هيكل: قضايا العرب خرجت من أيدى أصحابها إلى قوى إقليمية ودولية.. روسيا فتحت حسابا جديدا لمصر.. إعادة توزيع القوى فى العالم تشبه حالة حمل قد تتمخض عن 5 أو6 توائم.. لا يوجد تصور لإنهاء أزمة سوريا والعراق

الأربعاء، 01 أبريل 2015 09:23 م
هيكل: قضايا العرب خرجت من أيدى أصحابها إلى قوى إقليمية ودولية.. روسيا فتحت حسابا جديدا لمصر.. إعادة توزيع القوى فى العالم تشبه حالة حمل قد تتمخض عن 5 أو6 توائم.. لا يوجد تصور لإنهاء أزمة سوريا والعراق محمد حسنين هيكل
نقلا عن السياسية الدولية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحوار مع الأستاذ محمد حسنين هيكل يكتسب مضمونا مختلفا، ومذاقا خاصا حين يكون عن السياسة الدولية ومجلتها، وهيئة تحريرها، فهو ليس مجرد حوار إعلامى، إنه كذلك وأكثر، فالرؤية فى هذا الحوار غالبة على الرأى، والنظر إلى المستقبل غالب على تحليل ما هو حاصل فى الواقع الراهن.

قدم الأستاذ فى هذا الحوار، الذى شارك فيه د. وحيد عبدالمجيد، ومالك عونى، وسامح راشد، وأبوبكر الدسوقى، وأبوالفضل الإسناوى، رؤية جديدة لأوضاع العالم الآن، مقارنة بما كانت عليه قبل 50 عاما حين رأى ضرورة إصدار مجلة “السياسة الدولية” وحظيت السياسة الخارجية المصرية والتحديات التى تواجه عملية إعادة بنائها وتفعليها بعد أربعة عقود كاملة تقريبا من التخبط والركود، باهتمام خاص.

كما شغلت أوضاع المنطقة المفتوحة على مزيد من الاضطراب والصراع مساحة كبيرة فى هذا الحوار، الذى كان طبيعيا أن يروى فيه الأستاذ قصة إصدار “السياسة الدولية” فى لحظة لم يعرف فيها العالم العربى كله هذا النوع من المطبوعات الدورية شبه الأكاديمية، وكان ضروريا أن نسأله فى هذا السياق عن مشروعه المعرفى والتنويرى الذى شرع فيه منذ أن تولى رئاسة تحرير الأهرام، وظروف انتقاله إليها ليجعلها أكبر مؤسسة صحفية فى العالم العربى.

مهمة “السياسة الدولية” أن تكون كشافًا للمستقبل


كانت “السياسة الدولية” هى المطبوعة الأولى من نوعها فى العالم العربى كله، كما كانت تلك هى المرة الأولى التى تصدر فيها مؤسسة صحفية عربية مجلة أكاديمية دورية.. فكيف فكرت فى إصدارها؟



هيكل: لم يكن فى العالم العربى عام 1965 مجلة دورية، ومراكز تفكير مهتمة بالعلاقات والقضايا الدولية، وكانت فكرة تأسيس مجلة “السياسة الدولية” وكذلك مركز الدراسات جديدة فى ذلك الوقت.

وكان نموذج “فورين أفيرز” ماثلًا أمامى، ورأيت وقتها أن هناك ضرورة لاستشراف ما هو أبعد من المرئى على الساحة الدولية، ولذلك وبعد أن ذهبت إلى “الأهرام” مع السيد بشارة تقلا وكان لديه مشروع بإصدار مجلة الأهرام الاقتصادى، بإشراف الدكتور بطرس غالى، وكانت فكرة مجلة لـ “السياسة الدولية” فى الوقت نفسه تلح على، واقترحت على بشارة تقلا أن يتولى د. بطرس غالى رئاسة تحريرها، وكنت أثق به وأقدره، رغم اختلافنا فى أمور كثيرة.

وكنت حريصًا على أن يقوم “الأهرام” بدور معرفى وتنويرى، وأن تكون له مطبوعاته ومنابره التى تسهم إلى جانب الصحيفة اليومية فى هذا المجال، وأن تكون هذه المطبوعات متنوعة، ولذلك أصدرنا مجلة “الطليعة” أيضًا فى ذلك الوقت، وجاء إنشاء مركز الدراسات فى هذا الإطار، حيث بدأ بوحدة للدراسات الفلسطينية والصهيونية، وبعدها أنشأنا وحدة التاريخ المصرى المعاصر من قسمين، الأول بدأ يؤرخ الفترة من عام 1919 بافتراض أنه كان بداية مرحلة جديدة، وكلفت حسن يوسف باشا بإدارة هذا القسم، لأنه كان ملمًا بالعصر الملكى، أما القسم الأخير من وحدة التاريخ المصرى بالمركز، فبدأ بعام 1945، وتولى مسئوليته الدكتور محمد أنيس، وتوالت بعد ذلك الوحدات، فتم افتتاح وحدة خاصة للشؤون العسكرية حتى تطور المركز وأخذ شكله الحالى.

((فكرت فى إصدار “السياسة الدولية” فى لحظة رأيت فيها ضرورة استشراف ما هو أبعد من المرئى فى العالم، واقترحت على بشارة تقلا أن يتولى د. بطرس غالى رئاسة تحريرها، وكنت أثق به وأقدره، رغم اختلافنا فى أمور كثيرة)).

