أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 سبتمبر 1921.. الفنان سيد درويش ينشر مقدمة كتاب عن الموسيقى من تأليفه والبحث عنه ينتهى إلى احتمالات فقده

الجمعة، 09 سبتمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 سبتمبر 1921.. الفنان سيد درويش ينشر مقدمة كتاب عن الموسيقى من تأليفه والبحث عنه ينتهى إلى احتمالات فقده سيد درويش
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أسهم الفنان العبقرى سيد درويش فى تأليف الأغانى نصا وتلحينا، لكن هل أقدم على تأليف كتاب عن الموسيقى؟.. يطرح الموسيقى الدكتور محمود أحمد الحفنى هذا السؤال فى كتابه «سيد درويش»، سلسلة «أعلام العرب، 1955»، ويجيب عنه بعد استقصاء منه، قائلا: «لم يكن من المنتظر أن نجده مؤلفا لكتب الموسيقى، ذلك لأن القدر لم يسعفه فى نشأته بدراسة معهدية ذات مراحل ودرجات، يقرأ معها المؤلفات، ويقف على أصنافها المختلفة، وما نظن أن وفرة إنتاجه المتزايد من الألحان كانت تسمح له بوقت يصدر فيه المصنفات، ولكننا نلتقى بهذه المحاولة فيما نشرته مجلة النيل، عدد 35 من السنة الأولى، 9 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1921، بعنوان «حضرة الأستاذ الشيخ سيد درويش».
 
تقول «النيل»: «أراد الله لهذا البلد الأمين أن يرفع شأن الفن، فأنجبت مصر حضرة الأستاذ النابغة الشيخ سيد درويش، فأخرج للناس من كنوز الموسيقى آثارا يجب الاحتفاظ بها ودررا تسابق الناس إلى التقاطها، حتى أصبحت ألحان الأستاذ الشجية تملأ الدور والطرقات، يتغنى بها الفتى، وتعزف بها الفتاة فى خدرها، وينشدها الحادى، ويستعين بها الفلاح فى حقله على قتل الوقت، وما ذلك إلا لأنها روح جديدة وأنغام توافق الأذواق، وللأستاذ عبقريته لا يجهلها المصريون ويقربها من لهم إلمام بهذا الفن الجميل».
 
تضيف: «أراد الله لهذا الفن الرفعة الحقيقية والرقى الذى تنشده الأمة من أعصر مضت، فوفق الأستاذ الشيخ سيد درويش إلى تأليف كتاب موسيقى أهداه إلى جريدتنا النيل، تنشره تباعا، وبدأنا فى هذا العدد بنشر القطعة الأولى فى تعريف الموسيقى، وسنتبعها بنشر قطعة فى كل عدد، ونشر أغنية من تلحينه مع نشر نوتتها ليسهل على الفتيات ومن لهم ولع بضرب الآلات الموسيقية تناولها».
 
بعد هذه المقدمة، تنشر «النيل» المقطع الأول من الكتاب، وكتب سيد درويش فيه: «الموسيقى أصوات مكهربة، تحدث أنغامها بواسطة اهتزازات تنجذب لها الأفئدة كما تنجذب الإبرة للمغناطيس، وهى محك القلوب يعرف بها الحساس، فيؤخذ عند سماعها، ويبغضها الجبان فلا يلوى عليها، يأتى المولود من عالم الغيب إلى دنيانا، فتستقبله القابلة والأقارب بأغانى الفرح والحبور، يحييهم عندما يرى النور بالبكاء والعويل، فيجيبونه بالهتاف والتهليل كأنهم يسابقون بالموسيقى الزمان على إفهامه الحكم الإلهية.. هى نغمات رقيقة تستحضر على صفحات المخيلة ذكرى ساعات الأسى والحزن إذا كانت محزنة أو ذكرى أوقات الصفا والأفراح إذا ما كانت مفرحة، هى جسم الحشاشة له روح من النفس وعقل من القلب، هى عامل من عوامل الشعور الحى الذى يقود المرء، حيث الغرض المقصود من التوقيع، إن حزنا فحزن، وإن شجاعة فشجاعة، ولذلك كانت أهم عدد الجيوش فى الممالك المتمدينة، وأنك لا تجد جيشا إلا ومن أوائل مطاليب رؤسائه إتمام معدات الأصول الموسيقية، لأنهم يعتقدون الاعتقاد الكلى بأن الجندى يدفعه إلى خوض غمرات القتال عاملان: أولهما: المدافعة الوطنية المبنية على الشعور الكامن فى الفؤاد الذى يحتمه حب تربة البلاد، التى رضع من ثديها وشب وترعرع من خيراتها.. وثانيهما: القوة التأثيرية، التى تدفعه بعامل التأثير الذى لا يترك للفكر مجالا للتجوال حول الماديات الاجتماعية التى لا يخلو منها أيا كان، وهى القوة الموسيقية، فإنك ترى الجنود عند توقيعها ثملين بخمرة الشهامة والهمة لا يفكرون إلا فى التقدم إلى الأمام، مهما كانت قوة الأعداء التى أمامهم، والفضل فى ذلك راجع إلى ما قلنا من أن توقيع النغمات «تدفع الجيش للقتال بيأس/ أقوى عزما من الأسود الضوارى، تسكت الطفل إن بكى وتداوى/ كل مضن مشتت الأفكار، فهى والله سلوة وسرور/ بل وسر من أجمل الأسرار ».. توقيع، خادم الموسيقى سيد درويش».
 
يذكر الحفنى أنه واصل متابعة هذه المجلة استقصاء لما نشرته، فعثر فى العدد 38، أول أكتوبر 1921 على مقال بعنوان «عظمة الموسيقى أو الملكات الموسيقيات »، بتوقيع خادم الموسيقى الشيخ سيد درويش، ذكر فيه طائفة من ملكات اشتهرن بممارسة الموسيقى، أمثال مارى أنطوانيت، ومارى تريز، وكاترين أوف فالو، وهنريت ماريا، وغيرهن. يعلق الحفنى: «هذا المقال وإن لم يكن يتجاوز حدود المعلومات العامة الشائعة فلا أقل أنه يدل على محاولة الفنان الاهتمام بثقافته الموسيقية فى جانب من جوانبها ».
 
يضيف الحفنى: «بينما نرى المجلة تسجل اعترافها بإهدائه إياها هذا الكتاب، إذا بها فى عددها 43، 5 نوفمبر 1931، تعيد الحديث مرة أخرى على وجه غير الذى سبق، فتعلق على مقال قصير بعنوان «الموسيقى » لمحمود صادق شلبى، وتطلب من سيد درويش أن يدلى بدلوه فى هذا المضمار، ويبر بما وعد به من قبل لقراء «النيل »، وتهدده «الويل كل الويل للفنان إذا هو تراخى فى إنجاز ذلك، فإن لديها مقالات عديدة انتقادية عن تقصيره فى هذا الموضوع ».
ينتهى حفنى إلى القول: «إذا كنا لم نعثر لهذا الكتاب على أثر سوى هذه المقدمة التى نشرتها تلك المجلة، فإن الخسارة ربما كانت فى فقده كتراث للفنان فحسب ».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة