استنكرت القوى المدنية دعوة الجماعة لمليونية تطهير القضاء أمام دار القضاء العالى، واعتبرتها خطوة مقدمة لمذبحة القضاة والسعى لانهيار استقلاليته، مؤكدا أن السلطة التنفيذية هى المسئولة عن إخلاء سبيل مبارك خاصة وأنها تصدر قانونا للعدالة الانتقالية.
بينما اعتبر التيار الشعبى الدعوة التى أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين للتظاهر اليوم هى دعوة حق يراد بها باطل، فقد كان تطهير مؤسسات الدولة، ومن بينها القضاء، واحدة من مطالب الثورة منذ بدايتها، بل ومن مطالب القوى الوطنية والسياسية قبل الثورة، لكن هذه الدعوة تخرج الآن فقط، وبالتزامن مع تصريحات لمرشد الجماعة السابق مهدى عاكف حول إحالة 3000 قاض للتقاعد، ليبدو واضحا أن الإخوان المسلمين يسعون لتطبيق سيناريو جديد للهيمنة على السلطة القضائية، وتوغل السلطة التنفيذية على حسابها والسعى لأخونة القضاء المصرى، الذى ندعو وندعم تطهيره بشرط استقلاله، ونرفض أى تدخل أو تغول من جانب السلطة التنفيذية أو التشريعية على حساب السلطة القضائية.
وأضاف التيار فى بيان له، أنه لا يغيب عن أحد أن سلطة الإخوان منذ وصول ممثلها محمد مرسى لمقعد الرئاسة يخوض معركة شرسة ضد القضاء المصرى، بدءا بالمحكمة الدستورية، ومرورا بالنائب العام التابع للسلطة، ووصولا الآن إلى ما يزعمون أنه تطهير للقضاء، عبر إصدار قانون للسلطة القضائية، من خلال مجلس الشورى، الذى انتخب ليؤدى دورا فإذا بنا نكتشف أنه يمارس السلطة التشريعية من خلال تمرير دستور الإخوان الذى فرض على الشعب المصرى، ليواصل مجلس الشورى دوره فى سلق وتمرير القوانين على هوى السلطة الحاكمة.
وأكد التيار الشعبى والقوى الوطنية، أنها لن تسمح أبدا بأى سيناريو يمس استقلال القضاء المصرى ويعطى لجماعة الإخوان مدخلا للهيمنة على المؤسسة القضائية، فى إطار مشروعهم للتمكين للدولة المصرية ومؤسساتها، قائلا: "دائما نحن مع تطهير مؤسسات الدولة ومن بينها القضاء، ولكن بطرق دستورية وقانونية محترمة، وأن تطهر المؤسسة القضائية نفسها برجالها وقضاتها الشرفاء لا بتدخل السلطة التنفيذية للهيمنة عليها".
وشدد التيار على أن السلطة تحاول استغلال الوضع الراهن من الغضب الشعبى المشروع الناتج عن قرار إخلاء سبيل مبارك، وما يبدو واضحا من احتمالات لتبرئته ورموز نظامه من جرائم قتل الثوار والشهداء، وغيرها من الجرائم التى يحاكمون بسببها، لكن جوهر المشكلة هنا هو أن الثورة لم تحكم حتى الآن لتستطيع محاكمة من أجرموا فى حق هذا الوطن والشعب، وأن مبارك ونظامه لم يحاكموا على الكثير من جرائمهم الحقيقية، وأنهم فضلا عن كل ذلك لم يواجهوا بأدلة جادة تثبت التهم ضدهم، وكل ذلك وغيره جزء من مسئوليته يقع على السلطة الحالية، التى جاءت لتوفى بعهود كثيرة من بينها القصاص للشهداء ومحاكمة رموز النظام السابق فإذا بها تتراجع عن كل وعودها وتفشل – أو تتعمد – فى تقديم أدلة تورط هؤلاء المتهمين فى جرائم قتل الشهداء وغيرها، بل وتستمر السلطة الحالية مع كل ذلك فى إسالة المزيد من دماء الشهداء.
وأشار التيار إلى أنه طالب مع باقى القوى الثورية منذ 11 فبراير 2011 بإصدار تشريع للعدالة الانتقالية، يمكن الثورة من محاكمة جادة لمبارك ورموز نظامه على ما ارتكبوه من جرائم فى حق الوطن، ويمكن الشعب المصرى من القصاص لشهداء ثورته، لكن استمر التجاهل والعناد والرفض من المجلس العسكرى أثناء الفترة الانتقالية، وتواصل مع حكم الإخوان المسلمين، الذين يمارسون مصالحات مع رموز النظام السابق والفاسدين من رجال أعماله، بينما فى نفس الوقت يصدعوننا بالحديث الكاذب عن الفلول والتطهير والمحاكمات!!.
وعبر التيار عن تخوفه من دعوات جماعة الإخوان المسلمين حول تطهير القضاء، ويثق أنها مقدمة لمذبحة للقضاء المصرى لن يسمح بها، وسنقف لها بالمرصاد دفاعا عن استقلال القضاء لا رفضا لتطهيره، قائلا: "نؤكد أن القصاص للشهداء- كل شهدائنا سواء فى حكم مبارك أو المجلس العسكرى أو حكم مرسى- وتطهير مؤسسات الدولة، ومواجهة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، وكل مطالب الثورة، لن تتحقق فعلا، إلا عندما تستكمل الثورة مسارها وتنتصر حقا، ونثق أن الثورة كما انتصرت من قبل فى مواجهة سلطة مبارك، سوف تستكمل انتصارها فى مواجهة سلطة الاخوان ومندوبهم فى قصر الرئاسة محمد مرسى.
وعبر عن بالغ دهشته من دعوة جماعة الإخوان المسلمين للتظاهر اليوم، ودواعى الدهشة متعددة فى هذه الدعوة، بدءا من أن تكون جماعة فى موقع السلطة، ولا تفهم أن دورها هو تطبيق السياسات لا التظاهر من أجل طرح المطالب، ومرورا بأن الدعوة للتظاهر اليوم ترفع شعار (تطهير القضاء) من جماعة وسلطة أهانت القضاء، وأهدرت أحكامه وغيبت القانون سواء بالإعلان غير الدستورى الذى أصدره مرسى ثم مرورا بتعيين نائب عام غير شرعى صدر ضده حكم قضائى ببطلان تعيينه، ومع ذلك لا يزال مستمرا فى موقعه ووصولا إلى صدور حكم قضائى بعزل رئيس حكومة هذا النظام بسبب امتناعه عن تنفيذ أحكام قضائية!!، وليس انتهاء بازدواج خطاب جماعة الإخوان المسلمين وسلطتها فهم تارة يحدثوننا عن الشرعية الدستورية والقانونية عندما تتماشى مع مصالحهم وبقائهم فى موقع الحكم، ثم اليوم يحدثوننا عن (إجراءات ثورية لتطهير مؤسسات الدولة)، وهم فى الحقيقة يقصدون أخونة هذه المؤسسات وليس تطهيرها، ويتحدثون عن إجراءات ثورية على شاكلة إعلانهم غير الدستورى.
وقال أحمد بهاء الدين شعبان، مؤسس الحزب الاشتراكى، إن المليونية خطوة من خطوات تصعيد الحملة المنظمة فى مواجهة القضاء المصرى تصفية للحسابات المترتبة على صمود مؤسسة القضاء لمحاولات الأخونة والاختراق وتمكين الجماعة من هذا المفصل الخطير.
وأوضح بهاء شعبان، أن القضاة يحكمون بما يقدم أمامهم من تحريات وقرائن وأدلة ثبوتية قاطعة فى إدانة المتهم، ورغم كراهيتى العميقة لنظام مبارك، لكن المسئول عن جريمة إخلاء مبارك هو السلطة التنفيذية التى تملك أن تقدم أدلة تدفع القضاء للحكم بتورطه فى قتل المتظاهرين.
واعتبر شعبان، تبرئة مبارك مجرد شماعة تلجأ لها الجماعة لتشويه مؤسسة القضاء، وللتهرب من الدعوة المرفوعة التى تطالب بمساءلة الرئيس محمد مرسى وعصام العريان وصفوت حجازى عن وقائع اقتحام السجون والهرب يوم 29 يناير 2013، قائلا: "المليونية أداة من أدوات الهجوم على القضاء ومعركة من معارك أخونة تلك المؤسسة العتيدة".
ومن جانبه أعلن حزب مصر الحرية رفضه التام لضغوط الإخوان المسلمين والسلطة التنفيذية المختلفة على القضاء ومحاولتهم التأثير على عمله واستقلاله، مؤكدا أن كافة الأحكام فى قضايا قتل المتظاهرين وغيرها هى أحكام تمت وفقا لصحيح القانون، ويجب أن يتم الطعن عليها من قبل النيابة عبر الطرق الشرعية، وتقديم أدلة إثبات جديدة تدين المتهمين.
واستنكر الحزب، فى بيان له، المليونية التى دعت لها الجماعة، مشيرا إلى أن تطهير القضاء يكون عبر القضاة أنفسهم وأولى خطواته هو تعزيز استقلال القضاء عبر فصل التفتيش القضائى عن وزارة العدل حتى لا تكون سيفا لإرهاب القضاة.
واعتبر الحزب أن تظاهرة الجمعة فى إطار حملة للضغط على القضاء وإخضاعه لأهواء الإخوان المسلمين والحجة هذه المرة هى أحكام البراءة وإخلاء السبيل لرموز النظام السابق، حيث تتجاهل الجماعة تقرير لجنة تقصى الحقائق فى أحداث الثورة والتى شكلها الرئيس وأنهت أعمالها منذ عدة أشهر وقدمت تقريرها، ولم يقم النائب العام غير الشرعى بتقديم أى أدلة إضافية منذ ذلك الحين فى قضية مبارك أو غيرها من القضايا.
القوى المدنية تعتبر مليونية دار القضاء مقدمة لمذبحة القضاة.. التيار الشعبى: الثورة لم تحكم حتى نتطرق للتطهير.. بهاء الدين: الإخوان تصفى حساباتها مع الصامدين.. ومصر الحرية: براءة مبارك ذريعة للهيمنة
الجمعة، 19 أبريل 2013 07:30 م
مليونية تطهير القضاء