تُعتبر حرب أكتوبر 1973 علامة فارقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، إذ استطاعت القوات المصرية أن تحقق اختراقًا نوعيًا في خط بارليف، الذي كان يُعَدّ من أقوى التحصينات العسكرية العالمية. في السادس من أكتوبر، أطلقت مصر هجومًا مفاجئًا، مما أدّى إلى صدمة في صفوف القيادة الإسرائيلية، ودفع رئيسة الوزراء جولدا مائير إلى حالة من الارتباك غير المعتاد.
قدّم المهندسون المصريون ابتكارات تكتيكية مثل استخدام خراطيم المياه لفتح ثغرات في الساتر الرملي، مما مكّن القوات من العبور وتدمير التحصينات الإسرائيلية.
لم تتوقف الانتصارات عند هذا الحد، بل نجحت القوات في التوغل في عمق سيناء، مُحطّمة المنشآت العسكرية الإسرائيلية، بينما لعبت صواريخ "سام 6" الروسية دورًا حاسمًا في تحييد الطيران الإسرائيلي، مما أضعف قدرة العدو على الرد.
تظهر حرب أكتوبر كيف يمكن للتخطيط العسكري الاستراتيجي أن يعيد تشكيل موازين القوى، مُثبتةً أن الانتصار لا يعتمد فقط على التفوق التكنولوجي، بل يتطلب أيضًا الابتكار في استخدام الموارد، كما تظل هذه الحرب درسًا هامًا يُظهر كيف يمكن للإرادة الوطنية والإعداد الدقيق أن يتغلبا على الفوارق التقنية.
ومع مرور عام على عملية "طوفان الأقصى" وتداعياتها على المنطقة، تُواجه الدول تحديات معقدة قد تؤثر على مستقبلها لسنوات قادمة.
تكشف التغيرات في الأدوار الإقليمية عن أزمة عميقة في كيفية تعامل من دول المنطقة، وتواجد دولة مستوطنات لها مشروع توسعي، وعبء ميليشيات، فنحن الان نجني مقدمات قد حدثت على مدار 20 عام مضت.
لقد مرت المنطقة العربية ولاسيما الشرق الأوسط خصيصا، امتحان صعب جعل الدول كلها منذ بداية الالفية الجديدة، في ازمة وكان مصير كل دولة في يد شعبها، وهو الذي يحدد مسار الدولة، اما استمرار الدولة مهما بلغت الكلفة، او الانزلاق نحو حرب أهلية وتفكك الدول الوطنية.
واستطاعت مصر بشعبها وقوة إرادة مؤسساتها الوطنية، العبور مرة أخرى لبر الأمان في تماسك شديد بين الشعب ومكونات الدولة، في تلاحم وطني لم يحدث في المنطقة كلها، واستطاعت مصر العبور بسلام من تحدي واجهته عدة دول ولم تنجح النجاح الذي نجاحته مصر.
وهو ما يعطي مصر الان قوة إقليمية غير مسبوقة، وتسعى مصر لاستقرار المنطقة وإرساء السلام في الشرق الأوسط، وملء فراغ استراتيجي، فلما يبقى سوى مصر في مواجهة الطوفان.
رغم ذلك، في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، يبقى دعم الشعب الفلسطيني واجبًا أخلاقيًا. يُعتبر دعم المقاومة الفلسطينية موقفًا ضد القمع الإسرائيلي، وليس تأييدًا لأجندات تنظيمية.
يتطلب الموقف الوطني التمييز بين الأفعال السياسية والتنظيمية، والدفاع عن حقوق الشعوب المقهورة، كما أنه يأتي ضمن استراتيجية الحفاظ على الأمن القومي المصري، مع الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية في مواجهة أي محاولات للتطبيع أو التبرير للعدوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة