بريجيت ماكرون فى قلب عاصفة الكراهية.. التنمر الإلكترونى يضرب نساء القادة حول العالم.. حملات ومنصات رقمية تشن حربا نفسية لتقويض صور زوجات القادة.. كمالا هاريس وجاسيندا أردرن ضمن حرب رقمية ضد النساء

السبت، 01 نوفمبر 2025 03:00 ص
بريجيت ماكرون فى قلب عاصفة الكراهية.. التنمر الإلكترونى يضرب نساء القادة حول العالم.. حملات ومنصات رقمية تشن حربا نفسية لتقويض صور زوجات القادة.. كمالا هاريس وجاسيندا أردرن ضمن حرب رقمية ضد النساء ماكرون وبريجيت ماكرون

كتبت فاطمة شوقى

تتحول النساء فى مواقع السلطة حول العالم، وخاصة زوجات القادة والسياسيات البارزات، إلى أهداف مفضلة لحملات تضليل ممنهجة تستند إلى الشائعات والنظريات الكاذبة، أبرزها الادعاءات الترانسفوبية (المعادية للمتحولين جنسيًا) التى ضربت أخيرًا السيدة الأولى الفرنسية بريجيت ماكرون.

وفى فرنسا، بدأت هذا الأسبوع محاكمة 10 أشخاص بتهمة التنمر الإلكترونى والتشهير بزوجة الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد أن روجوا على الإنترنت مزاعم زائفة تزعم أنها، رجل متحول جنسيًا، أو أنها استبدلت دورها بشقيقها، والشائعات التى انطلقت عام 2021 عبر منصات التواصل الاجتماعى سرعان ما انتشرت عالميًا، لتصبح أداة دعائية فى أيدى اليمين المتطرف لتقويض صورة ماكرون وزوجته.

ورغم نفى الإليزيه مرارًا هذه المزاعم، فقد تحولت الحملة إلى قضية رأى عام تمس مفاهيم الكراهية الرقمية والعنف القائم على النوع الاجتماعى. المحاكمة، التى تُعد الأولى من نوعها فى أوروبا بهذا الحجم، تكشف مدى خطورة المعلومات الزائفة حين تستهدف الحياة الشخصية للنساء فى الفضاء العام.

وكانت بريجيت ماكرون، المعلمة السابقة التى تصغر زوجها بـ24 عامًا، دائمًا عرضة للتعليقات الساخرة بسبب فارق العمر بينهما، لكن هذه الموجة الأخيرة تجاوزت حدود النقد الشخصى إلى مستوى منظم من التحريض الرقمى، مدفوع بخطاب كراهية موجه ضد النساء القويات والمستقلات.

ولم تكن ماكرون الضحية الوحيدة، فقد شملت هذه الحملات سيدات وقائدات أخريات مثل كمالا هاريس، الأمريكية التى تواجه هجمات مزدوجة تتعلق بجنسها وأصلها العرقى. الخطاب اليمينى المتشدد اتهمها مرارًا بأنها نتاج مشروع تمثيلى تقدمى أو أنها رمز مصطنع للمساواة، فى محاولة لتقويض شرعيتها السياسية.

وفى نيوزيلندا، تعرضت رئيسة الوزراء السابقة جاسيندا أردرن لادعاءات مشابهة، حيث رُوّجت شائعات زائفة على الإنترنت تزعم أنها متحولة جنسيًا، جزء من ظاهرة تسمى Transvestigations، أى التحقيقات الزائفة فى الهوية الجنسية، والتى تستهدف النساء فى مواقع القيادة لتصويرهن كمخادعات أو مزيفات.

ويرون الخبراء أن هذه الظاهرة تتجاوز حدود فرنسا أو أمريكا أو نيوزيلندا، فهى تعبر عن موجة عالمية من العنف الرقمى الموجه ضد النساء فى السلطة، كما أن نظريات التحول الجنسى المزيف أصبحت أداة فعالة فى الخطاب الشعبى اليمينى لتشويه سمعة الزعامات التقدمية ونسف الثقة بالقيادات النسائية.

ويشير علماء الاجتماع إلى أن جوهر هذه الهجمات ليس الهوية الجندرية، وهو مفهوم يشير إلى الأدوار والسلوكيات والهويات التى يبنيها المجتمع للرجال والنساء فى حد ذاتها، بل الخوف من المرأة القوية، فكلما صعدت امرأة إلى موقع نفوذ، تعرّضت لتشكيك فى أنوثتها أو فى أهليتها، وكأن القيادة حق ذكورى طبيعى.

وفى مواجهة ذلك، بدأت بعض النساء باتخاذ إجراءات قانونية غير مسبوقة، حيث أن بريجيت ماكرون رفعت دعوى قضائية ضد الإعلامية الأمريكية المحافظة كانديس أوينز، التى أعادت نشر النظرية الكاذبة على نطاق واسع عبر بودكاست بعنوانBecoming Brigitte، وفى المقابل، أطلقت مؤسسات أوروبية حملات لتعزيز الوعى بالتمييز الرقمى ضد النساء، خصوصًا فى فترات الانتخابات.

لكن التحدى الأكبر، وفق محللين فرنسيين، لا يكمن فى مقاضاة الأفراد فقط، بل فى تفكيك منظومة إنتاج الكراهية عبر وسائل التواصل، التى تسمح بانتشار الشائعات فى دقائق وتدمير سمعة أشخاص فى أيام.

وتظهر قضية ماكرون اليوم كمرآة لأزمة عالمية: نساء فى مواقع السلطة يواجهن جيوشًا رقمية من المجهولين، يستخدمون السخرية والمعلومات الزائفة لتقويض الثقة بالقيادة النسائية، بينما تبقى القوانين متأخرة عن عصر الفضاء الرقمى.

كما قالت صحيفة لوموند الفرنسية أن ماكرون لم ترد أن تكون بطلة قضية، لكنها أصبحت رمزًا غير متوقع لنضال النساء ضد التشهير الرقمى. فالهجوم عليها لم يكن مجرد استهداف شخصى، بل محاولة ممنهجة لإسكات النساء عبر الشك فى هويتهن، وهو ما يجعل من هذه المحاكمة لحظة فاصلة فى معركة أوروبا مع الكراهية الإلكترونية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب