يحتفل الأزهر الشريف، اليوم السابع من رمضان بذكرى مرور 1085 عامًا هجريًّا على تأسيس الجامع العتيق، والتى توافق السابع من شهر رمضان المعظم من كل عام.
والمعروف أن الجامع الأزهر هو أشهر جامع في مصر وقد زادت مكانته عبر العصور، وصارت له مكانه دولية خاصة بين دول العالم الإسلامي، فكيف كانت بداية البناء؟
يقول كتاب "الأزهر جامع وجامعة" لـ الدكتور عبد العزيز الشناوي:
إنشاء الجامع الأزهر
تمشياً مع التقاليد الإسلامية، وتأكيداً للانتصار الديني المذهبي الذي أحرزته الدولة الفاطمية، شيد القائد جوهر مسجداً جامعاً كي يكون جامعاً رسمياً للعاصمة الجديدة التي كان قد شرع في بنائها منذ سنة سابقة، وكى يكون هذا المسجد الجامع مركزا لنشر الدعوة الفاطمية.
بدأ العمل في بناء الجامع في الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 359 من مايو (970) وتم بناؤه في السابع من رمضان سنة 361 من يونيو سنة (972). وبذلك يكون بناؤه قد استغرق سنتين وثلاثة أشهر، وأقيمت صلاة الجمعة فيه رسميا لأول مرة في ذات اليوم، فكان أول مسجد جامع أقيم في مدينة القاهرة المعزية.
موقع وبناية الجامع الأزهر :
ولا يزال الجامع الأزهر يشغل نفس المكان الذي أقيم فيه منذ ألف سنة وإن كانت قد ألحقت بمبناه منشآت جديدة زادت في مساحته الأولى، ومازالت في الجامع الأزهر بقية من المنشآت والنقوش الفاطمية الأولى تحتل ذات المكان الذي أقيمت فيه عند إنشاء المسجد، وهي تكاد تبلغ نصف مساحة المسجد الحالي ، وكان وقت إنشائه يتوسط العاصمة الفاطمية الجديدة، ويقع على مقربة من القصر الكبير الشرقي. وكان يقع يومذاك غرب المكان الذي يقوم عليه مسجد الإمام الحسين الآن. وقد جعل جوهر أمام الجامع الأزهر رحبة فسيحة جداً، وكان الخلفاء الفاطميون حين يذهبون إلى الجامع الأزهر للصلاة بالناس يترجل الجنود يصطفون في هذه الرحبة حتى يدخل الخليفة الجامع.
ويشمل الأزهر مكاناً مسقوفاً يسمى مقصورة ومكاناً آخر غير مسقوف يسمى صحنا، بالإضافة إلى الملحقات التي تتبع المساجد عادة. وقد بنى جوهر مقصورة كبيرة بها ستة وسبعون عموداً من الرخام الجيد الأبيض اللون في صفوف متسامتة، وعليها قواصير مرتفعة، كما بنى قوصرة بين كل عمودين ودكة كبيرة يصلى عليها المبلغون كما أنشأ جوهر محرابا بالمقصورة التي بناها ويسمى القبلة القديمة. أما صحن الجامع فكان مكاناً متسعاً غير مسقوف ومرصوفاً بالحجر تقام فيه الصلاة عند ازدحام المقصورة، وأنشئ بالأزهر عند تأسيسه منارة واحدة.
وكتبت جملة تذكارية في الجامع الأزهر عند أو بعيد إنشائه، وقد كتبت بالخط الكوفي بدائر القبة التي في الرواق الأول إلى يمين المحراب والمنبر، وهذا نصها بعد البسملة، مما أمر ببنائه عبد الله ووليه أبو تميم معد الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الأكرمين على يد عبده جوهر الكاتب الصقلي، وذلك في ستين وثلثمائة ... . وقد اندثر هذا النقش.
الخلاف حول تسمية الأزهر :
أطلق على الجامع الأزهر عند إنشائه جامع القاهرة نسبة إلى العاصمة التي أقيم فيها. وبقيت هذه التسمية غالبة عليه معظم سنوات الحكم الفاطمي ويدل على هذه الحقيقة أن غالبية مؤرخي مصر الفاطمية كانوا يذكرون اسم هذا الجامع باسم جامع القاهرة، وقلما كانوا يشيرون إليه باسم الجامع الأزهر. وكان على رأس هؤلاء المؤرخين المسبحي وهو حجة دامغة في تاريخ مصر في الصدر الأول من الحكم الفاطمي، وكذلك ابن الطوير وابن المأمون وليس أدل على ذلك من أن المقريزي، وهو أكبر مؤرخي مصر الإسلامية وزعيمهم دون منازع (٧٦٦- ٨٤٥ه : ١٣٦٤-١٤٤٢م) كان يطلق عليه حينا جامع القاهرة، وحينا آخر الجامع الأزهر ومعنى هذا التأرجح - إن صح هذا التعبير - أن الأزهر ظل إلى منتصف القرن التاسع الهجري ومنتصف القرن الخامس عشر الميلادي يتنازعه هذان الاسمان. ثم توارى الاسم القديم وغلب عليه الاسم الجديد وهو الجامع الأزهر أو جامع الأزهر ولحقت به هذه التسمية إلى وقتنا الحاضر، وغدا من أشهر المنشآت والأعلام الإسلامية على وجه الأرض.
ويردد المؤرخون أسباباً شتى الإطلاق اسم الأزهر على جامع الفاطميين الأول في مصر .. فيرى فريق منهم أن لفظة الأزهر مشتقة من الزهراء لقب السيدة فاطمة ابنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه وزوجة على بن أبي طالب. وكانت الدولة الفاطمية تنسب إلى السيدة فاطمة الزهراء، وكما سميت باسمها الدولة، كذلك سمى بلقبها الجامع الرسمي الأول للدولة، وينسب فريق ثان من المؤرخين إطلاق اسم الأزهر إلى ظاهرة اجتماعية وإسكانية تتصل بتخطيط القاهرة. فعلى عهد الخليفة العزيز بالله بدأ إنشاء قصور فاطمية بلغت حد الروعة في بنائها وتنسيقها حتى سميت وقتها القصور الزاهرة، ومنها قصر الزمرد وقصر الذهب، والقصر اليافعي، وقصر الظفر، وقصر الحريم، وقصر البحر وقصر اللؤلؤة، والقصر الأخير بناه الخليفة الفاطمي السابع الظاهر الإعزاز دين الله أبو الحسن على (٤١١-٤٢٧ هـ : ۱۰۲۰-۱۰۳۹م). وكانت هذه القصور تحيط بجامع الفاطميين، ومن ثم أطلق على المسجد اسم الأزهر بعد أن عفا الزمن على هذه القصور تعلقاً بذكرى أيام شهدت مجد الدولة الفاطمية. ويرى فريق ثالث من المؤرخين أن إطلاق اسم الأزهر كان من قبيل التفاؤل بما سيبلغه هذا المسجد بازدهار العلوم فيه وأنه سيظل على مر الأيام مركز إشعاع للدعوة الشيعية. والواضح أن السبب الأول هو الأرجح، يليه السبب الثاني، أما السبب الثالث فمن قبيل الاجتهاد ولا يرقى إلى مستوى السببية الحادة.
الأزهر الشريف
الأزهر
القاهرة في رمضان
ضياء وجمال
قوة ونور
ليل القاهرة
مآذن القاهرة
مدينة النور
منبع النور
مئذنة في رمضان