الإيكونوميست: بنوك الاستثمار الأمريكية تجاوزت أزمتها.. والأوروبية تكافح

الثلاثاء، 14 مايو 2013 07:22 م
الإيكونوميست: بنوك الاستثمار الأمريكية تجاوزت أزمتها.. والأوروبية تكافح أرشيفية من مجلة "الإيكونوميست" البريطانية
الأناضول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن بنوك الاستثمار الأمريكية عادت لتسيطر من جديد على سوق التمويل العالمى، معتبرة أن ذلك لا يصب فى صالح الولايات المتحدة بالضرورة.

وأشارت فى تقرير لها نشرته فى عددها الصادر للأسبوع الجارى إلى أنه فى عام 2008 وخلال أسابيع قليلة ملتهبة، اجتمع المسئولون الكبار بالبنوك الاستثمارية خلف أبواب مجلس الاحتياط الاتحادى الأمريكى ( المركزى الأمريكى)، بينما كانت تبدو وول ستريت ، شارع المال والبورصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أنها فى طريقها نحو الهاوية، حيث قدم مصرف "ليمان براذرز" طلبا لإشهار الإفلاس بينما استحوذ بنك أوف أمريكا على كامل أسهم بنك ميريل لينش.

كما قدمت المجموعة الأمريكية العالمية عملاق التأمين (إيه.أى.جى) ومجموعة سيتى المصرفية العملاقة طلبين للحصول على حزم إنقاذ مالية، ما دفع العديد من المؤسسات الأمريكية لأن تقتفى أثرها وتطلب حزم إنقاذ.

وأشار هانك بولسون، وزير الخزانة الأمريكى حينذاك فى مذكراته إلى أن الخطوة التالية ستكون انهيار بنكى مورجان ستانلى وجولدمان ساكس، وإذا حدث ذلك فإن النظام المالى بالولايات المتحدة سيكون فى طريقه نحو الهاوية.
وقال إن الساسة الأوروبيين عبر ضفتى الأطلسى كانوا يرون أن ما يحدث من انهيار للبنوك الأمريكية الكبرى يمثل قصاصا عادلا من الرأسمالية الأمريكية.

كما أنحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل باللوم على المسئولين فى واشنطن بسبب عدم تنظيم البنوك وصناديق التحوط بشكل دقيق ومنظم.

واعتبر المجلة البريطانية أن البنوك الأوروبية وجدت ضالتها للنهوض إبان تفاقم الأزمة فى الولايات المتحدة بعدما سيطرت البنوك الأمريكية على سوق التمويل الدولى لفترات طويلة.

وأشار التقرير إلى بنك باركليز البريطانى سارع إلى الاستحواذ على بنك (ليمان براذرز)، واشترى عملياته الاستثمارية فى الولايات المتحدة، الأمر الذى وصفه بوب دياموند رئيس الذراع الاستثمارية له حينذاك، بأنها "فرصة رائعة" لدخول السوق الأمريكية.

كما عزز بنك "دويتش بنك" العملاق الألمانى حصته فى السوق الأمريكى عبر استحواذه على بنوك أمريكية منافسة.

ويذكر تقرير أن الهيمنة التى فرضتها البنوك الأمريكية على أسواق العالمية لفترة طويلة بدت أنها فى طريقها إلى النهاية.

وتقول الإيكونميست إنه عقب مرور خمسة أعوام، دارت عقارب الساعة إلى الوراء، حيث أصبحت البنوك الأوروبية تواجه ظروفا صعبة، بينما بدأت البنوك الأمريكية فى التعافى وتصدر المشهد المالى العالمى من جديد، مشيرا إلى أن أكبر بنكين فى أوروبا وهما "يو بى إس" وكريدى سويس، واللذان كانا يعززان نفوذهما سريعا قبل تفاقم الأزمة المالية، يعانيان من فقدان أصولهما حاليا.
ويضيف التقرير أن بنك رويال بنك أوف سكوتلاند والذى احتل مرتبة بين أكبر 10 بنوك استثمارية فى العالم لفترة وجيزة، أصبح خاضعا لوصاية الحكومة البريطانية، ويشير إلى أن حصة البنوك الأوروبية فى مجال بنوك الاستثمار تراجعت إلى الخُمس منذ تفاقم الأزمة المالية بينما يعود الكثير من المكاسب إلى البنوك التى لا تزال قوية فى وول ستريت.

ويقول إن 3 بنوك أمريكية هى جى بى مورجان تشيس وجولدمان ساكس وسيتى جروب تستحوذ على ثلث نشاط بنوك الاستثمار فى العالم.

ونجح بنكان أوروبيان وهما باركليز ودويتشه بنك، فى الحصول على نسبة من سوق بنوك الاستثمار منذ تفاقم الأزمة المالية العالمية.، ويواجهان قوانين صارمة فى الداخل والخارج الأمر الذى يحد من طموحاتهما للتوسع فى الساحة العالمية.

ويقول تقرير الإيكونوميست إنه رغم أن بنك "إتش إس بى سى" العملاق البريطانى تمكن من زيادة حصته فى بعض أسواق بنوك الاستثمار، إلا أنه لا يزال فى مرتبة متأخرة مقارنة بالبنوك العملاقة فى وول ستريت.

ويذكر تقرير الإيكونوميست أن الوضع قد تغير بالفعل، فلم تعد صناعة البنوك الاستثمارية التى تحاول أن تعيد وول ستريت السيطرة عليها مثلما كان الوضع قبل 10 أعوام، فقد تراجعت الإيرادات عالميا بحوالى 100 مليار دولار، أو ما يعادل الثلث،كما تراجع معدل التوظيف، فقد شهدت بريطانيا تسريح حوالى 100 ألف موظف، كما تراجعت الأجور التى يتقاضاها الموظفون كثيرا.

ويبدو أن متطلبات رأس المال والقوانين الأخرى بما فى ذلك قانون دود - فرانك الأمريكى لإصلاح وول ستريت وحماية المستهلك الغريب والمعقد (والذى لم يكتمل بعد)، أدى إلى تآكل أرباح بنوك الاستثمار فى العالم.
كما يبدو أن الإيرادات الضخمة التى كانت تحصل عليها البنوك قبل الأزمة والمكافآت الضخمة التى كانت تدفعها لموظفيها لن تتكرر قريبا وربما لن يحدث ذلك على الإطلاق.

ويرى التقرير أن أحد أسباب التى جعلت البنوك الأمريكية تحسن من أدائها، أنها تعرضت للأزمة وتعاملت معها سريعا، حيث تصرفت السلطات الأمريكية على وجه السرعة، وأجبرت البنوك على أن تتخلص من الديون الرديئة وترفع رءوس أموالها بسرعة.

ويستطرد التقرير قائلا "بعض البنوك الأخرى بدت غير قادرة أو غير راغبة فى مواجهة الأزمة المالية، بينما قالت بنوك أخرى مثل جولدمان إنها ليست فى حاجة لزيادة رأس المال".

وأثمر ذلك عن قدرة البنوك الأمريكية الكبرى على العودة إلى مجال الربح وأن ترد مبالغ حزم الإنقاذ التى حصلت عليها من الحكومة وتقدم القروض لتدوير عجلة الاقتصاد، الأمر الذى دفعها لأن تساهم فى حدوث إنعاش اقتصادى وتتجاوز أثار الديون المعدومة.

وتقول الإيكونميست إن البنوك الأوروبية سارت فى الاتجاه المعاكس لما فعلته نظيرتها الأمريكية، حيث تواصل تقليص ميزانيتها وتمضى قدما دون أن ترفع رءوس أموالها، مشيرة إلى أن مجموعة سيتى جروب الأمريكية تكبدت بمفردها خسائر قروض بقيمة 143 مليار دولار، بينما لم يجنب أى بنك فى منطقة اليورو أكثر من 30 مليار دولار لمواجهة القروض المتعثرة أو المعدومة.

ويشير تقرير المجلة إلى أن مصرف دويتشه بنك الألمانى الذى أكد أنه ليس بحاجة إلى رفع رأس ماله، واجه الأمر الواقع فى النهاية وقرر زيادة رأسماله بحوالى 3 مليارات يورو ( 4 مليارات دولار).
ويقول التقرير إن الهيئات الرقابية الأوروبية ساهمت فى تراجع البنوك بالقارة وذلك عن طريقين، الأول، أنها حددت المبالغ التى يمكن أن تدفعها البنوك فى صورة علاوات مقارنة بالأجر الأساسى.

والطريقة الثانية، أن الجهات الرقابية تحاول أن تجبر البنوك على عدم التوسع فى الإقراض وتمهد الطريق أمامها نحو الإفلاس، عن طريق فصل ودائع التجزئة عن إجمالى النشاط المصرفى.

ويعتبر التقرير أن الطريقة الأولى تتميز بعد النضج، لأنها تؤدى إلى ارتفاع التكاليف الثابتة للبنوك الأوروبية وتقلص من مرونتها لتقليص النفقات إبان فترة الركود. وتضطر البنوك الأوروبية لأن تدخل فى منافسة مع نظيرتها فى أمريكا أو الأسواق الآسيوية السريعة النمو التى تملك الحرية لأن تدفع ما تشاء من أجور للقيادات الموهوبة.

بينما يعتبر تقرير الإيكونوميست الطريقة الثانية معقولة، حيث تحرز سويسرا وبريطانيا تقدما فى إنهاء الدعم الضمنى لدافعى الضرائب والذى يدعم البنوك الأكثر عرضة للإفلاس.

ويرى أن انهيار اقتصاد إيرلندا بمثابة تحذير كاف لما يحدث عندما تشعر الحكومات بأنها مضطرة لأن تنقذ البنوك التى تشكل عبئا على اقتصاداتها.

ويقول بعض المصرفيين الأوروبيين إن القارة بحاجة إلى بنوك استثمارية عملاقة، فليس واضحا أن الشركات الأوروبية أو دافعى الضرائب قد حققوا مكاسب من وجود البنوك الوطنية التى تبرع فى تسويق قروض الرهن العقارى الأمريكية.

ويبرز التقرير أن دافعى الضرائب الأمريكيين هم الذين يساورهم القلق إزاء هيمنة عدد قليل من بنوك وول ستريت، حيث يتحملون عبء الخطر الأكبر لعمليات الإنقاذ فى المستقبل، ومن وجهة نظر التقرير فإن المواطنين الأمريكيين يستفيدون من زيادة المنافسة فى مجال بنوك الاستثمارية.

ويشير إلى أن رسوم الطرح العام الأولى أعلى فى الولايات المتحدة مقارنة بباقى الدول ( 7% مقابل 4%) وذلك بسبب هيمنة عدد قليل من البنوك الاستثمارية الكبرى على السوق.

ومع ذلك فإن الاقتصاديات الكبيرة والدعم الحكومى الضمنى لكونها أكبر من أن تفشل يمكن أن يعوض تكاليف المخزونات المؤقتة، كما أن زيادة رسوم رءوس أموال المال البنوك الكبيرة ستقدم المزيد لاستقرار النظام المالى أكثر مما قد تقدمه غابة قواعد دود فرانك أبدا.

وينتهى التقرير بالقول إنه بعد مرور 5 أعوام على صيف عام 2008 الملتهب، عادت البنوك الأمريكية إلى الصدارة مرة أخرى وهذا أمر جيد، ولا يزال يوجد الكثير من الأمور التى تجعل وول ستريت أكثر أمانا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة