يُعد الكتاب المدرسي وسيلة تعليمية تعلمية، يشكل أحد عناصر المنهج، ويفي بمتطلبات البرنامج التعليمي، وتصاغ محتوياته وفق فلسفة التسلسل والتكامل، وتتناول مضامينه النصوص المكتوبة، والصور الفوتوغرافية، والمخططات، والرسومات، والخرائط، ويوظفه المعلم في صياغة سيناريو التخطيط، ويستخدمه المتعلم من أجل بناء الخبرات التعليمية التي تتضمن المعارف والمهارات ومنظومة القيم بصورة مترابطة ومنظمة، تقدم في شكل موضوعات لها خريطة زمنية.
والكتاب المدرسي يشكل وعاء الخبرات المراد إكسابها للمتعلمين؛ حيث يقوم المعلم بصياغة الخبرات في صورة أنشطة تعليمية لها أسس بناء ومعايير صياغة، تتضمن مهام يؤديها المتعلم، وتتسق مع الأهداف التعليمية التي يدور حولها المقرر الدراسي، وهذا الكتاب يخضع لعدة معايير من حيث إعداد المحتوى والتصميمات الداخلية والخارجية؛ بالإضافة لمجموعة من الفنيات المرتبطة بالصياغات وطريقة الكتابة وأساليب الترقيم.
وبناءً عليه تقدم محتويات المناهج الدراسية وخبراتها في صورة كتب لها مواصفات معيارية تتعلق بالجوانب العلمية والأكاديمية والفنية، ومن ثم يعد الكتاب المدرسي مصدرًا موثوقًا فيه بالنسبة للمتعلم، ومرجعًا رئيسًا يعول عليه، كونه حاويًا لمجموع الأنشطة التعليمية الأساسية منها والإثرائية التي تشمل في طياتها المعارف والمهارات الذهنية والأدائية ومنظومة النسق القيمي النبيل الذي يتباه المجتمع ويؤمن به ويدافع عنه، ويخضع لعدد من المراجعات التي تجعله خاليًا من الخطأ العلمي، أو الفني، أو الكتابي، أو اللغوي.
ونثق في كتب وزارة التربية والتعليم؛ حيث تعتمد في تأليفها وإخراجها على العديد من المعايير والتي منها، أن محتوى الكتاب يتضمن نواتج التعلم الثلاثة (المعرفية والمهارية والوجدانية)، وهذا المحتوى يرتبط بالأعمال الكتابية والواجبات المنزلية والأنشطة الصفية وغير الصفية، وأن موضوعاته تلاءم الواقع الثقافي والاجتماعي للمتعلمين، وكذلك خصائصهم التعليمية، كما أنها تعمل على تنمية حب الاستطلاع العلمي لدى المتعلمين من خلال طرائق البحث التقنية المتقدمة.
وحري بالذكر أن اختيار الكتاب يتم وفق أسس تربوية، واعتبارات لغوية، واجتماعية، وأخلاقية، وأن هناك العديد من الأنشطة التي تتيح للمتعلم في أن يشارك بصياغة بنوك الأسئلة التي تعتمد على مهارات التفكير العليا، وأن المحتوى العلمي بالكتب المدرسية المطورة تتسم بحداثة المادة العلمية، وتحتوي على أنشطة تعليمية أساسية وإثرائية وعلاجية للمتعلمين، وتتيح صور التقييم الذاتي لهم بغرض تحمل مسئولية تحقيق الأهداف المنشودة.
ويأتي التزام وزارة التربية والتعليم بإخراج الكتب المدرسية وتأليفها كونها تمثل ركن أساسي من أركان العملية التعليمية، خاصة في المرحلة الأساسية؛ حيث إن قدرات المتعلم لا تمكنه بشكل كافٍ للبحث والتنقيب للوصول إلى موضوعات المنهج المقرر، وما تتضمنه من خبرات تساعد المتعلم في الكشف عن الحقائق وإثارة التساؤلات التي تحفزه على التفكير والملاحظة، وتتيح فرصًا للتدريب على العديد من المهارات، والتي منها مهارة القراءة والمطالعة؛ بالإضافة إلى أنها تساعد المعلم في تحديد أنواع النشاط التي يقوم بها المتعلمين داخل إطار البيئة التعليمية وخارجها.
ولا يستطيع أحد أن يزايد على الكتاب المدرسي المنظم في عرض محتواه وطرائق تناوله لموضوعات التعلم وفق الفلسفة التكاملية للخبرة المتسقة مع الأهداف المنشودة من دراسة المقرر أو المحتوى التعليمي الذي بين دفتي هذا الكتاب؛ لذا يمكننا الإذعان بأن الكتاب المدرسي يحوي كافة الخبرات التعليمية التي ينبغي أن يكتسبها المتعلم، وأن هذه الخبرات ترتبط بأساليب تقويم تتناسب مع مجال ومستوى الخبرة المقدمة للمتعلم، ومن ثم يشكل الكتاب المدرسي ركيزة أساسية للمنهج المتكامل، ويعتبر حلقة الوصل بين المادة التعليمية والمتعلم.
والخبرات التي يتضمنها الكتاب المدرسي يتطلب قياسها استخدام أساليب التقويم المتقدمة التي تعتمد على مستويات التفكير العليا، وليس على سرد أو استرجاع أو تذكر المعلومات؛ فندرك أن محتوى الخبرة معقد، يشمل المعرفة بمستوياتها التي تبدأ بالتذكر ثم الفهم والتطبيق والتحليل والابتكار والتقويم أو ما يسمى بإصدار الأحكام، وهناك المهارة التي لها مستويات تبدأ بالإدراك الحسي أو الملاحظة، ثم الميل أو الاستعداد يلي ذلك الاستجابة الموجهة ثم الآلية أو التعويد، ثم يأتي بعد ذلك الاستجابة المعقدة أو المركبة، ثم التكيف أو التعديل، وتنتهي بالإبداع، وهناك المجال الوجداني التي تبدأ مستوياته بالاستقبال، تم الاستجابة، يليها التقدير، والتنظيم، وأخيرًا الاتصاف القيمي.
وما ذكرت من تفصيل لمحتوى الخبرة الغرض منه التأكيد على أن الخبرات التي يتضمنها الكتاب المدرسي لها مجالات ومستويات عديدة، وقياسها يتوقف على خبراء المجال في التقويم والقياس؛ حيث إن هناك فنيات في إعداد الأسئلة التي تقيس الأهداف المنسدلة من المحتوى التعليمي بالكتب المدرسية، وأن صياغة الأسئلة يجب أن تكون متنوعة ومتدرجة وشاملة تقيس المجالات التي تمت الإشارة إليها؛ لنتأكد أن المتعلمين قد اكتسبوا تلك الخبرات في مجالاتها ومستوياتها المختلفة، بما يجعلنا نطمئن لتحقق أهداف برامجنا التعليمية بصورة صحيحة.
وعندما يصرح وزير التربية والتعليم أن الامتحانات لا تخرج من كتب الوزارة؛ فهذا أمر يدعو للطمأنينة وليس القلق؛ لعدة أمور منها، الاهتمام البالغ بالخبرات التي تتضمنها كتب الوزارة، والعمل على تنفيذ الأنشطة التي تنسدل منها، ومن ثم اكتساب ما بها من معارف ومهارات ووجدانيات، وتوظيف أساليب التقويم المتنوعة التي ترصد تقدم المتعلمين في مستويات تعلمهم، والوثوق من اكتسابهم الخبرات المنشودة، ومن ثم تحقق أهداف التعلم المنصوص عليها بوضوح إبان كل موضوع دراسي بالكتاب المدرسي.
كما أن الالتفاف حول الخبرات التي تتضمنها الكتب المدرسية التي تصدرها وزارة التربية والتعليم تحقق ماهية تكافؤ الفرص، وتضمن إتقان المتعلمين لمحتويات الخبرات ومجالاتها المشار إليها سلفًا، وتلزم من يضع الامتحان آخر العام أو في نهاية الفصل الدراسي أن يراعي صورة الخبرة المستهدفة، وما يتعلق بها من أهداف إجرائية؛ فيضع الأسئلة التي تقيس هذه الأهداف، وبالطبع الكثير منها يمكن أن يعتمد على مهارات التفكير العليا، ولا يقتصر عن حد التذكر، أو الحفظ، أو حتى الفهم بمستوياته.
وفي ضوء ما تقدم نوقن بأن الكتاب المدرسي يشكل مصدر من مصادر المعرفة سهلة المنال والموثوق فيها، ويقدم المفاهيم الجوهرية لكل علم من العلوم، وتعرض من خلاله عناصر منظمة للمادة العلمية المعطاة كتابيًا لكي يستوعبها المتعلم، ومن ثم نقر بأن كتب الوزارة تعد أوعية تصب فيها القيم والمعارف والمهارات والمواقف، والتي من خلالها يمكننا أن نحدث تغييرًا لدى المتعلم في سلوكياته من الصورة غير المرغوب فيها إلى الصورة المرغوب فيها.
نثمن جهود وزارة التربية والتعليم في حرصها على إصدار كتاب مدرسي يتسم بمعيارية الإعداد، ويحوي الخبرات في صورتها المتكاملة، والتي تستهدف تنمية مهارات التفكير العليا لدى المتعلمين، عبر بوتقة بها أنشطة تعليمية متنوعة تناسب خصائص المتعلمين وتراعي الفروق الفردية بينهم، يلي ذلك أساليب التقويم المتقدمة التي تكشف عن مدى تحقق الأهداف التعليمية في مجالاتها ومستوياتها المتباينة.. ودري ومحبتي لوطني وللجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة