زكى القاضى يكتب: فى ظل حرب التشويش على الدور المصرى.. هذا بعض مما فعله المصريون دعما للقضية الفلسطينية.. خطاب رسمى معلن ومتصاعد دعما لأهل فلسطين.. شعب حى وشارع متفاعل وشاشات وصحف لا تتوقف عن رصد جرائم الاحتلال

الخميس، 03 أبريل 2025 05:50 م
زكى القاضى يكتب: فى ظل حرب التشويش على الدور المصرى.. هذا بعض مما فعله المصريون دعما للقضية الفلسطينية.. خطاب رسمى معلن ومتصاعد دعما لأهل فلسطين.. شعب حى وشارع متفاعل وشاشات وصحف لا تتوقف عن رصد جرائم الاحتلال زكى القاضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- القاهرة تعطل مخطط «الاستيطان الإحلالى» وتُجمد مشروع التهجير
 

على كل أرضٍ تركنا علامة.. قلاعا من النور تحمى الكرامةْ
عروَبتُنا تفتديك القلوب.. ويحميك بالدمْ جيشُ الكنانة
وتنسابُ يا نيلُ حرًا طليقًا.. لتحكى ضِفَافُكَ معنى النضالْ
وتبقى مدى الدهرِ حصنًا عريقًا.. بصدقِ القلوبِ وعزمِ الرجالْ

 

يبدو أن الإغراق الكمى فى المعلومات، صنع حالة من التشويش لدى قطاعات كبيرة من المصريين، فى ما يخص القضية الفلسطينية، وزاد التشويش تشويشا مع تسرب بعض النفوس الانهزامية، التى تؤمن بقوة الغرب وإسرائيل فقط، دون أن تصل لغاية قيمة وقدرة المصريين، فصنعت تلك النفوس صورا أخرى من التشويش فى مجتمع «ولّاد للأخبار» بشكل كبير، وجعلت تلك النفوس كل قيمة وكل حماس لأهل فلسطين بأنه «كلام شعارات»، وصار التدليل على الرواية الإسرائيلية مقدما على أهداف أخرى يمكن الفوز بها لو نقضوا روايتهم، وزاد الأمور تعقيدا تداخل بعض الرؤى الإقليمية مع رؤانا الوطنية، فى ظل نهج يمكن الوقوف أمامه، وهو أن تتم الأمور فى هدوء وبعيد عن صخب «الشعبوية»، فصار المشهد مشوشا لدى كثيرين.


تعطيل مخطط إسرائيل .. وصل التشويش للفاعلين فى العمل العام بمشتقاته، غير أن التجرد والواقع والحقيقة، يخبر الجميع بالمعلومة الرئيسية التى لا يدركون أهميتها، وتلك المعلومة هى أن مصر تقف فى وجه المخطط الغربى سواء كان ذلك المخطط معلن على لسان وزير دفاع الاحتلال، أو زمرة اليمين المتطرف فى الداخل الإسرائيلى، أو تعلنه بعض مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الأمريكية، وتسريبات التطبيقات، والفضائح التى تمتلئ بها وسائل إعلام العالم، وفيها اسم مصر، دون أن تتراجع مصر خطوة واحدة للوراء، وكأنها قررت أن تمارس سياسة بشرف فى زمن عز فيه الشرف، وبكل صدق فهى عبارة معبرة للغاية عن مجريات الأمور سواء فى القضية الفلسطينية، أو ما دونها، وقيمة مصر الحقيقية لا يمكنها أبدا أن تسير وراء عبارة «أنا مالى»، لأن مصر قيمتها فى قدر الله أن تكون فى موضع مسؤولية، وتفاعل، واشتباك مع قضايا الدنيا.


أسئلة ومفاتيح الإجابة حول الدور المصرى فى فلسطين.. ولنضع معا بعض الأسئلة المباشرة، والتى تفسر الإجابات الخاصة بها طبيعة الدور المصرى فى القضية الفلسطينية، والسؤال الأول: «هل هناك أى من شوارع الإقليم والعالم يتحدث فى شأن القضية الفلسطينية مثلما يتفاعل معها المصريون؟»، ثم «أى من دول العالم والإقليم تقيم مناسبات يحضرها كل مستويات الإدارة فيها، وتكون القضية الفلسطينية حاضرة، بدون لبس، أو بعبارات تحتمل التأويل؟»، ثم السؤال الثالث: «أى من دول العالم والإقليم منابرها وكنائسها تتحدث فى شأن القضية الفلسطينية، وتدعو لنصرتها ونصرة أهلها؟»، ثم سؤال آخر: «أى من وزارات خارجية العالم مقارنة بوزارة الخارجية المصرية تفاعلا مع كل الميدان فى فلسطين، ومخاطبا العالم ومحذرا مما يفعله الإسرائيليون فى غزة والضفة، بل وفى دول أخرى مثل سوريا ولبنان؟»، وسؤال أكثر بساطة: «أى من دول العالم كل شاشاته وصحفه وإذاعاته تتحدث فى شأن فلسطين، مثلما تفعل مصر وإعلاميوها؟».


تقديم المساعدات وتهيئة الأوضاع.. هل يعلم القاصى والدانى أن مصر - محدودة الاقتصاد - قدمت للشعب الفلسطينى أكثر من 70% من المساعدات، أمام العالم كله بمؤسساته الأممية وصناديقه السيادية، ودوله الأممية، فقد قدم المجتمع المدنى والحكومة المصرية مساعدات لصالح الفلسطينيين، وحتى فى أحلك الظروف كان هناك إسقاط للمساعدات فى شمال غزة، فى ظل تدهور الطرق الداخلية»، بل واستقبلت مصر آلاف الجرحى والمصابين، وهناك نقطة غاية فى الأهمية يغفلها البعض، وهى المهام اللوجستية التى تقوم بها مصر فى استقبال المساعدات وتفريغها، والسهر عليها، وكذلك دخول المصابين والجرحى فى المستشفيات، هل تلك النقاط يراها العالم والمؤمنون بالإنسانية؟ فمصر فتحت مستشفياتها، ومخازن السلع، بل وهيأت الموظفين والتنفيذيين والخطط للقيام بذلك المجهود، ولك أن تعلم أن أى دولة فى العالم تعمل فى مجالات المساعدات والمتطوعين، تخصص جهدا ماليا وتعلنه أمام العالم كأنها تقوم بما لا يقوم به غيرها، إلا أن مصر آثرت الصمت فى تلك النقطة، فهل المتطوعون والسائقون والتنفيذيون وغيرهم لا يأكلون أو يشربون؟ فمن يقوم بذلك الجهد لهم، من يقوم بذلك هى الدولة بحكومتها ورجال أعمالها ومنظمات المجتمع المدنى فيها، وجميعهم مصريون.


السر الحقيقى فى رفض التهجير.. الاستيطان الإحلالى.. ولو تجاوزنا جميعا مرحلة الأسئلة المباشرة، يبقى هناك سؤال رئيسى، وهو «هل عطلت مصر مخطط التهجير، وتصفية القضية الفلسطينية؟»، الإجابة يؤكدها الوضع الحالى، فمصر واجهت تصفية القضية الفلسطينة، وذلك بمواجهة مخطط التهجير، فمصر التى يعيش فيها ضيوفها من كل الدول المتضررة، ووفق الأرقام هم بالملايين، لم يكن يضرها استقبال مليون أو أكثر من غزة، لكن الوضع مختلف بشكل كلى فى القضية الفلسطينية، فلو علمنا بمصطلح شهير فى القضية الفلسطينية، وهو «الاستيطان الإحلالى»، فكل الدول المتضررة والتى بها صراعات مهيأ لأهلها أن يعودوا مرة أخرى، وقد شاهدنا ذلك فى سوريا والسودان وليبيا، إلا فى حالة فلسطين، فإسرائيل كيان يطبق فكرة إحلال الإسرائيليين محل الفلسطينيين، وهو استيطان توسعى، لا يؤمن بعودة الأهل لأراضيهم، ومصر تعلم ذلك تماما، وهو الأمر الذى تدعمه أيضا على المستوى الدولى بدعمها لدور منظمة الأونروا، وبالتالى، ففكرة مواجهة مخطط التهجير مضمونها الأساسى هو دعم القضية الفلسطينية، وخوفا من تصفيتها، فى ظل عالم صامت، يرى أعمال الإبادة الجماعية ضد أهل غزة والضفة ولا يتحرك مطلقا.


اختيار الأقدار للرئيس السيسى.. مصر واجهت أيضا مخططات كثيرة كانت تستهدف جرها لدائرة الصراع المباشر، وفعلت من الإجراءات ما يمكن تحليله لدى مراكز البحوث وغيرها، التى تؤكد تفهمها للمساحة التى يدبرها الإسرائيليون ومن فى حكمهم، ومارست سياسة النفس الطويل، والصراع بمنطق «شر الحليم»، وهى تعرف أن المواجهة المعدة من الطرف الآخر هى مواجهة غير عادلة، وبالتالى فهى تؤمِّن عدتها لحماية أمنها، فى ظل تخاذل غريب من الجميع، وكأن الجميع قرر أن يكون «انتهازيا وبرجماتيا»، وقررت مصر - وحدها - أن تتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف، وانعدمت فيه الإنسانية، كما استطاعت مصر أن تقدم نموذجا للعالم بفكرة القيمة التى تميز الشعوب، لأن غزة أصبحت أيقونة ومفرزة للدول، واختبارا حقيقيا لمعنى الصراع بين القيم والحداثة، وهو ما فعلته مصر بشكل مبهر للغاية، وكأن الله هيأ كل الأمور لأن يكون الرئيس السيسى فى تلك المرحلة، فهو ابن العسكرية المصرية، وفى الوقت ذاته هو قائد 30 يونيو، واستطاع أن يمهد الطريق لوأد فتنة كبيرة لقوى الشر، قبل أن تتصاعد أحداث غزة منذ 7 أكتوبر، ولك أن تتخيل أن الأحداث فى غزة حدثت، والأوضاع فى سيناء مثلما كانت بعد 2013، أو جاءت الأوضاع فى غزة، وقوى الشر السياسى موجودة فى المشهد العام المصرى، فقد كان الأمر سيتخذ منحنى غير تقليدى، ويبعد كليا عن مفهوم الأمن القومى، والدولة الوطنية والمؤسسية.


لحظة القرار.. المصرى شعب يمتلك القدرة.. أخيرا، قد يرى البعض أن غزة وما حدث فيها وسيلة لأن تعيد إسرائيل تموضعها بشكل أكثر قوة فى الجغرافيا، لكنهم يغفلون أن شهوة السيطرة التى تدير منظومة العمل فى إسرائيل، هى نفسها التى تكشفهم أكثر، وتجعلهم فى وضعهم الحقيقى العارى، فالفجاجة فى القتل والإبادة تجعل الشعوب ذات القيم والأصل، تتوحد أكثر، وتدفع تلك الشعوب للاصطفاف الوطنى، الذى ينتظر القرار، فنحن فى مرحلة تاريخية حقيقية، قد لا ندرك مكاسبها العظيمة فى صالح فلسطين والقضية والمصريين، لكن هى طبيعة المصريين دائما، يبتعدون ويبتعدون، ولحظة القرار يتفاجئون بما يمتلكون من قدرة!

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة