شهادات من داخل أماكن القتال.. جثامين مجهولة الهوية وفراق بلا وداع لدواعي الحرب.. جثث بدون معالم وأخرى تترك في الشوارع لتأكلها الكلاب.. الموتى تسرق أعضاءهم وتسحب دماءهم.. ومخاوف من انتشار الأوبئة

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 02:30 ص
شهادات من داخل أماكن القتال.. جثامين مجهولة الهوية وفراق بلا وداع لدواعي الحرب.. جثث بدون معالم وأخرى تترك في الشوارع لتأكلها الكلاب.. الموتى تسرق أعضاءهم وتسحب دماءهم.. ومخاوف من انتشار الأوبئة الموتى

كتب رامى محيى الدين – أحمد عرفة

 

<< أوكراني: لدينا العديد من الجثث مجهولة الهوية والكثير تحت الأنقاض

<< أم فلسطينية: أصعب ما في الحرب ليس الفقد وحده بل ألا تستطيع أن توارى جثمان ابنك الثرى

<< صحة غزة: الاحتلال نبش المقابر وسرق 420 جثة

<< مواطن بخان يونس: بعض جثث جيرانى سرقها الاحتلال ولم يعيد الجثمان

<< مواطن فلسطينية: لم استطع انتشال جثمان أبنائي من الشارع ولا أعرف مصير جسدهما

<< إعلامي سوداني: أهالي الضحايا اضطروا لدفن ذويهم في باحات المنازل أو الشوارع بسبب استحالة الوصول إلى المقابر الرسمية

<< شهادة مواطن سوداني: بعض الجثث أكلتها الكلاب والبعض يدفن داخل منازله

<< عماد السنوسى: في بعض الحالات تحولت ملاعب كرة القدم إلى مقابر غير رسمية في إم درمان والخرطوم

 

في مناطق النزاع وآخرها غزة وأوكرانيا والسودان، لا يرحل الموتى بسلام، فالجثث تتكدس، ودفنها أصبح مجرد معركة ضد الزمن، هذا ليس وصفا أدبيا، بل واقع يعيشه أهل المناطق المتضررة من الحروب، في الساحات، تحت الأنقاض، وحتى في مداخل المستشفيات، تكدّس الموتى يعيد كتابة خريطة الحزن.


في قلب مناطق الصراع والحرب، لا يتوقف الموت عند إزهاق الأرواح، بل يمتد ليحرم الضحايا من آخر حقوقهم: الدفن. من غزة إلى دارفور في السودان، مرورًا بخنادق أوكرانيا، تتكدس الجثث في الشوارع وتحت الأنقاض، شاهدة على حرب لا تقتل الأحياء فقط، بل تسرق من الموتى حقهم في الكرامة.

وجع العائلات.. موت مؤجل ودفن ممنوع

تروي أم فلسطينية من شمال غزة أنها تركت جثمان ابنها لثلاثة أيام داخل منزل مدمر، لم تستطع إخراجه بسبب القصف المستمر، حيث تقول: "أصعب ما في الحرب ليس الفقد وحده، بل أن ترى جثمان ابنك أمامك ولا تقدر أن تواريه الثرى."
لعل صرخة الأم نعمة شهوان التي فقدت اثنين من أطفالها تم استهدافهما في شهر يوليو الماضي برصاص الاحتلال، وبقيت جثتهما في الشارع لا يستطيع أحد الاقتراب منها أو دفنها هي أكبر نموذج لصعوبة الفلسطينيين دفن موتاهم خلال الحرب، وانتشار المقابر الجماعية في الشوارع.

وتقول نعمة شهوان في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" :" في  22 مايو الماضي، خرجا أبنائى لشراء الخبز لأنه ما كان في طعام بخيمتنا وتأخرا كثيرا عن ميعاد عودتهما رغم أن المكان الذى ذهبا إليه للحصول على الخبز لم يكن بعيدا عن المخيم، ومرت ثلاثة ساعات وحينها شعرت بأنهما استشهدا".

وتضيف :" جثثهما ظلت فى الشارع بمحيط المستشفى الأندونيسى لأيام عديدة، ولم نستطع انتشالهما، ومع مرور الأيام اختفت الجثتين ولم نعلم ما إذا كانت أكلتهما الكلاب أم دهستهما دبابة الاحتلال التى تجوب المنطقة".

بينما في السودان، تتكرر المأساة. سكان بعض أحياء أم درمان يتحدثون عن جثث لمدنيين ما تزال في الشوارع بعد أسابيع من المعارك، وسط خوف من انتشار الأوبئة.

قتلى في السودان ضمن مقابر جماعية
قتلى في السودان ضمن مقابر جماعية

 

أوكرانيا
 

منذ حرب روسيا عام 2022، تمكنت منظمة Platsdarm من انتشال أكثر من 3,000 جثة، منها نحو 800 من الجنود الروس، لكن يظل هناك 63,000 مفقودًا و46,000 قتيلًا مؤكدًا، الفريق يواجه خطر الألغام والقصف أثناء البحث، ما يؤدي لتأخيرات كبيرة في استعادة الجثث ودفنها بأمان.


بعد تحرير إزيوم، اكتشف الفريق الفدرالي مقبرة جماعية تضم 447 جثة، من بينهم 414 مدنيًا بينهم 215 امرأة، و194 رجل، و5 أطفال و22 من الجنود؛ بعض الضحايا يظهر عليهم آثار تعذيب وإعدام .


الرئيس الأوكراني كشف عن اكتشاف مقبرتين إضافيتين قد تحتويان على "مئات الجثث" الأخرى ، كما عثر في بوخا وماريوبول على مقابر جماعية، وفي بوخا اكتشف الأوكرانيون 116 جثة في قبر جماعي داخل كنيسة، بينما في ماريوبول قدرت الوفيات بـ أكثر من 25,000 مدني دفنوا جماعيًا.

ويتحدث الدكتور إيفان أوس، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الأوكراني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، من كييف عن تكدس الجثث وعدم القدرة على دفنها قائلا، إن المقابر الجماعية منتشرة في البلاد، وخاصة في الأماكن التي كانت تحت سيطرة روسيا ولا زالت حتى الآن، ونظراً لمساحة الأراضي الأوكرانية الكبيرة التي تحتلها روسيا، هناك العديد من المقابر الجماعية.

ويضيف إيفان أوس، أن هناك ضرورة لدفن جميع جثث الجنود القتلى، وكذلك جثث ضحايا الحرب؛ وينبغي على كييف أن تستقبل جثث الجنود الأوكرانيين القتلى من روسيا، من خلال تنظيم تبادل لجثث الجنود الروس القتلى، وكذلك في إطار عمليات تبادل أوسع نطاقًا.

ويشير إلى أن هناك عدد كبير للغاية من المفقودين، خاصة أن قائمة الأطفال الموجودين في روسيا، وفقًا لتقديرات مختلفة، تتجاوز 20 ألف طفل، ويجب على أوكرانيا إعادة كل واحد منهم، لافتا إلى أن هناك مئات الجثث التي زلا زالت تحت الأنقاض ولم يتم استخراجها خاصة في المدن الأوكرانية الكبرى التي سيطرت عليها روسيا، مثل ماريوبول، متابعا :"في بداية الحرب، قصفت روسيا المدينة التي كان عدد سكانها 600 ألف نسمة، قصفًا عنيفًا مما أدى لانهيار العديد من المباني فوق رؤوس المواطنين".


ويوضح، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الأوكراني أن هناك  العديد من الجثث مجهولة الهوية، وهو أمر طبيعي في ظل العمليات العسكرية المكثفة والضربات الصاروخية على المباني السكنية متعددة الطوابق، خاصة أن كانت الحرب مدمرة للغاية للعائلات الأوكرانية.

مصير جثث الموتى خلال الحرب الأوكرانية الروسية
مصير جثث الموتى خلال الحرب الأوكرانية الروسية

 

السودان

عند الحديث عن آثار الحرب في السودان وانتشار المقابر الجماعية، فوفقا لشهادات سودانيين تم اكتشاف موقع دفن جماعي قرب قرية جرى، شمال الخرطوم، يضم أكثر من 550 قبرًا عشوائيًا، ويُعتقد أن بداخله أكثر من 500 شخص قُتلوا تحت التعذيب أو القهر خلال النزاع، حيث كان الموقع يُستخدم كمركز احتجاز داخلي قبل استعادته من الجيش السوداني، وتم توثيق الأدلة المتعلقة بانتهاكات حقوقية خطيرة، والآن تُرسل لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية

ويقول عماد السنوسي الإعلامي السوداني، إن أهالي الضحايا في الحرب السودانية اضطروا قبل تحرير ولاية الخرطوم إلى دفن ذويهم في باحات المنازل أو الشوارع بسبب استحالة الوصول إلى المقابر الرسمية نتيجة الاشتباكات المستمرة، خصوصًا في مناطق مثل أم درمان والخرطوم.

ويضيف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه ملاعب كرة القدم تحولت في بعض الحالات إلى مقابر غير رسمية ، حيث تُكتب أسماء الضحايا على ألواح خشبية أو قطع معدنية، وهناك آلاف المفقودين، وبعض الجثث تُركت في الشوارع لأيام بسبب تعذر الوصول إليها أو بسبب منع مليشيات الدعم السريع للفرق التطوعية من دفنها.

وفي يوليو الماضي، أعادت لجنة حكومية سودانية دفن أكثر من 2000 رفات بشرية تم اكتشافها مدفونة بشكل سطحي في مناطق كانت تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع. هذه العملية تمت بالتنسيق مع جهات عدلية وصحية لتفادي انتشار الأوبئة.

ويوضح عماد السنوسي، أن هناك تقارير عن انتهاكات بحق الجثث منها منع دفنها أو تركها للتحلل، بل واتهامات بارتكاب جرائم حرب من قبل مليشيات الدعم السريع، لافتا إلى أن الجهات الحقوقية حذرت من أن دفن الجثث دون اتباع الإجراءات العدلية ، مثل أخذ عينات الحمض النووي أو توثيق أسباب الوفاة، قد يؤدي إلى ضياع الأدلة وإفلات الجناة من العقاب ، خاصة في حالات الاختفاء القسري.

ويشير إلى أن هناك معلومات مؤكدة عن عمليات سرقة للجثث في حرب السودان، بحسب مصادر رسمية، خاصة أن مقابر أم درمان امتلأت وأن السلطات تجري ترتيبات لذلك، وكثير من الجثث تحللت، وتمت عمليات دفنهم، لافتا إلى أنه قبل شهور انتشل الهلال الأحمر السوداني أكثر من 4500 جثة تابعة للمليشيا بطريق الصادرات الرابط بين أم درمان والأبيض بشمال كردفان، وهناك كثير من الأسر السودانية وثقت ذلك.


وفقا لتقرير سودان تريبيون، ارتكب جنود جنجويد الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها جريمة بشعة جديدة بحق المدنيين الفارين من مدينة الفاشر، حيث أفاد شهود عيان وناجون أن هؤلاء الجنود لم يكتفوا بالقتل والاختطاف والاعتقال التعسفي، بل مارسوا انتهاكا تمثل في سحب الدماء من المدنيين بالقوة ودون أي احتياطات أو إشراف طبي، وأكد ثلاثة ناجين وصلوا إلى منطقة طويلة أن ما لا يقل عن عشرة مدنيين فقدوا حياتهم مباشرة بهدف سحب كميات كبيرة من دمائهم في جريمة تمثل شكلا جديدا من الانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين .

شهادة نقلها عدد من السودانيين في مدينة الفاشر عن واقعة استهداف مسجد في المدينة في 19 سبتمبر الماضي، وعدم قدرة المواطنين على دفن الجثث، تلك الشهادة التي شهدت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمنت شهادة بعض المواطنين السودانيين :"امبارح وقت صلاة الفجر، الناس دخلوا يصلّوا بمسجد بحي اسمه الدرجة الأولى، بس كانوا يصلوا بصوت واطي، بلا ضو ولا سماعات، عشان الطائرات المسيّرة بتلقط أي حدا بيتحرّك، وهادا الإشي في ظل حصار خانق من شهور: لا أكل، ولا ماء، ولا دواء، والمهم واحد من المصلّين بالغلط شغّل فلاش موبايله، وهالضو كان كافي عشان المسيرة ترصد المكان وتضرب المسجد باللي فيه، الضربة أدّت لارتقاء حوالي سبعين مصلي من الشيوخ والشباب والأطفال، وإصابة المئات، والعدد تقريبي لأنه لسا في ناس تحت الركام".

المسجد المستهدف في مدينة الفاشر
المسجد المستهدف في مدينة الفاشر


وتضيف:"بسبب الأحداث ما قدروش يدفنوا الشهداء بالمقابر العامة، ولا يتحركوا عالمدافن، ولا يجيبوا أكفان، فحفروا تحت المسجد، ولفّوهم بأكياس نايلون ودفنوهم هُناك، هذه الجريمة صارت امبارح في السودان، في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، واللي عمل هيك قوات الدعـم السريع، هل سمعتم بالخبر؟ هذا هو حال السودان المنسي".
ويؤكد أمجد فريد، المحلل السياسي السوداني، أن هناك جثث سودانية كثيرة تنتشر في الطرقات، وبعض الجثث تم دفنها في البيوت لعدم وجود مقابر، وبعضها في المزارع التي كان يتم احتلالها.
ويضيف المحلل السياسي السوداني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن بعض الجثث تم تركها في الشوارع لحين تحرير الخرطوم وبعد ذلك بدأت حملة تنظيف الخرطوم وتصحيح البيئة.

وفي 26 يونيو عثرت السلطات السودانية على مقابر جماعية جديدة في الواجهة الغربية لسجن ود مدني القومي تم دفنها بطريقة غير لائقة، حيث تم فتح بلاغ جنائي تحت المادة 47 “أ ج ج” بالقسم الشرقي ضد مليشيات الدعم السريع وتعمل السلطات العدلية على التعرف على هوية الضحايا عبر الفحوصات الطبية العدلية.

هياكل عظمية في السودان
هياكل عظمية في السودان


نشطاء حقوق الإنسان ومراقبون سودانيون حذروا حينها من احتمال وجود مقابر أخرى لم تُكتشف بعد، داعين إلى تحقيق دولي مستقل في جرائم القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة التي صاحبت الحرب، حيث أعادت هذه الواقعة إلى الواجهة ملف الانتهاكات واسعة النطاق بحق المدنيين في السودان.

وفى 3 يوليو حذرت لجنة الطوارئ وإدارة الأزمات بولاية الخرطوم، من عدم وجود مساحات للدفن بالمقابر التي تقع في المناطق الحضرية بالولاية، مشيرة لتمدد ظاهرة دفن الموتى خارج أسوار المقابر، حيث دعت اللجنة خلال اجتماع لها حينها، المواطنين إلى الالتزام بالدفن في المساحات والمواقع التي ستحددها داخل المقابر، ونوهت لاتخاذها عدداً من التدابير، التي ستعلن لاحقا للحد من الظاهرة.

في شهادة كتبها المواطن السوداني مصطفى ميرغني حملت عنوان "جنازة الخوف"، يكشف الصعوبات التي يواجهها المواطنين السودانيين لدفن ذويهم بسبب الحرب، قائلا:" في يوم من أيام الحرب في جبرة، بلغني الخبر أن جارا لنا توفي رحمه الله تعالى، وحينها لم يصطنع الناس أمر دفن الموتى في الأحياء، كان وقت الوفاة قبل الظهر بقليل، تطوع بعض الشباب وذهبوا إلى مقابر الصحافة، التي تبعد عنا ثلاثة كيلوهات، ودخلت أنا الغسيل، وأثناء الغسيل أفكر وأحمل هما كبيرا، كيف سنذهب بالجنازة إلى المقابر، فالسيارات تنهب من البيوت عنوة و قهرا فمن الذي بقيت سيارته و يمكنه أن يخرجها؟ لا أحد".

مصطفى ميرغني
مصطفى ميرغني

 

وأضاف "ميرغني" :"اقترب وقت العصر والذين ذهبوا إلى المقابر حفروا أرضا صلبة استعصت عليهم فحتى وقت العصر لم يشارفوا على الانتهاء، وكان المعلن أن الدفن سيكون بعد العصر، فأخبروني أن نتأخر قليلا حتى يجهز القبر، والمكان الوحيد الذي يمكن أن يجتمع فيه الناس على قلتهم هو المسجد في صلاة العصر، وإن تفرقوا بعد العصر صعب جمعهم وذلك لأن شبكة الاتصالات ضعيفة فكيف بشبكة الانترنت".

وتابع :"صلينا العصر ثم وقفت بعد العصر أمام الناس و كان لا حل سوى ذلك، قلت لهم أن فلانا جارنا قد مات و أبناؤه هاهم يصلون معنا، وتعلمون أنه لا يوجد سيارة يمكن أن نحمل عليها الجثمان، فكل شاب وكل من يأنس في نفسه القوة فليتحرك معنا سيرا على الأقدام نحمل الجنازة على أكتافنا ونتبادل حملها حتى نصل، سبحان الله رغم الخوف الشديد في تلك الأيام من اعتداءات الميليشيا، واعتداءات النهابة و الحرامية، وكانت الاشتباكات تدور وقتها في شارع الهواء جنوبنا مباشرة و طائش الذخيرة يأتينا كثيرا، رغم ذلك كله استجاب الناس و ما تخلف منهم أحد حتى كبار السن و أصحاب الأعذار أصروا على القيام بهذا الواجب العظيم، تحركنا نسارع الوقت حتى لا يأتي الليل فالظلام شديد لعدم الكهرباء و لقلة الناس أصلا. "


وواصل شهادته :"تحرك فوج عظيم وعدد كبير من الناس من المسجد إلى المقابر سيرا على الأقدام حاملين الجنازة، وصلنا المقابر و كان الوضع مخيفا، فصوت الاشتباكات فوق رأسك مباشرة و هاهو الرصاص يتساقط من حولنا بكثرة، وكل ذلك لا يخيف الناس أكثر من مخافتهم من أن يتعرض لنا أفراد الميليشيا، كان هذا خوفنا أكثر من الرصاص و الله، ثم تأخر الحفر لصلابة الأرض، وأصاب الناس العطش و الماء قليل جدا، أذن المغرب وبدأت مراسم الدفن فلما فرغنا من الدفن وقد حان وقت المغرب، قلنا لو أننا صلينا في مكاننا هذا سنتأخر، وإن تأخرنا صار الأمر أشد خطرا على الناس، فكان القرار أن نؤخر المغرب حتى نرجع، حتى لو أذن العشاء فإن حالنا هذا يجوز فيه الجمع لشدة الخوف".

وقال :"فعلا تحركنا وخوفنا الكبير من أن يرانا بعض أفراد الميليشيا ثم خوفنا من النهابين و قطاع الطرق ثم خوفنا من الكلاب التي اشتد سعرها، وصارت لا تنصرف بعصا أو صراخ، توكلنا على الله ومضينا في ظلام بهيم، في زقاقات السوق المحلي، فأبواب الدكاكين المكسرة وبقايا البضاعة التي نهبت ملقاة على الأرض وصوت الذخيرة من الميليشيا الذي يضربونه على رأس كل دقيقة بثا للرعب ونشرا للخوف في قلوب القلة القليلة التي بقيت، وبعد قرابة الساعة مشيا وصلنا الحي مع أذان العشاء وجمعنا المغرب مع العشاء جمع تأخير، ومن لم يذهب معنا أصابهم قلق وخوف شديد لتأخرنا، لعدم الشبكة و إن وجدت فمن ذا الذي يجرأ ليحمل هاتفه معه".


وتحدث مصطفى ميرغني عن هول ما لاقوه خلال عملية الدفن، قائلا :"كان يوما عسيرا بمعنى الكلمة و لعل كلماتي هذه لا تعكس لك الخوف والمعاناة الشديدة التي لقيناها في ذلك اليوم، وهذا حال كل من يعيش في مناطق الميليشيا،لا شيء غير الخوف و القلق والتوتر وعدم الأمن وعدم الشعور بالطمأنينة، رحم الله المتوفى، وجزى الله خيرا أهل مسجدنا ".

تواصلنا مع مصطفى ميرغني ليحدثنا عن تفاصيل المعاناة التي يواجهونها من أجل دفن ذويهم، وحجم انتشار المقابر الجماعية داخل السودان بسبب الحرب وعدم القدرة على تسجيل الوفيات، حيث يؤكد ضرورة التفريق بين المناطق المتواجد فيها الدعم السريع والمناطق التي يتواجد فيها الجيش السوداني، حيث إن المناطق التي يتواجد فيها الجيش الحياة فيها طبيعية للغاية ، والموتى يدفنون في المقابر ويتم تسجيلهم والحياة طبيعية للغاية، أما المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع والتي كان يسيطر عليها في السابق مثل وسط السودان ووسط العاصمة الخرطوم والجزيرة فلا يجد الناس مقابر لدفن موتاهم".

ويوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن تكدس الجثث وصل إلى أن الكلاب بدأت تأكل الجثث في الطرقات، وبعض الناس بدأت تضطر للدفن في منازلها وفي الحدائق والساحات الفارغة، مشيرا إلى أنه لا يوجد تسجيل للموتى، وحتى الآن يوجد موتى مفقودين في مناطق الدعم السريع وإلى الآن لا نعلم عنهم شيء .

وبشأن لجوء بعض المواطنين السودانيين لدفن ذويهم في المنازل يقول :"كل شيء متوقع يحدث في تلك المناطق التي سيطر عليها الدعم السريع، وعندما يحرر الجيش مناطق يتم إخراج الجثث وتسجيلها ودفنها في المقابر مع سائر الموتى وهناك لجان مختصة بالجثث في أم درمان والخرطوم".

3155f880-92ba-4d7a-b97e-6dab789be685
3155f880-92ba-4d7a-b97e-6dab789be685

 

الجثة كورقة ضغط
 

في كثير من النزاعات، يتحول الموتى إلى ورقة ضغط سياسية أو عسكرية، ففي أوكرانيا على سبيل المثال، اتهمت منظمات دولية الأطراف المتحاربة بترك جثث الجنود في أرض المعركة عمدًا، كرسالة نفسية للخصوم ولذويهم.

القانون الدولي: الحق في الدفن

وتنص اتفاقيات جنيف على ضرورة احترام جثامين الموتى في النزاعات المسلحة ودفنهم بكرامة لكن الواقع يكشف أن هذا البند غالبًا ما يُسحق تحت وطأة الحرب، كما أن منظمات حقوقية دقت ناقوس الخطر محذرة من أن ترك الجثث في الشوارع لا يمثل فقط انتهاكًا أخلاقيًا، بل أيضًا تهديدًا للصحة العامة.

 

غزة
 

عند الحديث عن غزة، فإن أعداد المفقودين والجثث تحت الأنقاض كثيرة، حيث تشير منظمة الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 10,000 شخص دفنوا تحت الأنقاض منذ أشهر، في انتظار الانتشال الذي قد يستغرق 2–3 سنوات، وسط تقديرات بوجود 120 مقبرة جماعية قرب المستشفيات مثل ناصر والشّفاء، حيث اكتُشف أكثر من 300 جثة في مجمع ناصر وحده تحمل آثار تعذيب أو ربط .

الموتى الذين لا يدفنون هم الندبة الأعمق في جسد الحروب. فالحرب لا تكتفي بقتل الإنسان حيًا، بل تواصل اغتياله ميتًا، وتجعل ذويه أسرى ذكرى مشوهة بلا قبر، فحسب "المراقب المتوسطي"، هناك أكثر من 13,000 شخص مفقود يُعتقد أنهم دفنوا تحت الركام أو في مقابر جماعية غير معلنة ، وفي الوقت نفسه، تم تحديد أن جسد 76% من الضحايا تم انتشاله، لكن 14,222 لا يزالون تحت الأنقاض أو في مناطق لا يمكن الوصول إليها.

جثث فلسطينيين تم سرقة أعضائها
جثث فلسطينيين تم سرقة أعضائها

 

"ب . ش " فضل عدم ذكر اسمه، تعرض ابن خاله في بداية العدوان لسرقة جثمانه بعدما اقتحم الاحتلال مستشفى الشفاء الطبي في نوفمبر 2023، بعد استشهاده في شمال غزة إثر قصف صاروخي، حيث اقتحم الاحتلال ثلاجة الموتى وسرق عدد من الجثث، حاول البحث عن جثة ابن خاله الذي لم يتمكن من دفنه، حتى فوجئ أنها توجد في مستشفى يوسف النجار في جنوب القطاع بعد شهر من سرقتها وبها نقص في كثير من الأعضاء بالقلب والكلى  مع عدد من الجثامين التي سرقتها إسرائيل من مستشفى الشفاء .

أما " م . أ " فيقول: "تعرضت عدد من جثامين عائلته في المقبرة التركية في مدينة خان يونس للسرقة في شهر يوليو الماضي، بعد أن أقدم الاحتلال على نبس المقبرة وسرقة عدد من الجثامين كان من بينها بعض أفراد عائلته وتجريف الباقي منها، وحتى الآن لا يعلم مصير تلك الجثامين".

ويتوقع أن الاحتلال نبش تلك المقبرة من أجل البحث عن جثث بعض المحتجزين الإسرائيليين، خاصة أن الاحتلال سرق بعض الجثث من أجل أخذ عينات لمعرفة ما إذا كانت تلك الجثث تتبع محتجزينه من عدمه، وكثير من الجثث التي يعيدها الجنود لمستشفيات غزة تفقد الكلى أو القلب وأعضاء أخرى.

عاهد الريس مواطن فلسطيني يقيم في مدينة خان يونس، كان شاهدا على إقدام الاحتلال على سرقة أعضاء جثث بعض جيرانه، مؤكدا أن هناك جثث تصل المستشفيات مشرحة ومسروق منها أعضاء من الجانب الإسرائيلي بحجة أنهم يأخذونها لفحص جثث معينة.

ويشير "الريس"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال سرق خلال الحرب كثير من جثث الشهداء، ولم تعود الأجساد لذويهم بل تضعها إسرائيل في مقابر تسمى "مقابر الأرقام"، لافتا إلى أن هذه الجثامين تسرقها تل أبيب وتضعها في في مستشفياتها وتستخدم أعضائها في عمليات جراحية لديهم.

وفي ذات السياق، يوضح الصحفى الفلسطيني، عمر عرفات أن الاحتلال تعمد خلال الحرب إطلاق الرصاص على  طالبي المساعدات من أمام مؤسسة غزة الإنسانية، خلال عودتهم لمنازلهم، وسرق بعض الجثث ولم يعيدها لذويها، مضيفا في تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال يقتحم عدد من المقابر ويأخذ بعض جثث الشهداء ويزعم أنهم ينتسبون لأسراهم.

الاحتلال نبش المقابر وسرق 420 جثة

ويؤكد المهندس زاهر الوحيدي، مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية، أن الاحتلال ينبش المقابر ويستخرج منها جثث وينقلها للداخل المحتل، مشيرا إلى أنه تم التواصل مع الصليب الأحمر عدة مرات لتزويد الوزارة بكشوفات وبيانات الجثامين التى يقوم الاحتلال بسرقتها أو حتى التي قام بإعادتها ولكن إسرائيل لا تتعاطى مع هذا الطلب.

ويقول مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، :"ليس لدينا معلومات عن سرقة الاحتلال أعضاء نظرا لأن المرات التي تسلمنا فيها جثث من الاحتلال كانت عبارة هياكل وبالتالي لم نتمكن من معرفة ما إذا كان هناك أعضاء فيها تم سرقتها".
وبشأن ما إذا كان الاحتلال يسرق بعض تلك الجثث لوضعها ضمن بنك الأعضاء في الاحتلال كما اتهمهم نشطاء فلسطينيين يضيف "الوحيدي" :"ربما، لكن السبب الأبرز لفحص الجثث للتأكد إن كانت تعود للمحتجزين الإسرائيليين أم لا".

وحول ما إذا كان هناك حصر بعدد الجثث التى سرقها الاحتلال، يقول :"420 جثة قام الاحتلال بإعادتها لكن لا نعلم عدد الجثث التي لازالت محتجزة".

وبشأن ما إذا كان سرقة الجثامين ونبش القبور هي سياسة من قبل الاحتلال قبل العدوان على غزة أم أنها بدأت مع أحداث 7 أكتوبر فقط، يقول مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية، :"نعم قبل 7 أكتوبر 2023 كان يتم احتجاز جثامين الشهداء في غزة والضفة فيما يسمى مقابر الأرقام".

 

مصير جثث الموتى خلال الحرب على غزة
مصير جثث الموتى خلال الحرب على غزة

 

الاحتلال أعاد بعض الجثث للمستشفيات بعد سرقتها

الدكتورة راوية الحرازين، طبيبة النساء والتوليد بمستشفى ناصر الطبي تؤكد أيضا، أن الاحتلال يدخل بعض المقابر ويسرق بعض القبور منذ بداية الحرب على غزة ليتأكد من هوية المدفونين أو لاعتقاده بأن جثث أسراه مدفونة في مقابره، مضيفة في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، :"تل أبيب أعادت بعض الجثث للمستشفيات في القطاع بعد أن سرقتها وأجرت فحص وأخذت بعض العينات من جسد الشهيد، فإسرائيل تسرق كل شيء، حيث سرقوا البيوت والبنوك والمدنيين وعاثوا بالأرض فسادا وبالتالي ليس مستغربا أن يسرق أعضاء الشهداء في غزة".

يمكن محاكمة الاحتلال لتعمده تشويه جثامين الفلسطينيين

وتؤكد ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن هناك جرائم يرتكبها الاحتلال ضد جثامين الفلسطينيين، تتراوح ما بين التشويه ونبش المقابر والسرقة وهناك شبهات لسرقة الأعضاء ، موضحة أن المرصد تلقى شهادات من بعض الأطباء الذين عملوا في المستشفيات حكوا أن بعض الجثامين وصلت لهم بدون بعض الأعضاء ولكن لم نتحقق من هذه المعلومة بحد ذاتها وطلبنا إجراء تحقيق دولى مستقبل لمعرفة إذا ما تم سرقة أعضاء من جثامين الفلسطينيين.

وتضيف مديرة الدائرة القانونية للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك تخوفات من تعمد الاحتلال تشويه جثامين الفلسطينيين، ونسعى للوصول لحقيقة سرقة الأعضاء، هناك حالات محصورة أحداثها صارت منذ عام، وهو أمر نتأمل ألا يكون واسع النطاق وليس لدينا شهادات يشير إلى أنها واسعة الانتشار، ولكن الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وتوضح أن هناك تعمدا من جانب الاحتلال لتشويه الجثامين وهرسها ونبش المقابر وسرقة الجثامين، هناك بعض الجثامين أعادها الاحتلال مرة أخرى وجثامين رفضت إسرائيل إعادتها للقطاع.

وتشير إلى أن جيش تل أبيب ارتكب تلك الجرائم كلها رغم أنها سلوكيات محظورة وفقا للقانون الدولى ووفقا لاتفاقيات لاهاي وجنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ويمكن مساءلة إسرائيل بأكثر من طريقة من ضمنها المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة الأفراد الذين قاموا بهذه الجرائم وكذلك محكمة العدل الدولية باعتبار ذلك شكل من أشكال الإبادة الجماعية، والمحاكم الوطنية للدول وفقا للاختصاص القضائي العالمي التي تحاكم الأفراد باعتبارهم ارتكبوا إحدى الجرائم الخطيرة الدولية، لافتة إلى أن سرقة الأعضاء ثبتت على إسرائيل في عامي 2004 و2009.

 

سرقة أعضاء جثث بعض الأسرى

الأمر لم يتوقف عند سرقة جثث الشهداء أو أعضاء أجسادهم، بل أيضا تلجأ السلطات الإسرائيلية إلى منع تسليم بعض الجثث لذويهم وسرقة أعضاء البعض الأخير، وهو ما يؤكده جمال فروانة عضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية في غزة، بأن المعتقلين الذين يتوفون في سجون الاحتلال تلجأ تل أبيب لسرقة بعض أعضائهم أو جثثهم  وترفض تسليمها.

ويضيف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال يتحفظ على بعض الجثث بثلاجات الموتى أو مقابر الأحياء والتي كان يوجد فيها قبل الحرب تقريبا 500  شهيدا، بينما زاد العدد الأسرى الذين سرق الاحتلال أعضائهم بعد وفاتهم في الوقت الراهن بعد استشهاد عدد كبير في السجون من جهة وكذلك ما اختطفهم الاحتلال سواء أحياء أو جثامين من المقابر والمستشفيات ناهيك عن عدد كبير من المفقودين.

ويوضح أنه لا يوجد جهات دولية ضاغطة على الاحتلال من أجل استلام هذه الجثامين إلا إذا قررت إسرائيل الإفراج عن بعضها يسلمها للصليب الاحمر ليسلمهم لوزارة الصحة الفلسطينية، كما كشفت الطبيبة الإسرائيلية مئيرة فايس -في كتابها "على جثثهم الميتة"- عن سرقة أعضاء من جثث شهداء لزرعها في أجساد مرضى يهود، واستعمالها في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لإجراء الأبحاث عليها، مشيرا إلى أن هناك تحقيق من صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية قبل سنوات حول سرقة الأعضاء للشهداء الفلسطيني من معهد أبو كبير الموجود داخل تل أبيب .

ويؤكد "فروانة، أن سياسة سرقة الجثامين والاحتفاظ بها وعدم دفنها خاصة حثث الأسرى سياسة قديمة من قبل الاحتلال  وهناك تقارير كثيرة أكدت ذلك من ضمنها مؤسسات إسرائيلية وإعلامية دولية، إلا أن تل أبيب لجأت خلال السنوات الأخيرة إلى إضفاء صبغة قانونية تتيح بلورة مسوغات لاحتجاز جثث الشهداء وسرقة أعضائهم، منها قرار المحكمة العليا في إسرائيل الصادر عام 2019 الذي "يتيح للحاكم العسكري احتجاز الجثث ودفنها مؤقتا في ما تعرف بمقابر الأرقام"، كما سن الكنيست الإسرائيلي نهاية عام 2021 تشريعا يخول الشرطة والجيش الاحتفاظ برفات شهداء فلسطينيين.

ويوضح أنه خلال السنوات الأخيرة، تواترت تقارير عن استغلال غير قانوني لجثث شهداء محتجزة لدى إسرائيل يشمل سرقة أعضاء منها واستخدامها في مختبرات كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية، مما يعني أن الاحتلال شرع هذا الجريمة ومن أعلى المستويات، مشيرا إلى أن هذه الجرائم بالتأكيد تضاعفت خلال الحرب خاصة ما يجري بالسجون واستشهاد قرابة 75 أسيرا منهم 45 من غزة وعدد كبير من المفقودين.

اعترافات إسرائيلية وأرقام عن سرقة الأعضاء

وفي 29  ديسمبر 2023، اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسرائيل بسرقة الأعضاء الحيوية من جثامين 80 فلسطينياً من ضحايا الحرب المستمرة على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023، بينما في 25 نوفمبر 2023 ، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في احتجاز الجيش الإسرائيلي جثث عشرات القتلى الفلسطينيين خلال حربه على القطاع وشبهات سرقة أعضاء منها، حيث وثق المرصد  احتجاز الجيش جثث قتلى من مجمع الشفاء الطبي، والمستشفى الإندونيسي، وأخرى من محيط ممر النزوح إلى وسط وجنوب القطاع الذي خصصه على طريق صلاح الدين الرئيسي.

تقرير المرصد الأورومتوسطى عن سرقة الأعضاء والجثث
تقرير المرصد الأورومتوسطى عن سرقة الأعضاء والجثث


وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي عمد كذلك إلى نبش مقبرة جماعية جرى إقامتها في إحدى ساحات مجمع الشفاء الطبي واستخراج جثث القتلى منها واحتجازها.
وأشار إلى أنه بينما جرى الإفراج عن عشرات الجثث عبر تسليمها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تولت بدورها نقلها إلى جنوب غزة لإتمام عملية الدفن.

وأثار المرصد شبهات سرقة أعضاء من جثث قتلى، بينها ملاحظات أدلى بها أطباء في غزة أجروا فحصا سريعا لبعض الجثث بعد الإفراج عنها ولاحظوا فقد أعضاء مثل قرنية العين وقوقعة الأذن، وأعضاء حيوية أخرى مثل الكبد والكلى والقلب، حيث قال أطباء يعملون في عدة مستشفيات لفريق الأورومتوسطي، إن الكشف الظاهري الطبي الشرعي لا يكفي لإثبات أو نفي سرقة الأعضاء، لا سيما في ظل وجود تداخلات جراحية سابقة لعدة جثث.

وقال المرصد الأورومتوسطي إن لدى إسرائيل تاريخا حافلا باحتجاز جثث القتلى الفلسطينيين، إذ تحتجز في ثلاجات خاصة جثث 145 فلسطينيًا على الأقل، إضافة إلى حوالي 255 في مقابر الأرقام و75 مفقودًا ترفض الاعتراف باحتجاز جثثهم، موضحا أن اعتماد إسرائيل على احتجاز جثث القتلى الفلسطينيين عبر دفنهم فيما تسميه "مقابر مقاتلي العدو"، وهي مقابر سرية جماعية تقع في مناطق محددة مثل مناطق عسكرية مغلقة، ويتم فيها الدفن بشكل مجهول بأرقام محفورة على لوحات معدنية ملحقة بالجثث أو الرفات.

وذكر الأورومتوسطي أنه سبق ورصد تعمد السلطات الإسرائيلية الإفراج عن جثث قتلى لذويها من سكان الضفة الغربية بعد مدة من احتجازها، وهي متجمدة بدرجة قد تصل إلى أربعين تحت الصفر، مع اشتراط عدم تشريح الجثث، وهو ما قد يخفي وراءه شبهات سرقة بعض الأعضاء.

وفي 3 أغسطس الماضي وثقت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان 72 حالة لمفقودين قرب نقاط توزيع المساعدات وممرات دخول الشاحنات، بينما أكدت وزارة الأوقاف الفلسطينية، أن الاحتلال دمر قرابة 40 مقبرةً تدميرا كليا وجزئيا من أصل 60 مقبرةً في أنحاء غزة خلال الحرب، ما يؤكد أن إسرائيل تعمدت استهداف المقابر والعبث بها تحت ذرائع وحجج واهية.

واعترف يهودا هس، المدير السابق لمعهد أبو كبير للطب الشرعي في إسرائيل، بسرقة أعضاء بشرية وأنسجة وجلد شهداء فلسطينيين في فترات زمنية مختلفة، من دون علم أو موافقة ذويهم.

 

معلومات عن تاريخ سرقة الاحتلال للأعضاء
 

ذكرت تقارير حقوقية فلسطينية ودولية، أن إسرائيل تسرق جثث الفلسطينيين، وفي بعض الحالات أعضائهم، خلال حربها على غزة، متهمين الاحتلال باحتجاز جثث الفلسطينيين الذين استشهدوا في الصراع بشكل منهجي مما تسبب في معاناة هائلة للعائلات التي لا تستطيع دفن أفراد عائلاتها بشكل لائق .

وبحسب تقارير حقوقية فلسطينية، فهناك مقابر سرية يؤكد الفلسطينيون أن أقاربهم يدفنون فيها من قبل الاحتلال ولا يُحدد هويتهم إلا بالأرقام، وسط اتهامات لإسرائيل بأنها جمعت أعضاء من جثث المواطنين دون موافقة عائلاتهم، وتستخدم هذه الأعضاء في عمليات زرع للمرضى اليهود الإسرائيليين وفي الأبحاث الطبية في الجامعات الإسرائيلية، كما اتهمت القوات الإسرائيلية بتدنيس المقابر في غزة، تضمنت تجريف القبور واستخراج الجثث، حيث زعم جيش الاحتلال أنه في بعض الحالات، تم ذلك للبحث عن رفات المحتجزين، كما صادرت تل أبيب  عشرات الجثث من مستشفيي الشفاء والإندونيسي في بداية الحرب، وأعادت بعضها ولكن مفقودين بعض الأعضاء.

كما كشف تحقيق إسرائيلي من سنوات سابقة، أن تل أبيب تمتلك واحد من أكبر بنوك الجلد البشري في العالم، ويعتبر غير متناسب مع عدد سكانها، فيما واجهت جامعة برينستون في الولايات المتحدة انتقادات من الاحتلال لاعتزامها تدريس كتاب يوثق اتهامات للجيش الإسرائيلي بتشويه الجثث وسرقة أعضاء من الفلسطينيين.

 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب