يعد كتاب الكامل في اللغة والأدب للمبرد واحدا من أصول علم الأدب وركنًا من أركانه، وقد أقبل العلماء وطلاب الأدب على قراءته وإقرائه، ويحتوى على عدد كبير من الأمثال العربية وشرحها بلغت خمسة وسبعين مثلاً، مع ذكر أصلها والمناسبة التى قيلت فيها.
وأبان المبرد عن موضوع كتابه ومنهجه فى أول الكتاب بقوله: "هذا كتاب ألفناه يجمع ضروباً من الآداب، ما بين كلام منثور، وشعر مرصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة، واختيار من خطبة شريفة، ورسالة بليغة. والنية فيه أن نفسر كل ما وقع فى هذا الكتاب من كلام غريب، أو معنى مستغلق، وأن نشرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحاً شافيًا، حتى يكون هذا الكتاب بنفسه مكتفيًا، وعن أن يرجع إلى أحد فى تفسيره مستغنياً".
وقد رتب المبرد كتابه على أبواب مختلفة ومتفرقة، بلغت تسعة وخمسين بابا؛ صدره بباب فى الكلام عن قوله – صلى الله عليه وسلم – للأنصار: "إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع"، وختمه بباب عنوانه: من متنحل طريف الشعر وذكر آيات من القرآن ربما غلط فى مجازها النحويون.
وفى الكتاب يروى عن الأصمعي أنه قال: هجم علي شهر رمضان وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم بها هربًا من حر مكة، فلقيني أعرابي، فقلت له: أين تريد؟ فقال: أريد هذا البلد المبارك لأصوم هذا الشهر المبارك فيه. فقلت له: أما تخاف الحر؟ فقال: من الحر أفر.
وهذا الكلام نظير كلام الربيع بن خثيم، فإن رجلاً قال له وقد صلى ليلة حتى أصبح: أتعبت نفسك، فقال: راحتها أطلب.
يقول المبرد في كتابه الكامل: "ونذكر آيات من القرآن ربما غلط في مجازها النحويون"، ويضيف:" منها آية فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، والشهر لا يغيب عنه أحد، ومجاز الآية فمن كان منكم شاهدا بلده فليصمه، والتقدير "فمن شهد منكم" أى فمن كان شاهدا في شهر رمضان فليصمه، نصب الظرف لا نصب المفعول به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة