
في أسبوع حمل معه أنباء مفرحة ومكاسب وطنية وإنسانية، عاش المصريون لحظات من الفخر والسعادة، مع توالي الإنجازات على مختلف الأصعدة، سواء السياسية أو الثقافية أو الرياضية، فبين انتصار دبلوماسي كبير أنهى معاناة ملايين الأبرياء، وإنجاز ثقافي تاريخي في منظمة أممية كبرى، وتأهل طال انتظاره في الرياضة، بدا وكأن هذا الأسبوع جاء ليعيد الأمل ويؤكد حضور مصر الفاعل على الساحة الدولية.
بدأت الفرحة بخبر طال انتظاره، حين أعلنت القاهرة نجاح جهودها في التوصّل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة، بعد أسابيع من التصعيد الذي راح ضحيته الآلاف من المدنيين.
هذه الجهود قادتها الدولة المصرية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكانت محل إشادة وتقدير إقليمي ودولي، بعدما أثمرت عن وقف إطلاق النار، وبدء انسحاب قوات الاحتلال، وفتح المجال أمام دخول المساعدات الإنسانية العاجلة، فضلًا عن الترتيب لعمليات تبادل الأسرى بين الطرفين.
وجاء الاتفاق تتويجًا لتحركات دبلوماسية مكثفة، لم تتوقف منذ بدء التصعيد، حيث عملت القاهرة على التنسيق مع الأطراف المعنية، ودفعت بمبادراتها لحقن الدماء، واحتضنت جولات الحوار بين الفرقاء.
وكان لافتًا أن يُعلن التوصّل إلى الاتفاق من أرض مصر، وتحديدًا من أقرب نقطة إلى غزة، في رسالة واضحة بأن مصر لم ولن تتخلّى عن دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، والحفاظ على استقرار المنطقة.
وسط هذه الأجواء، جاءت البشرى الثانية من قلب باريس، عندما أعلن المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو، فوز الدكتور خالد العناني برئاسة المنظمة، بعد حصوله على 55 صوتًا من أصل 57، متفوقًا على منافسه الكونغولي إدوارد فيرمين ماتوكو.
بهذا الفوز، يصبح العناني أول عربي يتولى هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة قبل نحو 80 عامًا، وثاني إفريقي بعد السنغالي أمادو محتار مبو.
ويُعد الدكتور خالد العناني من الوجوه البارزة في الساحة الثقافية والعلمية المصرية، حيث شغل منصب وزير السياحة والآثار، وكان له دور محوري في الترويج للتراث المصري عالميًا، وتنظيم فعاليات ثقافية ضخمة جذبت أنظار العالم.
ويُنظر إلى هذا الفوز باعتباره انتصارًا للثقافة العربية والمصرية، وفرصة لإعادة صياغة الخطاب الثقافي الدولي بما يعكس تنوع الحضارات.
وفي تعليقه على فوزه، أكد العناني أن اختياره لرئاسة اليونسكو ليس انتصارًا شخصيًا، بل هو تتويج لمكانة مصر الثقافية والحضارية، ودورها في دعم الحوار والتسامح وحماية التراث. وأعرب عن تطلّعه للعمل مع الدول الأعضاء لتعزيز قيم السلام والتعليم والثقافة في العالم.
لم تنتهِ لحظات البهجة عند حدود السياسة والثقافة، بل امتدت إلى الملاعب، حيث حقق المنتخب المصري الأول لكرة القدم إنجازًا جديدًا بتأهله إلى كأس العالم 2026، بعد فوزه المستحق على منتخب جيبوتي بثلاثية نظيفة، في المباراة التي أقيمت على ملعب العربي الزاولي في المغرب، ضمن منافسات الجولة التاسعة من التصفيات الإفريقية.
هذا التأهل هو الرابع في تاريخ المنتخب المصري إلى كأس العالم، وجاء بعد أداء قوي ومتماسك، عكس روح الإصرار لدى اللاعبين والجهاز الفني.
وقد عبّر آلاف المصريين عن فرحتهم بهذا التأهل عبر مواقع التواصل الاجتماعي والشوارع، في مشهد يعكس شغف الجماهير المصرية بكرة القدم، وارتباطهم بالمنتخب الوطني.
ويعزز هذا الفوز من فرص مصر في تقديم أداء مشرف في البطولة المقبلة، خاصة في ظل وجود كوكبة من النجوم المحترفين، وتطور ملحوظ في مستوى الكرة المصرية خلال السنوات الأخيرة، بدعم من الاتحاد المصري لكرة القدم وخططه طويلة المدى.
هكذا، جاءت نهاية الأسبوع حافلة بالأحداث التي ملأت قلوب المصريين فخرًا وسرورًا، بعد أن لمسوا بأعينهم ثمار الجهود التي تبذلها الدولة على كافة المستويات، لتكون مصر حاضرة ومؤثرة، تصنع الفارق إقليميًا ودوليًا، وتقدّم للعالم نموذجًا للدور المتوازن والمسؤول.
في زمن تطغى فيه الصراعات على مشاهد الأخبار، قد تبدو هذه اللحظات من الفرح كنافذة صغيرة يطل منها الناس على الأمل. لكنها في الواقع، ليست مجرد لحظات عابرة، بل إشارات على طريق طويل تسير فيه مصر، بثقة وثبات، نحو المستقبل.