها فى القاهرة، ولذا لا تقدم لهم أى مساعدات للاجئين الفلسطينيين.

الغالبية العظمى من البالغين والأطفال هم من الأميين، ولا يقدرون على تحمل حتى المصاريف المنخفضة لمدرسة حكومية قريبة، ويقضى أطفال كثيرون، حفاة الأقدام ملابسهم مهترئة، أيامهم فى مساعدة البالغين من خلال النبش فى القمامة للعثور على ما يمكن إعادة تدويره، وهو أحد طرق قليلة لكسب أقوات هزيلة فى هذه القرية الصغيرة.

ويعمل آخرون فى المزارع القريبة ويحصلون القمح مقابلا لعملهم، ثم تقوم النساء بنخل القمح وطحنه باليد لصنع الخبز.

المنزل العادى هناك سقفه مصنوع من القش وأوراق النخيل، ولدى بعض العائلات ثلاجات قديمة، فى حين لا يتوفر ذلك للبعض الآخر، البيوت ليس لها مطابخ، لذلك تطهى النساء فوق موقد غاز صغير محمول بشعلات من أعلى، وهن يهدهدن الرضع الصغار ليناموا فى بطانية مربوطة من جميع الزوايا الأربعة بحبل متدل فوق الكتف.

وهم يشكلون مجتمعا مغلقا وتشيع المصاهرة بين الأقارب من الدرجة الأولى، مما يؤدى إلى تشوهات خلقية لدى كثير من الأطفال فى القرية، فإحدى الأسر لديها طفلتان صماوان، ولا تملك المال لتوفير الرعاية الخاصة التى تحتاج إليها الصغيرتان.

ورغم أن كثيرين لا يعرفون شيئا عن الحياة خارج جزيرة الفاضل، يقولون إنهم لا يعدمون الصلة مع بئر السبع، ويقولون إنهم يحلمون بالعودة إلى أرضهم ويأملون أن يعيشوا حياة أكثر كرامة ويتركون وراءهم هذ الركن المنسى من مصر، الدولة المثقلة بالفعل بطفرة سكانية وفقر مستشر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة