يبدو أن أوروبا تتجه إلى مرحلة جديدة من مواجهتها مع روسيا فيها تتجاوز حدود الحرب فى أوكرانيا، وتظهر فيها أكثر اتحادا أمام الرئيس فلاديمير بوتين، وتجلى ذلك فى إعلان فنلندا والسويد سعيهما إلى الانضمام إلى حلف "الناتو".
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن أوروبا اتجهت إلى توسيع وتشديد استجابتها للغزو الروسى لأوكرانيا، حيث من المقرر أن تتبع السويد فنلندا فى السعي للانضمام إلى الحلف، وعمل مسئولي الاتحاد الأوروبى لإنقاذ العقوبات المقترحة التي ستستهدف صادرات النفط الروسى التي تساعد الكرملين فى تمويل الحرب.
اتخذت حكومة فنلندا، مع الرئيس سولي نينيستو، قرار التقديم لنيل عضوية الناتو في يوم أمس الأحد. ومن المرجح أن يصادق البرلمان على هذه الخطوة في وقت لاحق بأغلبية كبيرة، ويمكن إرسال الطلب بالاشتراك مع السويد يوم غد الثلاثاء أو الأربعاء على أقصى تقدير عندما يقوم نينيستو بزيارة دولة إلى ستوكهولم.
وتقول أسوشيتدبرس إن توسيع الناتو ليشمل السويد وفنلندا سيكون ضربة خطيرة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الذى وصف توسع الحلف فى شرق أوروبا بانها تهديد واستشهد به كسبب لمهاجمة أوكرانيا.
وقال الأمين العام لحلف الناتو جينس ستولتنبيرج أن عملية منح العضوية لكلا من فنلندا والسويد يمكن أن تكون سريعة للغاية، على الرغم من أن تركيا، الدولة العضو فى الحلف ألقت بظلال من الشك على الخطوة.
وفى بروكسل، عمل مسئولو الاتحاد الأوروبى على التغلب على معارضة مجموعة صغيرة من الدول فى مقدمتها لمجر للحظر المقترح على واردات النفط الروسى. وتعد المجر واحدة من الدول البرية التي تعتمد بشدة النفط الروسى، إلى جانب التشيك وسلوفاكيا، وبلغاريا أيضا لديها تحفظات.
وقال مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل إنهم يبذلون قصارى جهدهم لفك الموقف، مضيفا أنه لا يستطيع ضمان ان يحدث هذا لأن المواقف قوية للغاية.
ولفتت الوكالة إلى أن الأسلحة القادمة من دول الناتو إلى أوكرانيا، والعقوبات الغربية على روسيا ساعدت أوكرانيا على وقف التقدم الروسى، بل وإعادة القوات الروسية. وقال ستولتنبيرج أمس، الأحد أن الحرب لن تسير كما خططت لها موسكو. وأضاف أن أوكرانيا يمكن أن تفوز فى تلك الحرب، مشددا على ضرورة أن يواصل الناتو تقديم الدعم العسكرى لكييف.
من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز أن قرار فنلندا والسويد التخلي عن الحيادية التي التزموا بها طوال عقود والانضمام على الناتو هو أقوى مؤشر حتى الآن على التغيير العميق فى أوروبا فى وجه ما أسمته بمروع روسيا الإمبريالى.
فالدولتين الاسكندنافيتين أوضحتا فعليا أنهما تتوقعان أن يستمر التهديد القادم من الرئيس الورسى فلاديمير بوتين، وانه بعد فظائع روسيا فى بوتشا باوكرانيا، لا يوجد مكان للمتفرجين.
وقالت رئيسة وزراء السويد ماجدالينا أندرسون، الأحد، أن عدم الانحياز العسكرى خدم السويد جيدا، إلا أننا توصلنا إلى أنه لن يخدمنا بنفس القدر فى المستقبل، وهو قرار لا يتم اتخاذه على عجل.
رئيسة وزراء السويد
ولأن الجيشين السويدى والفنلندى مندمجتان بشكل قوى مع الناتو، قالت نيويورك تايمز إن هذا أحد الأسباب التي تجعل عملية انضمامهما قد تكون سريعة، وسيكون التأثير السعرية لتغير المسار الإستراتيجى للبلدين فى ضوء الغزو الروسى لأوكرانىا سياسى أكثر من كونه عملى.
ووصفت نيويورك تايمز هذا التغير بأنه يقدم أوروبا جديدة، لم يعد فيها مكان للموقف الوسطى. فالدول إما محمية من قبل الناتو أو أنها تعارض روسيا التي يحكمها رجل عازم على تأكيد مكانة بلاده على الساحة العالمية بالقوة وبالنسبة للسويد، وخاصة فنلندا، التي لديها حدود تصل إلى 810 ميل مع روسيأ، فغن ققرار بوتين غزو أحد جيرانخ لا يمكن تجاهله.
وتقول ناتالى توسى، مدير معهد الشئون الدولية فى روما إن توسع الناتو لم يكن أبدا سبب قرار بوتين غزو أوكرانيا، إلا أن أحد تداعياته بالتأكيد. وأضافت أن السويد وفنلندا تريان روسيا اللآن كدولة رجعية بطريقى أكثر خطورة بكثير عما كان عليه الحال فى الجزء الأخير من الحرب الباردة.
من جانبها، اتخذت روسيا موقف صارما فى مواجهة التطورات الأخيرة، حيث أعلن رئيس لجنة الشئون الدفاعية والأمنية في مجلس الاتحاد الروس، فيكتور بونداريف، أن روسيا ستضطر في حال انضمام فنلندا إلى حلف الناتو إلى تعزيز قواتها المنتشرة عند حدود هذا البلد.
وأضاف رئيس لجنة الشؤون الدفاعية والأمنية في مجلس الاتحاد الروس، أن نية فنلندا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي تمثل خبرا مقلقا ليس من الناحية العسكرية بل من الناحية الجيوسياسية، محملا الولايات المتحدة المسؤولية عن الضغط على الدولتين الاسكندنافيتين لدفعهما إلى الالتحاق بالناتو، ومحذرا من أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل أراضي فنلندا منطلقا لإجراء مناورات للناتو وتدبير استفزازات واختبار أسلحة لحلف شمال الأطلسي ونشر قاعدة عسكرية أمريكية.
كما ذكرت الخارجية الروسية يوم السبت أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو هو تغيير استراتيجي ولا يمكن أن يمر دون رد سياسي، مضيفة أنه سيتم تحليل ودراسة العواقب المترتبة عنه.
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو أن بلاده روسيا ليس لديها "نية عدائية" تجاه السويد وفنلندا، مشيرا إلى أن انضمامهما إلى الحلف لن يخدم البلدين وسيؤدي إلى عسكرة الشمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة