قال الدكتور يسري عبدالله أستاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان، إنّ ثورة 30 يونيو شعبية بامتياز لها جانب ثقافي، فقد خرج المصريون ضد التفكير الراكد للذين يقدمون أنفسهم على أنهم وكلاء لله.
وأضاف عبدالله، خلال حواره مع الإعلامي محمد الباز، مقدم برنامج "الشاهد"، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن بعض المثقفين يتشاركون مع بعض المنتسبين للجماعات المتطرفة في التشكيك في الأعداد الغفيرة الهائلة التي لا تقارن بما حدث في ثورة 30 يونيو، والنظر إلى 30 يونيو على أنها مجرد موجة وليست ثورة قائمة ومستقلة بذاتها من أجل إصلاح واستكمال مسار كان يجب أن يستمر.
وحول موقفه من أحداث يناير 2011، تابع أستاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان: "ما حدث ثورة تم اختطافها، ومآلاتها مأساوية، نحن نتحدث عن فصيل جاء ليهلك الحرث والنسل، ففي جمعة قندهار كنت متجها إلى صحيفة الحياة، لم أفزع فقط لما رأيته هناك، ولكن انتابني حزنا كبيرا وكلما تذكرته حتى الآن أخشى من هذه اللحظة".
قال يسري عبدالله، إنّ إليوت الشاعر والناقد الأمريكي قال إن الثقافة هي الوسيلة التي تجعلنا نسعى إلى الوصول لما هو أفضل في حياتنا وما يجعل الحياة تستحق أن تُعاش، مشيرًا إلى أن هذا المعنى مثالي.
وأضاف "اما تيري إيجلتون في كتابه فكرة الثقافة، فقد قال إن الثقافة من أدوات توكيد الذات، حيث تقوم على العقل النقدي في الأساس".
وتابع أستاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان: "استشهدت بإثنين، وهم إليوت الذي يبعد عنا بمسافة زمنية، أما إيجلتون فهو مفكر معاصر، ولكن عندما نتحدث عن الاستعانة بمثقفينا، فإننا نتحدث عن طه حسين وكلامه شديد الأهمية في كتابه مستقبل الثقافة في مصر، والذي أحدث الربط المدهش بين التعليم والثقافة".
ولفت إلى أنّ الثقافة عند طه حسين مقترنة بالتعليم، والتعليم مقترن بالثقافة أيضا، موضحًا: "فكرة الثقافة عنده تبدو بسيطة لكنها مركبة، وجزء أساسي في تركيبها هي أنها تحدث جدلا بين ما هو تعليمي ومعرفي وثقافي"، ومشددًا على أنّ المثقف لابد أن يكون ذا عقل نقدي وليس هداما ولا فوضويا.
وأضاف عبدالله، : "الرئيس السيسي عقد أكثر من لقاء مع وزيرة الثقافة السابقة الدكتورة إيناس عبدالدايم، وتحدث عن الدور المركزي الذي يجب أن تلعبه قصور الثقافة، وهناك وعي من صانع القرار السياسي بما يمكن أن تقدمه الثقافة من عطاءات في الواقع الاجتماعي المصري".
وتابع أستاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان، أنّ الثقافة تحتاج إلى خيال جديد والخروج من الدوائر الضيقة التي تحول المؤسسات الثقافية إلى مجموعة من الجيتوهات أي التي تسيطر عليها الشللية، وكل ذلك يتسم بحالة من الروتين اليومي، ويتم افتقاد الرؤية الثقافية العميقة.
وقال أستاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان، إنّ الدور الأساس للمجلس الأعلى للثقافة يتمثل في صناعة السياسات الثقافية، لا أن يكتفي بعقد ندوات أو مؤتمرات أو تشكيل لجان بها مئات الأسماء.
واوضح أن هناك أكثر من 20 لجنة، ولكن المجلس الأعلى للثقافة هو العقل الحي للثقافة الرسمية، وأثناء صياغته الاستراتيجيات الثقافية يجب التعامل مع الإطارات النظرية من زوايا تطبيقية، أي يجب عليه تقديم تصورات نظرية قابلة للتطبيق، وليس مجرد رطانة أو إنشاء".
وأشار إلى أنّ جزءً أساسيا في صناعة الخيال الثقافي ينطلق في المقام الأول في وجود تصورات ثقافية واضحة محددة المعالم، وهذه التصورات يجب أن تكون قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن الثقافة يجب أن تتحول إلى قيمة مضافة بالجمهورية الجديدة، بحيث تدخل المعركة في صف الدولة المصرية ضد التطرف.
تابع، هناك فقدان للبوصلة لدى البعض، حيث يعتقدون بأن المثقف يجب أن يهاجم السلطة، مشددًا على أنها فكرة مراهقة وصبيانية ولا تليق بمثقفين، مشيرًا إلى أن مصر شهدت خيانات ومآسٍ من بعض المثقفين في السنوات العشرة الماضية، وهذا ما حدث في سنة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، فهناك من ارتموا في أحضانها ودافعوا عنها ودبجوا الكتب من أجلها.
وأضاف عبدالله، أن المثقف يمتلك عقلا نقديا ولا جدال في ذلك، لكنه ليس عقلا هداما أو فوضويا أو أناركيا، مشيرًا إلى أن المفكر إدوارد سعيد قال إن المثقف يجب أن يكون أعلى تمثيلات الحقيقة.
واستطرد: "فلتخيل أن هؤلاء الذين من المفترض أن يقدموا أنفسهم كنخبة تقود الوعي العام يمتدحون الغزاة، ففي مرة كتبت في مديح الغزاة!!! وقلت من أنتم؟ مذا تفعلون؟ هل أنتم مثقفون وتدافعون عن هذه الأرض؟ هل تمثلون الجماهير والشعب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة