تمر، اليوم، ذكرى قيام البابا ألكسندر السادس بتقسيم العالم الجديد بين إسبانيا والبرتغال باستخدام ما سمى بخط ترسيم الحدود، وذلك فى 4 مايو من عام 1493، وجاء هذا التقسيم إثر انتشار خبر بلوغ كريستوفر كولومبوس لأراض جديدة عقب إبحاره غرباً عبر المحيط الأطلسى، اتجه الملك الإسبانى فرديناند الثانى وزوجته إيزابيلا الأولى للحصول على دعم السلطات البابوية لجعل كل المناطق المكتشفة بالعالم الجديد ممتلكات إسبانية.
النزاع بين الإسبان والبرتغاليين على أراضي العالم الجديد، طلب أفراد العائلة الإسبانية التدخل من البابا ألكسندر السادس من أجل تسوية النزاع، وهو ما حدث حين أصدر ألكسندر، الذي يُعتقد أن يميل للجانب الإسباني، مرسومًا بابويًا عام 1493، معلنًا أنه يجب تقسيم العالم بخط وهمي يمتد بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي، على أن يكون كل ما هو غرب هذا الخط إسبانيًا، وكل ما هو شرقه برتغاليًا، مضيفًا بندا يحرم أيًّا من القوتين من المطالبة بحق السيادة على أي مملكة مسيحية يتم اكتشافها بالمستقبل.
في الواقع، لم يكن أي من الجانبين راضيًا تمامًا عن نصيبه من الأرض أو الغموض المتعلق بالاستحواذ المستقبلي على الأراضي غير المكتشفة، ما دفع دبلوماسيين من الجانبين لإعادة التفكير، عقب ذلك، التقى رسامو الخرائط وممثلون من كل من إسبانيا والبرتغال، إلى جانب المبعوث البابوي للعمل كوسيط، لمناقشة ما يجب القيام به بعد ذلك، وكان مكان الاجتماع بلدة صغيرة في شمال غرب إسبانيا تعرف بتوردسيلاس، ومن هنا أطلق على هذه الاتفاقية اسم معاهدة توردسيلاس.
لكن في النهاية ربما حصال الإسبان على كثير مما تمنوه، حيث وافق البابا ألكسندر السادس والذى كان إسبانيا على رسم خط يمتد بين قطبي الأرض ويبعد حوالي 320 ميلا غرب جزر الرأس الأخضر بالمحيط الأطلسي منح من خلاله جميع الأراضي الواقعة غرب هذا الخط للتاج الإسباني.
وعلى إثر قرار البابا ألكسندر السادس عبّرت القوى الأوروبية عن سخطها وغضبها، حيث حرّم هذا المرسوم قيام أى قوة مسيحية بمهاجمة واحتلال أراض يحكمها ملك مسيحي آخر وهو الأمر الذي منح إسبانيا حقا شرعيا بالعالم الجديد.
وفى الأثناء اعتبرت مملكة البرتغال والتى كانت فى أوج قوّتها هذا القرار إهانة لمصالحها، حيث طالب الملك البرتغالي جواو الثاني بحماية مصالح بلاده بالعالم الجديد مؤكدا على أن المرسوم البابوي انتهاك لحقوق البرتغال بالمحيط الأطلسي، حيث لم يعد هنالك مجال بحري كاف للسفن البرتغالية أثناء إبحارها بين القارتين الأوروبية والأفريقية، وأمام تصاعد التوتر بالمنطقة اتجهت كل من إسبانيا والبرتغال إلى عقد اتفاقية جديدة تضمن حقوق البلدين بالقارة الأمريكية.
ويقول الكاتب وليم برنستاين: "بما أن العرش الإسبانى كان متخوِّفا من بطش البرتغال ومنشغلا بإحكام قبضته على العالم الجديد، بدا له ان الحل الامثل هو التوصل الى تسوية ترضي الطرفين"، فعقدا عام 1494 معاهدة تورديسيلياس وُقِّعت في البلدة الاسبانية التي تحمل الاسم نفسه.
وبحسب موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" أبقت هذه المعاهدة على الخط الذي رسمه البابا ألكسندر، لكنَّها ازاحته 1489 كيلومترا غربا، وعليه، ادعت البرتغال امتلاك كامل افريقيا وآسيا، فيما نالت اسبانيا العالم الجديد، لكنَّ هذا التعديل وضع معظم الأرض غير المكتشفة المعروفة الآن بالبرازيل تحت الحكم البرتغالي.
واتخذت إسبانيا والبرتغال من هذه المراسم عذرا لتبرير المجازر التي ارتكبتها، فهذه القرارات لم تنتهك فقط حقوق السكان الأصليين وتخضعهم وتستغلّهم، بل أسفرت أيضا عن قرون من الصراع بين الأمم على السلطة وحرية الملاحة.