حازم حسين يكتب: امتحان 2021 الصعب.. شهادة ميلاد لامعة للجمهورية الجديدة.. تحديات العام خارجيا وداخليا أكدت صلابة الدولة وفاعلية إجراءاتها.. اتساع خريطة الإنجازات يعزز فلسفة الإدارة المنحازة للتنمية بكل المجالات

الجمعة، 31 ديسمبر 2021 02:58 م
حازم حسين يكتب: امتحان 2021 الصعب.. شهادة ميلاد لامعة للجمهورية الجديدة.. تحديات العام خارجيا وداخليا أكدت صلابة الدولة وفاعلية إجراءاتها.. اتساع خريطة الإنجازات يعزز فلسفة الإدارة المنحازة للتنمية بكل المجالات شهادة ميلاد لامعة للجمهورية الجديدة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

2021 يجسد خلاصة المشروع النهضوى المصرى المستند للعلم والعمل وشرعية الإنجاز وإطلاق مسار جديد مع الاهتمام بميراث الدولة وسياقها الحضارى

 

آلاف المشروعات الضخمة فى مجالات البنية التحتية وتحديث الإنتاج والخدمات.. تركيز مكثف على الأبعاد الإنسانية والعدالة وبرامج الرعاية الاجتماعية.. حصاد 2021 يعزز الثقة فى الاقتصاد ويرفع الروح المعنوية ويبشر بمستقبل أفضل.. وعبور الجمهورية الجديدة لامتحان المحنة العالمية انطلاقة لبلد شاب ومنظومة راسخة

 
 
كان عاما طويلا ومرهقا، بل يُمكن النظر إلى 2021 باعتباره عاما مريرا للاقتصاد العالمى، بين ضغوط قاسية على الإنتاج والطلب وسلاسل الإمداد، وتأخُّر واضح فى التعافى من جائحة كورونا وآثارها، وصولا إلى الضربات الارتدادية للوباء ومتحوّراته خلال الشهور الأخيرة، وبطبيعة الحال لم تكن مصر بعيدة عن تلك الضغوط، إذ تأثرت كغيرها من الأسواق، لكن فى الجرد الأخير للعام، وأمام الأرقام وحسابات الأداء والعوائد، ربما لا تكون الصورة بالقسوة نفسها التى عاشتها دول أخرى، خرجت مصر بنمو إيجابى جيد، وسوق صرف مستقرة، ومعدلات تضخم وبطالة محتملة، مقابل اهتزازات مربكة عالميا وفى المحيط الإقليمى، تصاعدت آثارها لتسجل انكماشا وصل إلى 11% فى بعض الدول، وانهيارا للنقد تجاوز 50% فى دول أخرى.
 
 
نجحت مصر بدرجة مُرضية، وربما تكون أسباب النجاح أهم من دلائله، كان الأمر سابقا على جائحة كورونا، فبفضل برنامج الإصلاح استطاعت مصر إدارة التزاماتها على أفضل وجه. أعادت تقويم العملة وضبط سوق الصرف وعلاج تشوّهاتها، وساعدها ذلك على وضع سياسات نقدية أكثر كفاءة وفاعلية، كما عزّز نجاعة السياسات المالية بصورة قلّصت ضغوط التمويل، وسمحت بتسجيل فائض أوّلى بالموازنة، وترشيد العجز، وهيكلة محفظة الديون، وصولا لتحرير مكوناتها وفق خطط متوسطة وطويلة الأجل، والتراجع بصافى مدفوعات الفائدة، وتحسين الوضع لدرجة سمحت بتعزيز مخصصات الاستثمار والإنفاق على التنمية والخدمات والرعاية الاجتماعية، الآن ينتهى العام بما فيه من فرص ومعاناة، وتخرج مصر بحالة أفضل كثيرا من نظرائها، بل وممّن يفوقونها فى القدرة والموارد وأمد التجربة، ولعل هذا التوازن المحسوب، وتلك القدرة على إدارة المخاطر والتحديات، أهم ما يمكن رصده وإكباره والتوقف أمامه طويلا فى حصاد 2021.
 
فى سياق آخر، كان مُقدّرا ألّا تخرج مصر من محنة عالمية مثل جائحة كورونا سليمة وقادرة على الحياة، أو فى أفضل الظروف سيكون الخروج مخاضا قاسيا بقدمين مكسورتين وجسد مُثخن بالجراح. لك أن تتخيل الصورة لو وقعت الواقعة فى 2012، بينما كانت الدولة على حافة الإفلاس، أو حتى قبل يناير 2011 مع خلل فادح فى توازن التجارة والمدفوعات، وازدواج فى الصرف، وأعباء لم نستطع تجاوزها جرّاء تداعيات الأزمة العالمية فى 2008، كل تلك المخاوف كان سهلا عبورها فى 2019 رغم تضرُّر الصادرات وتوقّف السياحة ونزوح الاستثمارات والأموال الساخنة، لأن رؤية استراتيجية سبقت ذلك بسنوات، وسمحت باستباق الضغوط عبر إعادة تخطيط ورسم هياكل السوق والإنتاج والاستهلاك والمالية العامة، بدءا بإدارة الإمكانات على الوجه الأمثل، ورفع كفاءة البنية التحتية واللوجستيات وقدرات التخزين الاستراتيجية، وتأمين إمدادات أكبر من الطاقة، وتحفيز قطاعات النمو الحيوية، وابتكار نمط توازن ديناميكى فعّال بين مقتضيات النمو والتزامات الإعالة بأبعادها الاجتماعية والنوعية، من هنا فقط خسرنا مليارات تحت ضغط الأزمة ولم نُستنزف، وتلقّينا الضربات ولم نسقط، وتوقّفت عجلات العالم بكامله تقريبا ولم نتوقف.
 
لقد كان 2021 عاما مليئا بالتحديات، وفى ذلك مزيد من الأدلة على قوة ما حققناه وقيمته، إذ لا يُمكن تقدير ما لا تستطيع قياسه، ويصعب الإقرار بنجاح ما لم يُختَبَر، لهذا يُمكن القول بثقة واطمئنان إننا نجحنا بالفعل، لأننا دخلنا اختبارا قاسيا على جناح المصادفة الطارئة، لم نختره ولم يكن مُخططا له، وخرجنا منه بخسائر أقل جدا من غيرنا، ومكاسب لم يكن مُمكنا تخيُّلها إذا نظرنا إلى الأوضاع الحالية قبل سنوات قليلة فقط من الآن، ومن جملة تلك المكاسب حزمة إنجازات فى كل المجالات، وأمل أكبر فى المستقبل، واطمئنان إلى امتلاك دولة راسخة وسياسات مرنة ومؤسّسات فاعلة، وشهادة ميلاد لامعة لجمهورية جديدة تتجاوز حدود التسمية الظاهرة، إلى جدية حقيقية وحداثة شاملة فى الفكر والتخطيط وآليات العمل ومعايير الإنجاز، وفوق كل ذلك يظل المكسب الأهم والأعظم ما يخص ثقة المصريين ووعيهم، وانتعاش الهوية والروح المعنوية.
 
 

عام الإطلاق.. اكتمال الفلسفة وابتكار الطريق

 شقّت مصر منذ 2014 مسارا مُغايرا لكل ما اعتادته، على الأقل فيما سبق ذلك من سياقات معاصرة وماضٍ قريب، بدا منذ اللحظة الأولى - وتعمَّق بقوة ووضوح فى 2021 - أن هذا التوجه يجتهد لرسم معالم مشروع نهضوى مصرى شامل، يستند إلى مزيج مُتّزن من الرؤى الإصلاحية والأفكار الثورية، وهو ما تُرجم عمليا إلى سلسلة من البرامج التنموية المرتكزة لتحسين الراهن واستكشاف مزاياه المُعطَّلة، إلى جانب إرساء مُرتكزات جديدة تصلح أن تكون قاعدة حاملة لمشروع وطنى يتصل بهويّته وميراثه الحضارى، لكنه يُخاصم ثباته وروتينه القديم، من تلك المزاوجة نشأت «حياة كريمة» وتطوير العشوائيات وتأهيل الوادى، وجاورتها العاصمة الإدارية ومدن الجيل الرابع والدلتا الجديدة ومستقبل مصر، حضر «تكافل وكرامة» مستندا إلى هيكلة الإنفاق وترشيد الدعم. لم يغب الصعيد والمدن القديمة لكن حضرت سيناء وسواحل المتوسط والبحر الأحمر والظهير الصحراوى، أُعيد تأهيل المحاور القائمة والطرق الداخلية وأُضيفت عشرات المحاور ومئات الكبارى وآلاف الكيلو مترات، جمهورية جديدة تتأسَّس على أنقاض الأفكار البالية، لكنها لا تتغافل عن إمكانات القديم ومزاياه، ولا تتقاعس عن مهمة سحبه وتطويره ودمجه ضمن مكونات الصورة، وفى كل ذلك لم تعتمد فلسفة الجمهورية الجديدة شرعية تاريخية أو فئوية مُستمدة من شعارات أو مؤسّسات أو عرق ومُعتقد، إنما استندت إلى شرعية العمل والإنجاز، وكشف حسابها وأداة تقييمها الحقائق والأرقام، وما يُمكن توثيقه ويسهل أن تكشفه الكاميرا ويلمسه المُقيم والعابر.
 
بدأ العام بحزمة افتتاحات رئاسية مُهمة، من مجمّعات ألبان وإنتاج حيوانى بالفيوم والنوبارية، إلى قاعدة استزراع سمكى بالفيروز ومثلث الديبة وتدشين 34 سفينة صيد، ومصنعى رخام بالعين السخنة ورأس سدر، ثم الدلتا الجديدة ومستقبل مصر لزراعة نحو مليونى فدان مع اكتمال المشروع، وانتهى بأسبوع الصعيد وقائمة طويلة من المُنجزات، شملت عددا من المحاور والطرق والمدن الجديدة والمنشآت الصحية والصناعية وتأهيل القرى، وصولا لمجمع بنبان الأضخم عالميا فى الطاقة الشمسية، وبينهما إطلاق المبادرة الرئاسية العملاقة «حياة كريمة» منتصف العام تقريبا، وقبلها وبعدها مُرتكزات تنموية بالصناعة والزراعة والعمران وإدارة وتحلية المياه والتحول الرقمى وتوطين التقنيات المستحدثة، ووسط كل ذلك اشتباك عميق وجاد مع قضايا المنطقة والعالم، وأدوار مؤثّرة فى ملفات مُلتهبة، من السياسة فى ليبيا وسوريا واليمن والسودان، إلى الاقتصاد والتنمية فى لبنان والشام الجديد وشرق المتوسط، إلى امتلاك القوة بمفهومها الشامل، والعلاقات الخارجية بحضور فاعل فى المؤسسات الدولية والإقليمية وعبر تحالفات وتعميق روابط متعددة المستويات بالشركاء فى أوروبا وآسيا، وصولا لقضايا البيئة والاستدامة فى مزيج الطاقة وقمة المناخ والاقتصاد الأخضر، من كل ذلك تشكّلت ملامح 2021 بوصفه عام التأسيس الفعلى للجمهورية الجديدة بعد 7 سنوات من إرساء أُسسها عمليا، وخطوة التدشين الأوسع من رحم امتحان صعب عاشه العالم، وأُجبرت عليه مصر، ليكون من حصيلة أحداثه وما شهده من فلسفة وآليات حركة تجسيدا حقيقيا لرؤية تلك الجمهورية المأمولة، بتطلُّعها إلى ابتكار منظومة إدارة أكثر كفاءة وفاعلية، وامتلاك أُطر عمل وإنتاج مُعاصرة وأوثق اتصالا بغلافها الزمنى، من دون انقطاع عن سياقها الحضارى والتزاماتها الأولية تجاه بيئتها وميراثها ومحيطها الجغرافى، دولة تتأسَّس على العلم والعمل، تحتكم للعقل ولا تفتقد القلب، تمزج التقليد بالمعاصرة من أجل ابتكار وصفة نموّ وحياة خاصة، وترفع الداخل دون انفصال عن الخارج أو تضحية بالدور والمكانة.
 
 

ملامح النجاح.. مُغادرة النفق وتهيئة البراح

كانت مُؤشّرات ما قبل 2011 إيجابية فى ظاهرها، وكان الجوهر مُغايرا، انفجرت فقاعة النمو الوهمية تحت ضغط الفوضى، ولم يصمد الاحتياطى القياسى لأكثر من سنتين، بعدها تسلّمت دولة 30 يونيو السوق شبه عارٍ، ومُكبّلا بميراث ضاغط من العوار فى النقد والتجارة والمدفوعات والسياسات المالية، لتبدأ رحلة ترميم طويلة وشاقة منذ 2014، لم تضع الدولة  قدميها على المسار الصحيح إلا بإطلاق برنامج الإصلاح بعدها بسنتين، ومنذ ذلك التاريخ بدأت مسيرة مغادرة النفق، تكبّدت مصر منذ 2016 كُلفة ضخمة لإصلاح التشوُّهات، تدرّجت آثارها الإيجابية وصولا إلى تهيئة براح يضمن التنفّس، الآن يتجاوز الاحتياطى كل مستوياته القياسية ما قبل الثورتين، بإدارة نقدية أمَّنت استقرارا فى الصرف وتحرُّرا من مخاطر الفائدة، وتجديد القروض وإعادة التمويل وسط تقلُّبات الأسواق العالمية، محفظة الدين أكثر توازنا بمتوسط استحقاق يقارب أربع سنوات، وثُلثا قيمتها ديون مُتوسطة وطويلة الأجل، وأقل من 44% بعملات أجنبية، ولا تتعدّى نسبة الدين الخارجى 34%، المحفظة بكاملها فى حدود 83% تقريبا من الناتج، مع مستهدف قصير المدى عند 73%، ومدفوعات الفوائد تراجعت بـ0.6%، وزادت الإيرادات الحكومية لـ21% من الناتج، مُعدّلات الفقر تراجعت لأقل من 30% للمرة الأولى منذ عقدين، وباتت إدارة أدوات الدين قادرة على تلبية مطالب التمويل الحكومى بكُلفة زهيدة، وإبقاء المخاطر فى حيِّز الاتّزان، ودفع السوق إلى الأمام من دون ضغوط على السيولة أو الإنفاق الاستهلاكى وفرص النموّ.
 
الموازنة تشهد انتعاشا مُناظرا، مع استقرار تحقيقها فوائض أوّلية لعدّة سنوات، وخفض العجز لـ7% مع استمرار المنحنى الهابط، بما يُقلّص الطلب على أدوات التمويل ويضمن تحقيق مُستهدفات النزول بالدين إلى الناتج. كل تلك المُؤشّرات وغيرها تؤكد فاعلية الإجراءات المُعتمدة مع خطة الإصلاح، وتُعزّز النظرة الإيجابية تجاه 2021 باعتباره عام النجاح الحقيقى، لأنه شهد الاختبار الأصعب، ومجال المقارنة الكاشف مع أسواق أخرى كانت أفضل حالا، لكن المقارنة الداخلية تظل الأهم، فبينما تآكلت حصيلة سنوات النمو الخادعة مطلع الألفية إلى يناير 2011 فى شهور، صمدت مكاسب 2021 والفترة المحدودة السابقة عليه أمام جائحة عالمية، وارتباك شامل عاشته دول الوفرة قبل دول الندرة، وجفّف نهر السياحة وقوّض سلاسل الإمداد والتوريد.
 
شهد 2021 نحو 97 افتتاحا رئاسيا بمتوسط مشروع كل 90 ساعة تقريبا، وبالنظر إلى تحدّيات العامين الأخيرين، تبدو قصة النجاح أكثر سطوعا، ليس فقط لأننا غادرنا نفقا طويلا من ظلام أحدثته الفوضى وتقلُّبات السياسة وضغوط الخصوم والأصدقاء من 2013 إلى فترة قريبة، ولكن لأننا وسط هذا المناخ المُضطرب وما سبّبه من أعباء غير تقليدية، استطعنا ترتيب البيت وتهيئة البراح المحيط، وبينما حبس آخرون أنفسهم أو حبستهم جدران الأزمة، خرجنا إلى مُتّسع من الفرص والخيارات، وأحرزنا مكاسب أكبر ممّا خسره الباقون، أهمّها أننا تجنبنا الخسارة المحتومة على من كانوا فى مثل حالنا، ثم رمَّمنا شقوق جدراننا وشرعنا فى تعلية أدوار إضافية.
 

قوة شاملة.. إدارة رشيدة ومشروعات عملاقة

مسيرة التأسيس أثمرت سنوات ناصعة، تُمثّل الشهور الأخيرة دُرّة تاجها، من نحو 6.2 تريليون جنيه مشروعات منذ 2014، كان نصيب العام المنصرم أكثر من تريليون، وبحسب قائمة الافتتاحات من موقع الرئاسة، شهد 2021 تشغيل 11 محطة مياه بقدرات تتجاوز 450 ألف متر مكعب وتكلفة تفوق مليارى جنيه، و205 محطات محولات وتحكم وإنتاج كهرباء بأكثر من مليار جنيه، و12 منشأة صحية أبرزها مجمع البلازما، و7 محطات صرف ورفع بقدرات تتجاوز 12 مليون متر مكعب، و7 مجمعات ومناطق صناعية ومصانع عملاقة، وإضافة نحو 1300 عربة قطار و110 جرارات للسكك الحديدية، وتشغيل المرحلة الرابعة بالخط الثالث للمترو، وافتتاح 18 مدينة ومشروعا سكنيا، و 16 محورا وطريقا بأطوال تتجاوز 1248 كيلومترا.
 
شملت المشروعات أيضا: زراعة 1.5 مليون فدان بالدلتا الجديدة وتوشكى، ومركزى استزراع سمكى فى الديبة والفيروز، وتدشين 34 سفينة صيد، ومُجمّعى الجلالة ورأس سدر للرخام، ومدينة الدواء ومدينة سايلو فودز الغذائية، ومتحف الحضارة، ومُجمّع الإصدارات المُؤمَّنة، ومصنع المُستنسخات الأثرية، و3 مُجمّعات ألبان وإنتاج حيوانى بالنوبارية والفيوم، أما العاصمة الإدارية فقد قطعت شوطا طويلا، اكتمل الحى الحكومى تقرييا مع إطلاق عملية الانتقال، إلى جانب مدن الجيل الرابع الـ20، وتغذية المشروعات والبرامج التنموية بمزيد من الخطط والضخ التمويلى، وجّهت الدولة 164 مليار جنيه لنحو 25 مشروعا قوميا، يتقدّمها الإسكان الاجتماعى بـ21 مليارا لإنشاء 220 ألف وحدة، و19.9 مليار لمحور قناة السويس، و17 للطرق، و4 للتأمين الصحى، و15.5 للعاصمة الإدارية، و14 للسكك الحديدية، و12.3 لمترو الأنفاق، و11.7 للاتصال والتحول الرقمى، و10 لتطوير العشوائيات.
 
المشروعات القائمة رسَّخت نجاحها، والتحقت بها مشروعات أخرى، انطلقت «حياة كريمة» لتجاور «100 مليون صحة»، وازدهرت حزمة مبادرات مهمة: «سكن لكل المصريين، تطوير المناطق الخطرة، التأمين الصحى الشامل، تبطين الترع، تطوير السكك الحديدية وشبكة الطرق وخطوط النقل الداخلية، والمليون ونصف المليون فدان»، وإلى جانب جهود القيادة والحكومة، سجّلت المبادرات الاجتماعية نموّا لافتا، تواصلت تحركات صندوق تحيا مصر، ونظم عشرات القوافل وبرامج المساندة، منها أكبر قافلة إنسانية فى العالم للمرة الثانية، ساعدت 5 ملايين مواطن وحصدت 3 أرقام قياسية من موسوعة جينيس، كأكبر تبرع بالأغذية والأجهزة المنزلية والطبية، لترتفع حصيلة الصندوق لـ6 أرقام قياسية.
 

قفز الحواجز.. مناورة النُّدرة وصياغة الوفرة

أهم ما فى 2021، وفى فلسفة الجمهورية الجديدة، أن التحدّيات ليست إلا حافزا لمزيد من الجهد، المهم أن تملك الخيال الكافى لقفز الحواجز، بهذا الخيال تغلّبت مصر على قيود النُّدرة ورسمت خريطة الوفرة، آلاف المشروعات التى لم يكن مُمكنا أن نحلم بامتلاك كُلفتها، ومستويات أداء وإنجاز تفوق كل ما تحفظه ذاكرة الدولة ودولابها، وحسن إدارة للموارد رغم كل ما يحدُّها من عوائق، فى مجال المياه مثالا أطلقت الدولة مسارا واعدا للتحلية ومعالجة الصرف، واعتمدت أنظمة طاقة وميكنة متطورة، وإلى ذلك واصلت عملها المعتاد: 57 بئرا جوفية بين حفر وإحلال، وتشغيل 100 بئر بالطاقة الشمسية لزراعة 330 ألف فدان، وإنشاء 139 سدا وبحيرة لحصد الأمطار، ورفع التخزين 10 ملايين متر مكعب، واستغلال 11 مليار متر مكعب من المياه السطحية والجوفية، وتبطين 3539 كيلومترا من الترع واستكمال 4375، وإحلال وتأهيل 50 محطة رفع، ومواصلة مشروع حماية الشواطئ.
 
شهد العام منح 10 آلاف و223 رخصة صناعية، وبدأ 2778 مصنعا العمل فعليا باستثمارات 18 مليار جنيه، وفّرت 182 ألف فرصة عمل، إلى جانب افتتاح واستكمال 10 مجمعات صناعية فى تسع محافظات بإجمالى 2870 وحدة، وفى الاتصالات حلّت مصر ضمن أسرع 10 دول نموّا للشمول الرقمى بحسب مؤسسة رولاند بيرجر، وتقدمت 5 مراكز فى مُؤشّر الإنترنت الشامل وفق وحدة أبحاث إيكونوميست، وحلّت القاهرة بالمركز الأول بين أفضل نظم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث وفرة المهارات بأجور تنافسية، والثانى فى مُؤشّر المعرفة وبراءات الاختراع، والثالث فى مناخ التمويل والخبرة والمهارات، والخامس من حيث القيمة مقابل المال، والرابع فى القيمة التراكمية لشركات التكنولوجيا الناشئة. كما حلّت بالمرتبة الأولى أفريقيّا فى استراتيجيات جذب الاستثمار الأجنبى، وفق مؤسسة FDI Intelligence، والأولى فى مُؤشّر مواقع الخدمات العالمية الصادر عن مؤسسة كيرنى العالمية، وتقدمت 43 مركزا فى مُؤشر المحافظ الإلكترونية للهواتف، بحسب الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول GSMA.
 
قطاع البترول لم يكن بعيدا من تلك الطفرات، زاد الإنتاج لـ82.4 مليون طن مكافئ، وتراجعت مُستحقّات الشريك الأجنبى لأدنى مستوياتها تاريخيا عند 845 مليون دولار بنهاية يونيو، واستقرَّت الإمدادات المحلية لتلبية طلب يقارب 76 مليون طن، ووصل عدد مُنتفعى الغاز لنحو 13 مليونا بزيادة 1.2 مليون وحدة سكنية يُعادل استهلاكها 21 مليون أسطوانة بوتاجاز، مع إضافة 640 محطة بنزين وغاز، وتوقيع 25 عقدا محليا وعالميا للبحث عن الذهب، إضافة لاتفاقات بترولية أخرى.
 
أضافت البوابة الرقمية 65 خدمة بزيادة تقارب 200% عما قبل، ودرّبت الدولة 200 ألف شاب رقميّا بأكثر من مليار جنيه، وارتفعت صادرات القطاع لـ4.5 مليار دولار، واستثمارات الشركات الناشئة من 190 لـ465 مليون دولار، وسرعة الإنترنت لـ45.7 ميجابايت، ورفع كفاءة الخدمة فى مليون منزل من قرى «حياة كريمة» بـ5.8 مليار جنيه، وبدء تردُّدات الهواتف الإضافية باستثمارات 1.17 مليار دولار، مع تأهيل 20 ألف مبنى حكومى وربطها بالألياف الضوئية، وإنشاء وتطوير 1700 مكتب بريد، وبدء شراكات عالمية للدرجات العلمية، وتفعيل منظومة التقاضى الإلكترونية وتطبيق «هدهد» لخدمة المزارعين ومنصة الذكاء الاصطناعى للدولة، وإطلاق 4 كليات بجامعة مصر المعلوماتية بالعاصمة الإدارية.
 

نهضة متوازية.. قطارات سريعة وقضبان متجاورة

تؤمن الجمهورية الجديدة بأن النهضة مشروع شامل، والتنمية بناء لا يكتسب معناه إلا بتوازى جدرانه وتقابُلها، لذا تعمل الدولة على كل المحاور دفعة واحدة، تُرتِّب الأولويات لكنها لا تشطب أو تستبعد، كل التفاصيل لها من الأهمية ما يُوجب أن تكون جزءا أصيلا فى الصورة، هكذا تتجاور الأفكار المُبتكرة مع هيكلة التركة الموروثة، والبنية التحتية والمرافق وشبكات الطرق مع الخدمات والرعاية الاجتماعية، وبناء الداخل مع مدّ اليدين إلى الخارج، ومشروعات الثقافة والترفيه مع الزراعة والصناعة والإنتاج، ثقافيا شهد العام افتتاح متحف الحضارة وعدّة متاحف جديدة ومُعاد تأهيلها، وترميم معبد إلياهو هانبى، وتنظيم موكب المومياوات وحفل طريق الكباش، وإحياء قرية حسن فتحى بالقرنة، وإعلان الأقصر أكبر متحف مفتوح بالعالم، وإطلاق مشروع تطوير القاهرة التاريخية والفسطاط، وتأهيل الحدائق والميادين التراثية، وقلعة شالى فى سيوة، ومشروع الهوية البصرية للمحافظات، بدءا بأسوان، فضلا عن تحديث عشرات المزارات والمناطق السياحية والأثرية.
 
دبلوماسيّا، عزَّزت مصر حضورها الإقليمى والدولى، وحقَّقت اختراقات مُهمة فى ملفات ساخنة، لعلّ أبرزها ليبيا وما أسهمت به رسائل القيادة فى تهدئة حدة الصراعات وتحجيم تمدُّد الميليشيات وداعميها إلى مستويات قد تُهدّد الجوار وتمسّ أمننا القومى، وساندت لبنان سياسيا واقتصاديا، ودعمت التهدئة فى السودان وسوريا واليمن، وكسرت جمود الملف الفلسطينى وأطلقت برنامجا ضخما لإعمار غزة، كما وطَّدت علاقتها بالخليج وأسَّست آلية تشاور سياسى، إلى جانب مُخرجات قمة العُلا وبدء مسار تهدئة فى مجلس التعاون، وإلى ذلك، عمَّقت مصر صِلاتها بمراكز أوروبية وآسيوية، فمن جانب أبرمت اتفاقات تسليح نوعية مع مراكز غير تقليدية، ومن جانب نشَّطت الاستثمار ونوَّعت دوائر العلاقات، فتوطَّدت الروابط مع فرنسا وألمانيا وروسيا والصين وغيرها، حصلنا على ميزات تفضيلية، وزاد الاستثمار المباشر، وعادت السياحة الروسية، ودُشِّنت مناطق صناعية نوعية، وبفعل ذلك اتَّزنت العلاقة بالولايات المتحدة، وتقلَّصت مناورات «بايدن» على غير عادة الإدارات الديمقراطية. 
 
عسكريّا، نوَّعت مصر مصادر تسليحها، ودعمت منظومة قوّتها باختيارات نوعية تُمثّل الأفضل عالميا فى فئاتها. الآن لدينا يدٌ طُولى جويا وبريا وبحريا، ونملك واحدة من أقوى وأحدث وأعقد منظومات الدفاع الجوى، فضلا عن تطوير قطاع الصناعات العسكرية لرفع قدرة الترسانة المحلية على تلبية جانب مهم من حاجة الذخيرة والمُدرّعات وبعض القطع المُتطوّرة، لكن هذا التقدُّم لم يُغنِ عن تعزيز عناصر القوة الشاملة وفق فلسفة الجمهورية الجديدة، عبر مسارات سياسية ودبلوماسية واتفاقات وتحالفات ودوائر تأثير، حتى أصبحت رقما صعبا فى الإقليم وملفاته، بفضل ذلك هدأت الساحة الليبية منذ إعلان الخط الأحمر (يونيو 2020) وصولا لدبلوماسية بيضاء قرَّبت الرؤى وقوَّمت شقاق الداخل وأطماع الخارج طوال 2021، وحضرت مصر فى هدوء السودان وجنوب السودان ولبنان، وأسَّست لمسار الشام الجديد مع العراق والأردن، ليكون رافعة إقليمية للتنمية وتنسيق المواقف، ورتَّبت فوضى غزة وأنقذتها وبدأت إعمارها، وحجَّمت التغوُّل فى شرق المُتوسِّط وتصدّرت قيادته، فضلا عن حضور وازن فى مساعى التهدئة باليمن وسوريا واستعادتهما للحاضنة العربية، كل ذلك بدأ برؤية وحلم فى 2014، ووصل أوْجَهُ خلال 2021، ولم يكن ليتحقَّق لولا استعادة عقل الدولة وقلبها وخزانتها، استعادةٌ بمنطق إصلاحىّ، وتأسيس وفق مفهوم ثورىّ، ومزيج لا يتحلَّل من هذا وذاك.
 
المُؤكَّد أن لكل مشروع جذرا وأبًّا، الجمهورية الجديدة أساسها ثورة 30 يونيو، والأب تلك الفلسفة الجديدة فى استكشاف قدرات الدولة وإعادة بعثها، يعود الفضل الأكبر للقيادة السياسية، ومن ورائها التفاف الناس والمؤسَّسات، ثم سلامة الرؤية وفاعلية الإدارة وتدرُّجها المحسوب، ساهم برنامج الإصلاح منذ إطلاقه خريف 2016 فى استقرار الاقتصاد الكلى، وإنهاء تشوُّهات سوق الصرف، وضبط السياسة النقدية، وجسّد 2021 فاعلية تلك الإجراءات واستتباب نجاحها، وبحسب شهادة البنك الدولى وصندوق النقد ومؤسَّسات التصنيف الائتمانى المُعتبرة، حافظت مصر على أداء بالغ الإيجابية، ساعد فى تعزيز قدرات الاحتياطى وامتلاك بيئة جاذبة للاستثمار، وتلافى تأثيرات كورونا وما ارتبط بها من ضعف سلاسل الإمداد واختلال ميزانى العرض والطلب عالميا، وتُدلّل على ذلك مُؤشِّرات الأداء المُتحقِّقة بإبقاء التضخم ضمن النطاق المستهدف عند 5% بهامش انحراف 2%، وزيادة الصادرات السلعية 59.3% وصولا لـ34.4 مليار دولار، وتحويلات العاملين بالخارج 83.6% مُسجِّلة 31.4 مليار دولار، وصافى الاحتياطى 108.2% مُلامسا 41 مليار دولار، قياسا لمستويات 2015/ 2016.
الآن، نقف مُودِّعين عاما مُزدحما بالتفاصيل، حقَّقنا فيه مكاسب مؤكّدة وربما فوَّتنا فُرصا مُحتملة، تغلّبنا على تحدّيات وأرهقتنا غيرها، لكن الوصول إلى تلك الحالة من الوعى بحجم الدولة وقدراتها، وامتلاك أسباب الفعل والإنجاز وفق وصفة وطنية خالصة، أكبر المكاسب التى يمكن أن تتأسَّس عليها نهضة حقيقية مشمولة بالنجاح والاستدامة. لذا لا تزيُّد أو مُبالغة لو قُلنا إنّ 2021 - بكل ما فيه من مُعوِّقات وأزمات واختبارات صعبة - كان عاما مُلهما وباعثا للروح، لأننا إذ أنجزنا باقة النجاحات السابقة وغيرها، وسط هذا المناخ الضاغط محليا وإقليميا وعالميا، فإن فرص التفوّق فى سياقات طبيعية تُصبح أمرا مضمونا ولا مُخاطرة فيه، ما يُنبئ عن طفرات مُرتقبة وآفاق أكثر إيجابية، تُعزِّز ما تحقَّق، وتُجفِّف آثار ومُتبقِّيات ما أحدثته الجائحة وتوابعها، ومع كل خطوة مُستقبلية للأمام سيتأكَّد أثر 2021 وأهميته، ويترسَّخ يقين أنه عام إطلاق الجمهورية الجديدة فعليّا، وشهادة ميلادها الحقيقية اللامعة.
p.6
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة