لطالما شكلت العطلة الصيفية جزءًا لا يتجزأ من حياة الأسرة الأمريكية، حيث باتت فترة سنوية للترفيه والسفر والانفصال المؤقت عن الروتين، لكن خلافًا للاعتقاد الشائع بأن هذه العطلة جاءت من الحاجة لمساعدة الأطفال في الأعمال الزراعية، فإن أصول العطلة الصيفية الحديثة تعود في الأساس إلى مخاوف صحية حضرية وسياسات تعليمية عامة، لا إلى الحقول والمزارع.
في أوائل القرن التاسع عشر، لم يكن هناك تقويم مدرسى موحد في الولايات المتحدة، بل كانت المجتمعات تدير مدارسها بحسب ظروفها الخاصة، فقد كانت المدارس الريفية تفتح أبوابها في الشتاء والصيف لتتناسب مع مواسم الزراعة، فيما كانت مدارس المدن تعمل بشكل شبه مستمر على مدار العام مع فترات راحة قصيرة.
لكن هذه الفوضى في الجداول دفعت بمصلحي التعليم، وعلى رأسهم هوراس مان، إلى المطالبة بنظام تعليمي موحد وأكثر فاعلية، وبحلول أربعينيات القرن التاسع عشر، بدأت تتبلور أفكار تنظيم التقويم المدرسي، مع اعتماد نموذج "الفصول الدراسية المصنفة حسب العمر"، المستوحى من التجربة البروسية، والذي تطلب تقويمًا موحدًا يمتد عبر جميع المناطق التعليمية، وفقا لما ذكره موقع هيستورى فاكت.
في المدن، كانت ظروف المباني المدرسية الرديئة، وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وتفشي الأمراض داخل الصفوف المكتظة من أبرز الدوافع لإغلاق المدارس خلال أشهر الصيف.
كذلك، كانت الأسر الثرية تغادر المدن في هذا الوقت، مما أدى إلى تفاوت في حضور الطلاب بين الطبقات الاجتماعية، وبالتزامن، سادت نظريات طبية تعتبر أن الضغط الذهني المفرط قد يؤدى إلى إرهاق الأطفال، لذا اعتبرت العطلة الصيفية ضرورة للصحة النفسية والجسدية، للطلاب والمعلمين على حد سواء.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، بدأت الولايات الأمريكية بسن قوانين لتنظيم عدد أيام الدراسة، ما أدى إلى اعتماد تقويم مدرسي موحد من 180 يومًا، يمتد من أواخر الصيف حتى أواخر الربيع، وتخصص أشهر الصيف الثلاثة كفترة راحة رسمية.
هكذا، ومن مزيج من العوامل التعليمية، الصحية، والاجتماعية، ولد تقليد العطلة الصيفية فى الولايات المتحدة، الذى استمر لأكثر من قرن، وتحول إلى فاصل موسمى ثابت يشكل جزءًا أصيلًا من حياة الطلاب والمعلمين والأسر الأمريكية.