قدم تليفزيون اليوم السابع تغطية إخبارية جديدة من إعداد وتقديم أحمد العدل، تناولت تفاصيل قمة السلام بشرم الشيخ إلى القمة المصرية الأوروبية وأحداث تؤكد عودة القاهرة لمكانتها.
بعد انعقاد قمة السلام بشرم الشيخ برئاسة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى ونظيره الأمريكي، فى لحظة فارقة من تاريخ المنطقة والعالم.
هذه القمة التي حمَلت فى طياتها دلالات سياسية وإنسانية، جاءت لتعيد إلى الذاكرة الدور التاريخى لمصر بوصفها عاصمة القرار العربي، وبوصلـة الشرق الأوسط، وصوت العقل فى أزمنة الاضطراب والانقسام.
وعلى أرض السلام فى شرم الشيخ، التى شهدت من قبل تحولات كبرى فى مسارات الصراع والتسوية، اجتمع عشرون زعيمًا عربيًا ودوليًا ليعلنوا من قلب سيناء رفضَهم لدوامة الإبادة فى غزة، وتأكيدِهم على حق الشعب الفلسطينى فى الحياة والكرامة والسيادة، لتمثل القمة حدثًا سياسيًا وإنسانيًا استثنائيًا يعبر عن إرادة الشعوب العربية وتطلعاتها إلى إنهاء المأساة، وأعاد الاعتبار إلى فكرة السلام كقيمة إنسانية سامية تتجاوز الحسابات الضيقة والمصالح الآنية نحو أفق أرحب من العدالة والحرية والعيش المشترك.
جاءت قمة شرم الشيخ تأكيدًا جديدًا على المكانة المحورية لمصر، ودليلًا على قدرتها المستمرة على قيادة الحوار، وترسيخ الاستقرار، وصياغة المعادلات الإقليمية بمنطق العقل والمسؤولية، فكما كانت مصر عبر تاريخها جسرًا بين الشرق والغرب، ومصدر توازن فى لحظات التصدع، فإنها من على أرض السلام، تجدد رسالتها للعالم بأن صوت الحكمة لا يزال هو الأقدر على صناعة الغد الآمن.
مثلت قمة شرم الشيخ تتويجًا طبيعيًا للجهود الدبلوماسية المصرية المكثفة التى لم تهدأ منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فمنذ اللحظة الأولى، تحركت القاهرة مع الوسطاء فى جميع الاتجاهات الإقليمية والدولية، واضعين على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن الإنسان والكرامة الوطنية، وساعيين بكل الوسائل إلى وقف نزيف الدم وإنهاء المأساة الإنسانية التى يعيشها الشعب الفلسطيني.
وفى خضم تلك التحركات، واجهت الدولة المصرية ضغوطًا غير مسبوقة من قوى دولية وإقليمية لإجبارها على القبول بمخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا إلى داخل الأراضى المصرية فى شمال سيناء، فى محاولة لتمرير ما سمى بـالحل الإنساني، غير أن الموقف المصرى كان واضحًا وحاسمًا, وهو ان التهجير إلى سيناء خط أحمر، لا يمكن تجاوزه أو المساس به، لأنه يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى المصري.
وأثبتت القاهرة فى تلك اللحظة الحساسة قدرتها على الجمع بين الصلابة والحكمة؛ فبينما تمسكت بلغة الدبلوماسية الهادئة والعقلانية فى مخاطبة العالم، لم تتردد فى إظهار وجه الدبلوماسية الخشنة والحازمة حين حاول البعض تجاوُز خطوط السيادة المصرية أو المساس بمصالحها العليا، حيث أدركت مصر أن الصمت أمام العبث بمقدرات الأمن الإقليمى يفتح الباب أمام فوضى لا تُحمد عقباها، وأن الدفاع عن حدود الوطن يبدأ من حماية الهوية الفلسطينية ورفض أى مساس بسلامة الجوار الجغرافى والسياسي.
ويعد من أهم نتائج قمة شرم الشيخ كان اتفاق غزة التاريخى الذى جاء من المأساة إلى الأمل، وبعد مفاوضات شاقة قادتها مصر بدعم عربى ودولي، وشمل الاتفاق وقف لإطلاق النار، وخطة شاملة لإعادة بناء غزة وإنهاء معاناة أهلها، مع ضمانات دولية تحمى الاتفاق وتضمن تنفيذه.
وأضفت مشاركة أكثر من عشرين زعيمًا فى مراسم إعلان الاتفاق, شرعية دولية غير مسبوقة، وجعلت منه نقطة تحول فى مسار الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، فالسلام الذى ينطلق من شرم الشيخ سلامًا نابعًا من إرادة سياسية جماعية ترى أن أمن المنطقة يتحقق بإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطينى من حقوقه المشروعة، وقد استطاعت مصر ودول الوساطة، من خلال هذا الاتفاق نقل مركز الثقل السياسى من ميادين الحرب إلى طاولة الحوار، وأن تثبت أن العمل الدبلوماسى المنضبط يمكنه أن يصنع ما تعجز عنه القوة المسلحة، وهكذا تحولت مأساة غزة إلى فرصة لإحياء فكرة السلام القائم على العدل والكرامة الإنسانية.
ومنذ أيام مثّلت القمة المصرية الأوروبية الأولى- التى اختُتمت فعالياتها الأربعاء فى بروكسل- محطة فارقة فى مسار العلاقات بين مصر وأوروبا، ليس فقط لأنها الأولى من نوعِها، بل لأنها وضعت أسس شراكة استراتيجية شاملة تتجاوز حدود التعاون التقليدى إلى آفاق أرحب من التكامل والمصالح المتبادلة؛ وهو ما تجلى فى التصريحات والبيانات الصادرة عن القمة، لتؤكد مكانة مصر كشريك محورى لأوروبا فى محيطها الإقليمي، وصوت متزن يسهم فى حفظ الاستقرار ومواجهة الأزمات الممتدة فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وحتى على مستوى البحر المتوسط.
كما عكَست توافقًا واسعًا فى الرؤى بشأن القضايا الدولية، من ملف الهجرة ومكافحة الإرهاب، إلى دعم جهود السلام والتنمية فى المنطقة.