المرأة المصرية ضربت أروع الأمثلة فى التضحية والفداء على مر العصور، ومن بين هذه النساء الصول فايقة حنيدق، ممرضة ومسعفة وهبت حياتها لخدمة الناس وشاركت فى حرب اكتوبر وفضلت أن تترك المدينة وتتجه إلى جبهة القتال خلال حرب أكتوبر وتطوعت بالقوات المسلحة وقضت فى الخدمة بالقوات المسلحة 12 عاما تداوى وتضمد الجروح وتسعف المرضى حتى تحقق نصر أكتوبر العظيم.
قالت فايقة حنيدق ابنة محافظة الإسماعيلية والملقبة بالصول فايزة إننى ابنة الشهيد حنيدق على الذى توفى إثر انفجار لغم فى سيناء عام 1960، من مواليد مدينة الإسماعيلية وعاصرت حرب 1967 وكنت فى المرحلة الإعدادية حينها وقد هاجرت مع أسرتى إلى مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية وعقب حصولى على الشهادة الإعدادية التحقت بمدرسة التمريض التابعة لوزارة الصحة وقضيت السنة الأولى فى القصاصين ثم تخرجت من مدرسة السيد جلال فى باب الشعرية وبعد التخرج حققت رغبتى فى العمل بالإسماعيلية، وفى ذلك الوقت طلبت القوات المسلحة تمريض سيدات للعمل بالمستشفى العسكرى وبالفعل فى الأول من يناير 1973 التحقت بالعمل بمستشفى التل الكبير العسكرى وقد كنت أقضى نهارى بالعمل بالمستشفى وليلا فى القطار الحربى المخصص لنقل المصابين جراء غارات العدو المتكررة من الجبهة إلى المستشفى العسكرى.
وأضافت "حنيدق" عند بداية الحرب جاء لنا أمر بإخلاء المستشفى العسكرى، وكان ذلك نتيجة قصف العدو لمطار أبو حماد الذى كان قريبا جدا منا، وأذكر فى هذه الليلة أن الضرب كان شديدا جدا من حولنا وسيارات الإسعاف تتوالى بكثرة لنقل المصابين من الطيارين والجنود وكنت أنا المسئولة الوحيدة حيث كنت حكيمة عمليات حينها، وقد عايشنا أحداث صعبة جدا أثناء ضرب مطار أبو حماد والسوق المجاور له، وكانت مشاهد مؤلمة للطيارين الذين استشهدوا نتيجة القصف بالإضافة إلى إصابة عدد كبير من الأطفال والمدنيين.
وعن دورها فى علاج مصابى عمليات الحرب تقول "حنيدق" لقد كانت فترة عصيبة حيث رأت العين مالا يستطيع أحد تحمله، فرجالنا البواسل الأشداء الأقوياء كنا نراهم فى إصابات بالغة وجروح متعددة فمنهم من فقد قدمه ومنهم من فقد ذراعه ومنهم من فقد عينه فقد دفعوا بكل نفس راضية ثمن تحرير الأرض وجعلوا من أجسادهم دروعا يحمون بها تراب سيناء، فقد كنا نستقل القطار الحربى المعد لنقل الجرحى والمصابين وقد كان هذا القطار غير القطارات التقليدية التى نعرفها فقد كان عبارة عن عربات فارغة بها أسرة متعددة الطوابق معدة لنقل جرحانا وبه غرفة مجهزة تجهيزا بسيطا مما يؤدى الغرض فى العمليات البسيطة كعمل تجبيس للكسور وتضميد وخياطة الجروح ووقف نزيف البتر حتى نقل البطل المصاب لأقرب مستشفى معد للعلاج.
وعن أكثر الحالات التى تأثرت بها "حنيدق" تقول: أذكر جيدا هذا الشاب وصورته لا تفارق مخيلتى فقد كان يستعد لزفافه وكان يداعبنا بقوله "كلها أسبوع وأخد الإجازة واتجوز" وإذا بى أجده فجأة بين المصابين وقد فقد أحدى قدميه وأصيب فى أحدى عينيه مما أحزننى حزنا شديدا ولازلت اتذكره حتى الآن.
وعن مهام عملها ورسالتها وقت حرب العبور العظيمة تقول "حنيدق" قبل السادس من أكتوبر صدر قرار بإخلاء مستشفى التل الكبير الذى كنت أعمل به وذلك خشية استهدافه لوجود مصابين الحرب به وتم نقلنا لمكان آخر يبعد عن الجبهة بمسافة ساعة أو يزيد وعندما عبرت قواتنا الباسلة بدأت مهمتنا بشكل مختلف واقوى من ذى قبل وقد كنا نعمل دون أن نشعر بالتوقيت ولا نشعر هل نحن نهارا أم ليلا فقد كان شغلنا الشاغل هو تضميد جرحانا والعمل قدر المستطاع على علاجهم.
وتضيف "حنيدق" قد تم تكريمى من الرئيس السادات ومن قيادات مختلفة فى مناسبات عدة ولعل فترة عملى بالتمريض كحكيمة عمليات فى المستشفى الميدانى لهى أعظم فترات حياتى التى سوف تظل أفتخر بها وأورث هذا الفخر لأبنائى وأحفادى، وستظل مصر أبد الدهر حرة قوية عظيمة بسواعد أبنائها من رجال القوات المسلحة وستظل ملحمة العبور درسا قويا لكل من تسول له نفسه أن يقترب من ذرة من تراب أرض مصر.
ووجهت حنيدق نصيحة إلى شباب مصر بالمحافظة على تراب هذه البلد اللتى استشهد وأصيب فى سبيل تحرير أرضها الآلاف من الضباط والجنود والمدنيين والفدائيين من أجل أن نعيش فوق تراب مصر بكل عزة وشموخ.
1
2
3
4
5
6
7
8
9
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة