آثار إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار لاشين إبراهيم نائب رئيس محكمة النقض، بإحالة جميع الناخبين الذين تخلفوا عن التصويت فى الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها، جدلا واسعا حول ماهية هذا القرار وأسانيده وآلية تطبيقه .
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار لاشين إبراهيم نائب رئيس محكمة النقض، أن الهيئة طبقا لصحيح الدستور والقانون بدأت فى حصر أسماء الناخبين الذين تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات مجلس الشيوخ لإحالتهم إلى النيابة العامة تمهيدا لتحصيل غرامة لا تجاوز الـ 500 جنيه من كل ناخب تخلف عن التصويت.
وأكد المستشار لاشين إبراهيم، أن الهيئة وجهت وقت دعوة الناخبين لانتخابات مجلس الشيوخ عدة رسائل لكافة الناخبين من الشباب والسيدات والمصريين في الخارج وحتى الإعلام لحثهم على أداء واجبهم الوطني والدستوري والإدلاء بأصواتهم في تلك الانتخابات، وطالبت الهيئة على مدار مراحل العملية الانتخابية في الجولة الأولى لشيوخ ووقت الاقتراع بعدم التقاعس عن المشاركة لما تمثله جريمة في حق الوطن.
والجدير بالذكر هنا أن عدد أصوات الناخبين المصوتين في انتخابات مجلس الشيوخ، بلغ 8 ملايين و959 ألفا و35 صوتا بنسبة مشاركة 14.23%. ، ويأتى عدد المقيدين بجداول الانتخابات 62 مليونا و940 ألفا و165 ناخباً.
وفى دراسة مقارنة لتنفيذ عقوبة التخلف، قال الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى، أن الانتخاب وفق الدستور وبعديد من الدساتير فهو مزيج بين الحق والواجب وينظر إليه على أنه أحد الواجبات الوطنية، قائلا: "الدستور وصفه فى المادة 87 بصفة أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى".
وأشار إلى أن ذلك الواجب يأتي بتوجيه الدعوة للمواطن وعليه أن يشارك فى الانتخابات ويملى برأيه فى صناديق الاقتراع وفق ما يراه، بينما هو حق بمعنى أنه حينما يحصل على ورقة الاقتراع فله حق الإدلاء بأى شكل كان، قائلا "إذا الواجب لم يؤد يتعرض الشخص للعقوبة وهو أمر طبيعى لأن عدم المشاركة جريمة " ، موضحا أن هناك دول عديدة أقرت العقوبة لمن يتخلف عن المشاركة منها استراليا، كندا، النرويج، البرتغال، اليونان، السويد، بلجيكا، ايطاليا، الارجنتين، البرازيل، اكوادور، لوكسمبورج، سنغافورة، استراليا ، النمسا، تركيا، بيرو، الدومينكو، براجوى، تايلاند، لبنان، المكسيك، وبوليفيا.
وأوضح أن التنظيم فى هذه الدول يختلف من واحدة لأخرى، فالاقتراع واجب وطنى فى كافة هذه الدول، ولكن بعض من الدول تجعله إجبارى حتى سن معين مثل الأرجنتين حتى سن 70 عاما، وأتاحت عدم الحضور ولكن بشرط إبلاغ سلطة الاقتراع قبلها بـ 24 ساعة والإكوادور لمن هم دون 65 عاما والأميين، والبرازيل بها تنظيم يسمح بتعبئة استمارة اعتذار بعدم التصويت يوم الاقتراع، والعقوبة تختلف من دولة لأخرى فأغلبيتها غرامات ولكن هناك دول قامت بسن عقوبات آخرى بجانب الغرامة لتتمثل فى حرمان من بعض الخدمات الحكومية منها الدعم أو امتيازات معينة، بينما البرازيل تمنع الحصول على جواز السفر مقابل هذا التخلف، بينما بلجيكا واليونان وبيرو تحرم من يتخلف وليس له عذر من الحصول على خدمات حكومية، وبوليفيا تحرم الشخص من راتبه الشهرى .
وأشار إلى أن فلسفة تطبيق عقوبة التخلف والامتناع عن التصويت والذى يفسر على أنه مقاطعة، تكون لأسباب ترتبط بأن من امتنع عن التصويت ليس بهدف وجود تهديده تلقاه أو هدايا حثته على المقاطعة والتأكد من أن هذا الشخص له الإرادة الكاملة فى اختياره عدم التصويت وعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وفلسفة آخرى تتمثل فى إتاحة انتقاء الأفضل وأن يكون المشهد الخاص بالانتخابات مختلف للدفع بالناخب للمشاركة.
وعلى الصعيد المحلى، أوضح "فوزى" أن الهيئة الوطنية للانتخابات وفق قاعدة البيانات التى تمتلكها تتمكن من حصر الناخبين والذين امتنعوا عن التصويت وذلك نظرا لأنها جريمة منصوص عليها فى المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، مشيرا إلى أنه بعد ذلك تتخذ "النيابة العامة" إجراءاتها وينتهى فى ذلك دور الهيئة الوطنية للانتخابات.
وأشار الفقيه الدستورى إلى أن النيابة العامة هنا تقوم بأمر جنائى بتوقيع الغرامة التى تبدأ من جنيه ولا تجاوز 500 جنيه ولا يتطلب حضور لهذا الجمع ممن امتنعوا عن التصويت لأنه من حق النيابة أن تقوم بأوامر فى الجرائم التى لا يزيد حدها الأقصى عن 500 جنيه والتى لا يرى حفظها ويكون ذلك وجوبا فى المخالفات والجنح التى يعاقب عليها بالغرامة وحدها، وسيكون أمامها الأول هو توقيع العقوبة على المواطنين والثانى بإحالة القضية للمحكمة نظرا لما تنص عليه المادة 73 من قانون مباشرة الحقوق السياسية والخاصة بإنشاء دوائر قضائية للنظر فى جرائم الانتخابات.
وأوضح الفقيه الدستوري أن آلية تقديم العذر تتمثل أن المحامى العام يمكنه تعديل الأمر الجنائى فى ظرف 10 أيام من صدور الأمر الجنائى الذى تصدره النيابة العامة أو حفظ الأوراق ولا يجوز إعلان الأمر الجنائى للخصوم قبل انقضاء هذه المدة، وبالتالى يمكنه أن يتقدم للنيابة العامة أو للمحامى العام خلال 10 أيام، لافتًا إلى أن العذر المقبول للإعفاء من دفع غرامة عدم المشاركة، هو مسألة موضوعية تحددها المحكمة بعد تقديم ما يثبت ذلك.
واقترح "فوزى" أن يرتبط تنفيذ العقوبة فى أى تعاملات حكومية من استصدار بطاقة أو غيرها من التعاملات، مؤكدا أن تحصيلها ليس مهمة النيابة العامة بل الجهات التنفيذية بالدولة، قائلا: "إذا ادعى المتهم عند التنفيذ أن حق فى عدم إعلانه بالأمر أو أن مانع قهرى فى الفترة المحددة زمنيا وهى 10 أيام ليقدم الإشكال إلى القاضى الذى نظر فى القضية ليصدر القاضى فى ذلك أمر جنائى".
ومن جانبه، يقول الدكتور طارق فهمى، استاذ العلوم السياسية، أن المبدأ العام هو تطبيق الغرامة على من لم يحضر أى استحقاق سياسى، مشيرا إلى أن ذلك أمر مطبق فى العديد من دول العالم والكثير وضع أكثر من نموذج للتنفيذ.
وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن هناك دلالة لذلك القرار وهو دعوة مباشرة لمشاركة المصريين فى الانتخابات التشريعية المقبلة والهدف ليس إجبار أو إفزاع المواطنين بل المشاركة بإيجابية واختيار الأفضل هو المسار الصحيح لأى عملية انتخابية .
وأشار إلى أنه لا يمكن الربط بين المشاركة فى انتخابات "الشيوخ " وانتخابات النواب ، لأن انتخابات البرلمان هى الغرفة التشريعية الأصيلة وهى التى تمس عصب حياة المواطن فى المقام الأول، مطالبا الأحزاب بتكثيف دورها فى حث المواطن على المشاركة الإيجابية للمواطن ومعالجة العزوف الانتخابى فى ذلك .
وأوضح أن نسبة المشاركة فى مصر ليست بكبيرة فى أبزر المحطات الانتخابية حتى أنه فى ظل خروجنا من ثورة وقت 25 يناير لم تسجل المشاركة رقما كبير، يمكن أن تشير لوجود عزوف مختلف فى الوقت الحالى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة