قدمت النيابة العامة، ممثلا عنها المستشار أحمد راجح مدير نيابة ميناء الإسكندرية، مرافعة نارية، أمام هيئة محكمة جنايات الإسكندرية ، في وقائع قضية هجرة غير شرعية ،حيث إن المتهمين أسسوا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين يتولي قيادتها المتهم الأول، وانضم إليه باقى المتهمين، وتسببوا بخطأهم فى موت كل من " م.ح.م" و " ح.ا.ع" في القضية رقم 1812 لسنة 2024 جنح ميناء الإسكندرية.
وأضاف المستشار أحمد راجح في مرافعته، حضرات القضاة انتم للحق حماة والأمانة علي عاتقكم ملقاة والجناة طغاة وعلي الإنسانية بغاه فهم للهجرة دعاة فأسسوا جماعة مخفاه لأهدافهم المبتغاة فصارت جريمتهم مستوفاة بأدلة مبناه علي أسس وغير مستوحاة فجريمتهم مؤثمة وغير معفاة فحقت عليهم المجازاة ونقولها بغيرمغالاة ارتكبوا الفواحش دون مبالاة وسنقص عليكم المأساة فجنائكم اليوم بواقعة مخيفة حد الذين لن تجدوا لها مثيلا في أكثر أفلام الرعب اتقانا فالجريمة عبر وطنية قامت بها جماعة اجرامية خلف الشاشات الالكترونية مستغلين حالة المجني عليهم المادية و نشأتهم الأجتماعية فهي ظاهرة تحتاج إلي وقفة تأملية.
وأوضح خلال المرافعة أن المتهمين لدولة اليونان دعوهم ومن المحافظات استقطبوهم و إلي مطروح و براني وجهوهم ثم إلي دولة ليبيا هربوهم و بالسيارات خبئوهم وصولا للهناجر فخزنوهم و بالأسلحة هددوهم ثم علي متن زوديك صعدوهم بالاكراه حتي لا يمانعوهم وللأخطار عرضوهم و في البحر تركوهم وما أطعموهم حتي أموالهم سلبوهم وختاما للموت ساقوهم.
قائلا، إن الجريمة تشبه مسرح الرعب حيث الخوف والذعر وإني لمشفق علي أذانكم من هول الجرم ،بحر ثائر وشباب مسافر لوطنه مهاجر وللمخاطر معافر وبطموحهم متهمين تتاجر وتقامر فخزنوا في هناجر وتركوا في البحر بلا مناصرلا يعلمون المصائر بفعل متهمين غابت عنهم الضمائر فاستباحوا الكبائر غير عابئين بالخسائر.
فالبداية عندما وجه المتهمون المهاجرين المهربين إلي محافظة الإسكندرية ومنها إلي محافظة مطروح و علي أحد المقاهي حضرت إليهم سيارات ،و إصطحبتهم إلي صحراء السلوم وصولا للحدود المصرية الليبية فاجتازوا بهم الحدود و مشوا بهم سيرا علي الأقدام قرابة الساعة و صولا لسيارات أخري أوصلتهم إلي هناجر بمدينة طبرق إلي حيث اقتادوهم و خزنوهم فبعضهم مكث بها خمسة عشر يوما و البعض الأخر ستين يوما و اخرين خمسة و سبعون يوما لحين تاريخ بداية المأساة في فجر الحادي عشر من شهر يوليو من العام الرابع بعد العشرين من الألفية الثانية فابلغوهم بأن ساعة الرحيل قد حانت فاصطحبوهم إلي البحر فلم يجدوا سفينة أو مركب مجهزة لنقلهم وإنما وجدوا مركبا مطاطيا يتم نفخه بالهواء ليسير في الماء و المعروف باسم ( زوديك ) ما كادوا يركبون لولا أن أعضاء الجماعة الإجرامية بتهديدهم بالأسلحة النارية فصعدوا وكانوا قرابة الأربعة و أربعين مهاجرا و مكثوا في البحر سبعة أيام تعطلت فيها وسيلة إبحارهم و نفذ طعامهم وشرابهم حتي فقدوا الأمل في الحياة فألقي اثني عشر واحدا منهم بنفسهم في المياه وماتوا غرقا والآخرين تم إنقاذهم بمعرفة سفينة تجارية تسمي ( سابين) والتابعة لجزر المارشال والتي تصادف مرورها بهم حال غرق الزوديك فصعدوا عليها وما كادوا يفعلون.
وتابع: أن المتهمين القابعين في قفص الاتهام فهنيئا لكم صرتم صفوة سفاحين الإنسانية فهذا اللقب عن جدارة و أحقية فقد خالفتم القوانين الإلهية قبل القوانين الوضعية وانتهكتم الإنسانية وارتكبتم جرائمكم في حقها بكل ضراوة ووحشية فسممتم عقول الصغار بأقوال زخرفية علي صفحات وهمية بأحلام وردية فصاروا لكم ضحية حقا انها خطة ثعلبية نفذت بكل حرفية ومنهجية ولا عجب فالجماعة اجرامية منظمة غير عبثية وعدتهم الحرية نظير مبالغ مالية وبهناجر جبلية استبقوهم فترة زمنية كأيام العبودية حتي صعدوهم مركب غير شراعية مهددين بأسلحة نارية واستلموا منهم تحويلات مالية فتركوهم في البحر بغير جاهزية فماتوا بغير تعزية ولن تفلتوا من المسئولية.
وللحديث بقية للقائمين علي تربية النشء الصغار من آباء و أمهات ومعلمين ومعلمات علموهم الانتماء و حب الوطن عرفوهم أن حب الوطن بعد حب الله، و أن كما لهم أب واحد و ام واحدة فليس لهم كذلك سوي وطن واحد درسوا لهم قصص الكفاح والوطنية ولن تجدوا مشقة فتاريخنا بها ذاخر سواء الماضي أو المعاصرعرفوهم ان من يترك الوطن ليس بفطن فللغربة ثمن و أن المغترب في المناسبات وحيدا بلا أهله و أصدقاء صباه و أنه يتمني لو يبيت مع عائلته علي أرض وطنه لو ليلة واحدة و أن يكون إلي جوار والديه في المرض وان يحتضن أبنائه في الصغر ويرعاهم حتي الكبر و أنهم يعضون علي أناملهم من الندم إذا توفي أحد أبويه و لم يكن إلي جواره.
أما انتم يا شباب هذا الوطن تعلموا من رسول الله الكريم الإنتماء فلقد قال صلوات ربي وسلامه عليه حين ترك مكة المكرمة "والله إنك لخير أرض الله , و أحب أرض الله إلي الله و لولا أنني أُخرجت منك ما خرجت " و لن ننهاكم عن السفر بل سافروا لكن بطريقة مشروعة اذهبوا لطلب العلم و الرزق و اطلعوا علي الثقافات و العادات ،لتعلموا أن وطنكم _مصر_ أجمل الأوطان تعلموا و عودوا لتنفعوا الوطن بعلمكم و عملكم اطلبوا الرزق وابحثوا عنه في وطنكم أولا فاذا لم تجدوا محيصا فسافروا لكن لا تعرضوا أرواحكم للخطر تاركين من خلفكم أمهات ثكالي و أبناء يتامي و زوجات مترملة، حافظوا علي حياتكم فمهما سافرتم ستعودوا لأرضه فليس لكم سوي رب واحد و وطن واحد .
وختاما سيدي الرئيس الموقر حضرات السادة المستشارين الأجلاء فقد حانت ساعة القصاص من المتهمين فلقد عصفوا بالرحمة وتجردوا منها فلا تشملوهم بها ولا تنظروا إليهم بشفقة و لا رأفة ولا تغرنكم أعينهم القلقة بل انظروا إلي ما يعلو وجوههم من غبرة ترهقها قطرة فهم فجرة بقلوب حجرة وصدق فيهم قول الحق " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة و إن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء و إن منها لما يهبط من خشية الله و ما الله بغافل عما تعملون " فلا رحمة للنفوس الكدرة سالكي الطرق الوعرة فالمجتمع يترقب حكمها بأعين يقظة وقلوب وجلة علي هؤلاء القتلة .
كانت محكمة جنايات الإسكندرية، برئاسة المستشار جمال البغدادي رئيس المحكمة، وبعضوية كل من المستشار ايهاب شاهين ،والمستشار عمرعلم الدين، والمستشار أحمد راجح مدير نيابة ميناء الإسكندرية، وسكرتير الدائرة مينا مجدي قضت بمعاقبة كل من " م.س.ال" و" م.ال.م" و " ال.ا.ال" بالسجن المؤبد وغرامة مالية 500 الف جنيه ،عما أسند إليهم ،والزامتهم بالمصاريف الجنائية ، وبرءاه كل من " ع.م.ال" و" ي.س.ي" و" ا.م.ا" ،لاتهامهم في قضية هجرة غير شرعية.
تعود أحداث القضية المقيدة، برقم 1821 لسنة 2024 جنايات الميناء ، عندما تلقت الأجهزة الأمنية إخطارا بقيام المتهمين بتأسيس جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين يتولي قيادتها، ويقوم بإدارتها المتهم الأول وقد انضم إليه باقي المتهمين.