عاد الهرم المزعوم الموجود قرب سواحل جزيرة يوناجونى اليابانية إلى ساحة الجدل مجددًا، على الرغم من مرور ما يقرب من أربعين عامًا على اكتشافه صدفة عام 1986، حيث عادت مواقع وقنوات عديدة لتروج مزاعم غريبة لا أساس لها من الصحة منها أنها حضارة غارقة سبقت أهرامات الجيزة؟ بينما طرح آخرون أفكارا أقرب للعلمية منها أنه تشكيل جيولوجى طبيعى لا أكثر؟.
وفى التقرير التالى نعرض القصة معتمدين على مواقع إخبارية ومواقع متخصصة منها "ناشونال جرافيك":
يقع التكوين الصخرى عند الطرف الجنوبى من أرخبيل ريوكيو، على بعد نحو مائة كيلومتر شرق تايوان، ويصفه الغواصون بأنه كتلة مترامية ذات مدرجات وزوايا حادة واسعة، على عمق يقارب 26 مترًا تحت سطح البحر.
تم الكشف عن هذا التكوين مصادفة سنة 1986 ومنذ التسعينيات برز اتجاهان علميان واضحان، الأول يقوده الجيولوجى اليابانى مساكى كيمورا الذى مال إلى فرضية التدخل البشري، مستندًا إلى ما اعتبره "ممرات" و"زوايا" بل وإلى تكوين يرى أنه أقرب إلى "مجمّع" يتضمن أسوارًا وطرقات.
فى المقابل، يؤكد باحثون، منهم الجيوفيزيائى روبرت شوخ، أن المشهد يمكن تفسيره بالكامل بعمليات طبيعية: صخور رسوبية طبقية تتعرض للصدوع والتعرية فتنتج سلالم وزوايا وواجهات ملساء، وهى ظواهر معروفة فى هذا الإقليم فوق الماء وتحته، وحتى الآن، لم يجد أحد في الموقع أي مقتيات أثرية قاطعة مثل أدوات أو فخار أو عظام ضمن سياقها الطبقي، تسمح ببناء فرضية "أثر معماري" على أساس أثرى متين.
لذا لا يمكن القطع والقول إن ذلك أثر أو أنه هرم في الأساس، خاصة أن التفسير الجيولوجى يبدأ من مادة الصخر ومن التاريخ التكتونى للمنطقة، فالتعرية البحرية، والصدوع الناتجة عن الزلازل، وخصائص الطبقات الرسوبية، يمكن أن تنتج مع الزمنمصاطب ووجوها حادة توهم بالنحت، وتوجد أمثلة مماثلة على اليابسة وفى مواقع غامرة قريبة، ما يعززهذا التفسير التحفّظي، وبالنظر إلى أن الهيئات اليابانية المعنية لا تتعامل مع الموقع بصفته "أثرًا ثقافيًا" يستوجب حفريات منهجية، يظل الميل الرسمي حتى الآن نحو اعتبار يوناجونى تشكيلًا طبيعيًا ما لم يظهر دليل مادّى يغيّر المعادلة.
كيف تجدد الجدل؟
لعبت وسائل الإعلام والوثائقيات دورًا فى إعادة تدوير الروايات المثيرة، فظهرت عناوين تقارن على نحو غير منصف بين يوناجونى وأهرامات الجيزة، وذهبت ببعض التواريخ إلى ما قبل عشرة آلاف سنة، لكن المقارنة العلمية لا تستقيم لهذا الكلام، فأهرامات الجيزة لها سياق أثرى متكامل من نصوص ومقابر وطبقات وأدوات، أما فى "يوناجونى" فليس هناك ما يدل على نشاط بشرى من النوع الذى يبنى عليه حكم قاطع.
كيف تجدد الجدل حول "هرم يوناجوني"؟
نستعرض الأحداث عبر التواريخ:
1986 .. بدأ الاكتشاف عن طريق الغواص كيهاتشيرو أراتاكي، الذي اكتشف تكوينا صخريا قرب يوناجوني، فانتشرت الحكاية في أدلة الغوص اليابانية ثم تقارير متفرقة عن "مصاطب" وزوايا حادة تحت الماء، ولاحقًا ظهر الجدل العلمي بين الجيولوجي الياباني مَساكي كيمورا وباحثين رأوا التشكل طبيعيًا.
2007 – نشرت "ناشيونال جيوغرافيك" تقريرًا موسعًا قدم رأي كيمورا وطرح تحفظات قوية لغياب الدليل الأثري القاطع، ما ثبت يوناجوني في الوعي العام كلغز مفتوح، لا كـ"مدينة غارقة" مؤكدة.
2010 - مع صعود منصات الرحالة والغوص، ظهرت مقالات وتجارب ميدانية تُروج للموقع "كغوص على أطلال مدينة"، مع إعادة سرد قصة 1986 وأبعاده التقريبية، ما جدد الاهتمام الشعبي دون إضافة علمية فاصلة.
2024 - عادت صفحات ومجموعات تاريخ/غرائب إلى نشر صور وقصص عن "هرم يوناجوني"، غالبًا بصياغات مثيرة وعناوين قاطعة تُقدم الادعاء بقدم يسبق أهرام الجيزة، من دون إحالةٍ رصينة إلى بحوث محكّمة.
2025.. أصبح الجدل على مستوى دولي، عبر منافذ واسعة الانتشار: "نيويورك بوست" بعنوانات جاذبة عن "هرم قد يسبق الأهرام"، و"جيروزالِم بوست"، و"إكونوميك تايمز"، و"تايمز أوف إنديا".

هرم يوناجونى