سمير أمين.. قصة مصرية عالمية

الأربعاء، 15 أغسطس 2018 11:00 ص
سمير أمين.. قصة مصرية عالمية المفكر الراحل سمير أمين
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سواء فى وطنه مصر أو فى الخارج تسود مشاعر الحزن لرحيل المثقف المصرى الكبير الدكتور سمير أمين غير أن كتبه وأفكاره كمدافع أصيل عن "التنمية الوطنية المستقلة" وباحث عن "مراحل أرقى لتطور الحضارة الإنسانية" ستبقى ملهمة لأجيال وأجيال من الباحثين عن مستقبل أفضل للإنسانية كلها.
 
وسمير أمين الذى رحل عن عالمنا، مساء الأحد الماضى، عن عمر ناهز الـ87 عاما ترك للمكتبة المصرية والعربية العديد من الكتب، ومن مؤلفاته وأعماله الفكرية والثقافية البارزة "نحو نظرية للثقافة" و"فى نقد الخطاب العربى الراهن" و"مابعد الرأسمالية المتهالكة" و"الاقتصاد السياسى للتنمية فى القرنين العشرين والحادى والعشرين" و"التطور اللامتكافئ" و"التراكم على الصعيد العالمى" و"الاقتصاد العربى المعاصر" و"أزمة المجتمع العربى". 
 
وكانت وزارة الثقافة نعت الدكتور سمير أمين ووصفته فى بيان بأنه "أحد المفكرين العظماء" ونوهت بأن هذا المفكر الاقتصادى المصرى أثرى مجاله بإنجازات ستظل علامات مضيئة فى التاريخ"، كما رأى الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حبيب الصايغ أن "الثقافة العربية بمفهومها الواسع خسرت خسارة فادحة برحيل الدكتور سمير أمين". 
 
وكمفكر مهموم بقضايا شعبه وطموحات مواطنيه ودراسات التنمية والتحديث أبدى المفكر وعالم الاقتصاد الكبير الدكتور سمير أمين تأييدا كبيرا للمشروعات القومية العملاقة التى شرع المصريون فى إنجازها بعد ثورتهم فى الثلاثين من يونيو عام 2013 مثل مشروع قناة السويس الجديدة الذى افتتح فى السادس من أغسطس عام 2015.
 
وفى سياق طرح حول قناة السويس الجديدة، شدد سمير أمين، الذى ولد يوم الثالث من سبتمبرعام 1931 فى مدينة بور سعيد، على أهمية المعانى المضيئة التى اقترنت بإنجاز المصريين لهذا المشروع وقال إن "مصر قد أثبتت قدرتها على إنجاز مشروع عملاق وذلك من خلال تعبئة قدراتها الذاتية دون اللجوء للمعونة الأجنبية".
 
وفى تناول لحملات التشكيك التى شنتها قوى الشر منذ الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة أعاد الدكتور سمير أمين للأذهان أنه عندما أعلنت مصر قراراها بتنفيذ هذا المشروع العملاق زعم البعض استحالة إنجازه دون معونة دولية حاسمة لجمع التمويل المهول المطلوب، لكن "مصر استطاعت أن تجمع التمويل المهول المطلوب فى لحظة من خلال تعبئة المدخرات المصرية فقط".
 
ولفت سمير أمين الذى حصل على الدكتوراه فى الاقتصاد عام 1957 من جامعة السوربون الفرنسية المرموقة إلى أن مشروع قناة السويس الجديدة تم تنفيذه فى سنة واحدة فقط بينما ذهب البعض فى الخارج إلى أن هذا المشروع سوف يستغرق خمس سنوات على الأقل.
 
واستخلص هذا المفكر المصرى الكبير وصاحب الحضور العالمى المتوهج فى دوائر الفكر والاقتصاد نتيجة فحواها أن مصر قادرة على إعادة بناء منظومتها الإنتاجية الصناعية وكذلك إنعاش زراعتها لافتا إلى أن بدايات القرن الواحد والعشرين "تشهد موجة جديدة من المبادرات لشعوب ودول الجنوب".
 
وفى مقاربة مغايرة للعلاقة بين الثقافة والسياسة والاقتصاد- رأى سمير أمين الذى أصدر كتابا جديدا بعنوان "ثورة مصر" أن الثورة تشكل انطلاقة موجة مد جديدة فى التاريخ المصرى منوها بأهمية انفتاح مصر على التجارب التنموية فى بعض دول آسيا وأمريكا اللاتينية وخصص فى كتابه حيزا وافيا لدراسة تجارب الدول الصاعدة والبلدان البازغة.
 
وتعكس مسيرة هذا المثقف المصرى الكبير وصاحب الطروحات المهمة حول "الطرق البديلة للتنمية" حضورا متوهجا بخبراته الثقافية والأكاديمية فى القارة الافريقية وعالم الجنوب وهو الذى شغل منصب مدير معهد الأمم المتحدة للتخطيط الاقتصادى فى العاصمة السنغالية دكار فى سبعينيات القرن الماضى وشارك فى تأسيس منظمات بحثية وعلمية أفريقية كالمجلس الأفريقى لتنمية البحوث الاجتماعية والاقتصادية ومنتدى العالم الثالث كما عمل كمستشار اقتصادى فى عدة دول أفريقيا مثل مالى والكونغو ومدغشقر.
 
وفى سياق تناوله لمفهوم "الصعود" لدولة ما" أكد الدكتور سمير أمين على أهمية النظرة الشاملة بحيث يكون الصعود هو فى الواقع "صعود المجتمع المعنى" فيما يوضح أن لمشروع الصعود بعده الثقافى أيضا وليس صعودا اقتصاديا فقط. 
 
وإذ ذاع صيته فى العالم كصاحب نظريات وأفكار جوهرية ومدرسة فكرية تنتمى لليسار بشأن قضايا "العلاقة بين المركز والأطراف" و"التبعية" و"أنماط الإنتاج" يعد المثقف المصرى الكبير سمير أمين نموذجا للمثقف النقدى الذى يستخدم أدواته البحثية للنقد من أجل البناء فى عالم متشابك حقا ومؤثراته متبادلة ومساراته متداخلة وفى حالة صيرورة وتحولات بين السياسة والثقافة والاقتصاد.
 
ولعل حالة "الحضور الثقافى العالمى للمفكر المصرى الراحل سمير أمين" قريبة على نحو ما من حالة المثقف البريطانى الجنسية والباكستانى الأصل طارق على والذى يعد من أقطاب ثقافة مايعرف "باليسار الجديد" فى العالم وكلاهما فى الواقع تناول أزمة اليسار سواء عبر كتب أو طروحات ومقالات ذات صبغة ثقافية عميقة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة