ساهم زيت الزيتون في تشكيل الأساطير والتاريخ والفلسفة اليونانية القديمة لأكثر من 7000 عام، وفقًا لبحث جديد نشر في المجلة الدولية لعلم الطهي وعلوم الأغذية.
وقالت ماريا بروتوباباس-مارنيلي، المؤلفة الرئيسية للدراسة، إن شجرة الزيتون وزيتها كانا أكثر من مجرد مصدر للغذاء، فقد لعبا دورا محوريا في حياة الإغريق القدماء ، كدواء وعطر ووقود، وقربان مقدس يرمز إلى الانسجام بين الآلهة والبشر.
وتتبع الدراسة كيف أثر هذا المكون الدائم على الطقوس اليومية، وممارسات الشفاء، والتجارة، وحتى القيم الأخلاقية لحضارة بأكملها، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.
تقليد عمره 7000 عام متجذر فى جزيرة كريت اليونانية
تتبع الباحثون تاريخ زيت الزيتون إلى جزيرة كريت، حيث بدأت زراعته خلال العصر الحجرى الحديث، وتظهر الاكتشافات الأثرية من حبات الزيتون فى القبور إلى جرار النقل أنه كان موردًا قيمًا أدير بعناية.
حتى أن ألواح القصر الميسينية المكتوبة بالخطية ب سجلت مصطلح "إ-را-وو"، الذي يعني الزيت، وهو من أقدم الكلمات اليونانية المكتوبة، سيطر مسئولو القصر على العطارين الذين كانوا يغلون الأعشاب بالزيت لصنع مراهم ثمينة، تتداول بين النخب، وقد ربط هذا النظام المبكر زيت الزيتون بالثروة والتجارة والحرف اليدوية.
ملاحم هوميروس وزيت الزيتون في الحياة اليومية
يحافظ الأدب اليوناني القديم أيضا على الثقل الثقافي لشجرة الزيتون، ففي ملحمتي هوميروس الإلياذة والأوديسة، يظهر زيت الزيتون في الطقوس والوجبات ومشاهد الشفاء، في الأوديسة (6.210-220)، يحمم أوديسيوس ويدهن بزيت الزيتون بسخاء من قبل مرافقي نوسيكا قبل لقاء والدها، رمزًا للطهارة والكرامة.
استخدم أبطال مثل أوديسيوس وأخيل الزيت لتنظيف أجسادهم بعد المعارك، وتعطرت به آلهة مثل أفروديت وهيرا.
تظهر شجرة الزيتون نفسها في الترانيم والأشعار كشاهد حي بين الآلهة والبشر، ومن خلال هذه الأبيات، يقول الباحثون إن زيت الزيتون كان يرمز إلى الحيوية والنقاء والنعمة الإلهية في المجتمع اليوناني القديم.
القوة العلاجية في الطب القديم
تسلط الدراسة الضوء على كيفية تأثير زيت الزيتون على الممارسات الطبية اليونانية. ففي الإلياذة يعالج باتروكلس ماشاون الجريح بغسل دمه ووضع بلسم شافٍ عليه - على الأرجح مرهم ممزوج بزيت الزيتون.
وصف أبقراط، ومن بعده أطباء مثل جالينوس، الزيت لعلاج الجروح والعناية بالبشرة واستخدامه كمطهر، مزجوه بالنبيذ والخل والماء للتطهير والتلطيف، حتى أن أطباء أبقراط عقموا خيوط الجراحة بالزيت الساخن.
صناعة زيت الزيتون تدفع التجارة والابتكار
من جزيرة كريت إلى بر اليونان الرئيسي، غذى زيت الزيتون الصناعات التي شكلت الاقتصاد، فقد شغل المصابيح، ونعم الأقمشة، وحافظ على الخشب والجلود، تفصل سجلات القصور في كنوسوس وبيلوس كيف أدار البيروقراطيون إمدادات الأعشاب مثل الكزبرة وإكليل الجبل الممزوجة بالزيت لصنع العطور.
ابتكر الحرفيون المشهورون خلطات مميزة للتجارة، مما يدل على أنه حتى في اليونان ما قبل الكلاسيكية، كان زيت الزيتون يدعم شبكة من التجارة والعمالة والفنون.