كيف رأيت الأعداد الأولى من “السياسة الدولية” من حيث المحتوى، خاصة أنك متابع جيد لمجلة “فورين أفيرز”؟



هيكل: كانت هناك مرحلتان، الأولى كانت بمنزلة مرحلة “تجريب”، فالفكرة كانت حديثة وقتها، والكتاب والباحثون الأكاديميون كانوا يكتبون دراسات طويلة، بينما المجلة كانت فى حاجة إلى موضوعات متوسطة الحجم، وتصلح لدورية تباع للقارئ.

أما المرحلة الأخيرة التى يمكن أن نسميها مرحلة “الانتشار” فقد بدأت ضعيفة فى ظل الاهتمامات العامة فى البلد فى هذا الوقت، فتجربتى فى “الأهرام” علمتنى أن هناك ثلاثة أهداف فى المهنة “الصحافة” وهى: الأخبار، والتعليم، والترفيه، والجزء الأصعب جدًا من هذه الأهداف هو التعليم الذى كانت تقوم به “السياسة الدولية” أكثر من مطبوعة أخرى.

وأتذكر أننا منذ عا 71، كنا نفكر فى التحضير للاحتفال بالعيد المئوى للأهرام فى عام 1975، ونفكر أيضا فيما بعد الحرب، فأسسنا لجنة يرأسها الدكتور محمود فوزى (نائب رئيس الجمهورية، وزير الخارجية الأشهر) ومن أعضائها بطرس غالى، وتوفيق الحكيم، وأحمد بهاء الدين، وعبدالملك عودة، وسماها فوزى، مهمة التعمير الحضارى، وبدأنا نفكر فى كتابة تاريخ مصر الذى لم يكتب بعد، على الرغم من أن العديد من ظواهره يجرى بحثه فى الخارج، وكان من أحلامى آنذاك أن نقوم بإرسال بعثات من دارسى الدكتوراه إلى الأماكن التى لنا بها صلة فى التاريخ الحضارى لعصر النهضة، وبالفعل، رتبنا لإرسال بعثات إلى جنوة، وفينيسيا، وفلورنسا، ففى هذا المناخ الذى كنا نفكر فيه بإعداد دراسات جادة عن التعمير والتنوير، صدرت مجلة “السياسة الدولية”.

هل ترى أن “السياسة الدولية” كانت تخدم “أجندة” النظام السياسى، أم أنها كانت تتجاوز ذلك لتعكس “أجندة” المجتمع ككل؟


هيكل: لا، لم تكن السياسة الدولية” ولا مؤسسة “الأهرام” عامة تتبع “أجندة” النظام السياسى بخلاف ما كان شائعا فى هذا الوقت، ولكن ربما ظهرت هذه الفكرة بالضرورة فى فترة ما بعد حرب سنة 1967 فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث كانت هناك وحدة صغيرة جدا تقوم بعمل تقرير يومى عن الأولويات فى ظروف الحرب، وإرسال نسخة منه كل يوم إلى الرئيس جمال عبد الناصر، يحملها إليه الأستاذ حاتم صادق، وهو زوج هدى عبدالناصر، وكان هو بدوره يناقشنى فيه، لكن عندما تولى السادات رئاسة الدولة، توقفت هذه التقارير، لأنه لم يكن يحب القراءة، وكان يرى أن عبدالناصر مات تحت ثقل الورق الذى كان يطلع عليه.

وأتذكر أننى كنت فى القناطر ذات مرة مع الرئيس السادات على ظهر الذهبية ستار الراسية إلى جوار استراحة الرئيس، وجاء سكرتيره فوزى عبد الحافظ يحمل بعض الملفات، وعندما رآه السادات، قال له “ارجع، دول عاوزين يموتونى تحت الورق اللى مات تحته جمال”، فأوقفنا هذه التقارير.

بمناسبة الإشارة للرئيس جمال عبدالناصر، هل هو من طالبكم بإنشاء مجلة “السياسة الدولية”؟


هيكل: هذا لم يحدث حقيقة، ولكن عبد الناصر كان مهتما بـ”الأهرام”، وكان حلمه بعد أن يترك رئاسة الجمهورية- كان يتصور ذلك- أن يعمل كرئيس تحرير “الأهرام”. وهناك ثلاث صور موجودة فى مكتبى، الأولى وأنا أجلس على مكتبى فى الأهرام، وصورة أخرى لعبدالناصر وهو يجلس مكانى على الكرسى، والثالثة والأخيرة للسادات على كرسى رئيس تحرير “الأهرام”، وكان عبدالناصر يهوى الكتابة، ومهتما بالصحافة. وأود أن أشير إلى أنه لم يفتتح مبنى “الأهرام” الذى أقمناه عام 1968، وإنما زاره مدعوًّا من هيئة تحريره، بعد أن سمع عنه من زوار له، حدثوه عما رأوا، وهكذا كان هو الذى تفضل وطلب زيارة “الأهرام”، وسعدنا بزيارته، ولعلى أضيف هنا أن مشروع الأهرام”الجديد لم يأخذ مليما من الدولة، وقد حقق ما حقق بموارده، وحتى العملة الصعبة التى احتاج إليها فى ذلك الوقت، وفرتها مبيعات مطبوعاته فى العالم العربى والعالم الخارجى، وكانت “الأهرام” من كبار دافعى الضرائب، لأنها كانت تحقق أرباحا ضخمة فى تلك الفترة.

العالم العربى هو القاعدة الأساسية لعلاقات مصر الدولية، ولكن أزماته المتعددة قد تطول إلى أمد بعيد، لأن البؤر متوترة، والجراح مفتوحة.

معظم الشباب، بل أغلب المصريين، لا يتذكرون ظروف انتقالك إلى “الأهرام”، الذى كان بداية تحوله من صحيفة إلى مؤسسة كبرى حملت مشروعا معرفيا تنويريا؟


هيكل: بدأت مشوارى المهنى فى جريدة الـ“إيجيبشيان جازيت”، ثم شاركت مع مراسل الجريدة مساعدا له فى تغطية معركة العلمين، ومعركة تحرير فرنسا، وعملت لفترة فى مجلة “آخر ساعة”، ثم انتقلت بعدها لـ“أخبار اليوم”، وكنت سعيدا بتجربتى فيها، وفيها قمت بتغطية أحداث الحرب الأهلية فى إيران وكوريا، حيث كان على أمين مديرا متميزا.

وعندما ذهبت إلى “الأهرام”، مكثت فى مكتبى شهرا لدراسة الوضع، وكانت المفاجأة أنه لا أحد من أصحابها يقرأ العربية، فقد كتبت تقريرى الأول باللغة الإنجليزية، ووقتها، كانت “الأهرام” توزع 68 ألف نسخة، وتخسر منذ عشر سنوات سابقة على رئاستى لتحريرها، وقالت لى مدام تقلا- حين قابلتها فى أول مرة- إن الأسرة ضاقت ذرعا بخسائر الأهرام، وإنها فكرت جديا فى الهجرة إلى لبنان، وهى ستسافر، لأنها ورثت حصة عائلتها فى بنك تجارى فى بيروت، ولديها ثلاثة طلبات: الأول أنها لا تريد أن تخسر أموالها، فوافقت. والثانى أن تقوم “الأهرام” بدفع قيمة زياراتها للأوبرا، فقلت لها لا أستطيع، لأن هذا فيه خلط للخاص بالعام. والطلب الأخير أن زوجها كانت له شقة فى باريس باسم “الأهرام” كمراسل، وهى تريد تسجيل هذه الشقة باسمها، فوافقت، وانتهى الأمر.

نريد أن نلقى نظرة مقارنة على وضع العالم عند صدور مجلة “السياسة الدولية” عام1965، مقارنة بالوضع الحالى، وكيف ترى التغير بين هاتين الفترتين، بعد مرور نصف قرن؟، ونود أن نذكرك ببعض العناوين التى تصدرت أغلفة المجلة فى عدديها الأول والثانى، والتى تعبر عن الاتجاهات السائدة فى المجتمع الدولى آنذاك : قد تناولت المجلة فى عددها الأول مثلا أزمة فيتنام والسلام العالمى، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية وعلاقته بعدم الانحياز، والقنبلة الذرية الصينية وآثارها الدولية، ورياح الثورة فى البحر الكاريبى. وفى عددها الثانى، تناولت السياسة السوفيتية والدول الأفر- آسيوية، والحزب الشيوعى فى الصين الشعبية، والجامعة العربية، والطيران المدنى، والصحراء، والاشتراكية الأفريقية.

هيكل: لابد أن نعرف أن الصحافة جزء من العالم السياسى، أوبمعنى آخر، هى مرآة للاهتمامات السياسية لبلد ما فى فترة زمنية من تاريخها، لذا كانت مجلة “السياسة الدولية” سابقة فى مجال اهتمامها فى هذا الوقت، ومتماشية فى هذا مع السياسة المصرية، لكن ما حدث الآن لـ“السياسة الدولية” و“الأهرام” هو أنه بمقدار ما انكمشت السياسة، انكمشت الصحافة. فى أحيان كثيرة، يتصور الناس أن المؤسسات مستقلة عن السياسة، لكن الحقيقة أننا فى هذه المهنة (الصحافة) أقرب مما يمكن تصوره إلى سياسة البلد، والحكم، والاتجاهات السائدة فيه، فنحن أثرنا بشكل أو بآخر، ولكن ما إن تنكمش السياسة، ينكمش كل شىء آخر.

وكانت “السياسة الدولية” فى بدايتها مهتمة بالعالم الأفريقى والآسيوى، ومواكبة لعصرها، وفاعلة فيه، لأن مصر كانت فاعلة وقتها فى قلب حركات التحرر، والعالم الثالث، ومنظمة الأمم المتحدة، ولا أبالغ حين أقول إن مجموعة الدول الآسيوية والأفريقية سيطرت فى ذلك الوقت على منظومة الأمم المتحدة حتى انصرفت الدول الكبرى عنها لتدبير أمورها فى مكان آخر. ومجلة “السياسة الدولية” هنا كانت تعبيرا ومرآة عكست ذلك التحرك.

((روسيا قوة لا يستهان بها، مرت بمرحلة ضعف وهوان لم تؤثر فى تفوقها العسكرى والفضائى، وهى تملك إمكانيات كبيرة، وأهمية دور بوتين أنه أعطاها عمودا فقريا، لكى تبرز وتوظف هذه الإمكانات.

كيف ترى، إذًا، العلاقة بين تطور الوضع السياسى فى مصر وما حدث فى الصحافة عموما، و“الأهرام” بصفة خاصة؟


هيكل: لم تشهد “الأهرام” منذ تأسيسها وحتى تركتها "نحو مائة عام" سوى أربعة رؤساء تحرير، وتوالى عليها بعد ذلك أكثر من عشرة رؤساء تحرير فى 40 عاما، وبالتالى، فالمؤسسة تعرضت لظروف صعبة، وقد كنت أقول دائما إن “أخبار اليوم”، بعد “آل أمين”، تعاقبت عليها الدول مثل أوروبا الشرقية، وفى مرحلة من المراحل، أصبحت “الأهرام” مثلها، مما أدى إلى تراكم مشاكلها، فعندما تركت “الأهرام” عام 1979، كانت بها احتياطيات بالملايين من النقد الأجنبى والمصرى، وبسبب اكتساحنا السوق فى بيروت، طلبت نقابة الصحفيين هناك عدم توزيع “الأهرام” فيها قبل الساعة الخامسة صباحا، لكن المشاكل تراكمت بعد ذلك.

فى الوقت الذى صدرت فيه “السياسة الدولية”، كان هناك هيكل للنظام العالمى، ومصر كان لديها اتجاه واضح فى التعامل مع القوى الدولية الرئيسية، والآن هناك هيكل آخر ينطوى على تغير فى القوى الموجودة على قمة النظام العالمى، ومصر خارج هذا كله منذ ثلاثين عاما، واليوم تحاول أن تجد مكانا لها.. كيف ترى حركة مصر الخارجية لإيجاد موقع جديد لها؟


هيكل: أرى أن ما نحن فيه الآن ما هو إلا محاولة من النظام الجديد لتقديم نفسه للعالم الخارجى، وحتى نكون واضحين، لا يستطيع طرف أن يجازف ويخرج للعالم الخارجى، ويكون طرفا فيه، إن لم تكن قاعدته الوطنية الداخلية مستقرة.

إلى أن يكتمل البناء الوطنى فى وقت لا نستطيع تحديده، وبكيفية لا نعرفها، كيف تتعامل مصر مع هذا الوضع المضطرب دوليًا وإقليميًا؟



هيكل: عندما يذهب أى أحد لأى بلد، فأول سؤال يتعرض له: من أنت؟ ومن تمثل؟ ففى اللحظة الراهنة، لا أعتقد أننا طرف فاعل، فلابد أن تكون القاعدة الداخلية قادرة على تحمل التحركات الدولية الخارجية، وبالتالى لا تقل لى إننا قادرون فى هذه اللحظة على لعب دور فى السياسة الدولية، لذا لابد من تقوية الأوضاع الداخلية، وأن تكون قاعدة علاقتنا بالعالم الخارجى هى العالم العربى، ولا تنس أن إحدى مشاكل مصر الداخلية هى أن موقعها يفرض عليها إما أن تتدخل، وإما أن يتدخل الآخرون فى شؤونها، ولذلك نحن مضطرون للقيام بدور، ولكن لتفعيل هذا الدور لابد أن نستكمل بناءنا الداخلى ونقويه.

قوة مصر الناعمة نشأت بالأساس من خلال التفاعل مع المشرق


فى بداية نشأة الدولة المصرية الحديثة، بعد الحملة الفرنسية، كان مجال العمل السياسى وممارسة النفوذ المصرى ينطلق من المنطقة العربية وأفريقيا، لكن البناء المعرفى والثقافى المصرى كان مرتبطا بمرحلة التنوير والحداثة فى أوروبا، من خلال البعثات التى كان يتم إرسالها إلى الخارج وهناك من يرى أنه منذ الستينيات، تم استغلال جزء كبير جدا من الحداثة، التى راكمتها مصر، منذ القرن التاسع عشر، فى علاقتها مع المشرق العربى بشكل أساسى لدرجة أننا لم نعد نستطيع أن ننتج قوة ناعمة جديدة وحقيقية.. فما رأيك؟



هيكل: أنا أختلف تمامًا مع هذا الرأى، لأن كل قوة مصر الناعمة نشأت بالأساس من خلال التفاعل مع المشرق، ودائمًا ما أضاف المشرق إلى مصر كما أخذ منها، فنحن استقدمنا الكثير جدًا من المشرق فى حركة التنوير الأولى، من خلال الجرائد، وحركة التنوير الثانية، من خلال العلم، وسياسيا بالمد الموجود، ومن الجدير بالذكر أن استثماراتنا كلها كانت فى المشرق، وكانت أعظم استثمارات فى تاريخنا.


فى الوقت الذى أصبحت فيه قدرتنا على التأثير محدودة أو غائبة، نجد أن قابليتنا للتأثر بالأخطار الموجودة فى المنطقة كبيرة، وكرة اللهب تتدحرج فى المنطقة من بلد لآخر، كيف ترى الحروب الدائرة حاليًا فى المنطقة؟ وكم ستستغرق من وجهة نظرك؟


هيكل: من المهم جدًا الحديث عن المستقبل، وليس الماضى، وأكثر ما أخاف منه فى اللحظة الراهنة- رغم تعدد المخاوف- هو أن تكون الأمور قد خرجت من أيدى أصحابها، وأصبح اللاعبون الأساسيون فى المنطقة إما قوى أجنبية وإما قوى إقليمية، والسؤال المخيف فعلًا هو: إلى أى مدى ستستمر صراعاتنا فى المنطقة على هذا النحو؟ والطارئ الجديد المهم هو الانخفاض المستمر فى أسعار البترول، الذى يؤثر بشكل كبير فى الصراع الدائر فى المنطقة، لأن الدول التى استطاعت أن تكون طرفًا فى الصراعات الموجودة فى الشرق الأوسط لن تستطيع استكمال هذا الدور بدون البترول، ولذلك ينبغى أن نهتم ببحث هذا القطاع، والتداعيات المترتبة عليه، وبالتالى الخطر كبير، لأن جميع الجبهات أصبحت مفتوحة وهناك أطراف خارجية تعمل فيها كما تشاء، وبعض العرب كانوا موجودين فيها كطرف أساسى بقوة تأثير المال فقط، ومصر موجودة كطرف أساسى بحكم تاريخها، وموقعها، وباقى النظم العربية غير موجودة، فالعراق وسوريا فى لهب العاصفة، والجزائر مقبلة على مشاكل، وبالتالى نحن أمام جراح مفتوحة، وبؤر متوترة، ووجود عربى ضعيف قد يتراجع أو يتأثر جدًا فى المستقبل القريب نتيجة انخفاض دخل الممولين الرئيسيين والمؤثرين فى حل مشاكل المنطقة، جراء تراجع أسعار البترول، وهنا ستكون المشكلة كبيرة جدًّا.

"أسعار البترول ستؤثر بصورة جوهرية فى موازين القوى الإقليمية، والدول التى استطاعت تعظيم أدوارها فى صراعات المنطقة اعتمادًا على هذا المورد قد تتأثر بانخفاض أسعاره، ولذلك ينبغى إعطاء أهمية خاصة لبحث التطورات المحتملة فى سوق البترول، والتداعيات المترتبة عليها" ما هو المسار المحتمل خلال السنوات المقبلة فى ظل تقسيم فعلى غير رسمى بدأ فى سوريا، والعراق، وليبيا، ويمتد لبلاد عربية أخرى؟



هيكل: لا يوجد أحد لديه تصور لإنهاء الأزمة، ومن العصب جدا حل الصراعات الموجودة، ولا يوجد طرف عربى يستطيع أن يقدم نفسه بمبادرة جديدة وفعالة، أما الوضع الراهن، فقد يطول إلى ما لا نهاية، وهناك أطراف أخرى تعمل على هذا، ومواردها من النفط تساعدها على لعب هذا الدور، فعلى سبيل المثال، استطاع “داعش” أن يخلق موارده من خلال استيلائه على مساحات من الأراضى وموارد البترول فيها، وبالتالى فنحن أمام متغيرات كبيرة جدا، ولا نستطيع، بل لا نملك، وسيلة بشكل أو بآخر لإدارتها أو المشاركة فى إدارتها، خصوصًا عندما نفقد العنصر المالى، وأخشى أن نكون دخلنا متاهات لا نعرف حتى الآن مخارج منها.

ما يمثله “داعش” من ظاهرة لا تقتصر عليه بطبيعة الحال، فما هى آفاق مواجهته وجدواها؟ وهل ترى استراتيجية لهذه المواجهة؟



هيكل: عندما نتحدث عن استراتيجية فلابد أن تكون هناك قوى لديها موارد، ولذلك لا نستطيع أن نتحدث عن استراتيجية، فهناك حرب لسنا طرفا فيها لكننا بمنزلة أدوات لها، وأخاف أن يقل النصيب الذى كنا نشارك به فى إدارة أزمات المنطقة.

فإذا نظرنا لمشاكل المنطقة، وأولاها الأزمة السورية فإننى أتساءل: كيف تحل هذه الأزمة خاصة أننا قصرنا إلى أبعد الحدود؟ لكن هناك مؤشرات يمكن استنباطها من المشهد السورى، وهى: نظام استطاع أن يصمد إلى اللحظة، التى نحن بصددها، ودولة لاتزال تسيطر على جزء كبير من أراضيها، وجيش لايزال يقاتل، رغم كل ما حدث، ومعارضة حقيقية سياسية، لكن من عسكر هذه المعارضة بعض العرب بالأساس، فعندما عقد اجتماع الجامعة العربية فى عهد المجلس العسكرى، حاولت السعودية الضغط على الجامعة لتحتل المعارضة مقعد سوريا، وكانت التعليمات لرئيس الوفد المصرى حتى الصباح ألا تترك الحكومة السورية مقعدها، لأن سوريا بالنسبة لمصر قضية مهمة جدًّا، ولكن ضغوط بعض الدول العربية فرضت إقصاء سوريا عن مقعدها بالجامعة العربية، ولم تعترض مصر على ذلك، رغم أنها كانت ترى إبقاء الوضع كما كان.

أما بالنسبة للدور المصرى فى العراق، فقد ضاع منذ تحرير الكويت، لقد كنت من المؤيدين لضرورة تحرير الكويت، ولكن بطريقة أخرى مختلفة عن التحالف الأمريكى، غير أن الدولة سارت فى هذا الطريق، وقايضت الدور المصرى فى العراق بتسوية كبيرة قدرت بـ30 مليار دولار، هى الديون المستحقة عليها.

وبالتالى، فإن الحديث عن الاستراتيجية لا يزال مبكرا جدا، فالمنطقة مفتوحة، وصراعاتها مفتوحة، وإسرائيل سعيدة من جهة، والولايات المتحدة تتدخل من جهة أخرى، ولا يعلم أحد مطلقا كيف تنتهى هذه اللعبة ومتى تنتهى، وبأى سيناريو، ومن قبل أى طرف، وليست لدينا وسائل، أو وجود، أو أى نوع من التأثير، أو المشاركة.

(لا تستطيع مصر أن تقوم بدور فعال فى العالم بدون قاعدة داخلية قوية ومتماسكة، وموقعها يفرض عليها إما أن تقوم بهذا الدور بما ينطوى عليه من تدخل، وإما أن يتدخل آخرون فى شؤونها)


إذا تخيلنا نجاح “داعش” فى تثبيت ركائزه فى المناطق التى سيطر عليها أو معظمها، فهل يؤثر ذلك فى إيران؟



هيكل: إيران بلد مختلف تمامًا، ولديه مقومات كبرى، وموارد غير البترول، وبالتالى قد يدخل مرحلة من التأقلم مع انخفاض أسعار البترول، كما أن الثقافة الإيرانية لم ولن تنقطع، فإيران قبلت الإسلام لكنها لم تقبل اللغة العربية، وهناك ما يعرف بالحضارة الفارسية، لكن ليس هناك ما يسمى بالحضارة العربية المستقلة عن الحضارة الإسلامية، كما أن بيزنطة، ومصر، وفارس، ثم الأندلس هى التى صنعت الحضارة الإسلامية، وبالتالى، فإيران طرف أصيل فى المنطقة لأن الكتلة الإيرانية ظلت متماسكة إنسانيًا وحضاريًا.

ما الذى يحول دون تطور العلاقات المصرية- الإيرانية، وما الذى يقيدها فى هذا المجال؟ وتحديدًا هل القيد خليجى أم داخلى أمنى؟



هيكل: نحن نتحدث عن بلد حضارته لم تنكسر، وكانت مشكلة الرئيس السادات إعجابه بالملوك “الملك حسن، والملك فيصل، وشاه إيران”، وكلهم كانوا ينصحونه بإيقاف المعارك، حتى لا يجد نفسه أمام مطالب لا يستطيع مواجهتها وعندما قابلت الخمينى فى باريس سألنى حول موقف الأزهر الغاضب منه، خاصة أن الشيخ عبدالحليم محمود- شيخ الأزهر آنذاك- أصدر فتوى معادية للخمينى لخروجه على طاعة ولى الأمر، ولذلك تراكمت أسباب شخصية فوق أسباب سياسية، بالإضافة إلى الضغوط الخارجية، لتعرقل العلاقات بين مصر وإيران، وأخشى أن أقول إن العنصر الأمنى دخلت فيه حسابات كثيرة، وأدخلنا فى مؤامرات لا لزوم لها، فنحن لم نمد يدنا تمامًا لإيران، مع أنه لا يمكن إهمالها بهذه الطريقة، ولا أقول إنه لابد من تحول جذرى الآن، ولكن علينا أن نتحسس الطريق.

كان من أحلام عبدالناصر أن يرأس تحرير “الأهرام” بعد أن يترك رئاسة الجمهورية مرت العلاقات المصرية- الأمريكية بعدد من التقلبات منذ الخمسينيات إلى الآن.. فى أى مرحلة نحن فى هذا الوقت من وجهة نظرك؟



هيكل: لسنا فى مرحلة تشبه أيًّا من المراحل السابقة، فكلها أصبحت ذكريات، لقد أدينا مهمتنا بالنسبة للسياسة الأمريكية، ولم يعد لدينا ما نعطيه فى الظروف الراهنة، وعندما نستعيد قوتنا الداخلية والإقليمية، سوف تأتى لنا أمريكا.

إذا انتقلنا إلى العلاقات المصرية- الروسية، ماذا تعنى روسيا أولًا فى السياسة الدولية الآن؟


هيكل: روسيا تعنى أشياء كثيرة جدًا، على الأقل من ناحية السلاح، فقوة الدول تقاس بمقاييس معينة كالمساحة، والسكان، والموارد، وهناك عنصر آخر، هنا فى الحالة الروسية، هو القدرة النووية، فروسيا بلد كبير، ولديه موارد، وإمكانيات قوة كبيرة، وقد يمر بمرحلة ضعف، لكن يغطيها التفوق العسكرى والفضائى، الذى لابد أن يحسن استخدامه.

وينبغى الإشارة إلى الدور المهم الذى قام به الرئيس فلاديمير بوتين للخروج من التجربة المهينة جدًا عند سقوط الاتحاد السوفيتى، حيث أعطى للدولة الروسية العمود الفقرى، بحيث تستطيع أن تبرز وتوظف إمكانياتها، وروسيا اليوم بمساحتها الكبيرة، وبنفوذ تاريخى، وقوة عسكرية، تغطى لحظات الضعف، وقوة علمية لا يمكن إنكارها تعد طرفًا فاعلًا جدًا فى النظام الدولى، خصوصًا إذا ما نظرنا إلى الصين والهند.

هل يعيش النظام الدولى حاليًا حالة من السيولة؟


هيكل: أظن أننا نعيش حالة من السيولة يمكن تشبيهها بأننا أمام حالة حمل لخمسة أو ستة توائم، وبالتالى فكل الاحتمالات واردة، أى هذه التوائم أقوى؟ وأيها يولد أولًا؟ وأيها يعيش؟ وأيها يموت؟ وهكذا لذا فنحن نشهد ولادة عالم جديد مختلف فى توزيع القوى.

كيف ترى العلاقات المصرية- الروسية فى ضوء التغيير فى المنطقة؟


هيكل: علينا أن نتابع حركة التدافع التاريخى فى المنطقة، ولا نجازف بوضع نتائج، لأن النتائج لابد أن تكون بمنزلة تصور مفتوح، وليس مغلقًا لأنه ليس هناك أحد يملك هذا، وحتى فى السياسة الدولية، لا تغلق الصفحات هكذا، فعلى سبيل المثال، فى الوقت الذى تفتح فيه روسيا لمصر حسابًا جديدًا لايزال هناك الحساب القديم الذى لم يسقط أو يغلق، والجيد أننا نحاول، لكن لا تزال أوضاعنا الداخلية تضعف إمكانية أن نصبح طرفا قويا على المستوى الدولى فى اللحظة الراهنة، والروس دائما ما يقولون لنا “أنتم تعتبروننا العاشقة البديلة”، حيث يطاردنا باستمرار عدم الثبات، وما فعلناه مع الروس لا يمكن أن ينسى، خاصة أننا ذهبنا لنطاردهم فى الصومال، وأنجولا، وأفغانستان، وهنا أود أن أقول “كن أنت ولا تكن غيرك، يثق فيك الناس”.

(أشعر بتفاؤل تاريخى، رغم العوامل الدافعة إلى التشاؤم السياسى، وعلى كل مهتم بالشأن الخارجى إدراك أن المهمة الأولى هى اكتشاف المحفزات والقدرات لبناء المستقبل، والبداية الحقيقية هى أن يستعيد الشعب المصرى الثقة فى نفسه، لأنها مورد أساسى للقوة لايزال معطلًا) هل كان من الواجب أن تعرف الصين “من نحن” قبل أن نذهب إليها

؟
هيكل: مبارك ذهب إلى الصين مرات عدة، وكأنه لم يذهب، فمن خلال اطلاعى على محاضر زياراتنا إلى الصين وجدت أننا لا نتحدث إلا من خلال كليشيهات سئمها الجانب الآخر، وينبغى تغيير هذه النظرة الصينية، حتى لا يكون النشاط الراهن فى العلاقات مع بكين إعادة إنتاج لسابقه، ولكيلا تكون تداعياته إيجابية فى الداخل المصرى أكثر منها فى السياسة الدولية.

كيف يمكن أن تكون هناك سياسة خارجية تتجاوز كل التجارب السابقة؟


هيكل: هناك مقولة لهيجل تقول: “لدى تفاؤل تاريخى وتشاؤم سياسى”، وأنا فى اللحظة الراهنة غير متفائل، ولكننى سأتفاءل، عندما يستطيع الرئيس عبدالفتاح السيسى إرساء قواعد نظام حقيقى، ويبدأ البلد فى تماسكه الداخلى، فإذا سارت الأمور بشكل معقول فإننا نستطيع القول: إننا نحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات لكى نمتلك قوة حقيقية.

ألا يساعد وجود تصور أو رؤية للسياسة الخارجية فى تعويض بعض عوامل الضعف الداخلى؟
هيكل: التصور يشبه مشروعًا له بدايات جنينية، ومخاض، وولادة، وأنا أشفق على الباحثين فى هذه الفترة، لأن التغييرات التى حدثت تجعل من الصعب التفكير جديًا فى تصور له قابلية للحياة، إلا أن يكون فى مقدورك أن ترى الأرض التى تذهب إليها، وعلى كل مهتم بالشأن العام، خاصة الشأن الخارجى، أن يدرك أن المهمة الأولى هى “الاكتشاف” للمحفزات والقدرات التى يمكن أن تتوافر عندك لبناء مستقبل معقول.

بما أن مرحلة البناء الداخلى هى المتغير الأساسى لتحديد مكانتنا على الخريطة العالمية، ما هى المقومات التى تمتلكها مصر ويمكن أن توظفها لاستعادة تماسكها الداخلى، وبناء قوتها؟


هيكل: أظن أننا بصدد تكوين رؤية. فلدينا إمكانيات كبيرة جدًا، سواء على المستوى المعنوى، أو الواقعى، وهى أكثر مما نتصور، وأكبر من أى حسابات، لكن هناك عنصرًا غير مرئى، ينبغى أن تضعوه فى الحسبان كباحثى علوم سياسية، وهو أن هناك عدم ثقة لدى كل الأطراف، لذا فإن أول خطوة فى البناء الداخلى هى استعادة ثقة الناس فى أنفسها، فنحن دخلنا عملية هدم لكل شىء فلم تتبق لنا قيمة إلا وتم هدمها، وأصبح كل شىء لدينا مستباحًا، فلا قيمة الوطنية محترمة، ولا قيمة القومية، وهكذا ولعل السباب الحالى على الفضائيات أكبر دليل على هذا.

فالبداية الحقيقية أن يستعيد الشعب الثقة بنفسه، لأن هذا مورد أساسى للقوة، ولا يزال معطلًا، وينبغى العمل عليه، لكى تستطيع أن تمتلك الموارد التاريخية والحقيقية الموجودة لدى الشعب المصرى، ومن هنا ننتقل إلى استعمال الموارد المادية، ولدينا كمية موارد مادية ليس لها حدود لكنها معطلة أيضًا كالمصانع، ولدينا إمكانيات سياحية مثل البحر الأحمر لما يمثله من منطقة جذب سياحى ليس لها حدود، لأنه ليس لنا منافس عليه بخلاف البحر المتوسط، وبالتالى ينبغى استغلال كل سنتيمتر منه، ففكرة التنمية السياحية تعتمد أساسًا على البحر الأحمر، وقد يكون ذلك من خلال إعادة تنظيم لمنطقته التى لها وضع خاص، وتعيين نائب رئيس وزراء للبحر الأحمر، وأنا لا أتصور ما يقال حاليًا عن تقسيم البحر الأحمر بين المحافظات.

ما رؤيتك لمستقبل المراكز البحثية، ومصير الصحافة أو الإعلام المطبوع؟


هيكل: أعتقد أن المراكز البحثية مهمة جدًا لكونها كشافات للمستقبل، ونحن فى حاجة لهذه الكشافات، لأنها الوسيلة الوحيدة الموجودة للتفكير المنظم، حتى أصبح لا يوجد حزب محترم فى العالم إلا ولديه مركز بحثى خاص به، أما بالنسبة للصحافة المطبوعة، فمن الضرورى تحولها لتصبح إلكترونية، حيث أظهر تصويت- أجرته جريدة النيويورك تايمز- أن نسبة 60% من محرريها يرون أنه لا مستقبل للصحافة المطبوعة، لذا لابد من التحول للنسخة الإلكترونية.

وأنا أعتقد بشكل ما أن الصحافة المطبوعة ستستمر، ونتذكر أن علاقة القارئ بالصحيفة، تمر بثلاث مراحل: جريدة تجذب قارئًا، ثم قارئ يتعود على الجريدة، والجريدة فى النهاية تتحول إلى نوع من الإدمان، وهناك شواهد على استمرار الصحافة المطبوعة، منها أن توزيع صحف كبرى مثل “الإيكونومست” و“الصنداى تايمز” يحقق زيادة سنوية بنسبة، 5% تقريبًا، لكن أكبر مشكلة تواجه الصحف المطبوعة المصرية هى تعدد قراء النسخة الواحدة بمعدل 6، 8 قارئ لكل نسخة، وعندما نستطيع أن نجعل كل من يقرأ الصحيفة يشتريها سيختلف الأمر كثيرا، والصحف المصرية الحالية فى أزمة لأنها خارج إطار المنافسة مع الوسائل الأخرى، لكنها ستخرج بشكل ما من هذه الأزمة، لكن لا أعرف كيف ومتى.

وأظن أن استمرار الصحف المطبوعة مرهون بقدرتها على الاتجاه للمستقبل، فلا يمكن أن نسبق الخبر نفسه، لكن علينا أن نستكمل الخبر، ونحلله، ونبحث عن خباياه، فالمستقبل هو أن نصل إلى حيث لا تستطيع الكاميرا أن تصل، وينبغى ألا يكون التحليل إنشائيًا، بل ينبغى أن يكون إخباريًا.

إيران تملك مقومات كبيرة لا يستهان بها، وتتمتع بتماسك حضارى وإنسانى، اجتمعت فيها عوامل سياسية، وشخصية، وأمنية، وعلينا أن نبدأ فى الانفتاح عليها كيف ترى مهمة “السياسة الدولية” فى الفترة المقبلة؟


هيكل: مهمتها الأولى هى اكتشاف الخيارات والبدائل، وطرح الاحتمالات، أى أن تكون كشافًا للمستقبل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

ولا جملة واحدة مفيده ...

عدد الردود 0

بواسطة:

o/ottonnoh

مبرر غياب

عدد الردود 0

بواسطة:

د . عصام حمودة

هيكل ... والكلام المرتب ... والمحصلة صفر ( كبير )

مش فاهم

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن

يا عم هيكل انت دفعتك كلهم يحملوا لقب مرحوم

عدد الردود 0

بواسطة:

semsem

يا عم كفايةعليك

عدد الردود 0

بواسطة:

semsem

يا عم كفايةعليك

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد تاج

الكلام المنمق

عدد الردود 0

بواسطة:

sayed

ارجوا وانا بأحترم الجميع اعيدو قراءته

عدد الردود 0

بواسطة:

sayed

ارجوا وانا بأحترم الجميع اعيدو قراءته

عدد الردود 0

بواسطة:

لا

ارحمونا من هرطقة هيكل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة