شهدت الأوضاع الإنسانية في السودان، تدهورا شديدا مع استمرار الهجمات العنيفة التي تشنها ميليشيا الدعم السريع على المدنيين، بشكل انتقامى، في ولاية شمال دارفور، على خلفية تدمير الجيش والقوات المتحالفة معه، لقافلة إمداد ضخمة تابعة لقوات الدعم السريع.
فيما فاقم انتشار مرض الكوليرا والمجاعة في منطقة شرق النيل في الخرطوم، من الأزمة الإنسانية، مع تردى الأوضاع الإنسانية، نتيجة لزيادة الهجمات والاشتباكات في قلب العاصمة الخرطوم.
وشنت ميليشيا الدعم السريع هجمات انتقامية على عشرات القرى الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، وهو ما أسفر عن فرار آلاف السكان تجاه مخيم زمزم للنازحين، خوفا من الهجمات المتزايدة.
ومن جهته قال محمد خميس دودة، المتحدث باسم مخيم زمزم للنازحين، إن الدعم السريع، هاجمت السبت 52 قرية بمحلية دار السلام جنوب شرق الفاشر، ونهبت المواشي وقتلت المواطنين وهجّرت آلاف السكان الذين يقطنون في هذه القرى إلى معسكر زمزم، وفقا لصحيفة سودان تربيون.
وكشف أن الهجمات الانتقامية جاءت ردًا على تدمير الجيش والقوات المتحالفة معه، لقافلة إمداد ضخمة تابعة لقوات الدعم السريع في منطقة عِد البيض.
وأشار إلى أن معسكر زمزم يواجه ضغطًا سكانيًا غير مسبوق جراء وصول آلاف المدنيين من قرى شرق وجنوب وغرب الفاشر واحتمائهم بالمخيم، الذي يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية والدوائية جراء توقف المنظمات الدولية عن عملها لانعدام الأمن.
وفي 27 فبراير الماضى، دمّر الجيش السوداني وحلفاؤه قافلة إمداد عسكري ضخمة تابعة لقوات الدعم السريع كانت في طريقها إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور قادمة من ولاية جنوب دارفور.
ومن ناحيته قال بيان أصدره المتحدث باسم حركة تحرير السودان الصادق علي النور إن ميليشيا الدعم السريع ومرتزقتها هاجمت عدة قرى جنوب الفاشر، بدأت بسوق السبت في مركز منطقة "قرويد بشم" بمحلية دار السلام، وتسبب الهجوم وفقًا للمتحدث في تدمير محطات المياه والسوق الرئيسي للمنطقة.
وتعرض بعض الرعاة للقتل وتم نهب كميات كبيرة من الماشية والاستيلاء على أجهزة الإنترنت الفضائي "ستار لينك" ومولدات الكهرباء وأجهزة الطاقة الشمسية ومولدات المياه، وكشف الصادق على النور عن قتل بعض النساء والأطفال وكبار السن وإجبار ما تبقى من المواطنين على الفرار نحو مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر.
ومن جهته دق آدمور توندلانا، نائب رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في السودان، ناقوس الخطر بشأن الأمن الغذائي في السودان، مشيرا إلى معاناة أكثر من 24.6 مليون شخص – أكثر من نصف سكان السودان، بينهم أكثر من 9 ملايين نسمة في أربع ولايات من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك 638,000 شخص في حالة مجاعة.
وأعرب المسئول الأممى عن قلقه البالغ جراء استمرار الهجمات التي تستهدف المدنيين في ولاية شمال دارفور، وعدة مناطق أخرى، وشدد على ضرورة وقف الهجمات فورا، وشدد على أن القانون الإنساني الدولي واضح، مؤكدًا أن على جميع أطراف النزاع التزام قانوني وأخلاقي بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وأكد توندلانا، أن الهجمات ونهب المساعدات الإنسانية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، مؤكدًا مواصلة المنظمات الإنسانية مراقبة سلامة العاملين في مجال الإغاثة والإمدادات والأصول عن كثب للدعوة إلى سلامتهم.
وطالب توندلانا باحترام العمليات الإنسانية وضمان إيصال المساعدات بأمان إلى الفئات السكانية الضعيفة، ووصف تعرض العاملين للهجمات بالأمر المأساوي، مبينًا فقدان عدد كبير جدًا من العاملين في المجال الإنساني حياتهم أثناء أداء واجبهم.
وتابع: "في أقل من شهرين من عام 2025، قُتل سبعة من عمال الإغاثة وأصيب اثنان آخران، ومنذ بداية النزاع، قُتل 86 عاملًا في المجال الإنساني وأصيب 48 آخرون".
وأوضح أن من بين الولايات الأكثر احتياجًا للمساعدات أربع ولايات، هي: شمال دارفور، وجنوب كردفان، والخرطوم، والجزيرة، التي يوجد فيها عدد كبير من المتضررين من الحرب.
وأطلق دعوة للمجتمع الدولي إلى تعبئة الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة ودعم المتضررين، مؤكدًا أن البيانات المتعلقة بحجم المساعدات التي وصلت للبلاد حتى فبراير الحالي غير متوفرة بعد.
وأكد توندلانا أن الصراع المستمر أثر بشدة على العديد من المناطق في جميع أنحاء السودان، مما أدى إلى نزوح أكثر من 12 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 3.4 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة.
ونوه إلى أن التقارير التي تشير إلى ظروف المجاعة تبين انتشارها في ولاية شمال دارفور وشرق جبال النوبة، بينما لا تزال العديد من المناطق الأخرى معرضة لخطر جسيم.
واعتبر توندلانا أن النساء والأطفال لا يزالون يتحملون العبء الأكبر من النزاع، حيث يحتاج 15.6 مليون طفل و7.4 مليون امرأة إلى مساعدة إنسانية عاجلة.
وأكد مواجهة النساء والفتيات، على وجه الخصوص، لانتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك العنف الجنسي المروع المرتبط بالنزاع.
وفي الوقت نفسه، حُرم أكثر من 17 مليون طفل من التعليم، مما يزيد من مضاعفة العواقب طويلة الأجل للأزمة.
وفى سياق متصل، تعانى منطقة شرق النيل في العاصمة الخرطوم، من تفشى مرض الكوليرا بشكل واسع، كما ترزح تحت أزمة غذائية متفاقمة بشكل سريع، وهو ما يهدد الآلاف بالمجاعة، وأعلن ناشطون عن تسجيل ثلاث حالات جديدة بمرض الكوليرا، منها حالتا وفاة، في منطقة شرق النيل.
ونتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية، توقفت معظم التكايا والمطابخ الخيرية وندرة السلع الاستهلاكية، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار السلع المتوفرة، وقال أحد أعضاء غرفة طوارئ شرق النيل، إنه تم إبلاغ المكتب الطبي بتسجيل ثلاث حالات جديدة بالكوليرا في أحياء بارونا ودار السلام في الحاج يوسف خلال الأسبوع الماضي.
وأشار إلى وفاة حالتين، فيما نُقل المريض الثالث إلى مستشفى للعلاج.
وأكد عضو غرفة الطوارئ انعدام الأدوية والمعينات الطبية في المحلية، إلى جانب إغلاق جميع المراكز الصحية بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.
وشهدت منطقة شرق النيل، خلال الفترة الماضية، هجمات عنيفة من عناصر الدعم السريع، مما وضع السكان تحت تهديدات مباشرة شملت القتل والنهب والاعتقال والاعتداءات الجسدية.