تتبنى مصر خطة استراتيجية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون المساس بأهله أو تهجيرهم وهي خطة مدروسة بعناية أعدها خبراء عسكريون لضمان نجاحها. وتعتمد هذه الرؤية على دعم عربي مشترك خاصة بعد تأجيل القمة العربية الأخيرة حيث يُتوقع أن تحظى الخطة بتأييد واسع يمكنها من مواجهة المخططات التي تهدف إلى تغيير واقع القطاع مثل مشروع ترامب الذي يسعى لتحويل غزة إلى منطقة سياحية بعد تفريغها من سكانها وإعادة توطينهم في دول أخرى ومنها مصر والأردن
أما عن التمويل فإن توفير مبلغ الثلاثين مليار دولار المطلوب لإنجاز المشروع على مدار ثلاث إلى خمس سنوات ليس تحدياً مستعصياً إذ تتضمن الخطة تنظيم مصر لمؤتمر دولي لحشد الموارد اللازمة لإعادة الإعمار
لكن قبل الشروع في تنفيذ هذه الخطة لا بد من ضمان تطبيق "اتفاق غزة" بمراحله الثلاث والذي يهدف إلى تحقيق وقف دائم للعدوان الإسرائيلي والتمهيد لإقامة الدولة الفلسطينية. فليس من المنطقي أن نبدأ في إعادة البناء بينما لا يزال القطاع عرضة للدمار مجدداً على يد قوات الاحتلال كما حدث في مرات سابقة
لهذا ينبغي أن يسير الإعمار جنباً إلى جنب مع ضمان الاستقرار الأمني. ويمكن البدء فوراً في تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة والتي تشمل إقامة مناطق آمنة مزودة بمساكن متنقلة وخيام مجهزة للتخفيف من معاناة الأهالي الذين دمرت قوات الاحتلال منازلهم وبنيتهم التحتية بشكل ممنهج
أما إعادة الإعمار الكامل وفق الخطة المصرية فيجب أن يكون مشروطاً بوقف العدوان الإسرائيلي نهائياً. فلا جدوى من بناء ما قد يُهدم مجدداً تحت القصف. فالأولوية يجب أن تكون لضمان أمن القطاع وسكانه خاصة في ظل سيطرة تيارات متطرفة داخل إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد على الأرض مستغلة الظروف الإقليمية لتحقيق أطماعها التوسعية