سلطت صحف أوروبية وإقليمية الضوء على القمة التاريخية بين مصر والاتحاد الأوروبي التي عُقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل، مؤكدة أن هذه القمة تمثل نقطة تحول في العلاقات بين الجانبين، وتعزز دور مصر كشريك استراتيجي رئيسي لضمان استقرار منطقة الشرق الأوسط، ودعم جهود إعادة إعمار غزة في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة. كما تناولت الصحف الاتفاقيات الاقتصادية والتكنولوجية الموقعة خلال القمة، والتي تعكس تطلع الطرفين لتعزيز التعاون والتبادل التجاري والبحثي.
وشهدت العاصمة البلجيكية بروكسل عقد أول قمة رسمية بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث التقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في قمة وصفتها صحيفة يوروبيان ستيج بأنها علامة فارقة في تعميق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر. القمة جاءت في وقت حاسم تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، خاصة بعد وقف إطلاق النار في غزة، الأمر الذي منح مصر دوراً محورياً كشريك إقليمي في تعزيز الاستقرار.
أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي أقوى من أي وقت مضى، مشيدة بالتعاون الثنائي في مجالات السياسة والاقتصاد والبحث العلمي. وأشارت إلى أن القمة أظهرت التزام الطرفين بتنفيذ الاتفاقيات التي تم توقيعها في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى التوقيع عليها في مارس 2024.
وابرزت صحيفة البيريوديكو الإسبانية أبرزت الدور الريادي للرئيس السيسي في الوساطة التي أدت إلى وقف إطلاق النار في غزة، مشيرة إلى أن السيسي أعلن عن عقد مؤتمر دولي لجمع التمويلات اللازمة لإعادة إعمار القطاع، مع تأكيد الاتحاد الأوروبي استعداده لدعم هذه المبادرة. وأكدت الصحيفة أن مصر تعد شريكاً استراتيجياً في ضمان استقرار الشرق الأوسط، ولفتت إلى أن القمة فتحت قنوات للحوار حول ملفات هامة مثل قضايا الهجرة ودور مصر في النزاعات الإقليمية.
كما تناولت الصحيفة توقيع اتفاقية تتيح صرف 4 مليارات يورو كقروض لدعم الإصلاحات الاقتصادية في مصر، مع التأكيد على أن هذه القروض تأتي بشروط ميسرة، وتدعم برنامج الإصلاح الطموح الذي تتبناه الحكومة المصرية لتعزيز الاستقرار المالي وتحفيز الاستثمارات. حجم التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي ومصر وصل إلى نحو 32.5 مليار يورو في عام 2024، ما يعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين الطرفين، خاصة بفضل اتفاقية الشراكة التي توفر معاملة تفضيلية للمنتجات المصرية.
وفي جانب البحث والابتكار، أُعلن عن انضمام مصر رسمياً إلى برنامج "هورايزن أوروبا" للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة، وهو ما اعتبرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية خطوة مهمة تعزز الروابط العلمية بين مصر وأوروبا في مواجهة التحديات الجيوسياسية والبيئية.
وأكدت الصحيفة أن القمة تعزز جهود مصر في الاستقرار الإقليمي والاقتصادي، معتبرة الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي علامة على ثقة الجانب الأوروبي في السياسات المصرية والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها القاهرة، مشيرة إلى أن الدعم المالي الأوروبي سيسهم في توفير فرص استثمارية جديدة وتحسين بيئة الأعمال في مصر.
والحدث تخلله أيضاً لقاء عشاء جمع السيد الرئيس السيسي بقادة الاتحاد الأوروبي، حيث تم التباحث في سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وهو ما يعكس الأجواء الإيجابية التي سادت القمة، كما شهدت القمة توقيع اتفاقيات دعم للإصلاحات الاجتماعية، من بينها منحة بقيمة 75 مليون يورو لتعزيز الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه، ودعم شبكات الأمان الاجتماعي خصوصاً للنساء والشباب، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة دير شبيجل الألمانية.
في المجمل، تُعد هذه القمة تعبيراً عن شراكة متجددة بين مصر والاتحاد الأوروبي، تجمع بين الطموحات الاقتصادية والسياسية والإنسانية، وتضع مصر في قلب استراتيجيات الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة، في ظل واقع جيوسياسي يتطلب مزيداً من التنسيق والتعاون الدولي.