عبدالمنعم منيب يكتب:"بن لادن" الفائز الوحيد فى مظاهرات الإسلاميين أمام الأمن الوطنى الجهاديون أوقعوا بشركائهم عندما رفعوا صور"بن لادن" وأعلنوا رسالة سلبية هى"اختاروا بين القمع الأمنى أو تنظيم القاعدة"

الأحد، 05 مايو 2013 09:44 ص
عبدالمنعم منيب يكتب:"بن لادن" الفائز الوحيد فى مظاهرات الإسلاميين أمام الأمن الوطنى الجهاديون أوقعوا بشركائهم عندما رفعوا صور"بن لادن" وأعلنوا رسالة سلبية هى"اختاروا بين القمع الأمنى أو تنظيم القاعدة" جانب من التظاهر امام الامن الوطنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء



تظاهر آلاف الإسلاميين أمام مقر جهاز الأمن الوطنى ليل الخميس الفائت وكثرت التحليلات السياسية المتفائلة من قبل كثير من الإسلاميين عن هذه المظاهرة وأنها تعقد حسابات الدولة العميقة وتعطى مؤشرات عن وجود لاعبين إسلاميين مستقلين عن جماعة الإخوان والدعوة السلفية إلى آخر هذه التحليلات المغرقة فى التبسيط والاستسهال، ولاشك أن هذا الإغراق فى التفاؤل والتبرير السياسى أمر خطر على الموقف السياسى الإسلامى لأنه يعطى لشباب الإسلاميين تقديرات خاطئة.. فماذا يمثل خمسة آلاف فى معادلة سياسية تضم أطرافا داخلية عملاقة «الجيش والأجهزة الأمنية والفلول والعلمانيين» واتضحت شراسة معظم هذه الأطراف أيا كان عددهم أو تسليحهم لدرجة أنه يمكن القول بأنهم سحلوا الإسلاميين فى كل واقعة اصطدموا فيها بهم «أحداث العباسية والاتحادية والمقطم وحرق أكثر من 30 مقرا من مقرات الإخوان» كما تضم المعادلة أطرافا إقليمية عملاقة من حيث قدراتها السياسية والإستراتيجية والاقتصادية والأمنية وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت وإسرائيل وإيران ويجب أن نتذكر أن السعودية والخليج عندما رموا رئيس مصر الأسبق جمال عبدالناصر عن قوس لم تمر بضع سنوات حتى قضى عليه وعلى مشروعه رغم أنه كان الزعيم العربى المحبوب الأول والمؤيد من جميع الشعوب العربية كما أنهم فعلوا نفس الأمر مع صدام حسين وحزب البعث العراقى وعاونهم فى حالة ناصر الدور الاسرائيلى وفى حالة صدام الدور الإيرانى «والله أعلم باتفاق أم بغير اتفاق» ومن هنا ندرك مدى تأثير السعودية ودول الخليج فى المنطقة وكذلك كل من إيران وإسرائيل، وبعد ذلك لابد أن نلاحظ بقية أطراف المعادلة السياسية التى تدور وفقها اللعبة السياسية فى مصر وهى الأطراف الدولية وهى معروفة للجميع وهى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى بأقطابه الثلاثة «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» بالإضافة طبعا لدول من خارج الاتحاد الأوروبى وهى روسيا الاتحادية والصين.

ومن هنا يجب على الإسلاميين أن يفكروا سياسيا واستراتيجيا فى كل أبعاد هذه المعادلة وأطرافها ويدركوا الحجم والتأثير الحقيقى لمظاهرة لم ينضم لها أكثر من خمسة آلاف شخص بعد أن تم الحشد لها بكل قوة من قبل الفصيل الذى دعا لها ونظمها ورعاها.. ليس الهدف من كلامى هذا أن أدخل اليأس على قلوب الشباب المتحمسين لهذه المظاهرة ولكن الهدف هو تقدير عادل للموقف.

ولعل أبرز معالم مثل هذا التقدير أن هذه المظاهرة سوف تجرئ قوى عديدة على الإسلاميين الثوريين لأنها أظهرت أن هذه الفصائل والمجموعات الإسلامية التى لها خط سياسى ثورى ومخالف لكل من الإخوان المسلمين وسلفى حزب النور لا يقدرون على حشد أكثر من خمسة آلاف شخص فى مظاهرة كان من نظمها قد طالب بأن ينضم لها خمسون ألف شخص.

إن قلة العدد هذه رسخت حقيقة أن اللاعب الأكبر من بين الإسلاميين السياسيين هو جماعة الإخوان المسلمين وجماعة الدعوة السلفية بحزبها «حزب النور».. وهذه الحقيقة سيترتب عليها آثار سلبية كثيرة بالنسبة لمسيرة العملية السياسية نظرا لفهم جميع أطراف المعادلة للطبيعة الرخوة والمترهلة التى يمارس بها كل من الإخوان المسلمين و«النور» للعمل السياسى بجانب تخبطهما فى المجالين الاقتصادى والإدارى.

كما أن الجهاديين «كعادتهم» أوقعوا سياسيا بشركائهم فى المظاهرة بسبب سوء تقديرهم لأن رفعهم لصور بن لادن أوصلت للعالم كله رسالة مفادها أن بديل القمع والتعذيب الذى تخصص بهما جهاز أمن الدولة هو منظمة القاعدة وكأنه لا يمكن أن ننعم بدولة العدالة والحرية بعيدا عن ثنائية «القمع الأمنى- منظمة القاعدة» وأيا كان الأمر فمن غير المفيد الاسترسال فى النقد كما لا يهم هنا سرد النتائج الإيجابية التى ربما تنتج عن هذا العمل لأن الآلة الإعلامية التى أتاحتها مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية الإسلامية لم تترك شيئا من هذه الإيجابيات إلا وذكرته وزادت عليها إنما أهم شىء يمكننا أن نختم به هذا التقدير المختصر للموقف هو ثلاثة أمور:

واقع العملية السياسية المصرية يفتقر لظهور لاعبين سياسيين آخرين من بين أبناء الحركة الإسلامية ليشكلوا فصيلا جديدا له منهج سياسى واقتصادى وإدارى وحركى يتجنب أخطاء الإخوان المسلمين والسلفيين التى أوقعت مصر فى الورطة التى نعيشها جميعا.

الفصيل الجديد سيعتمد بلا شك على الشباب الذين صاغت الثورة بناءهم النفسى الذى يتسم بالشجاعة والحماس والعزة لكنه لا غنى له عن خبرة ذوى الخبرة من الإسلاميين الذين عركتهم التجربة السياسية والحركية لعشرات السنين بشرط توافق منهجهم مع الفصيل الجديد وبشرط ألا يبغون بذلك سوى وجه الله ثم مصلحة مصر فلا يبغون ظهورا ولا شهرة ولا منصبا ولا زعامة ولا بروزا فى الفضائيات كما ينبغى أن يظلوا كتفا بكتف مع الشباب فلا يجلسون فى الغرف المكيفة ويلقون بالشباب فى أتون الصراع السياسى.

لن ينجح هذا الفصيل فى التكون والقدرة على ممارسة تأثير كبير فى المعادلة السياسية المصرية عبر المظاهرات والصدامات إنما سيتمكن من التكون ولعب دوره عبر العمل الجماهيرى المبدع والمنظم بجانب النشاط الحركى والتنظيمى الذى يحقق له بناء تنظيميا قويا واتساعا كبيرا فى رقعة الأنصار والمؤيدين والمتعاطفين فى الشارع المصرى بشكل يضاهى «إن لم يفق» جماعة الإخوان المسلمين وجماعة الدعوة السلفية وحزب كل منهما.

بغير هذا فسيظل الشباب يتخبطون فى محاولات قد تبدو ذات نوايا حسنة لكنها فى جوهرها عبثية وتضر بأكثر مما تنفع.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة