سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 يوليو 1956.. عبدالناصر يكشف للدكتور مصطفى الحفناوى قراره السرى بتأميم شركة قناة السويس بعد استدعاء مفاجئ له ونقله بطائرة من عزبته بقناطر إدفينا

الثلاثاء، 23 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 يوليو 1956.. عبدالناصر يكشف للدكتور مصطفى الحفناوى قراره السرى بتأميم شركة قناة السويس بعد استدعاء مفاجئ له ونقله بطائرة من عزبته بقناطر إدفينا جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر 23 يوليو 1956، حين تلقى الدكتور مصطفى الحفناوى مكالمة لم يتوقعها للقاء جمال عبدالناصر، حسب تأكيده فى الجزء الثالث من كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة»، موضحا أنه كان فى عزبة تقع على النيل فى شمال قناطر أدفينا يملكها أولاده القصر، ويشرف على الزراعة فيها منقطعا عن الاتصال بالناس.


جاء الاتصال فى وقت كان العالم يواصل ترقبه لرد فعل مصر على قرار أمريكا برفض تمويل مشروع السد العالى، يوم 19 يوليو 1956، وعلى أثره تسارعت الخطى فى سرية تامة نحو تأميم قناة السويس، وكان «الحفناوى» من أكبر المهتمين بقضية القناة ومن أشد الداعين لتأميمها منذ حصوله على رسالة الدكتوراه من جامعة باريس فى يونيو 1951، وكانت عن «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة»، وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 بدأت علاقته مع ضباطها أواخر أغسطس من بدايات سبتمبر 1952، حسبما يكشف فى مذكراته «مصطفى الحفناوى وخلفيات تأميم قناة السويس».


يذكر «الحفناوى» المرات التى قابل فيها قادة الثورة بعد قيامها، قائلا: إنه ذهب بعد اتصال به إلى مقر القيادة العامة بمنشية البكرى، فقابله الضابط إبراهيم الطحاوى، وقدمه لضابط شاب فارع القامة برتبة بكباشى، وقال له وهو يقدمه: «هذا هو الأخ جمال عبدالناصر الذى يتقدمنا فى صفوف ضباط الثورة»، يصفه «الحفناوى»: «كان فى عينيه بريق ينم عن حدة ذكاء وقوة إرادة وقوة شخصية، وكان الناس يقولون همسا إنه القائد الحقيقى للثورة، لكنه متنكر خلف منضدة مكتبه المتواضع، وخلف ستار اسمه اللواء محمد نجيب».


يكشف «الحفناوى»، أنه تواعد مع الطحاوى على لقاءات يومية، وتوثقت صلتهما، ويتذكر: «طلب منى عبدالناصر أن أفسر له موضوع القناة الذى أنا مشغولا به ليلا ونهارا، شرحت له فى إيجاز، كان شديد الإصغاء، وقال عبارة واحدة دلتنى على صفاء ذهنه ودقته فى وضع خططه، قال لى عبارة أذكرها وتدوى فى أذنى حتى الآن: «اسمع يا دكتور، علينا أن نركز جهودنا فى إجلاء الاحتلال البريطانى عن قاعدته فى قناة السويس، وأعدك بتأميم الشركة بعد الجلاء، لكن إذا تعرضنا لموضوع الشركة قبل الجلاء ستتعقد المسائل ولن نستطيع أن نفعل شيئا».


يتذكر «الحفناوى» اللقاء الثانى وكان فى 17 نوفمبر 1952، وفيه ألقى محاضرة بعنوان «قناة السويس» فى افتتاح الموسم الثقافى بنادى القوات المسلحة بالزمالك، وكان للمحاضرة دوى فى الداخل والخارج، لإعلانه فيها  «إذا كان لا بد من تأميمها، فعلينا أن نؤممها»، يضيف، «أنه بعد أيام قلائل وصله خطابا من مجلس الوزراء بإنشاء مكتب لجميع الوثائق وعمل الدراسات اللازمة، للاستعداد لاستلام القناة فور انتهاء عقد الامتياز عام 1968، وأن الحكومة عهدت إليه بهذا المكتب، لكنه فوجئ بالعدول عن القرار، ولم يفهم السبب إلا بعد تأميم القناة، حيث وجد فى ملفاتها السرية ترجمة لمحاضرته فى نادى الضباط، وتصريح للواء نجيب، وإنذار رسمى لسفيرى أمريكا وبريطانيا إلى حكومة الثورة حول، هل حقيقة لديها النية فى تنفيذ ما أنادى به بتأميم القناة».


يكشف «الحفناوى»: «أصبح الاتصال بشخصى فى الموضوع من أسباب المتاعب التى اقتضت الحكمة إرجاءها إلى الوقت المناسب»، يؤكد أن الاتصال به أصبح سريا، ويكشف فى الجزء الثالث من كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة»: «فى21 يوليو 1955، تشرفنا بالتحدث مع الرئيس عبدالناصر فى بيت صديق ساعات، وفهمنا أنه أعد للأمر ولم يفصح عن الخطة ولا الوقت الذى اختاره للتنفيذ، وعلمنا من سيادته أن شارل رو، رئيس الشركة، دائم الشكوى منا، ويستعدى السلطات علينا».


تؤكد المعلومات السابقة أن استدعاء «الحفناوى» يوم 23 يوليو 1956 لم يكن مصادفة، ولم يأت من فراغ، وأن قرار التأميم كان يعد فى سرية تامة وينتظر لحظته المناسبة، ويتذكر «الحفناوى»: «فوجئت بمكالمة تليفونية فى عزبة مقابلة، وكان المتكلم صديقى اللواء صديق عبداللطيف حكمدار الإسكندرية، الذى طلب منى أن أعود فورا، قائلا: إن طائرة فى انتظارى لتحملنى إلى القاهرة لأتشرف بمقابلة الرئيس عبدالناصر، وإن الأمر صادر من سيادته، وبعد البحث الطويل عنى والاهتداء إلى مكانى، لم يعد فى الوقت متسع للسفر بالطرق العادية فالطائرة فى الانتظار».


أقلقت المفاجأة «الحفناوى»، ويتذكر: «عدت إلى الإسكندرية، ومررت ببيتى لحظة خاطفة، ثم حملتنى الطائرة، وفى أقل من ساعة وصلت إلى القاهرة، وألقيت نفسى بدار سيادة الرئيس جالسا بين يديه وبجواره سيادة الأستاذ على صبرى، وأفضى لى بخبر قراره التاريخى بتأميم شركة قناة السويس، كان القرار من أسرار الدولة الخطيرة، وسجدت لله شكرا على هذه الثقة الغالية التى غمرنى بها، وعلى تلك الخطوة غير المسبوقة فى تاريخ مصر القديم والحديث».







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة