إحسان السيد

«الماميز».. فى حضرة وزير التعليم

الأحد، 02 ديسمبر 2018 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لمدة قاربت الثلاث ساعات، استمعت للدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، فى لقاء موسع مع مجلس تحرير الجريدة، يتحدث عن فلسفته فى منظومة التعليم الجديدة.. استيعابى لحديث الوزير لم يكن محاولة لالتقاط عنوان جاذب، أو معلومة ننفرد بنشرها فى «اليوم السابع» فقط، ولكن حاولت استغلال هذا اللقاء ليطمئن قلبى، فأنا إحدى «الماميز»!
استمعت للوزير بأذن أم مصرية، ابنها تجاوز السبع سنوات، ويتم عامه الثامن بعد شهور قليلة، وهو أحد تلاميذ الصف الأول الابتدائى الذى يطبق عليه منظومة التعليم الجديدة، بإحدى المدارس التجريبية الرسمية. 
 
أعلم جيدا ما يدور فى ذهن كل أم لها طفل، كطفلى، يخضع لمنظومة التعليم الجديدة، أشعر ببعض مخاوفهم المشروعة بحكم حداثة التجربة، أحمل تساؤلات عديدة تثار ليلا ونهارا على جروب «الماميز» للفصل، بدايه من «ممكن حد يقولى الهووم ورك النهارده».. حتى «هو الوزير عايز مننا إيه؟!».. وما أدراك ما بينهم من أسئلة أخرى عديدة..
قد تكون مخاوفى أقل بكثير من أولياء أمور زملاء ابنى، بحكم كونى صحفية مثلا واطلاعى على تفاصيل المنظومة الجديدة للتعليم وهدفها فى بناء شخصية الطالب وفهمه، بعيدا عن الحفظ والتلقين، أو ربما لأننى بالأساس أهتم بتنمية شخصية رجل صغير ومهاراته، أسأله يوميا «فهمت إيه النهارده وعرفت إيه جديد؟».
الوزير يعلم ما يدور حوله، يدرك أن ما يريد أن يصل لكل ولى أمر، لم يصل بالشكل المطلوب المتكامل، يعترف بجرأة أن بعض الأسئلة التى تدور فى ذهنهم قد لا تكون إجاباتها متاحة الآن، لكنه يستعد لها وفريقه.. ويحدد ملفاته.
 
الحقيقة، فلسفة المنظومة الجديدة، لا تقف عند تغيير منهج أو نظام، لكنها تهدف لتكوين شخصية طالب قادرة على الفهم، شخصية لديها شغف المعرفة والاطلاع، شخصية مبدعة قادرة على استيعاب كل النواحى العلمية والحياتية.. أتذكر الآن شرح الدكتور طارق شوقى حين أمسك بهاتفه المتصل بشاشة عرض كبيرة، ليوضح لنا كيف نجعل الطالب المصرى محبا للمذاكرة والتعلم وليس مجبرا عليها لتحصيل الدرجات فقط.. الوزير قرر أن يشرح التجربة بشكل عملى.. سجل حسابه على «بنك المعرفة».. أدخل رقمه السرى.. واعتبر نفسه طالبا فى الصف الأول الثانوى، يدرس الخلايا وأنواعها.. عرض لنا مجموعة من الخيارات التى تتاح للطالب هنا.. فيديوهات مبسطة للشرح بشكل جاذب، مراجع وأبحاث.
منظومة التعليم الجديدة تضرب الدروس الخصوصية فى مقتل، فهى تلغى كل التنبؤات والتوقعات الإرادية واللاإرادية لمدرسى المراكز التعليمية، عن امتحانات نصف العام ونهايته، فلا يوجد معلم واحد يتدخل فى وضع أسئلة الامتحان، لأن بنك الأسئلة هو من يحدد إلكترونيا أسئلة الامتحان، لكل طالب وفق درجات صعوبة محددة، تقيس مدى الفهم، ولا يطلب منه إجابة نموذجية.. وهو ما يراهن عليه «شوقى» بدمج التكنولوجيا مع التعليم.  
الوزير يطمئن «الماميز»: «مفيش درجات».. نظام التعليم الجديد الذى يطبق على طالب أولى ابتدائى يعتمد على تنمية مهارات الفكر والإبداع والنقد، والتواصل والمشاركة فى موضوعات متنوعة يتعرف منها الطفل على معلومات مبسطة تنمى من قدرته على الفهم، مثلا كتب «connect»، وكتاب «discovery»، والتى تضم العلوم والرياضيات والدراسات والأنشطة التى تحث على بناء الشخصية، والتقييم للطلاب دوريا. 
قناعة كل ولى أمر بنظام التعليم تحتاج منه أن يوفر وقتا من يومه، لفهم هذا النظام، محاولة الفهم فى حد ذاتها جزء من الطمأنة، دون ترديد مشكلات وسلبيات «على السمع فقط».. ومتابعة دورية للطفل واستيعابه، وقدرة معلمه على توصيل المعلومة له بشكل جاذب ومقنع. 
«شوقى» واضح، يعلم أن الفكرة لا تقف عند حد إطلاقها للعلن، ويعلم أيضا أن هناك تحديات صعبة، وأطراف قد تتعمد عرقلة المنظومة الجديدة، ليس لرغبة منها بتعطيل نظام التعليم والبحث عن سلبياته فقط، ولكن لعرقلة مشروع دولة تعمل على بناء الإنسان.
«شوقى» متفائل بتحفظ.. يغامر بحساب.. مقتنع بضرورة التغيير ويعلم جيدا صعوبات تحقيقه، لكنه يصر.. يثق ويراهن بنتائج إيجابية.. رسم حلمه وحدد طريق الوصول إليه.. يعدكم بطالب واع.. فاهم، بطالب مبدع.
ويقول للماميز..
انسوا الدرجات
مفيش امتحانات
حاربوا الدروس الخصوصية
نموا معرفة أبنائكم
ادعموا مشروع بنائهم من جديد..
وساعدونى لبناء مجتمع يتعلم..ويفكر.. ويبتكر.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة