أكرم القصاص

"اتفاق شرم الشيخ" من مصر المجد لأطفال غزة.. ولا عزاء لتجار الحرب والشعارات

الجمعة، 10 أكتوبر 2025 10:00 ص


لا يمكن النظر إلى اتفاق شرم الشيخ، بعيدا عن تطورات وتفاعلات عامين من الصراع، الاتفاق الذى بموجبه توقفت الحرب فى غزة، ويتم خروج "البرغوثى"، وتعقد صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، تأتى بعد عامين شهدا تحولات لا يمكن لعاقل إنكارها أو تجاهل نتائجها، أما بعض سكان "السطحية العميقة" من معلقين "فيسبوكيين" أو افتراضيين، فهؤلاء يعيشون أوهام الشعارات، ويمارسون الكذب على الذات بكل فخر وبراعة، ومنهم من تبنى علنا أو سرا أطروحات العدو المحتل، أو شعارات تنظيم الإخوان المتحالف مع نتنياهو.

المفارقة أن هناك من بدأ قبل أن تتوقف النار، فى الحديث عن انتصار هذا الفصيل أو ذاك، بينما هناك دمار شامل، و70 ألف شهيد أغلبهم من الأطفال لا تزال دماؤهم ساخنة، وتشريد مئات الآلاف ومطاردتهم وتجويعهم، وبالتالى فإن البطل الحقيقى هم سكان غزة، وليس من قتلهم ولا من تركهم عرايا بلا سقف ولا ظل.

وقبل أن يحتفل «أنصار السطحية العميقة» بانتصار وهمى، عليهم أن ينظروا على خارطة التحولات، وكيف أطاحت هذه الحرب بالكثير مما بدت أنها ثوابت، بل وأطاحت بشعارات وحناجر لهؤلاء الذين يرددون «المجد لفلان وعلان»، بينما هؤلاء كانوا ضحايا الغرور والاستهانة وغياب التقدير.

فى الوقت ذاته، كشفت هذه الحرب عن عجز القوة الصهيونية، وغياب أى دور للقوة المغرورة لإنجاز انتصار على عُزل، بل إن المواجهة الحقيقية لأصحاب الصدور العارية وأطفال غزة، كانت أكثر شرفا من الهاربين والمختفين اختياريا، وعجز نتنياهو عن تحقيق ما أعلنه من أهداف، وأيضا عجز مدعو الانتصار عن تبرير كل هذا الدمار، فقط كان هناك من يتمسك بحماية الأساس، فلسطين والأرض والقضية، كانت مصر.

أعلنت مصر - منذ البداية - رفض التهجير والتصفية، والتمسك بالثوابت، وكانت مصر - قبل حوالى العامين - تعرض أكثر مما تم قبوله الآن، وعلى العاقل مراجعة ما يجرى، ثم إن الحرب أطاحت بأطراف كانت تتفاخر بأنها أقوى من كل الظروف، وليست فى الأمر «معايرة» أن يعرف من تابعوا الحرب أن حزب الله خرج من السباق لسنوات، وهو الذى فرض نفسه على الواقع اللبنانى بقوة السلاح لزمن، وأن إيران التى ظهرت فى خلفية الصورة قبل عامين، غادرت الصورة، وأنه لم يعد هناك ما يسمى «معسكر ممانعة» أو «مراوغة»، فقط هناك مصر.

فقد واصلت القاهرة تمسكها برفض التهجير، وحذرت نتنياهو من غرور القوة، وقال الرئيس السيسى إن القوة لا يمكنها تغيير إرادة، أو تحقيق انتصار، بل وصل الأمر إلى أن خاطب الرئيس السيسى الشعب فى إسرائيل، بأنهم لن ينعموا بسلام بالإبادة والتجبر، وهو خطاب تزامن مع اتصالات بكل دوائر التأثير بالعالم، كانت زيارة إيمانويل ماكرون تحولا واضحا فى وجهات نظر الغرب، كان تمسك السيسى بالأمل، هو الذى منح مخارج لكل الأطراف التى وصلت فى لحظات إلى العجز التام عن التفاعل.

لعبت شعوب أوروبا والعالم المتحضر دورا فى إثبات عزلة الاحتلال، ولعبت جلسة الأمم المتحدة التى اعترفت فيها 157 دولة بالدولة الفلسطينية دورا مهما فى الكشف عن عزلة الولايات المتحدة والاحتلال، وكل هذا تم بجهد مصرى وعربى فى الأمم المتحدة، ومنذ لقاءاته مع المستشار الألمانى أو البعثات الأمريكية، شرح الرئيس السيسى القضية بشكل إعادة توضيح ما بدا غامضا، كان هناك اقتناع غربى فى البداية بالرواية الصهيونية التى ضخمت من أثر «7 أكتوبر» الذى اتخذه الاحتلال ذريعة لشن حرب إبادة وطرح مشروعات تهجير لم يكن ممكنا إعلانها بهذه الفجاجة، وكل من احتفى بالطوفان، فى البداية كان يساعد الاحتلال على تبرير الإبادة.

من البداية، يمكن مراجعة الرؤية المصرية التى تعاملت بوضوح وعمق وذكاء، واستعملت كل أوراق الضغط والردع، بل إن مصر كانت الطرف الذى خسر أكثر من ثلاثة أرباع دخل القناة بسبب مغامرات صبيانية لمن يزعمون مساندة القضية، وهم عاجزون عن حماية ملابسهم فى اليمن أو غيرها، واجهت مصر حرب أكاذيب من الاحتلال، واتهامات، وتسريبات لكنها لم تتهاون أو تقايض على مطالب واضحة، السلام وحل الدولتين، وتعرضت لمزايدات حتى ممن استقبلتهم واحتضنتهم ووفرت لهم الحماية، ولوحت بالردع الواضح، والقوة الحقيقية الظاهرة على الأرض، وليست المختفية خلف صبيان السوشيال ميديا، ومن رددوا على سلالم نقابة الصحفيين أكاذيب الاحتلال وتنظيم إخوان بنيامين، أو من يزعمون تحقيق انتصارات وهمية، ويتعامون عن دماء أطفال غزة، وسكانها المدنيين الذين كانوا أبطال الرواية، وليس تجار الشعارات والحرب، والمتمولين.


 

 



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب