إيمان حنا

من اتفاق شرم الشيخ لافتتاح المتحف الكبير..مصر ترسم خريطة العالم للسلام والحضارة

السبت، 01 نوفمبر 2025 05:39 م


 

بخُطى واسعة ثابتة، تجدد مصر شبابها وتُبهر العالم؛ مُعيدةً تشكيل خريطته على الأصعدة كافة، وتحدد مكانتها برؤية ثاقبة على هذه الخريطة كدولة رائدة بالمنطقة، ومحط أنظار العالم؛ مؤكدة قدرة الدولة على لعب أدوار متعددة على الأصعدة المختلفة بالكفاءة ذاتها.

اجتازت الدولة المصرية، خلال مدة لم تتجاوز الـ20 يومًا، ثلاث محطات كبرى تُضيف إلى تاريخها صفحات مُضيئة؛ فمن قمة "السلام" بشرم الشيخ ـ في 13 من أكتوبر الجارى ـ والتي أثبتت قدرة مصر على قيادة جهود إرساء السلام وترسيخه كمسار أوحد لإنهاء الصراعات في المنطقة، إلى القمة التاريخية المصرية ـ الأوروبية بالعاصمة البلجيكية (بروكسل) ـ في 22 من الشهر نفسه ـ والتي مثلت محطة رئيسة لانطلاق قطار الشراكة الواسعة مع الاتحاد الأوروبي؛ وصولاً إلى افتتاح المتحف المصرى الكبير بالجيزة الذى يمثل أكبر متحف في العالم لحضارة واحدة حيث يضم بين جنباته حوالى 100 آلاف قطعة أثرية فريدة من العصور القديمة والوسطى والحديثة وأيضا العصر اليونانى والرومانى؛ إنه حقًا هدية مصر الخالدة للتراث الإنساني، ورمز متجدد لحضارةٍ تُلهم العالم وتبني من مجد الماضي جسراً يمتد إلى آفاق الغد.

يمثل افتتاح المتحف المصرى الكبير حدثًا استثنائيًا في تاريخ الثقافة والحضارة الإنسانية، والأبرز على الساحتين الإقليمية والدولية بحضور عربى و دولى غير مسبوق، حيث يُشارك في حفل الافتتاح المقرر اليوم 79 وفدًا رسميًا، بينهم 39 وفدًا برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات، كما يشارك فى تغطية الحفل أكثر من 450 مراسلاً يمثلون 180 وسيلة إعلامية دولية؛ بما يعكس قدرة مصر على حشد العالم تقديرًا لثقل مكانتها وأهمية ما يجرى على أرضها، واهتمام المجتمع الدولي بالحضارة المصرية العريقة وبالدور الثقافي والإنساني المتفرد الذي تضطلع به مصر.

فرحة العالم معنا تُخبرنا بالكثير عن مكانة بلدنا العزيز عالميًا، تلك الفرحة التي عبر عنها ملوك ورؤساء دول وسفراء عرب وأجانب، بكلمات تحمل في باطنها مشاعر اختلط فيها الفرح بالفخر والانبهار؛ مُهنئين مصر والشعب المصرى بهذا الحدث الذى وصفوه بـ"الوسام" على صدر كل مصري وفخر لكل عربى؛ مؤكدين أن هذا الصرح الحضاري الفريد يجسد رؤية مصر العريقة في صون حضارتها العظيمة وتقديمها للعالم بروحٍ معاصرة تليق بعظمة تاريخها وثراء إرثها الثقافي، ويعكس عبقرية الإنسان المصري وقدرته على الإبداع عبر العصور، ويُبرز المكانة التاريخية لمصر وريادتها الثقافية التي ألهمت الإنسانية منذ فجر التاريخ.

تذهب فرحة العالم بالحضارة المصرية ومنجزاتها لما هو أبعد من المحيط الرسمي المتمثل في الرؤساء والدبلوماسيين، إلى العمق الشعبى ؛ لقد فاجأنى العدد الهائل من أشقائنا في الدول العربية المختلفة بنشر صور لهم بالزى الفرعونى بتقنية الذكاء الاصطناعى على مواقع التواصل الاجتماعى؛ ليشاركونا فرحتنا اليوم، كانت الصور المُبهجة للعين دليلا دامغا على مكانة مصر في القلوب ، وعبرت التعليقات عما تحمله تلك القلوب من مشاعر مفعمة بالحب والفخر والاعتزاز بتاريخ مصر المختلط بحداثتها؛ فمنهم من كتب "هنيئاً لكم هذا الإنجاز العالم "، والبعض كتب:"نفرح مع أشقائنا المصريين بهذ العُرس الحضارى"؛ فيما اكتفى آخرون بعبارة :" تستاهلوا كل خير ".

من مواقع التواصل الاجتماعى إلى "واتساب"، استمر تدفق مشاعر المحبين لمصر والمنبهرين بحضارتها ؛ حيث وصلتنى العديد من الرسائل من أصدقاء لى في دول مختلفة، يهنئوننى بالحدث العالمى على أرض بلدى اليوم ؛ ومن بين تلك الرسائل استوقفتنى رسالتان، إحداهما من "داف ولاس" صديق لى من مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية، قال فيها " كم أنتى محظوظة بتاريخ بلدك الذى لا ينضب ..مصر تفاجئنا دائمًا ..وتساءل كيف يمكنه متابعة هذا الحدث الضخم عبر الشاشة الفضية.

الرسالة الثانية من صديقتى الجميلة "فريدريكا " بدولة ناميبيا، تخبرنى أنها كانت تحلم بأن تكون واحدة ممن حالفهم الحظ بالمشاركة في حضور حفل افتتاح المتحف؛ ثم قالت عليك أن تكون فخورة جدًا بكونك مصرية ..

إن افتتاح المتحف المصرى ليس حدثًا استثنائيًا على صعيد الحضارة الإنسانية فحسب؛ بل إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة للسياحة المصرية؛ حيث إنه من المتوقع أن يجذب 10 ملايين زائر خلال الأشهر المقبلة، وفق تقارير إعلامية.

وتُصر الدولة المصرية بقيادة رئيسها عبد الفتاح السيسى على أن تكون في المقدمة بإرادة حديدية وعزيمة لا تنكسر ؛ وهذا يتضح من خطواتها المتلاحقة؛ فقد سبق افتتاح المتحف المصرى الكبير إنجاز لا يقل أهمية على الصعيد السياسى؛ حيث حشدت مصر العالم من خلال قمة "السلام" بشرم الشيخ، والتي شارك فيها زعماء وقادة 30 دولة، واستوقفت المحروسة أنظار العالم فى محطة فارقة أثبتت الدولة من خلالها قدرتها على صنع القرار الإقليمي من منطلق رؤية مصرية تهدف لإرساء السلام العادل وإنقاذ المنطقة من سيناريو مروع لحرب شاملة لا حدود لها.

ثم جاءت "القمة التاريخية المصرية الأوربية"في بروكسل؛ لتثبت للعالم مجددًا أن مصر شريك لا غنى عنه في معادلة الأمن والتنمية، واستقبل قادة الاتحاد الأوربي المشاركين في القمة الرئيس السيسى كقائد السلام بمنطقة الشرق الأوسط.

وفى تعبير يُلخص قوة الدور المصرى فى إرساء السلام بالشرق الأوسط، قال سفير تركيا لدى القاهرة صالح موطلو خلال حديثه لى:  "لولا مصر ما كان لاتفاق السلام في غزة أن يتم" ، مثنيًا على الجهود المصرية المستمرة من خلال عملية إعمار قطاع غزة وأيضًا إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين الذين عانوا طيلة عامين.

مشاعرى بالفخر والاعتزاز عند سماع تلك الكلمات لا يمكن وصفها؛ فحينما تسمع دبلوماسيون من دول مختلفة يتحدثون بحماس كبير عن مكانة مصر، وتلمح في عيونهم وتقرأ في لغة الجسد ما هو أكبر من الكلمات، لا يسع إلا أن تسمع صوتًا بداخلك يهمس قائلًا "تحيا مصر ..جاءت مصر ثم جاء التاريخ".

لم يتوقف قطار مصر عند تلك المحطة؛ فبعد اتفاق شرم الشيخ بأيام قليلة، انطلق الرئيس السيسى إلى قمة بروكسل، للمشاركة في القمة المصرية ـ الاوربية التاريخية ، والتي حصدت مصر من خلالها مكاسب كبيرة على الصعيدين السياسى والاقتصادى، فقد رسخت الدولة المصرية أقدامها كربان لسفينة الشرق الأوسط، ومن يرغب بالتعامل مع هذه البقعة من العالم عليه الدخول من بوابة المحروسة وليس غيرها، وشهدت القمة تحولًا في الموقف الأوروبي تجاه قضية سد النهضة، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل لحقوق مصر المائية ورفضه لأي إجراءات أحادية تهدد استقرار المنطقة، وهو ما يعكس نجاح الدبلوماسية المصرية في تحويل الملف إلى قضية أمن إقليمي دولي.

وفى وصفها لمكانة وأهمية الشراكة مع مصر قالت المفوضية الأوربية، إنها شراكة محورية لاستقرار الشرق الأوسط، وأكدت أن القاهرة تعد شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا للاتحاد، وأن القمة الثنائية فرصة ذهبية لتعزيز الشراكة بين الجانبين ، مضيفًة أن التعاون مع مصر يشهد زخمًا غير مسبوق كنتيجة لعدة إنجازات، من بينها مؤتمر الاستثمار عام 2024، وإطلاق منصة الاستثمار بين الجانبين في 2025، وانضمام مصر إلى مبادرة  أفق أوروبا .

وعلى الصعيد الاقتصادى، أعادت القمة المصرية الأوربية رسم ملامح الشراكة بين مصر و أروبا؛ حيث اتفق الطرفان على المضي بخطى سريعة نحو تنفيذ مشروعات واستثمارات مشتركة تدعم النمو والاستقرار بالمنطقة تشمل الأمن الغذائي والتحول الأخضر والتغير المناخي، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، في ظل الإمكانات الضخمة التي تمتلكها مصر وقدرتها على أن تكون مركزًا إقليميًا للطاقة يربط بين الشرق والغرب.

وكان ضمن المكاسب الاقتصادية أيضًا، حصول مصر على حزمة مالية بقيمة 7.4 مليار يورو حتى 2027 لدعم التنمية والتكامل الاقتصادي؛ حيث شهد الرئيس السيسي وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية وأنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين مصر والاتحاد الأوروبي.


ستظل مصر تُفاجئ العالم وتبهره ولا يزال الكثير من الإبهار في جعبتها ..إنها الدولة التي لا يتوقعها أحد ..



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب