ما مصير البيتكوين؟ وكيف ستواجهها البنوك المركزية حول العالم؟ نائب رئيس البورصة: فقاعة تداول لكنها تجربة جديرة بالدراسة.. أستاذ اقتصاد: سلبياتها كثيرة لكن الابتعاد والصمت أمام التطور العالمى خطأ

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017 03:51 م
ما مصير البيتكوين؟ وكيف ستواجهها البنوك المركزية حول العالم؟  نائب رئيس البورصة: فقاعة تداول لكنها تجربة جديرة بالدراسة.. أستاذ اقتصاد: سلبياتها كثيرة لكن الابتعاد والصمت أمام التطور العالمى خطأ عملة بيتكوين الافتراضية والدولار - أرشيفية
كتبت – منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

العديد من الأسئلة أصبحت تشغل أذهان الآلاف بل وملايين الأشخاص حول العالم، حيث تحولت العملة الافتراضية الرقمية بيتكوين من مجرد اختراع لشخص مجهول هويته الحقيقية حتى الآن لم تتخط قيمتها 0.0001 دولار عند اختراعها وبدء تداولها عام 2009 إلى 19 ألف دولار للعملة الواحدة فى نهاية 2017.

 

فما هو مصير العملة الإليكترونية الأشهر "بيتكوين"؟ هل هى فقاعة كبرى ستنفجر قريبا أم هى مستقبل العالم؟

ومع تعرضها لحالة ذبذبة قوية فى السعر الذى يرتفع فجأة بآلاف الدولارات فيجذب المضاربين والحالمين بالثروة، ويعقبه انخفاض صاروخى يرعب مقتنيها، أصبحت بيتكوين حديث العالم، فكثير من الدول حذرت منها فيما أعلنت بعض الجهات التعامل بها، ولكن حتى الآن لم تعلن أى دولة التعامل بها قانونا.

 

وفى مصر أطلق البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية تحذيرات من تداولها والتعامل بها، ومع ذلك يزداد التعامل بها بصورة واسعة الانتشار، وهو ما جعل مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية برئاسة الدكتورة أمنية حلمى، يعقد جلسة نقاشية الاثنين بالكلية لمناقشة هذا الموضوع بعنوان" النقود الرقمية: الآثار الاقتصادية والمخاطر المحتملة".

 

ومع تأكيد الخبراء الاقتصاديين سواء من أساتذة الجامعة أو البورصة المصرية أو من البنك المركزى على المخاطر الكبيرة لهذه العملة التى لا تحظى برقابة أى بنوك مركزية حول العالم أو أى غطاء نقدى، ولا يضمنها أى جهة فى العالم وإنما تكتسب الثقة من المتعاملين أنفسهم، ومع ذلك فلا يمكن على الإطلاق أن نتجاهل مثل هذه التقنيات الحديثة فى المعاملات الإليكترونية التى يمكن أن تكون مستقبل العالم، فى إطار ما يسمى بالـ"بلوك شين" Block Chain، وهو ما عرفه الخبراء بأنه عبارة عن نظام إليكترونى بمثابة سجل كامل ولحظة لكافة المعاملات المالية الإليكترونية، وهو ما قد يكون مستقبل العالم النقدى فى السنوات القليلة المقبلة.

 

محسن عادل نائب رئيس البورصة المصرية، أوضح طبيعة هذه العملة التى لا يعرف أحد على وجه الدقة من مخترعها عام 2008، ولكن بدأ التداول بها عام 2009، ثم اختفت عام 2010 وعادت للظهور مرة أخرى عام 2011 وتستخدم كأداة للتداول، وشهد عام 2017 ما أسماه "هوجة" ضخمة فى التعامل بالبيتكوين، وهى عملة رقمية افتراضية غير ملموسة ولا تصدرها أى جهة وليس لها غطاء نقدى، ولكنها عبارة عن خوارزميات رياضية معقدة.

 

وطبقا للورقة العلمية التى نسبت إلى مخترع بيتكوين مجهول الهوية ويعرف فقط باسم "ساتوشى نكاموتو"، لا يمكن برنامج التشفير الخاص بالعملة سوى خلق 21 مليون بيتكوين فقط، وحتى الآن ما يتم يتداوله عالميا حوالى 16.9 مليون بيتكوين، ولا يعرف على وجه الدقة أسباب تحديد هذا الرقم، ولكن يعتقد أن تقنية "البلوك شين" قد لا تتحمل أكثر من تداول هذا العدد على الشبكة، بحسب عادل.

ورغم شيوع تداول بيتكوين إلا أن محاذير هذه العملة الافتراضية كبيرة جدا، ويمكن استخدامها فى عمليات غسيل الأموال بسهولة جدا لأنه لا يوجد قدرة على تتبع المتعاملين بها، كما يمكن استخدامها فى تمويل العمليات الإرهابية.

هل اعترفت أى دولة حول العالم بالبيتكوين؟

 

تعد ألمانيا هى الدولة الوحيدة التى اعترفت بالبيتكوين رسميا، ولكن لأغراض تحصيل الضرائب على هذه المعاملات التى تحقق أرباحا كبيرة، ورغم ذلك أصدر سوق المال الألمانى تحذيرات من التعامل البيتكوين بعد تعرضها لهبوط كبير فى السعر الأسبوع الماضى.

 

ويوضح نائب رئيس البورصة أن 74 دولة حول العالم أطلقت تحذيرات من التعامل بالبيتكوين، وتعد روسيا من أكبر الدول تهاجم استخدامها.

 

وقال عادل إن أغلب التداول بالبيتكوين ينشط كثيرا فى الدول التى تعانى من فشل مالى مثل زيمبابوى واليمن وسوريا، وبدأت الناس تنظر إليها على أنها إحدى أشكال تهريب الثروات.

 

وطرح نائب رئيس البورصة تساؤلا جدير بالبحث عن إجابة: "اللى بيتعاملوا بالبيتكوين فى مصر خرجوا فلوسهم بره إزاى؟"

 

لماذا ارتفع سعر البيتكوين بصورة هائلة ثم تراجع بشدة؟

 

عادل يوضح أن السبب الرئيسى وراء ارتفاع سعر عملة البيتكوين الافتراضية، هو أنه تم تقسيمها إلى عملتين، الأولى "بيتكوين" والثانية "بيتكوين كاش"، وبالتالى أصبحت المعاملات أكثر سرعة خلال الفترة الماضية، كما أن هناك بورصتين تم السماح فيهما بتداول البيتكوين وهما بورصتى شيكاغو وسيدنى، وهناك العديد من المتاجر والشركات التى أصبحت تقبل البيتكوين مثل آبل ومايكروسوفت وجوجل.

 

 

ونتيجة تزايد التعامل بالعملة الافتراضية وزيادة أسعارها بصورة كبيرة أصبحت تكلفة المعاملات مرتفعة وتصل إلى 20 – 30 دولارا فى المعاملة الواحدة، حيث يتم سداد رسم عن كل عملية تبادل، وهى تكلفة مرتفعة جدا جعلت الكثير من المتاجر تتراجع عن التعامل بها، وهناك 35 موقعا إليكترونيا أوقفت التعامل بالبيتكوين بعد تعرضها لانخفاض السعر بصورة كبيرة الأيام الماضية لما يقترب من مستوى الـ10 آلاف دولار بعد أن كان السعر قد تخطى الـ 19 ألف دولار للبيتكوين الواحدة.

 

وأكد عادل أن أهم سلبيات البيتكوين يتمثل فى أنها عملة غير مراقبة وغير مرخصة وغير قانونية، ولكن قد يكون استخدامها كعملة للتداول أمر جيد لكن استخدامها فى المضاربة أمر آخر.

 

 

"

البيتكوين" ثورة من الأفراد على النظم المالية العالمية

 

 

ويرجع البعض ظهور العملات الاليكترونية الافتراضية مثل بيتكوين، إلى أنه رسالة للبنوك المركزية والنظم المالية حول العالم بأن القطاع المصرفى لم يتطور بالشكل الكاف لملاحقة الأفكار الجديدة وتقنيات تكنولوجيا المعلومات وهو ما سمح بظهور بيتكوين وغيرها من العملات الافتراضية.

"

بيتكوين" وسيلة لبيع المخدرات "ديليفرى"!!

 

ولأن البيتكوين عملة غير خاضعة لأى رقابة فقد استخدمتها العديد من مواقع التجارة غير المشروعة عبر الإنترنت فى تحصيل مقابل بيع المخدرات وتوصيلها إلى المنازل، وهى مواقع منتشرة عبر الإنترنت بحسب نائب رئيس البورصة.

 

هل بيتكوين مجرد فقاعة؟

ربما هذا السؤال يدور فى ذهنك الآن وفى ذهن الآلاف من المتابعين لأخبار البيتكوين الذى يصعد ويهبط سعره بسرعة وجنون.

نائب رئيس البورصة يعتقد أن تداول البيتكوين فقاعة بالفعل، ولكنها أمر يستحق الدراسة كوسيلة للمبادلة عالميا، وقال: "تجاهل تقنية البلوك شين فى الوقت الحالى واعتباره غير مشروع قد يكون خطأ".

 

ولكن فى الحقيقة الإجابة على السؤال الأصعب: هل سينتهى بيتكوين قريبا أم سيصبح مستقبل العالم هو أمر غير محدد حتى الآن.

 

ويتمنى عادل أن يحدث تغير فى الفكر العالمى للبنوك المركزية ونرى عملات رقمية رسمية صادرة عن دول بشكل منظم وخاضعة للرقابة.

 

لماذا ظهر البيتكوين فى العالم؟

لكل اختراع جديد فى العالم هدف، فماذا كان الهدف وراء اختراع البيتكوين؟ فى الورقة العلمية التى نسبت إلى مخترع العملة الافتراضية "ساتوشى نكاموتو" ذكر أنه بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 فقد العالم الثقة فى النظام المصرفى، ولذا كانت تقنية العملات الافتراضية هى البديل للنظم المصرفية المفقود فيها الثقة، بحسب الدكتورة نجوى سمك استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

 

ودعت سمك البنك المركزية ووزارة المالية إلى الاهتمام بتقنية البلوك تشين ودراستها جيدا، وليس البيتكوين، وهو الاتجاه الذى تذهب إليه معظم دول العالم حاليا.

 

وأكدت سمك أن الابتعاد والصمت أمام التطور العالمى خطأ، فالعالم كله يتحول من الكاش إلى التعامل النقدى الرقمى، مشيرة إلى أن عالم الاقتصاد فريدمان توقع عام 2000 أنه ستكون هناك عملة رقمية افتراضية ستغير العالم.

ماذا تفعل البنوك المركزية فى العالم أمام ثورة التكنولوجيا؟

فى الحقيقة تدرس العديد من البنوك المركزية حول العالم تقنية البلوك تشين – بحسب سمك – وهناك وزارات مالية أيضا تدرس كيفية الاستفادة منها فى جمع الضرائب، لافتة إلى أن العديد من البنوك المركزية تقوم بتجارب داخلية لهذه التقنية، ومن أبرزها بريطانيا المتوقع أن تعمل بها وتصدرها قريبا.

 

والبلوك تشين هى تقنية لتخزين والتحقق من صحة وترخيص التعاملات الرقمية فى الإنترنت بدرجة أمان عالية ودرجة تشفير قد يكون من المستحيل كسرها فى ظل التقنيات المتوفرة حاليا، ويعتقد الكثير من الباحثين أن هذه التقنية ستغير النظام المصرفى العالمى حول العالم وكيفية تحويل الأموال.

 

وفى حالة استخدام هذه التقنية الحديثة لن نحتاج إلى هذا العدد الكبير من فروع البنوك أو ماكينات الـATM ـ وكافة التحويلات والمعاملات المالية ستتم من خلال الموبايل، بحسب أستاذة الاقتصاد، وهو أمر شائع جدا فى الصين.

 

واقترحت أن يتبنى البنك المركزى هذه التقنية وهو ما يسهل سيطرته على الحسابات الرقمية.

 

وقالت إن العملة الافتراضية تفرض على البنوك المركزية فى العالم ثلاث اختيارات: الأول هو الحظر، والثانى هو السماح، والثالث الاشتراك فى ابتكاراتها وهو الاختيار الذى تتجه نحوه بنوك العالم مع التحذير من سلبياتها.

بيتكوين (2)
 

وهنا أكد محسن عادل أن هناك احتياج عالمى لوجود عملة تبادل عالمية من خلال الإنترنت بشكل منظم ومراقب وقانونى، مع خلق آلية واضحة لتسعير هذه العملة، وقد تكون البداية هى البيتكوين أو عملة جديدة تماما يصدرها صندوق النقد الدولى أو البنوك المركزية الكبرى.

 

وأكد أن أحد أهم مشاكل بيتكوين، أنه لا يوجد أى آلية لتسعيرها ولا يمكن الحديث عن أن مستويات السعر الحالية مثلا مقبولة أم لا لعدم وجود آلية للتسعير.

 

كيف تحولت مخاوف العالم من بيتكوين إلى واقع لغسل الأموال؟

إن كانت هناك تحذيرات من التعامل بالبيتكوين فالأمر حتما لا يقتصر على ذلك وإنما مخاوف العالم من استخدامه فى غسل الأموال والنصب وتمويل الإرهاب والعمليات غير المشروعة حدثت بالفعل، وهو ما أوضحته خلود حسين محلل استراتيجى بإدارة البحوث والتحليل بوحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالبنك المركزى.

 

Liberty reserve  هى أكبر قضية لغسل الأموال فى العالم، كان المتهم فيها شخص خلق عملة افتراضية خاصة به من خلال منصة إليكترونية، وكان يمتلك حوالى مليون مستخدم user يقوم بالعديد من المعاملات المالية الإليكترونية مع أشخاص آخرين من خلال العملة الافتراضية، وتنتهى  بحصوله على أموال حقيقية لحسابه، وانتهت القضية بالحكم على هذا الشخص بالسجن 20 عاما.

 

أما القضية الثانية والتى روتها محلل وحدة غسل الأموال بالبنك المركزى، هى Silk road المتهم الرئيسى فيها شاب لديه من العمر 28 عاما، أنشأ موقعا إليكترونيا عبارة عن سوق سوداء لبيع بعض السلع والخدمات غير القانونية، وأدانته وزارة العدل الأمريكية بجرائم غسل الأموال والقرصنة والإتجار بالمخدرات، وانتهى الأمر بمصادرة جهاز الكمبيوتر الخاص به فوجدوا فى محفظته 74 ألف وحدة بيتكوين تعادل حوالى 34 مليون دولار، وبلغت حجم مبيعات صفحته حوالى 60 ألف بيتكوين تعادل 80 مليون دولار.

 

وفى الحالات العادية يصعب على جهات التحقيق مصادرة أموال المجرمين فى حالة كونها محافظ بيتكوين لأنها سرية ولا يمكن لأحد معرفة ما يملك، بحسب محللة وحدة غسل الأموال، وهنا تكمن أهمية العملة الافتراضية بالنسبة للمجرمين والمتهربين من الضرائب وممولى الإرهاب، وهو ما يؤثر بشدة على الاقتصاد حيث تهرب الأموال إلى الخارج.

بيتكوين (1)
 

وقالت خلود إن العديد من المصريين تعرضوا لحالات نصب فى بيع البيتكوين، ولكن الفكرة نفسها ثورية والعالم كله يتجه نحو التطور التكنولوجى، داعية إلى استغلال تقنيات البلوك تشين ودراستها جيدا، وهو ما يفعله البنك المركزى حاليا.

 

ولأن العالم يرتبك طويلا أمام ما هو جديد، فحتى الآن لا يمكن لأحد الجزم بما إذا كانت تجربة البيتكوين ستكتمل أم هى فقاعة ستنفجر وتنتهى قريبا، ولكنها تجربة جديرة بالدراسة، وهى وسيلة تعبير عن الحرية الاقتصادية تحدى بها الأفراد البنوك المركزية حول العالم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة