** أزمات تواجه الاحتفال بعيد الفصح في كنيسة القيامة
** طرح مناقصات لبناء 974 وحدة استيطانية استعمارية جديدة في "إفرات"
** الرئاسة الفلسطينية تؤكد عدم قبول الشعب لمخططات التهجير
** أضرار بالغة في قرية سبسطية الأثرية والاعتداء على مسجد بلال بن رباح ببيت لحم
** ملايين القطع الآثرية في الضفة أصبحت في حيازة الإسرائيليين
لا يمكن فصل كل ما يحدث من تصعيد من جانب الاحتلال في مدن الضفة والقدس عن المخطط الذي تنتهجه الحكومة اليمينة المتطرفة بشأن توسيع الاستيطان وتنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى، فسياسة إخلاء المنازل وإجبار المواطنين على ترك ممتلكاتهم تخدم تلك الأجندة المدعومة من جانب إدارة ترامب الذي ألغى العقوبات التي فرضتها إدارة سلفه جو بايدن على جماعات وأفراد من المستوطنين الإسرائيليين لارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين في اليوم الثاني من توليه منصبه.
وما يكشف هذا المخطط ما أعلنه وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير في 9 مارس الماضي، بتقديمه مشروع قانون للكنيست لإلغاء اتفاقية أوسلو وبروتوكول الخليل ومذكرة "واي ريفر"، التي أبرمتها حكومات إسرائيلية سابقة مع الجانب الفلسطيني، حيث وفقا لمشروع القانون، سيتم إلغاء الاتفاقيات الموقعة بالكامل، وستعيد إسرائيل الوضع إلى ما كان عليه، كما سيتم إلغاء القوانين التي سُنّت لتنفيذ هذه الاتفاقيات، وسيتم منح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو صلاحيات لوضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القرار.
وفي 11 فبراير الماضي، خرجت منظمة أطباء بلا حدود، لتؤكد أن عمليات الإجلاء القسري والتدمير الواسع النطاق الذي يحدث في الضفة تتبع نمطا مقلقا من الاضطهاد ولها تأثير شديد على صحة الناس وظروفهم المعيشية، لافتة إلى أن العدوان داخل مخيم الفارعة يقيد بشدة تحركات المواطنين وحصولهم على الخدمات الأساسية حيث تم فرض حظر تجول وإغلاق مداخله، وهو ما يتطلب ضرورة تصاعد العدوان في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.
حصار مداخل ومخارج بيت لحم وتصاعد الاعتقالات
بيت لحم أحد أكثر مدن الضفة تعرضا لانتهاكات إسرائيلية خلال العملية العسكرية الأخيرة، إلا أن وضعها يختلف عن مخيم جنين، حيث لم تدخلها الدبابات الإسرائيلية، بحسب ما يؤكد أنطون سلمان رئيس بلدية بيت لحم، الذي يشير إلى أن حصار تل أبيب للمدينة ما زال مستمرا.
ويقول رئيس بلدية بيت لحم، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الاحتلال نشر حواجزه حول المدينة بشكل كامل، فيما وسع حملات الاعتقالات ضد المواطنين والتي لم تتوقف منذ شهور، وأغلق المداخل والمخارج من خلال الحصار الذي فرضه مع بداية تصعيده في الضفة الغربية.
هدم منازل بطريقة عشوائية واجتياح شبه يومي في رام الله
كذلك في رام الله تستمر سياسة اقتحام القرى وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، إلا أن عمليات الهدم تتم بطريقة عشوائية، حسبما يوضح عيسى قسيس رئيس بلدية رام الله، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" بأن هدم الاحتلال للعقارات يتم بشكل ممنهج بالمخيمات في الشمال وليس بداخل المدينة حتى الآن، ولكنه يؤكد أيضا أن المدينة مهددة بدون شك بأن يتكرر ما حدث في شمال الضفة معها.
ويشير عيسى قسيس، إلى أن مدينة رام الله تتعرض لاجتياح شبه يومي من جانب القوات الإسرائيلية، لا يوجد إحصائية حتى الوقت الحالي بعدد المنازل التي دمرها الاحتلال نظرا لأن عمليات الهدم تتم بشكل عشوائي وبين حين لأخر.
الحال في رام الله لا يختلف كثيرا عن بيت لحم من حيث حملات الاعتقال التي تشنها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، بل تتزايد وفقا لتأكيد عيسى قسيس، موضحا أن تلك الحملات أصبحت بشكل يومي ولا تتوقف .
خرائط الاحتلال في عمليته العسكرية على الضفة
الاحتلال يدمر 500 منزل منذ 7 أكتوبر 2023 ويخطر 7000 مالك عقار بالهدم في القدس
القدس لم تكن بعيدة عن هذه العملية الشاملة والتصعيد الإسرائيلي الذي يتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية، حيث لم تتوقف منذ اليوم الأول للاجتياح الإسرائيلي للضفة عمليات هدم المنازل والاعتقال للفلسطينيين، وهو ما يكشفه معروف الرفاعي، مستشار محافظ القدس، بهدم الاحتلال 500 عقار منذ بداية أحداث 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، مما تسبب في تضرر 50 ألف مقدسي.
ويضيف مستشار محافظ القدس، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال أخطر 7000 مالك عقار بالهدم خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى بلوغ مجموعة إخطارات الهدم التي أرسلها الاحتلال للمقدسيين 32 ألف عقار.
وبشأن حجم الاعتقالات التي شنها الاحتلال ضد أهالى القدس منذ السابع من طوفان الأقصى، يوضح معروف الرفاعي، أن الاحتلال اعتقل 3000 معتقل، بينهم 550 حكم بالسجن الفعلي، وكذلك حول ما إذا كان الاحتلال يمارس جريمة تهجير قسري ضد المقدسيين، يقول مستشار محافظ القدس، إن الاحتلال لم يقدم على تهجير أهالى القدس قسريا ولكن يتخذون إجراءات هدفها الضغط على المقدسيين من أجل الترحيل.
وفي 30 مارس الماضي، صادقت الحكومة الإسرائيلية عبر الكابينيت السياسي والأمني على توصية وزير الدفاع يسرائيل كاتس بتنفيذ مشروع استيطاني جديد يهدف إلى ضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى القدس، حيث يشمل المشروع شق طرق جديدة تعمل على فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، بالإضافة إلى توفير مسار خاص للإسرائيليين يربط بين معاليه أدوميم ومعبر الزيتونة، بجانب ويشمل المشروع الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية، بجانب إنشاء طريق بديل يربط بين بلدتي العيزرية والزعيم الفلسطينيتين، اللتين تقعان ضمن نطاق المشروع، وتقدر تكلفته بنحو 300 مليون شيكل.
الاحتلال ينفذ جريمة التهجير القسري لأكثر من 30 ألف مواطن فلسطيني
الحكومة الفلسطينية من ناحيتها خاطبت المجتمع الدولى بضرورة الضغط على الاحتلال لوقف فورى لهذا العدوان الشامل على الضفة والقدس، ففي 13 فبراير الماضي، جددت وزارة الخارجية الفلسطينية، مطالبتها للمجتمع الدولي بتحرك عاجل وفاعل وإلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانه على الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وسط ارتكاب المزيد من الجرائم والتدمير الممنهج لمقومات الحياة.
وأضافت وزارة الخارجية في بيانها، أن الاحتلال ينفذ جريمة التهجير القسري لأكثر من 30 ألف مواطن فلسطيني من منازلهم، وتجريف البنى التحتية وهدم المنازل وتغيير معالم المخيمات الفلسطينية، وكذلك الاقتحامات العسكرية التي تتعرض لها البلدات والمخيمات والمدن الفلسطينية في طول الضفة الغربية وعرضها بما يصاحبها من تكسير وتخريب وعبث بالمنازل وترويع المدنيين الآمنين بمن فيهم الاطفال والنساء، واعتقالات جماعية عشوائية، وسلب الحريات المدنية الأساسية للمواطنين وفي مقدمتها حريتهم في التنقل في أرض وطنهم، في أبشع أشكال أنظمة الفصل العنصري الاستعمارية.
وطالبت الوزارة، بمواقف دولية جادة لوقف العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني، وعدم الاكتفاء بالإدانات أو التعبير عن القلق أو التخوفات، لافتة إلى ان الصمت الدولي على هذه الجرائم يشجع الاحتلال على التمادي في ارتكاب المزيد منها، ويوفر له الوقت اللازم لاستكمال جرائم التطهير العرقي والتهجير والضم.
الفشل في تفعيل آليات وضوابط القانون الدولي يشجع الاحتلال على تعميق نكبة الفلسطينيين
بعدها بأسابيع بالتحديد في 21 مارس، جددت الوزارة مخاوفها من تدني مستوى المواقف الدولية وعدم فاعليتها تجاه استمرار حرب الإبادة والتهجير والضم ضد الفلسطينيين في الضفة، وتصعيد المجازر الجماعية وهدم المنازل وتعميق النزوح وسياسة التجويع والتعطيش والحرمان من العلاج والحقوق الانسانية الأساسية، موضحة أن تعايش المجتمع الدولي مع هذه النكبة يشجع حكومة الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ مخططاتها الاستعمارية العنصرية، دون ضغط دولي فاعل أو مساءلة ومحاسبة.
الاحتلال يدمر البنية التحتية لطولكرم وجنين وينهب ممتلكات المواطنين في الضفة
تعليقا على هذا البيان يصف جهاد القواسمة، عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، ما يفعله الاحتلال في الضفة الغربية بالتطهير العرقي وممارسة التهجير القسري ضد المواطنين، خاصة مع عمليات السلب والنهب للممتلكات وسرقة الأراضي، مشيرا إلى أن أوضاع الفلسطينيين خلال شهر رمضان صعبة للغاية.
ويقول عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن المواطنين الذين تعرضوا للتهجير القسري اضطروا إلى استئجار بعض المنازل أو العيش مع أقاربهم أو في مدارس الإيواء، موضحا أن أي منطقه يدخلها جيش الاحتلال وخاصه في شمال الضفة الغربية سواء جنين وطولكرم يتم تجريف وهدم البنية التحتية وشق طرق ووضع لافتات تابعة لإسرائيل.
ويوضح جهاد القواسمة، أن الاحتلال يمارس التضييق على السكان الذين يعيشون في كانتونات معزولة عن بعضهم البعض في مدنهم وقراهم وبلداتهم إجبارهم على الهجرة طوعا من مدن الضفة، معددا إجراءات وممارسات الاحتلال والمستوطنين القمعية والتي من بينها بناء بؤر استيطانية والاستيلاء على أراضي وممتلكات المواطنين والاستيطان الرعوي وإغلاق مناطق فلسطينية وفرض حظر التجوال ليس تمهيد لضم الضفة بل ما يحدث هو ضم فعلي.
الشعب الفلسطيني لن يقبل بأية مخططات سواء بالتهجير أوالوطن البديل
بعدها بأيام خرجت تحذيرات قوية من جانب الرئاسة الفلسطينية لمنع الحرب الشاملة على الأراضي الفلسطينية، هذا التحذير الذي وجهه المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في 19 فبراير الماضي، من مواصلة سلطات الاحتلال حربها الشاملة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، خاصة في محافظة جنين ومخمها، ومحافظة طولكرم ومخيميها، مرتكبة المزيد من جرائم القتل والتهجير وتدمير الممتلكات، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي مخططات سواء بالتهجير أو الوطن البديل وتهديد الشعب لن يكون مفيداً لأحد، بل سيؤدي إلى دمار واسع هنا أو في المنطقة.
وخلال بيان للرئاسة الفلسطينية، أكد نبيل أبو ردينة، أن قوات الاحتلال تشن حملة تدمير ممنهج للمنازل، وتهجير للمواطنين، ما أدى إلى استشهاد عشرات المواطنين ومئات الجرحى، في ظل صمت دولي عن مخططات الاحتلال الرامية إلى تنفيذ مخطط الضم والتوسع العنصري، استكمالا لجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في غزة والتي أدت إلى استشهاد وجرح وفقدان أكثر من 200 ألف مواطن، مطالبا بضرورة تدخل الإدارة الأمريكية لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب، وعدم تشجيعه على التمادي في عدوانه الذي سيؤدي إلى تفجر الأوضاع بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وسيدفع ثمنه الجميع.
طرح مناقصات لبناء 974 وحدة استيطانية استعمارية
وتطرق إلى إقدام سلطات الاحتلال على طرح مناقصات لبناء 974 وحدة استيطانية استعمارية جديدة في مستعمرة "إفرات"، واعتبرها امتدادا لمخططات الاحتلال الرامية إلى فرض سياسة الأمر الواقع، موضحا أن الاستعمار جميعه غير شرعي ومخالف لجميع قرارات الشرعية الدولية التي أكدت وجوب إزالته، وتوسيع الاستعمار يؤدي بشكل مباشر إلى تكريس نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، ويندرج في إطار فرض إجراءات أحادية الجانب وغير قانونية، لتقويض أية فرصة لتحقيق السلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
حديث نبيل أبو ردينة عن ضرورة التدخل الأمريكي لوقف العدوان الإسرائيلي يأتي على نقيض تصريحات ترامب التي لا تمانع من ضم إسرائيل للضفة، خاصة عندما سأل أحد الصحفيين الرئيس الأمريكي خلال مؤتمر صحفي في 4 فبراير الماضي عما إذا كان يؤيد ضم إسرائيل المحتمل لأجزاء من الضفة، رفض الإجابة لكنه اكتفى بقوله "إسرائيل قطعة أرض صغيرة للغاية".
تدمير مواقع آثرية مهمة في الضفة والقدس
الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال على الضفة والقدس لم تقتصر على الشوارع والمنازل، بل شملت أيضا مواقع آثرية مهمة للغاية، وهو ما يكشفه عماد حمدان وزير الثقافة الفلسطيني، بحجم التدمير الذي لحق بالمواقع التراثية، منها المدينة القديمة في نابلس التي تضم العديد من المباني التراثية والأسواق التقليدية، تعرضت لاستهدافا بالقصف، مما أدى إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية والمباني التاريخية، بجانب مدينة الخليل القديمة والحرم الإبراهيمي، والذي يعد جزءا من التراث الثقافي العالمي لليونسكو، إلا أنها تعرضت لانتهاكات متعددة، بما في ذلك عمليات التهويد والسيطرة العسكرية، بما في ذلك منع المصلين الفلسطينيين من الوصول إليه ومحاولات السيطرة عليه بشكل كامل مما يهدد سلامة الموقع.
ويضيف وزير الثقافة الفلسطيني في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن من أبرز المواقع الآثرية التي تعرضت لأضرار أيضا هي قرية سبسطية الأثرية، التي تحتوي على مواقع أثرية تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية، حيث تعرضت هذه المواقع للاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال، بجانب مسجد بلال بن رباح "قبة راحيل" في بيت لحم والذي تعرض لاعتداءات وقيود من قبل الاحتلال، حيث يعتبره الإسرائيليون موقعا دينيا يهوديا ويسعون للسيطرة الكاملة عليه، ما يعرقل وصول الفلسطينيين إليه.
ويشير إلى أن قرية عين سامية الأثرية قرب رام الله والتي تعد موقعا أثريا مهما يحتوي على بقايا من العصور القديمة، بما في ذلك قنوات المياه والأديرة القديمة تعرضت لعمليات حفر وتخريب من قبل المستوطنين، بهدف سرقة الآثار وإضعاف الوجود الفلسطيني فيها، كما أن بلدة سوسيا في جنوب الخليل والتي تضم بقايا مدينة قديمة تعود للفترة الرومانية، وتتسم بأهمية تاريخية ودينية، تتعرض لمحاولات تهجير سكانها الفلسطينيين وتدمير مبانيها التراثية ضمن محاولات السيطرة عليها من قبل المستوطنين.
ويوضح وزير الثقافة الفلسطيني، أن البلدة القديمة في القدس، بما في ذلك الحرم الشريف، تتعرض بشكل مستمر لمحاولات تهويد واستهداف لمعالمها الإسلامية والمسيحية، مثل الحفريات أسفل المسجد الأقصى والقيود المفروضة على الوصول إلى الكنائس والمساجد، كما أن قلعة القدس التي تضم متحفا إسلاميا ومسيحيا تعرضت لحفريات واسعة تهدف إلى تغيير الطابع التاريخي للمنطقة، بالإضافة إلى تل الرميدة في الخليل الذي يحتوي على آثار من العصر البرونزي ويعد جزءا من تاريخ الخليل، حيث يتعرض بشكل مستمر لاعتداءات المستوطنين وتدمير أجزاء من الموقع الأثري بهدف توسيع المستوطنات.
ويؤكد أن مواقع دينية كثيرة في بيت لحم مثل كنيسة المهد التي تعتبر مكان ولادة السيد المسيح وفقا للتقاليد المسيحية، تتعرض لضغوط واستهدافات، بما في ذلك القيود على الترميم والوصول إليه، موضحا أن هذه الانتهاكات تشكل جزءا من استراتيجية ممنهجة لطمس الهوية الفلسطينية التاريخية والثقافية في الضفة الغربية، والقدس وتتطلب تدخلا دوليا لحماية هذه المواقع والمحاسبة على هذه الجرائم ضد التراث الإنساني.
ويوضح عماد حمدان أن الاحتلال يستهدف بشكل مباشر المواقع الأثرية والتاريخية المهمة مثل المساجد القديمة، الكنائس، والمباني التي تحمل قيمة تراثية، في محاولات لتغيير الطابع الثقافي للمدن والقرى الفلسطينية، بجانب تدمير العديد من المراكز الثقافية والمؤسسات التعليمية في الضفة الغربية وغزة، مثل مركز رشاد الشوا الثقافي، والمراكز التي تعمل على تعزيز التراث الفلسطيني والحفاظ على الهوية الثقافية من خلال الفعاليات الفنية والمعارض، كما أن الاحتلال يعمل على إغلاق المؤسسات الثقافية في القدس ومدن أخرى، ويمنع إقامة الفعاليات الثقافية والفنية التي تعزز الهوية الوطنية الفلسطينية في القدس، تمنع الاحتفالات الثقافية والأحداث التي تروج للتراث الفلسطيني تحت ذرائع أمنية واهية.
مصادرة وتدمير الكتب والوثائق التاريخية
الأمر لم يتوقف عند هذا بحسب وزير الثقافة، بل تعرضت المكتبات، مثل مكتبة المسجد الأقصى، والمكتبات الخاصة، لعمليات مصادرة وتدمير، ما أدى إلى فقدان العديد من الوثائق والكتب النادرة التي توثق التاريخ الفلسطيني وتساهم في نشر الوعي الثقافي، بالإضافة إلى تشويه التاريخ والآثار الفلسطينية من خلال الحفريات غير القانونية في القدس وخاصة في محيط المسجد الأقصى، حيث يسعى الاحتلال لتغيير معالم المكان وإعادة كتابة التاريخ بطريقة تدعم الرواية الإسرائيلية، على حساب التراث.
من بين الانتهاكات أيضا وفقا لما يؤكده وزير الثقافة الفلسطيني، تقييد حرية التنقل والحركة للفنانين والمثقفين، من خلال فرض قيود صارمة على حركة الفنانين والمثقفين، مما يعيق التواصل الثقافي وتبادل الأفكار بين المدن الفلسطينية ومع العالم الخارجي، بجانب استهداف الإعلام الفلسطيني الذي يروج للثقافة والتراث للهجمات المستمرة، بما في ذلك إغلاق محطات التلفزيون والإذاعات، ومصادرة المعدات، واعتقال الصحفيين، وتدمير المباني التاريخية.
تحديات أمام الاحتفال بعيد الفصح في كنيسة القيامة
وتعد كنيسة القيامة أحد أهم المعالم الآثرية في القدس، ودائما ما تعج بالحجاج مع حلول عيد الفصح إلا أن هذا العام قد يكون مثل سابقه ولا نشهد ازدحام الوافدين، حيث يكشف أديب جودة الحسيني، أمين مفتاح كنيسة القيامة المقدسة، وحامل ختم القبر المقدس ، التحديات أمام موسم الحج إلى الأراضي المقدسة مع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية.
ويقول أمين مفتاح كنيسة القيامة المقدسة، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن الحجاج هذا العام يواجهون تحديات كبيرة تعيق وصولهم إلى القدس، أبرزها استمرار تعليق العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى مطار بن جوريون الإسرائيلي بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة التي تمر بها المنطقة، موضحا أن هذا التوقف الجوي يشكل عائقًا رئيسيًا أمام تدفق الحجاج والسياح إلى الأراضي المقدسة.
كنيسة القيامة
"كنيسة القيامة مستعدة لاستقبال الحجيج إلا أن المؤشرات حتى الآن لا تبشر بموسم مزدحم كما هو معتاد"، هنا يشرح "الحسيني" أسباب عدم تفائله بازدحام الحجاج نتيجة عدم توفر التأمين الصحي للراغبين في زيارة الأراضي المقدسة، حيث امتنعت العديد من الدول عن منح زائري القدس تأمينًا صحيًا، مما زاد من صعوبة اتخاذ قرار السفر بالنسبة للكثيرين، خاصة أن غياب التأمين يشكل عامل قلق كبيرا للحجيج الذين يحتاجون إلى ضمان الرعاية الطبية خلال رحلتهم، خاصة في ظل الأوضاع الحالية.
من بين التحديات أيضا هو معاناة البلدة القديمة في القدس من ركود اقتصادي واضح، حيث لا تزال معظم المتاجر مغلقة، والحركة السياحية شبه معدومة، خاصة أن غياب الحجيج والزوار يؤثر بشكل مباشر على أصحاب المحال التجارية والمجتمع المحلي الذي يعتمد بشكل أساسي على السياحة الدينية في تأمين سبل عيشه، وذلك حسبما يؤكد "جودة الحسيني"، الذي يوضح أن الآمال لا زالت معلقة على تحسن الظروف الأمنية، وعودة شركات الطيران والملاحة البحرية إلى العمل بشكل طبيعي، مما يتيح للحجاج فرصة الوصول إلى القدس والمشاركة في احتفالات عيد الفصح المجيد.
أساليب الاحتلال في سرقة وتزوير التراث الفلسطيني
من ناحيته يكشف جهاد ياسين، مدير عام المتاحف والتنقيبات وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أساليب الاحتلال في التدمير والسرقة كأدوات للسيطرة على التراث الفلسطيني، موضحا أن إسرائيل عملت بشكل ممنهج وعبر مؤسسات إسرائيلية مختلفة بسرقة وتزوير الزي الفلسطيني للرجل والمرأة وعرضه على أنه زي إسرائيلي بهدف ترويجه أمام العالم وتغيير نظرة العالم الخارجي على أنه زي فلسطيني متوارث منذ آلاف السنين.
ويقول مدير عام المتاحف والتنقيبات وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الاحتلال شجع سرقة الآثار والإتجار غير المشروع للتراث الفلسطيني عبر لصوص ومافيات محلية وإسرائيلية، حيث يقدر عدد القطع الآثرية في الضفة التي أصبحت في حيازة الإسرائيليين بالملايين، بهدف جمعها وعرضها على أنها تراث يمثل تاريخ اسرائيل عبر فترات حضارية متعاقبة.
"الحكومة الإسرائيلية شجعت الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس وربطه بالمواقع الأثرية بهدف خلق تاريخ للوجود اليهودي في فلسطين، بجانب بناء جدار الضم والتوسع"، هكذا يوضح "جهاد ياسين"، مما أدى إلى تدمير وضم مئات المواقع والمعالم الأثرية، وبذلك منع الفلسطينيين من إدارة هذا التراث وتطويره، بالإضافة إلى مشاركة إسرائيل بمعارض دولية، وعرض التراث الفلسطيني من قطع أثرية وأزياء ومأكولات فلسطينية على أنها إسرائيلية، رغم أنها جزء من هوية الشعب الفلسطيني.
كما يكشف جهاد ياسين، دور التهويد في سياسة السيطرة على التراث الفلسطيني، موضحا أن الاحتلال نفذ عملية ممنهجة لنزع الطابع العربي والإسلامي والمسيحي في كثير من المواقع الفلسطينية مثل القدس والخليل والجليل، وذلك من خلال فرض الطابع اليهوديّ عليها، حيث يصبح التهويد هو العمل على جعل كل شيء يهوديا من أجل طمس الحقائق التاريخية ودحض الرواية العربية الإسلامية والحق الفلسطيني، ويظهر بشكل واضح في مدينة القدس من خلال المحاولات المستمرة من الاحتلال الإسرائيلي لنزع الهوية الحضارية والإسلامية والمسيحية التاريخية من مدينة القدس وفرض طابع مستحدث جديد وهو الطابع اليهودي.
بجانب كل هذا، بحسب ما يشير المسؤول الآثري الفلسطيني، فإن سلطات الاحتلال تسعى جاهدة إلى تهويد الأماكن الأثرية، من خلال عدة أساليب تعتمد على نسج القصص وإطلاق الروايات المزيفة حول تاريخ تلك الآثار القديمة؛ بهدف نسبتها لها، ومنها مقام يوسف في نابلس، ومقامات بلدة عورتا، ومقامات بلدة كفل حارس، وآثار سبسطية، متابعا :"لم يقتصر تفوق الجانب الإسرائيلي بالاهتمام بعلم الآثار في المناهج الدراسية الإسرائيلية مقارنة بالفلسطينية بل تعداه لحجم الإنفاق السنوي الكبير على التنقيبات الأثرية وعلى إقامة المتاحف وعلى استقطاب علماء الآثار المختصين ورعايتهم مما يكشف الضعف الفلسطيني في رعاية الآثار والحفاظ عليها.