أكد خبراء الاستراتيجية العسكرية والإعلام والثقافة أن مصر هى رمانة الميزان في المنطقة وبدونها لن يكون هناك سلام ولا حرب، مشيرين إلى أن القوات المسلحة المصرية قوة عاقلة رشيدة تحفظ أمن واستقرار الوطن بل المنطقة بأسرها، ولديها من الإمكانات والقدرات المادية والبشرية والتسليح ما يحقق الردع لمن تسول له نفسه المساس بالأمن القومي المصري والعربى، هو ما يترجمه تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن الأمن القومي العربى هو "خط أحمر"، وأن القوات المصرية على "مسافة السكة"، وأن "من يريد أن يجرب يقرب".
جاء ذلك فى "صالون الإعلام"، الذى يعقد بالتعاون مع مكتبة مصر العامة شهريا، وحمل فى نسخته الجديدة عنوان " 6 أكتوبر .. النصر الذي غير التاريخ، قصص الأبطال.. من حرروا الأرض ومن يبنون المستقبل". وحضرها كوكبة من الساسة والقضاة والخبراء في مختلف المجالات، على رأسهم: المستشار عدلى حسين، المستشار رمضان كشك، اللواء د. مصطفى رزق، وغيرهم، بمصاحبة فريق "دو رى مي" بقيادة المايسترو أحمد حسام، وأدارها الإعلامى أيمن عدلي، رئيس لجنة التدريب والتثقيف بنقابة الإعلاميين، مؤسس الصالون، موضحًا أن الصالون يحرص في ندواته على تعزيز قيم الولاء والانتماء والنقاش حول فكرة التحديات المستقبلية التى تواجه الوطن من خلال كوكبة من الخبراء والمتخصصين وبحضور متنوع من المثقفين والشباب، مشيرًا إلى أن ندوة أكتوبر لها مكانة خاصة حيث نحرص على حضور شخصيات تتحدث عن روح اكتوبر وكيف تحقق الانتصار بعد الانكسار حتى يتعلم الشباب الإصرار والحرص على حماية الوطن من كل تهديدات تحاك له.
أمة فى خطر
وحذر "عدلى،" من العربدة الإسرائيلية فى المنطقة، مضيفا أن هذا سبب تحديث وتسليح جيشنا الباسل، فنحن أمة فى خطر، حدودنا كلها ملتهبة، الأمن القومي والمسئولية المجتمعية ضروري، مؤكداً أننا بحاجة ماسة إلى مشروع للتثقيف والتنوير، لخلق مناعة خلقية. مصر تتميز بالقوى الناعمة والتعليم والنهضة العلمية التى تعيشها مصر حاليا.
إعجاز نصر أكتوبر
أكد اللواء د. محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، أن الإعجاز فى حرب اكتوبر المجيدة هو النصر بنسبة خسائر لا تتعدى ١ بالمائة، فقد اقتحمنا القناة تحت ضغط العدو وليس كما يصفونها بكلمة عبور، وكانت خطة الخداع الاستراتيجي أكبر ضربة للموساد الإسرائيلي، وهذا من واقع حقائق لجنة توثيق حرب اكتوبر من خلال لجنة العمليات، وليس كلاما يطلق على عواهنه. مشيراً إلى أننا بحاجة لمنهج اكتوبر للتطبيق في حياتنا، حتى ننجز كل ما نريد من مشروعات تنموية شاملة.
ووصف اللواء الغبارى، النبى صلى الله عليه وسلم، بأنه صاحب الفكر الاستراتيجي الأشمل فى تخطيطه للغزوات باعتباره لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى إليه، وقد اقتدى به الرئيس عبدالناصر فكان صاحب فكر استراتيجى كبير، لذا أنشأ مجلس الدفاع الوطني وهو الوحيد صاحب اتخاذ قرار الحرب، كما أنشأ أكاديمية ناصر لتعليم وتأهيل القيادات العسكرية، وكل قيادات الجيش المصري العظيم الذين اصيبوا بنكسة ٦٧ هم أنفسهم الذين أعدوا وجهزوا لنصر اكتوبر لأننا لم نحارب فى 67 وإنما تدخلت عوامل كثيرة داخلية وخارجية وعلى رأسها التدخلات الأمريكية واستخدامها للتكنولوجيا الحديثة وقتها، فكان تزييف الرسائل المتبادلة بين القادة العسكريين المصريين!
أوضح أن هناك أكثر من 120 مسألة معقدة تم إعدادها قبل دخول حرب اكتوبر، فقرار الحرب مدمر ومكلف، ومصر هى رمانة الميزان في المنطقة كلها وبدونها لن يكون سلام ولا حرب، مشيراً إلى أن وجود الحراك الفكرى يؤكد نجاحنا واستمرار الوعى لدى شبابنا.
دولة فارقة
أشار الكاتب الصحفي عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة الأهرام سابقاً، إلى أن انتصار حرب اكتوبر هو الوحيد للعالم العربي والإسلامي فى العصر الحديث، فمصر دوما دولة فارقة، انتصرت على التتار، ودحرت الصليبيين بقيادة صلاح الدين الايوبي، واصفاً إسرائيل بأنها داء سرطانى يتمدد فى المنطقة، وللأسف دائما له مخاطر وجيوب سرطانية، مؤكداً أن إسرائيل هى العدو الأول في المنطقة يعيث فساداً فى المنطقة، وأن الجيش المصري صنع المستحيل بكسر العدو، وأن المقاومة الفلسطينية واللبنانية تفتقد للجيش بمقوماته.
وقال: الرئيس السادات كان بطل الحرب والسلام، وامريكا هى صانعة المشكلات والأزمات فى المنطقة، وخطاب السادات إلى متى وإلى أين؟ مازال مطروحاً، ونفس الأكاذيب الأمريكية مستمرة حتى اليوم. وإن كان الجيش المصري انتصر للأمة فإنه القادر على حمايتها وسط كل هذه الأزمات التى لم تشهد مثلها فى التاريخ.
بركان لا أخلاقى
وحذر الكاتب الصحفي حمدى رزق، من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة فهى "ماسورة مجارى مفتوحة"، القيم سلبت، والإشارة للجميل والإنجازات يتهم بالتطبيل، لا يريدون لأحد التحدث عن الجميل، وكل انفجار ثورى يأتى معه حمم بركانية، لدرجة وجود ٥٤ ألف بلاغ عقب الثورة، أى أن كل البلد اشتكت البلد! ما يجعلنى أتساءل: كيف يتصرف مسئول التوجيه المعنوي فى حرب اكتوبر مع حرب الشائعات لو كان الفيسبوك موجوداً وقتها، الجواسيس "مطلوقين" فى كل مكان؟! مؤكدا أن نصر اكتوبر أوقف هذه المهازل ووضع الخطوط الحمراء ومن "يجرب يقرب".
اوضح أن منظومة الدفاع هى من صنع الجيش المصري العظيم. والردع بالقوة لمنع الحروب، فجيشنا قوة عاقلة رشيدة، وقد أرادوا جر الجيش المصري لسوريا وليبيا، لكنه جيش مدرك لقوته وقواته، وحرب اكتوبر شكلت هذه الحالة المصرية الرائعة، حتى صار يملك اسطولين شمالى وجنوبى.
قال: وإذا كانت العقلية الساخرة المصرية يقبل عليها المستهلك، فهنا يبرز دور الوعى، لأن هناك محاولة استلاب دور ٦ اكتوبر ٧٣ لصالح ٧ اكتوبر ٢٠٢٣! مؤكداً أن نصرنا فى أكتوبر ٧٣ كان عظيما ولم نوفه حقه حتى الآن بل للأسف الشديد ننتقص من ابطاله، وفى المقابل الغرب يصنع روايات من الخيال عن انتصارات وهمية فى الحرب العالمية الأولى والثانية!
الانكسار والانتصار
وتحدث د. عبدالحميد يحيى، أستاذ الإدارة والتنمية البشرية، عن كيفية تحول الانكسار إلى انتصار؟ مشدداً على أهمية الوعى للمواطن تجاه مصر وقياداتها، فالجبهة الداخلية هى المؤثر والركن الأساس لمواجهة تحديات الحرب، فحين كانت حرب اكتوبر على الجبهة فقط أما الداخل فالحياة تسير على طبيعتها، والمجتمع كله يعضد أبناءه على الجبهة، وهذا نتيجة التسلح بالأمن الذاتى الداخلى أولا، مطلقا وصف "قائد عمق العمق" على العمد والمشايخ فى القرى والنجوع، مؤكداً أنه بالوعى وترسيخ قيم المسئولية المجتمعية ضد الأفكار الهدامة، نتغلب على المستحيل، فأبناؤنا فى مهب الريح.
الشعب البطل.
وقال الإعلامي حسن ثابت، رئيس قناة النيل الدولية الأسبق: الشعب المصري العظيم يتكاتف وينصهر مع جيشه، فكان هو البطل واللحمة المطلوبة حاليا، آن الأوان للتسجيل مع الأبطال والنماذج القدوة وعرضها على الأجيال الجديدة وعقد ندوات تثقيفية ليعرفوا تاريخهم، فالشعب والإعلام والجيش إيد واحدة، تربينا على القيم والأخلاق والمبادئ، طول عمر الشعب المصري يقف خلف وطنه وقيادته فهو البطل الحقيقي.
الدول المتقدمة
أشار د. يوسف ورداني، مدير مركز تواصل مصر للدراسات والاستشارات، إلى أن الشعب المصري عدة شرائح وطبقات، والأجيال الجديدة تغيرت باستخدامها للتكنولوجيا ورؤيتها للمعلومات، ونعمل على دراسة هذا التغير من خلال عدة مراحل للاستفادة من هزائمنا كما نستفيد من انتصاراتنا، فلا مكان للفشل فى دولة تريد النجاح والتقدم، مطالباً بوجوب الالتفاف حول القيادة الأساسية، وإبراز مسئولية الإعلام الوطنية، وأهمية التضامن العربي، محذرا من ازدواجية القيادة في الحكم لأنها تفشل التقدم، مشيراً إلى تعلم اكثر من درس لنصر اكتوبر، أولها د: السرية، الخداع، وعدم اختزال النجاح فى قيادات معينة بل الكل يتم تكريمه، العمل بروح الفريق، حتى نعيد النصر، ومخاطبة الشباب بلغته، والتوثيق الدقيق للإنجازات، وتكريم كل المساهمين في تحقيق النجاح، والإنصاف لكل واحد ساهم في تحقيق نصر اكتوبر، والإعداد للاحتفال الخمسينى لنصر اكتوبر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة