أكرم القصاص - علا الشافعي

8 مسرحيات عن الإسبانية يثري بها الدكتور خالد سالم المكتبة العربية

السبت، 01 يناير 2022 12:00 م
8 مسرحيات عن الإسبانية يثري بها الدكتور خالد سالم المكتبة العربية 8 مسرحيات مترجمة من الأسبانية للعربية
كتب : جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من المعروف أن أدب الإسبانية في إسبانيا وأمريكا اللاتينية غني لكنه لم يحظ بالاهتمام الذي ناله مسرح الكبار بنقله إلى العربية منذ عقود، وللحق فإن الدكتور خالد سالم، أستاذ الأدب الإسباني قدم خلال مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الـ28  كتابين تضمنا ثماني مسرحيات، ويضم الكتاب الأول 5 مسرحيات للأطفال وسادسة لليافعين.

وهذه تُعد المرة الأولى التي  ينشر فيها هذا العدد من المسرحيات للأطفال نقلاً عن اللغة الإسبانية، ويضم الكتاب الثاني مسرحيتين مستلهمتين من الأندلس من منظور تاريخي وعصري يعالج الماضي المشترك الجميل في مرآة الهجرة المغاربية إلى إسبانيا، انطلاقًا من عدسة كاتبين إسبانيين، أنطونيا بوينو وخيسوس كامبوس غارثيا.

من إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي
من إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي

أما المسرحية الخاصة بالشباب جاءت تحت عنوان " كلمات القرد الأبيض الأخيرة "، وهي تسمية مستعارة للقرد رغم أن الترجمة الحرفية للاسم هي ندفة الثلج. وقد آثر الدكتور خالد سالم ترجمتها إلى القرد  الأبيض لتقريب المعنى إلى قارئ العربية. وهذا القرد الفريد  في لونه كان  قد جلبته غاليّا إدارة حديقة الحيوان في برشلونة، ما جعل منها مزارّا يقصده أطفال إسبانيا واشتهر ليمثل ظاهرة في البلاد طوال ثمانينات القرن العشرين وتسعيناته إلى أن مات.

وهي استعارة للكثير من قضايا العالم المعاصر اليوم، إنها مجاز للكثير من الخيوط التي تتلاقى في رسالة هوية واحدة، الغير، معرفة واكتشاف الآخر، فإشارة البداية التي يقدمها القرد الأبيض بخصوص القرد الأسود ووضعه بالنسبة للحارس وموقف هذا من القرد نفسه تتحدث عن الإنسان المعاصر، عن عزلته ووحدانيته.   

ما يطرحه المؤلف خوان مايورغا، وهو طرح سهل وصحيح سياسيًا في عالم اليوم. ويجد المتلقي قراءة للواقع، للإنسان، تكشف النقاب عن التعقيد القائم. هذا دون أن يحملنا هذا الوضع على التفكير في أن المسرحية كتاب حول الإنسان المعاصر، وهو ما طرحه المؤلف بحصافة.

الدكتور خالد سالم يثري المكتبة العربية بمسرحيات أسبانية
الدكتور خالد سالم يثري المكتبة العربية بمسرحيات أسبانية

 

إننا أمام كوميديا حول الموت، عمل مسرحي موضوعه مأسوي لكن مسحة من السخرية تعلوه، إذ استنطق فيه المؤلف القرد وهو في اللحظات الأخيرة قبل رحيله الأبدي، فنجده يتكلم عن حياته، عن حارسه، عن زميله "كونغ الصغير"، الغوريلا الصغير الذي صاحبه طوال حياته منذ أن أُدخلا حديقة الحيوان في برشلونة. ونحن أمام كلمات غوريلا-فيلسوف، كلمات ذات مغزى عميق يلقي بها على أمل أن يتعلم منها الإنسان. وربما كلماته التالية تساند ما  طرحه الدكتور خالد سالم في دراسته عنه:  

 اقتراب الموت يجعلنا نشعر بالحرية. فالمحتضر ليس عليه أن يخدم أحدًا، ولا يخيفه أحد.  ولم تعد هناك أصفاد تكبله ولا أقنعة. لا يوجد في العالم مخلوق أكثر حرية من الذي  يواجه يموت " ، والمسرحية في مجملها تعيد صياغة لوحة حول مسار تطور القرد إلى إنسان والعكس. وبعد ذلك نجد الحيوان، القرد، يذكرنا بأنه يفكر فينا. وعملًا بمبدئه فإن المؤلف يرى أن أفضل الأعمال هي تلك التي "تعرف كيف تنتهي" ولهذا فإنه أنهى مسرحيته بموت الغوريلا الأبيض "ندفة الثلج".

جاء الكتاب الثاني تحت عنوان "مسرحيتان عن الأندلس"، تستلهمان هذه الحقبة المشتركة بين العرب والإسبان التي استمرت تسعة قرون.  أولاهما مسرحية "زهراء الأندلس المفضلة" للكاتبة الإسبانية أنطونيا بوينو.

البطلة مزدوجة الشخصية، أندلسية ومغاربية، تحمل المشاهد  إلى الجدل الدائر حاليًا حول دور المرأة الغربية المعاصرة والعالم الإسلامي والهجرة غير الشرعية، وذلك من خلال سارد ضرير يأخذ بيد زهراء المزدوجة الشخصية، القادمة من القرن العاشر، زمن خليفة قرطبة عبد الرحمن الثالث، ومن الوقت الراهن.

إنها قصة امرأتين تلتقيان في رحلة مكانية وزمانية مزدوجة عبر الذاكرة التي تعود إلى القرن العاشر، عندما كانت الأندلس في أروع أيامها ومدينة الزهراء بجلالها وجمال عمرانها، ثم تنقلنا إلى القرن الحادي والعشرين حيث يخيم صخب الجوع، فليجأ المهاجرون إلى البلاد التي طُردوا منها، الأندلس، في صيغتها المعاصرة، إسبانيا. وفي هذا المُناخ تعبر زهراء المغاربية مضيق جبل طارق، الفاصل بين إفريقيا وأوروبا، بين شظف العيش والوفرة. وعندما تلمح الشاطئ ينقلب القارب الهش. وتمد زهراء الأندلسية، المفضلة لدى خليفة  قرطبة، من حافة البركة الملكية في قلب مدينة الزهراء يدها إلى زهراء المعاصرة عبر مجموعة من المرايا، بينما تحاول هذه الأخيرة فهم ما يحدث في منتصف الليل ووسط البحر.

 إنها رحلة ذهاب وإياب عبر الضفة الإسبانية في مقابل الأخرى التي يفاجئها وصول مئات الأندلسيين المذعورين يحملون مفاتيح منازلهم على أنها أمتعتهم الوحيدة. وهي ملحمة شعب،  دورة الحياة، دورة التاريخ وتحولاته المتغيرة.

 أما المسرحية الثانية  فبعنوان "رأس الحكمة" أو رأس الشيطان ترتوي من نسغ الثقافة العربية في الأندلس. والمسرحية موثقة بشكل جيد حول الثقافتين البارزتين حينئذ، العربية والمسيحية، دون نسيان الحضور اليهود في ربوع الأندلس.  

ويؤكد الدكتور خالد سالم على هامش مهرجان الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان القاهرة الدولي  للمسرح التجريبي، الذي اختتمت أعماله مؤخرًا، على أن هذا المهرجان يمثل إحدى قوى مصر الناعمة في الخارج، ففي مرآته يشاهد العالم المسرح العربي والعالمي خريف كل عام. 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة