يعد الكاتب والشاعر عبده الزراع أحد الأسماء المهمة فى عالم أدب الطفل بالعالم العربى، فهو ليس كاتبًا ومؤلفًا فقط، بل أيضًا باحث متخصص فى ثقافة الطفل، وقام بتنفيذ العديد من الفعاليات الأدبية والفنية التى تهدف إلى دعم ثقافة القراءة لدى الصغار.
يترأس الزراع عدة لجان ومؤسسات، منها شعبة أدب الأطفال باتحاد كتاب مصر، ولجنة الطفل بنادى القصة، وله حضور بارز فى مجالات الشعر والمسرح، كما أصدر العديد من الكتب القصصية للأطفال واليافعين، وتولى تحرير سلسلة "سنابل" للأطفال، وحصل على جوائز مرموقة مثل جائزة اليونسكو في القصة 2018 وجائزة الدولة التشجيعية في شعر الأطفال 2003، وخلال حواره مع "اليوم السابع"، يشاركنا رؤيته حول أدب الطفل في الوطن العربي، وتجربته في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، وأهم تحديات ومؤثرات ثقافة الطفل في العصر الحديث.
ــ بدايةً.. كونك من المشاركين بفعالياته كيف ترى أهمية مهرجان الشارقة القرائي للطفل بالنسبة للكاتب والطفل العربي على حد سواء؟
تكمن أهمية مهرجان الشارقة القرائي للطفل في أنه أهم وأكبر تظاهرة ثقافية، خاصة بأدب وثقافة وفنون الطفل، من حيث عدد الفعاليات من ندوات، وملتقيات، وورش فنية، وألعاب إلكترونية، وألعاب تفاعلية، ومعرض كتب الأطفال تشارك فيه عدد كبير من دور النشر العربية والدولية، بجانب دور النشر الحكومية التابعة لوزرات الثقافة، ويشهد المعرض حفلات توقيع كتب الكتاب فى أجنحة المعرض المختلفة، كما يشهد رحلات مدرسية منتظمة من تلاميذ المدارس للمشاركة فى الورش الفنية والأدبية، وممارسة القراءة والاطلاع، والتفاعل مع الورش الفنية والالعاب الالكترونية، فالطفل يستفيد بشكل كبير من خلال وجوده بين الكتب والفاعليات، فهى رحلة ثقافية وفنية وترفيهية فى الوقت ذاته.
ــ ما الذى تمثله لك المشاركة فى هذا الحدث الثقافى البارز خصوصًا وسط هذا الحضور الواسع من المبدعين والناشرين؟
لأن المهرجان يضم نخبة كبيرة من كبار وشباب كتاب ورسامى الأطفال على مستوى العالم، فهذا فى حد ذاته يعمل على تداخل الثقافات وتقاربها، ونقل الخبرات من خلال الاحتكاك بتلك الثقافات المتباينة، والتعرف على طرق الكتابة وآلياتها المختلفة، وكذلك رسوم كتب الأطفال التى تشهد تطورا مدهشا وكبيرا على مستوى وطننا العربي، في ظنى أنه لا يقل بحال عن رسوم الكتب الأجنبية التي طالعناها من خلال المهرجان، فهو فرصة ذهبية وإثراء للأفكار والرؤى، وتحية تقدير لحاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمى وهيئة الكتاب بالشارقة، ولهذه الدورة المتميزة من عمر المهرجان.
ــ برأيك.. ما أبرز التحديات التي تواجه كتاب الطفل في الوطن العربي اليوم؟
دعني أعترف - بما أنني أحد المشتغلين بهذا المجال - أنه لا توجد أزمة الآن فى نشر كتب الأطفال على الإطلاق، فعدد دور النشر على مستوى وطننا العربى فى تزايد مستمر، فلن يجد الجيل الجديد من الكتاب والرسامين، تلك الصعوبات التي طالما واجهتنا ونحن في بداية طريقنا الإبداعي، من نقص حاد في فرص النشر، الآن الأزمة الحقيقية تكمن في قدرة الكتاب الجدد على تجاوز المألوف والتقليدية والبحث عن أفكار جديدة خارج الصندوق، الكتابة الآن تغيرت بل تخففت كثيرا من التراث، وتنحي منحى الأفكار الإنسانية البسيطة التى ربما تمر على الكثير منا مرور الكرام، لكن المخيلة الذكية هى من تلتقطها وتصوغها قصصا مدهشة، اللغة خفت أيضا وشفت وإقتربت كثيرا من اللغة الشعرية، علاوة على التكثيف والجمل القصيرة، والميل إلى الاختصار، والبعد عن الترهل والشرح والتوضيح، مع العمق في التناول والبعد عن التسطيح والمباشرة المقيتة، إذن على كتاب الأطفال ضرورة الاطلاع على قصص الأطفال المترجمة من لغات اخري، وليس هذا معناه أن يكون في قطيعة مع التراث، بل يقرأه ويهضمه جيدا وينطلق من خلاله إلى آفاق أخري أكثر رحابة، وأوسع أفقا.
ــ هل يجب أن يكون هناك ترابط بين كاتب كتب الأطفال والرسام؟
وللأمانة أقول: إن هذا العصر هو عصر رسامي كتب الأطفال، فقد صاروا نجوما في المجتمع، لأن الجيدين منهم يمثلون ندرة ويجدون عروضا سخية من دور النشر الكبرى، لأنهم يمثلون مكسبا كبيرا بالنسبة لهم فكتاب الطفل كتاب تشاركي بين الكاتب والرسام والناشر، ولكي أكون منصفا فإن أصعب حلقة في هذا الثلاثي هو الكاتب، الذي لازال يعاني من عدم حصوله على حقوقه المادية، فالرسام يأخذه أجره مقدما وقبل أن يبدأ العمل، ويعطيه الناشر عن طيب خاطر، بينما الكاتب تأخذ قصة غالبا مجانا، أو إن حصل على مكافأة فهي قليلة جدا، وكثير من الناشرين يستغلون حاجة الكتاب الجدد إلى النشر فيأخذون منهم القصص المجانية، وكأنهم يتفضلون عليهم بالنشر، وهنا سؤال يطرح نفسه، إلى متى ستظل حقوق كتاب أدب الطفل مهدرة؟ أتمنى أن ينصف الكاتب مثلما أنصف الرسام في زمن أراه أزهي عصور النشر على الإطلاق.
ــ إلى أي مدى ترى أن أدب الطفل العربي يعبر عن قضايا وهموم الطفولة في زمننا الحالي؟
يعبر أدب الطفل الآن عن هموم وقضايا الطفولة التي تشغل بال الآباء والأمهات والمربين، خاصة ما يرتبط بالميديا الحديثة، والتكنولوجيا، والإنترنت، وقضايا الميتافيرس وغيرها، هناك الآن صحوة لدى كتاب الطفل في تناول هذه القضايا الشائكة من خلال قصصهم ومسرحهم، بالإضافة إلى قضايا التحرش، والمثلية، والموت، والقتل، وغيرها من القضايا التى كانت قصص الأطفال لا تقترب منها على الإطلاق، وكان لزاما علينا أن نخوض غمار هذه القضايا الشائكة منذ سنوات مضت مثلما خاضها الكتاب الغربيون من قبل، الجميل أننا تنبهنا لخطورتها الآن على أبنائنا الصغار، فاطلعت على العديد من القصص التى تناولت قضية الموت، وقضايا التحرش، والمثلية، وخاصة بعدما أعلنت مؤسسة والت ديزني بأنها ستنتج مسلسلات عن المثلية، وهذا لا يتفق بحال مع عاداتنا، وتقاليدنا، وثقافتنا، ولا مع دياناتنا (الإسلامية والمسيحية)، إذن هناك صحوة من قبل بعض الكتاب العرب النابهين تجاه هذه القضايا التى أصبح تناولها ضرورة ملحة للخروج مما يحيق وطننا الكبير من مؤمرات مخطط لها ومدبرة بليل للنيل من أبنائنا وتشويههم.