بالصور.. أسر مفقودى مركب "زينة البحرين" يروون معاناتهم بعد فقدان ذويهم.. والدة صياد تنتظر ابنها وترفض مغادرة البحر بعزبة البرج.. وزوجة صياد مفقود تتساءل: هل أوقفوا البحث لأننا بسطاء

الأربعاء، 03 فبراير 2016 05:55 م
بالصور.. أسر مفقودى مركب "زينة البحرين" يروون معاناتهم بعد فقدان ذويهم.. والدة صياد تنتظر ابنها وترفض مغادرة البحر بعزبة البرج.. وزوجة صياد مفقود تتساءل: هل أوقفوا البحث لأننا بسطاء أهالى الصيادون المفقودون فى مركب زينة البحرين
المحافظات - شريف الديب ـ معتز الشربينى - محمد حيزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا فرق بين البحر واليابسة، تحاوطك المراكب والسفن فى كل مكان، فى الشوارع والأزقة الضيقة الصغيرة، فى مدينة المطرية محافظة الدقهلية، هذا البلد الكبير الذى يعمل 99% من سكانه فى مهنة الصيد، ورثوها أبا عن جد، ولا يملكون مهنة غيرها.

فقدت مدينة المطرية المئات من أبنائها، فى رحلات الصيد الخارجية، التى يقوم بها أبناء هذا البلد المطل على بحيرة المنزلة، بعدما هجر الصيادون البحيرة، بسبب التعديات المقامة عليها، وسيطرة الخارجين عن القانون عليها، وانتشار الجريمة وتهريب المخدرات بها، فلم يعد بوسع الصيادين إلا الهرب من بحيرة المنزلة لأعالى البحار حيث المجهول دائما.

وغادر 5 صيادين بمدينة المطرية، بحيرة المنزلة، قاصدين البحر الأحمر لرحلة صيد، تستمر 10 أيام، ومن ثم العودة، وذلك للتزود بقوت شهر لحين الاستعداد لرحلة أخرى، واستقلوا مركبى صيد مع مجموعة من صيادى محافظة دمياط، عاد مركب بينما غرق الآخر "زينة البحرين"، الذى كان على متنه صيادين اثنين من مدينة المطرية، و11 صيادا من محافظة دمياط.

وغرق مركب "زينة البحرين" قبالة السواحل السودانية، بعدما تعرض المركب لعطل مفاجئ وقام البحارة بإلقاء الهلب فى البحر، لكن شدة الرياح والأمواج العالية لم تمكنهم من الثبات وارتطم المركب فى الشعب المرجانية، وهو مركب كبير بطول 33 مترا، وكان بحالة جيدة، وتوقف الصيادون به بين الشعاب المرجانية لقوته وقوة الموتور الذى سيخرجهم فى أى وقت، حسب قول شقيق أحد الصيادين المفقودين ببحيرة المطرية، الذى كان بصحبتهم على المركب الآخر.

ويضيف شقيق أشرف شتيوى الصياد المفقود "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، وتعطل الموتور بين الشعاب المرجانية، وبدأوا فى إصلاحه، إلا إن انقطاع الهلب أدى لغرق المركب".

أهالى المفقودين يروون قصصهم



فى منزل بسيط بزقاق بمدينة المطرية تجلس أمانى محمد أحمد 42 سنة، ربة منزل، زوجة أشرف عباس عبد الرازق شتيوى، وأولادها الأربعة، هبة 18 سنة فى الصف 2 الثانوى الفنى، وأحمد 14 سنة فى الصف الثانى الإعدادى، ونيرة 12 سنة فى الصف 6 الإبتدائى، وعبد الرحمن 8 سنوات فى الصف الثالث الابتدائى، متشحة بالسواد، وقليل من الأبيض، وتقول "لا أعلم هل أرتدى أسود حدادا عليه، أم أرتدى أبيض تفائلا بفرصة عودته، لا عائل لنا غيره، هو أول مرة يسافر هذا الموسم، خرج من المنزل منذ 3 أسابيع وقال لى ادعيلى ربنا يرزقنا بحاجة للعيال، عايزين نعرف نعلمهم ونجيب لهم مستلزمات المدارس للفصل الدراسى الثانى، قلتله الله معاك، ثم أتانى خبر غرق المركب.
أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(5)

وتضيف "أمانى" بعدما انهمرت فى حالة من البكاء، معايا 4 عيال، وهو كان العائل الوحيد لنا وليس لنا من بعد الله أحد غيره، لا أقارب ولا إخوان ولا أعمام، وما أوجع قلوبنا أكثر وأكثر هو أن البحث توقف، لماذا توقف، هل حياة أبناء هذا البلد رخيصة لهذه الدرجة، حتى إن مات زوجى يحضروا لنا جثمانه، هو لو كان مسؤل مهم أو ابن مسئول مهم هل كانوا سيوقفون البحث، وهل تجاهل الحكومة لنا بسبب إننا ناس بسطاء وعاديين لا حيثية لنا.

ابنة أحد الصيادين: بيتنا مفيهوش غير 10 جنيهات



تقول هبة شتيوى 18 سنة 2 ثانوى فنى، ابنة أشرف الصياد المفقود "أول ما عرفنا الخبر، لم نصدق قلنا معلومة غلط، لأننا سمعنا أخبار كذب قبل كدا كتير، دلوقتى إحنا 4 أبناء لا مصاريف ولا عائل ولا رجل ولا حد يسأل عننا، بيتنا مفيش فيه 10 جنيهات حاليا، إحنا مش عارفين هو حى ولا ميت، وكل حاجة وقفت، والبحث وقف على الأقل يتحرك يعمل أى حاجة مع السودان، مسمعتش إن فى ضفادع بشرية بحثت عن الناس المفقودين حتى.

وتضيف "هبة" الابنة الكبرى للفقيد أشرف شتيوى، لا أعرف أحزن إنه متوفى، ولا أفرح بفرصة رجوعه، بكذب على نفسى ومش مصدقة إنه عايش، بحاول أتعايش الوقتى مش عارفين نكمل تعليمنا ولا حياتنا ومش هنعرف نطلع شهادة وفاة بعد 4 سنين، مفيش معاش ولا دخل ومش عارفين نعمل حاجة، ومش بإيدنا حاجة وملناش ورث ولا فلوس ولا قرايب ولا حد يسأل عننا.
أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(3)

تخنقها دمعة ساكنة وتكمل حديثها بحدة، تتجاوز عمرها بكثير وتقول "هنكمل دراسة إزاى أنا موقفة دراسة قبل كدا سنيتن بسبب ظروفنا المادية، وإن مفيش فلوس أيام ما كان أبويا موجود، إحنا الوقتى عايزين حل، وعايزين نعرف لو مات، فين جثمانه، أو هو فين لو لسه عايش، ممكن يموت بعد وقف البحث، الدموع مش سهلة علينا وبلدنا مستسهلة قهرتنا ودموعنا، وبلدنا الدم فيها رخيص والصدمات فى القلب أقوى من أى شىء، ومحدش من المسؤلين حاسس بينا.

وعلى بعد أمتار من منزل "شتيوى" الصياد المفقود، تمتزج دموع الألم بدموع الفرحة، حيث منزل رضا أنور على محمد هتيمى، صياد من مدينة المطرية، تمكن من السباحة حتى قارب سودانى وأقله هو وصياد آخر من محافظة دمياط إلى مستشفى بدولة السودان، ونجيا من الغرق، واستطاع الاتصال بزوجته رضا حسن شتيوى 33 سنة ربة منزل، وطمأنها عليه.

أحد الناجين يروى قصة عودته



وقال "هتيمى" فى اتصال هاتفى "إنه أثناء عمله بالبحر، حدث عطل بموتور المركب، وتم إنزال الهيلب للمحافظة على ثبات المركب، ولا يجرفه التيار، ثم انقطع حبل الهيلب فتحرك المركب حركات عشوائية، وسقط من المركب ومعى صياد آخر، استطعنا السباحة أنا وأحد الصيادين من محافظة دمياط، مسافة 7 كيلو مترات، وركبنا مركب سودانى، واستطاعوا إنقاذنا، وتم إدخالنا المستشفى".
أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(6)

تقول "رضا" 42 سنة، زوجة "هتيمى" الصياد الناجى "أنا اسمى رضا على اسمه، وحياتى كلها معاه، ولا عائل لى ولا سند بعد الله سواه، حينما أتانى الخبر أحسست أن الدنيا توقفت، والعالم توقف عن الدوران من حولى وكان دائم الاتصال بى، واتصل بى قبل غرق المركب بساعات، وسألته عن حاله وعن حال عمى "أشرف شتيوى" المفقود وقالى أنه فى العمل فى البحر.
أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(1)

وتضيف "رضا" انهمرت فى البكاء أنا وبناتى الاثنتين مى الكبرى، وميادة ذات الـ11 عاما، فى الصف الخامس الابتدائى.
أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(7)

لكن كان قلبى يحدثنى بغير ذلك، ثم اتصل بى بعد خبر غرق المركب بيوم وقال لى أنا بخير، وقتها دبت فى الحياة من جديد، ولم أتوقف عن البكاء خوفا أن يكون مصابا، وحرقة عليه وعلى عمى المفقود وأقرانه الذين لقوا حتفهم فى البحر.
أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(4)

مى هتيمى 14 سنة، الطالبة فى الصف الثانى الإعدادى، الأبنة الكبرى للصياد الناجى "هتيمى" لم تستطع التوقف عن البكاء حتى بعد سماع صوت والدها فى التليفون، وقالت بعد أن حاولت أن تجمع شتات الكلام "نفسى الرئيس السيسى يحل لبابا مشكلة بحيرة المنزلة، عشان بابا ميسافرش البحر الأحمر تانى، أنا خايفة عليه أوى، ومش عايزاه يتأخر فى السودان زى الصيادين اللى كانوا على مركب بدر الإسلام العام الماضى، واتحبسوا فى السودان، عايزة الرئيس السيسى يتصرف.


والدة أحد المفقودين مازالت تنتظر عودته على الشاطئ



وعلى ضفاف البحر، تقف والدة الصياد صلاح أبو حجازى، بعزبة البرج، بمحافظة دمياط، تملأ الدموع عينها، ويملأ الترقب قلبها، وتتمنى أن لا يكف رجال الإنقاذ المصريين عن عملية البحث والتمشيط أملا فى العثور عليهم وقالت عايزة ابنى حى أو ميت بس اطمئن واعرف مصيره حتى لا أعتبره من المفقودين أسوة بشقيقة، وأضافت "صلاح هو مصدر رزقنا وهو اللى بيصرف علينا ومن غيره نعمل أيه".

يقول "أحمد" خال الصياد "على عياد" وأحد أقرباء الصياد "حسن العفيفى": نحن نناشد المسئولين بمواصلة البحث عن أبنائنا ونطالب الرئيس أن يكلف الشئون الاجتماعية بصرف إعانة استثنائية لأسر المفقودين لحين تحديد موقفهم، نظرا لأن أغلبهم يعول أسر وهو المصدر الوحيد للرزق ومعظم هؤلاء الصيادين يعتمدون على الرزق يوم بيوم، مشيرا إلى أن ابن شقيقته يعول 3 أولاد وزوجته وأمه وشقيقته وأن عديله يعول 4 بنات.

من ناحية أخرى يقول عمرو أبو حجازى شقيق الصياد صلاح أبو حجازى: سبق أن توفى أخ لى يدعى ياسر منذ عام 2008 على مركب وردشان وفقدنا الأمل فى عودته واستخرجنا شهادة وفاة له منذ عام ونتمنى ألا تتكرر المأساة مرة أخرى.

وأضاف أنه أجرى اتصالا مع محمد جادو أحد الناجين، وأكد له أن كل صياد كان يرتدى جاكت النجاة، لكن لم يدرى بشىء غير أن مركبا سودانيا قام بإنقاذه هو وزميله.

أهالى-الصيادون-المفقودون-فى-مركب-زينة-البحرين-(2)














مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة