ثلاثة مبدعين ويوم رحيل واحد.. جاهين ومكاوي والأبنودي سيرة فنية عظيمة وخلود فني لا يموت.. جاهين حالة فنية لن تتكرر.. سيد مكاوي ألحان لا تموت.. والخال شاعر الدراما الإنسانية امتلك لغة بسيطة تنبض بالصدق

الإثنين، 21 أبريل 2025 03:16 م
ثلاثة مبدعين ويوم رحيل واحد.. جاهين ومكاوي والأبنودي سيرة فنية عظيمة وخلود فني لا يموت.. جاهين حالة فنية لن تتكرر.. سيد مكاوي ألحان لا تموت.. والخال شاعر الدراما الإنسانية امتلك لغة بسيطة تنبض بالصدق مكاوي وجاهين والأبنودى
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حين يدق التاريخ موعده في 21 أبريل، لا يعود هذا اليوم مجرد رقم في التقويم، بل يصبح يومًا وطنيًا للذاكرة الفنية المصرية، ففي هذا اليوم، رحل عنا ثلاثة من أعظم المبدعين الذين أنجبهم هذا الوطن، صلاح جاهين (1986)، سيد مكاوي (1997)، وعبد الرحمن الأبنودي (2015)، وكأن الموت قرر أن يختار موعدًا سنويًا ليروي حكاية ثلاث عبقريات فنية، لا تزال حية في ضمير الشعب، كأنما اتفقوا على أن يُخلّدوا معًا، في التاريخ كما في الحياة.

صلاح جاهين، الموهبة التي انفجرت في كل اتجاه: شاعر، رسام كاريكاتير، كاتب سيناريو، ومؤلف أغاني غيّر وجه العامية المصرية إلى الأبد، وسيد مكاوي، ملحن الشعب، الذي أخرج الموسيقى من البهو العلوي لتسكن المقاهي، والحارات، وقلوب الناس، وعبد الرحمن الأبنودي، الخال، الراوي، والشاعر الذي كتب القصيدة كما تُحكى سيرة وطن، وجعل من العامية سردًا دراميًا لا يقل عمقًا عن أعظم الروايات.

اجتمعوا في الإبداع، كما اجتمعوا في الروح، وكل منهم كان صوتًا لطبقة، وملامحًا لوطن، وضميرًا لزمن، أبدعوا معًا في أعمال خالدة مثل "الليلة الكبيرة" التي جسدت مصر بعيون طفل، إلى "جوابات حراجي القط" التي حوّلت العامل إلى بطل ملحمي، إلى "عدى النهار" التي غنّت الحزن بنبرة أمل.

واليوم، لا نتذكرهم لأنهم رحلوا، بل لأنهم ما زالوا يسكنون فينا، عبر أغنية تُغنّى فجأة في الشارع، أو في بيت شعر يُقال في جلسة، في رسمة كاريكاتير ساخرة، أو في دمعة على حال وطن، ثلاثتهم لم يكونوا مجرد مبدعين، بل أجزاء من روح مصر، وفي كل 21 أبريل، يعودون إلينا، كما لم يغيبوا أبدًا.

صلاح جاهين..حالة لن تتكرر

إذا كان الفن المصري قد أنجب في تاريخه الطويل مبدعين كبار، فإن صلاح جاهين يحتل مكانة فريدة لا ينازعه عليها أحد، فلم يكن مجرد شاعر أو رسام أو كاتب، بل كان “حالة فنية” كاملة، لا تُختزل في تعريف واحد ولا تُقاس بمقياس واحد.

ولد جاهين في 25 ديسمبر 1930، ورحل في 21 أبريل 1986، لكنه ترك خلفه ميراثًا فنيًا وثقافيًا لا يزال ينبض بالحياة، ويتردد صداه حتى اليوم في الشعر، والكاريكاتير، والمسرح، والأغنية، والسينما.

أحد أبرز أسباب خلود صلاح جاهين أنه لم يضع نفسه في قالب فني واحد، كان شاعرًا عاميًا من طراز فريد، ورسام كاريكاتير ساخرًا يملك قدرة نادرة على التوصيل البصري السريع، وصحفيًا له رؤى سياسية واجتماعية نافذة، وكاتب سيناريو يملك حسًا سينمائيًا شعريًا. هذه القدرة على التعدد لم تكن مجرد موهبة، بل كانت نتاج وعي ثقافي حاد وشخصية مبدعة لا تعرف الحدود.

ففي الشعر، وضع جاهين بصمته الأوضح من خلال "الرباعيات" الشهيرة التي قدم فيها تأملات وجودية بعبارات عامية بسيطة، لكنها عميقة وموغلة في الفلسفة، يقول في واحدة منها: "عجبي!" — الكلمة الأشهر التي ختم بها كل رباعية، والتي أصبحت علامة مسجلة باسمه، تختصر دهشته الدائمة من الحياة والناس والمصير.

صلاح جاهين لم يكن شاعر السلطة أو النخبة، بل شاعر الشعب. كتب بلسان الناس، وحكى حكاياتهم، وتحدث عن همومهم ببساطة وعذوبة في قصائده، نلمس وجع المواطن، فرحته، خيبته، أمله، فهو الذي كتب في لحظات النصر كما كتب في لحظات الانكسار، ولم يخفِ اكتئابه بعد نكسة 1967، بل عبر عنه بصراحة في قصيدته "تراب دخان"، ليصبح ضميرًا شعبيًا حقيقيًا.

بدأ جاهين حياته الفنية كرسام كاريكاتير في مجلة "روز اليوسف" ثم "صباح الخير"، وواصل مشواره في جريدة "الأهرام"، وهناك ترسخ اسمه كأحد أعمدة الكاريكاتير السياسي والاجتماعي، رسوماته كانت تتحدث عن الناس وتنتقد السلطة وتكشف التناقضات الاجتماعية، وكان يعتمد على البساطة في الخط والعمق في الفكرة، ليوصل رسالته بأسرع وأذكى طريقة.

لم يكن الكاريكاتير عنده مجرد صورة مضحكة، بل أداة تفكير ومقاومة، شخصية “قفة” التي ابتكرها، مثلًا، كانت صورة رمزية للمواطن المصري البسيط الذي يتحمل كل الأعباء بصبر، ويحتفظ بروحه الساخرة رغم كل شيء.

من أبرز علامات صلاح جاهين الفنية مشاركته في أوبريت "الليلة الكبيرة"، الذي يعد من أخلد ما قُدّم على المسرح المصري، كتب كلماته في ستينيات القرن الماضي، وقدم فيه لوحة فنية تمثل المولد الشعبي، بمفردات مصرية أصيلة، ومواقف كوميدية وإنسانية بسيطة، لحن الأوبريت الموسيقار سيد مكاوي، وأخرجه صلاح السقا، ليخرج عملًا متكاملًا يجمع الموسيقى والمسرح والعرائس والشعر الشعبي في آنٍ واحد، باختصار "الليلة الكبيرة" لم تكن مجرد عرض مسرحي، بل احتفال بالهوية المصرية، وجاءت كدليل على عبقرية جاهين في التعبير عن تفاصيل الحياة اليومية بلغة الناس.

صلاح جاهين خُلد لأنه لم يكن مجرد مبدع، بل كان مرآة لجيل كامل، عبّر عن مرحلة فارقة من تاريخ مصر، امتدت من ثورة يوليو وحتى نكسة يونيو، ومن أحلام التغيير إلى لحظات الانكسار. وكان دائمًا يرى الفن وسيلة للتعبير عن الوطن، عن الناس، عن الحياة.

لم يكن شاعرًا يجلس في برج عاجي، بل كان وسط الناس، يضحك معهم، ويبكي معهم. وربما لهذا السبب، لم يمت. صوته لا يزال في المسامع، كلماته تتردد في وجدان المصريين، ورسوماته تُنشر حتى اليوم على صفحات الصحف ومواقع التواصل، وكأنها كُتبت الآن.

في النهاية، صلاح جاهين لم يكن رجلًا واحدًا، بل كان "عصرًا" بأكمله، الشاعر، الرسام، الصحفي، السينمائي، الفيلسوف، المحب للحياة رغم ما فيها، كل ما فيه كان فنًا، وكل ما قدمه ظل بعده، يشهد على عبقرية استثنائية لا تتكرر، لذلك، ليس من الغريب أن يُخلَّد، وأن يُحتفل بذكراه عامًا بعد عام، جنبًا إلى جنب مع رفيق رحلته سيد مكاوي، في نفس اليوم، وكأنهما أصرّا على أن يرحلا سويًا، ليكملا معًا حكايتنا.

سيد مكاوي.. ألحان لا تموت

في ذاكرة الفن المصري، يظل اسم الموسيقار سيد مكاوي محفورًا كنغمة لا تشيخ، وروح لا تنطفئ، لم يكن مجرد ملحن أو مطرب، بل كان مشروعًا فنيًا متكاملًا، جسّد من خلاله ملامح مصر الشعبية، بحواريها وأزقتها ومقاهيها، وأحزانها وفرحها، ورغم مرور أكثر من ربع قرن على رحيله في 21 أبريل 1997، ما زالت ألحانه حيّة في الوجدان، ترددها الألسنة وتستحضرها الذاكرة الجمعية، كلما جاء ذكر رمضان أو الليلة الكبيرة أو حتى الطرب الأصيل.

وُلد سيد مكاوي في حي الناصرية بالسيدة زينب عام 1927، ونشأ في بيئة شعبية طابعها الأساسي هو البساطة والصدق، وهي البيئة التي شكّلت وجدانه الفني، وكانت مصدر إلهام دائم له، فقد بصره في سن مبكرة، لكن الله عوّضه ببصيرة نافذة وروح مرهفة جعلته يرى العالم بأذنه وقلبه، فيلتقط التفاصيل الصغيرة ويحولها إلى لحن خالد أو مقام جديد.

امتاز مكاوي بقدرته على التجريب والابتكار، دون أن يقطع الصلة بتراثه الموسيقي، كان بارعًا في المزج بين الموسيقى الشعبية والمقامات الشرقية، وفي الوقت نفسه لم يتردد في إدخال آلات غربية أو أساليب جديدة في التوزيع، دون أن يفقد روحه المحلية. ولعل من أبرز أسباب خلوده أنه لم يلحن من أجل المجد الشخصي، بل من أجل التعبير الحقيقي عن مشاعر الناس.

قدّم أعمالًا عظيمة لكبار المطربين مثل أم كلثوم، التي غنت له "يا مسهرني"، ووردة، وعبد الحليم حافظ، لكن ظلت بصمته الأهم فيما غنّاه بصوته، مثل أغنيات "الأرض بتتكلم عربي"، و"المسحراتي".

منذ ستينيات القرن الماضي، ارتبط صوت سيد مكاوي بليالي رمضان، بعدما جسّد شخصية "المسحراتي" بطريقة فريدة، بالشراكة مع الشاعر فؤاد حداد، في عمل عبقري جمع بين الغناء والشعر والحكاية الشعبية، أكثر من مئة حلقة مسحراتية، قدم فيها مكاوي دروسًا في التاريخ، والحكمة، والدين، والسياسة، مغلفة بلحن شعبي بسيط وعذب، قريب من وجدان المصريين.

كان يرتدي الجلباب البلدي ويمسك بطبلته الصغيرة، ويبدأ بالغناء بصوته المميز: "اصحى يا نايم وحد الدايم"، هكذا تحول هذا العمل من صورة لواحدة من الطقوس الرمضانية الشهيرة إلى حالة وجدانية يتوارثها الناس جيلًا بعد جيل، تؤكد أن الفن الحقيقي لا يعترف بزمن.
أما أوبريت "الليلة الكبيرة"، الذي أبدعه بالاشتراك مع الشاعر صلاح جاهين، فهو شهادة عبقرية تُثبت مكانته الخالدة في وجدان الأمة، إذ كان بمثابة ثورة فنية، تناول العمل مظاهر الاحتفال بالمولد الشعبي، من خلال شخصيات مثل القهوجي، بائع الحمص، العروسة، الحاوي، والأراجوز، وغيرهم من رموز الفولكلور المصري.

بفضل ألحان سيد مكاوي المبهجة والغنية، وكلمات صلاح جاهين الزاخرة بالروح المصرية، وعرائس ناجي شاكر، أخرج صلاح السقا عملاً يُعد حتى اليوم من روائع المسرح الغنائي، إن لم يكن الأبرز على الإطلاق. “الليلة الكبيرة” ليست مجرد أوبريت، بل هي وثيقة حية للروح المصرية، ومرآة ناصعة لثقافة الحارة والمولد.

في النهاية، خلود سيد مكاوي لا يعود فقط لموهبته الفذة، بل لأنه كان صادقًا. لم يتصنّع، لم يتكلف، ولم يركض خلف الأضواء. آمن بالفن كرسالة، وكان صوته صوت الناس البسطاء. اختار دائمًا التعبير عنهم، وعكس مشاعرهم، واحتفظ بملامحهم في كل نغمة ولحن.
كما أن اعتماده على التراث الشعبي، وتوظيفه بطريقة ذكية ومبتكرة، جعله قريبًا من كل من يستمع إليه، سواء في الريف أو المدينة، في الستينيات أو الألفينات، لذلك، لا عجب أن تبقى أعماله حتى الآن حاضرة في الذاكرة، بل وتُعاد تقديمها في الحفلات، وتُدرّس في معاهد الموسيقى.

عبد الرحمن الأبنودي.. شاعر الدراما الإنسانية

في تاريخ الشعر العامي المصري، يقف عبد الرحمن الأبنودي كعلامة فارقة ومتفردة، ليس فقط لأنه امتلك لغة بسيطة تنبض بالصدق، ولكن لأنه أعاد تعريف القصيدة الشعبية، فجعل منها نصًا إنسانيًا حيًا، أقرب للمشهد الدرامي أو الصورة السينمائية، فلم يكن شاعرًا تقليديًا، بل كان راوٍ كبير، يحكي بقلب الفلاح وعين المثقف، فاستحق أن يُلقب بـ "الخال"، لا باعتباره شاعر الجنوب فقط، بل لأنه أصبح صوت مصر كلها، بشوارعها، وناسها، وجروحها، وأحلامها.

وُلد الأبنودي عام 1938 في قرية أبنود بمحافظة قنا، وسط بيئة مشبعة بالحكايات الشعبية والطقوس الصعيدية، والتي شكّلت وجدانه الشعري لاحقًا، كان الصعيد بالنسبة له ليس مجرد مكان، بل نبع دائم للإلهام، بكل ما فيه من تضاد "القسوة والطيبة"، "الجمال والمعاناة"، "الفخر والانكسار".

لكن الأبنودي لم يكن شاعرًا محليًا، بل حمل هم الوطن كله. كتب عن نكسة 67 وانتصار 73، كتب للأم والطفل والعامل، وتغنى بأحلام البسطاء، كما صرخ من أجلهم في وجه الظلم والتهميش، أغنياته الوطنية التي قدمها مع عبد الحليم حافظ مثل "عدى النهار" و"أحلف بسماها"، ما زالت تلامس قلوب المصريين حتى الآن.

ما ميّز الأبنودي حقًا هو قدرته الفريدة على تحويل القصيدة إلى حكاية، فلم تكن قصائده تعتمد على الزخرفة أو الغموض، بل كانت أشبه بصفحات من رواية أو مشهد من فيلم، استخدم العامية المصرية، لا كأداة للتبسيط، بل كلغة أدبية قادرة على التعبير العميق والمعقد.
في ملحمته الشهيرة "جوابات حراجي القط"، يصوغ الأبنودي قصة عامل بسيط في السد العالي يكتب لزوجته فاطنة، كاشفًا من خلال هذه الرسائل أبعادًا اجتماعية، وإنسانية، وسياسية شديدة العمق. لم تكن القصائد مجرد خواطر، بل رسائل مشبعة بالمشاعر، نُقلت بصوت راوي يعرف كيف يُمزج الحنين بالوعي، والصدق بالحكمة.

الأبنودي بشكل عام، لا يكتفي بعرض القصة، بل يحفر في دواخل أبطاله، يرصد تصرفاتهم بلغة سينمائية، تتنقل بين الحوار والمونولوج الداخلي، ليصنع من قصيدته نصًا يتجاوز حدود الشعر، ويمتد ليصبح سردًا روائيًا محكم البناء.

لم يكن الأبنودي شاعرًا فقط، بل كان أيضًا باحثًا في التراث الشعبي، وأحد أهم من ساهموا في جمع وتوثيق السيرة الهلالية، وهي من أعظم السير الشعبية في التراث العربي، قضى سنوات طويلة من عمره في الصعيد وسيناء وجنوب مصر، يسجّل الروايات الشفهية من الحكّائين والمنشدين الشعبيين، ليحفظ هذا الإرث من الضياع، هذا الانغماس في الموروث الشفهي انعكس بقوة في شعره، وظهر بوضوح في دواوينه، حيث تتداخل الملحمة الشخصية بالبنية السردية الشعبية، ليصنع من قصيدته صورة ملحمية تمتد جذورها في أرض الحكاية المصرية العتيقة.

الأبنودي لم يكتب قصائد تُنسى بعد قراءتها، بل كتب مشاهد تبقى في الوجدان. خلدته الذاكرة الشعبية لأنه لم يتعالَ على الناس، ولم يكتب عنهم، بل كتب منهم. كانت كلماته مرآة لواقعهم، وأداته الشعرية لم تكن ترفًا أدبيًا، بل سلاحًا في وجه القهر، وأغنية في أوقات الأمل.

لم يكن الأبنودي شاعر مظاهرات فقط، بل شاعر أمة، شاعر وطن، وشاعر التفاصيل الصغيرة التي تمنح الحياة معناها الحقيقي، استطاع أن يحتفظ بصدق الموهبة، ونقاء اللغة، وحسّ الراوي الشعبي، فجعل من شعره تراثًا حيًا لا يموت.

في النهاية، لم يكن عبد الرحمن الأبنودي مجرد شاعر، بل كان "صوتًا" حقيقيًا للناس، صوته لم يكن عاليًا، لكنه كان صادقًا، وعابرًا للزمن، كتب القصيدة كمن يكتب وصية، أو يغني، أو يُحكي سيرة، فجعل من كل حرف كتبه مساحة للناس، وسكن في قلوبهم إلى الأبد، لذلك، يبقى حيًا رغم الرحيل، جزءًا من روح هذا الوطن.

من أبرز محطات الأبنودي في مسيرته علاقته العميقة مع رمزين من رموز الفن المصري: صلاح جاهين وسيد مكاوي، جمعته بجاهين صداقة فكرية وإنسانية، حيث آمن جاهين بموهبته مبكرًا وقدمه إلى الساحة الثقافية، وكان يرى فيه "الابن الصعيدي" الذي أكمل ما بدأه من تجديد في العامية، أما سيد مكاوي، فقد جمعت بينه وبين الأبنودي روح مشتركة، ترجمت إلى أعمال غنائية وإنسانية، امتزج فيها الشعر بالموسيقى بشكل عضوي، كلاهما كان يحمل هم الناس، ويبحث عن الجمال في الحياة البسيطة.

ويا لها من مصادفة حزينة ومعبرة، أن يرحل الأبنودي في 21 أبريل 2015، في اليوم ذاته الذي رحل فيه صلاح جاهين عام 1986، وسيد مكاوي عام 1997، تعاون الثلاثي فيما بينهم في أعمال كثيرة، لكن صداقتهما تجاوزت حدود الفن، كانت صداقة بين أرواح متشابهة في العشق، في الحزن، في الاحتفاء بالحياة، وكأن أرواحهم أرادت أن تلتقي مرة أخرى، كما كانت دائمًا متشابكة في الحياة والإبداع.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة