"على صوتك بالغنا.. لسه الأغاني ممكنة اااااه ممكنة ".. كانت كلمات هذه الأغنية هي البداية التي اختار منير أن يفتتح بها آخر حفلاته التي أقامها في مهرجان العلمين بدورته الأخيرة، كنت اتخذت مكانًا في الصفوف الأولى، وما بين الشعور بالفرحة والدهشة والإنبهار، أخذت أحدق النظر في مطربي المفضل فلم تغب عيني عنه قط، لكن شعور آخر كان يتملكني، كنت أشعر أن منير يتغنى بهذه الكلمات لنفسه، كان يردد "ولسه ياما ياما في عمرنا"، لأول مرة أشعر أنه يغنى هذه الكلمات لنفسه، وكأنه أراد أن يطمئن جمهوره على صحته لكن بطريقته الخاصة.
وعد وعهد منير وجمهوره علاقة خاصة لن تتكرر
منذ هذه الحفلة ولم أسمع أغنية على صوتك إلا بهذا الوقع والشعور، في كل مرة تتداول أخبار عن وعكة صحية لمنير، استرجع هذا الفيديو، لأتأكد من قوته وإصراره على الغناء رغم الألم والتعب، وكأنه يدرك من داخله أن استمراره واجب وعهد قطعه مع جمهوره لآخر لحظة في عمره.
مسيرة محمد منير من أسوان إلى القاهرة.. 70 عاما من الصبر والصدق
في 10 أكتوبر عام 1954، ولد محمد منير محمد أبا يزيد جبريل متولي، الشهير بمحمد منير، في جنوب مصر ومن محافظة أسوان جاء لنا أهم صوت مصري وعربي، تربع على عرش الأغنية عقود ومازالت مكانته في قلوب جماهيره لم تتغير مع مضى العمر، ومنذ رحلة صعوده في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات، واستحوذ على مكانة خاصة دون منافس، تتبدل شكل الأغنية وتمر بمراحل تطور وأغاني منير قادرة على خطف انتباهك والتوحد معها.
منير تركيبة خاصة عنوانها الصدق والتفرد
تركيبة منير الخاصة للغاية، جعلته ليس مجرد مطرب يملك صوت مميز وقوى وناعم فقط، لكنك بعد التعمق في تجربة منير ورحلته الفنية، ستدرك أن السر في نجاحه وصموده بنفس الوتيرة، رغم التطورات المتلاحقة على الأغنية وصناعة الموسيقى بوجه عام، يرجع لصوته الفريد وشخصيته الفنية واختياراته التي سطرت تاريخ يجعل لكل أغنية تغنى بها منير، تعادل تاريخ مشوار فنانين دون تحيز أو مغالاة، أيضا كلمة السر في هذا النجاح.
الكلمات المتفردة، الألحان المنتقاه بعناية، والصوت اللافت لروحك وانتباهك، جميعها عوامل صنعت مشوار منير ونجاحه وتفرده، لكن يظل السبب الأهم في نجوميته الصدق، الذى ستجده في كل مقطوعة فنية له، صدق مشاعره واحساسه هو الذي جعله يصل لقلوب جماهيره ويصبح استثناء رغم الحداثة والتغيير، فقد كان ولازال حالة استثناء في عالم الموسيقى لم تتكرر.
بدايات منير الحقيقية.. مشروع غنائي انطلق في السبعينات ومازال نجمه لامع حتى الآن
"علموني عنيكي أسافر.. علموني أكون مسامح زي نبع الحب صافي".. كانت هذه الأغنية البداية الحقيقية لمشروع منير الغنائي الذي انطلق في عام 1977، في هذا الألبوم تحديدا قدم منير أغنية "الرزق على الله"، ورائعته الفنية "في عنيكي"، توالت نجاحات منير وأطلق ألبومه الغنائي الثاني"شبابيك"، في عام 1981، هذه الأغنية تحديداً مر عليها أكثر من 40 عاما لكنها لازالت تخترق قلبك في كل مرة.
شبابيك أغنية خارج إطار الزمن
ألبوم شبابيك كان انطلاقة كبيرة للكينج، كلمات الأغنية التي كانت للشاعر الراحل مجدي نجيب، وألحان الراحل أحمد نجيب، والمدهش أن هذه الأغنية كل منا يترجمها بلغته الخاصة، لكنها في الأساس كتبها نجيب لمصر وكان يعاتبها وكأنها حبيبته، وبرغم السنين مازال جمهور منير يتغناها بلغته الخاصة، وكأنها أغنية خارج إطار الزمن تتنقل بين كل جيل لتعبر عن حالة الخذلان والضياع والانكسار بداخلك، فقد جاءت كلماتها لتظل باقية دون تاريخ صلاحية مهما مر العمر لازالت تلامس جرحك وتعبر عنك بصدق.
من "شبابيك للمريلة الكحلي، ممكن، حواديت، من أول لمسة، اتكلمي، حدوتة مصرية، زماني، شجر الليمون، الليلة ياسمرة"، روائع فنية غناها الكينج، وتركت بصمة في قلوب جمهوره الذي يتذوقها حتى الآن ومازالت تملك شعبية وجماهيرية ولم تفقد بريقها مع مرور الزمن وظهور ألوان جديدة.. سنوات من عمره منحها منير لجمهوره وفنه، وكأنهما يجمعهما وعد بعدم الفراق، فلم يخذل كل منهما الآخر لحظة، وفي هذا اليوم يحتفل الكينج بعامه الـ70 لازال العهد باق ولم يتغير.