أكرم القصاص - علا الشافعي

إسرائيل تجتاح بيروت.. هل انتحر الشاعر خليل حاوى من أجل "الوطن" أم "الحب"؟

السبت، 06 يونيو 2020 02:24 م
إسرائيل تجتاح بيروت.. هل انتحر الشاعر خليل حاوى من أجل "الوطن" أم "الحب"؟ الشاعر خليل حاوى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم ذكرى اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلى لمدينة بيروت فى عام 1982، وترتبط هذه الفجيعة بحادث آخر مزعج هو انتحار الشاعر اللبنانى خليل حاوى (1919 – 1982) الذى انتحر صبيحة الاجتياح، ويرى الأكثرية أن ذلك حدث نظرًا لفجيعة سقوط الوطن، لكن البعض يذهب إلى أن السبب الحقيقى "قصة حب" فاشلة.
 
 
خليل حاوى
 

يقول كتاب (خليل حاوى شاعر  الحداثة والرومانسية) لـ عبد المجيد الحر:

وما كاد "الحاوى" يعلم بغزو إسرائيل للبنان، ويسمع طلقاتها المدوية فى قلبه وعروقه  حتى صاح "ما لثقل العار، هل حملته وحدى" واشتدت ثورته على كل ما حوله، وعلى نفسه حين وصل الإسرائيليون إلى بيروت مساء الخامس من حزيران (يونيو)، وتخيل أن اعتداء إسرائيل على بيروت، اعتداء عليه، وقد عكس فى شعره صورة البطل المنقذ. وعاد إلى البيت بعد أن شاهد العار يمحو شرف الحضارة العربية وإنسانيتها، ورأى بأم عينه ما ظنه وهما وخيالا لن يتحقق.

شاعر الرومانسية
 
التقى بصديقه "شفيق عطايا" فأحس هذا الأخير بتجهم شديد يغطى وجه الحاوى، شبيه بسماء ملبدة بالغيوم، وشعر وكأنه يقف أمام بركان يكاد ينفجر، حاول قدر طاقته أن يهدئ من ثورة ذلك البركان، ويبعد عنه سويداء الحمم المتقاذفة فى صمت رهيب، حدث الشاعر بحديث الصبر والشد على الجراح حتى تلتئم بقوة الإرادة ولكنه سمع الخليل يتبرأ من العار اللاحق بجميع العرب المدنس لأجسادهم التى لا يتبرأ من أدرانها إلا بالموت؟
 
وأشار بإصبعه إلى شخصه وقال "لم يبق أمامى إلا الانتحار فلا معنى لوجودى" ومضى فى طريقه لا يلوى على شىء، وبقى الصديق ينتظر مفاجأة تتعلق بالشاعر المعذب، بعد أن رأى فى عينيه شرر النار المحرقة، ولم يطل انتظاره حتى حمل الغد خبر وجود الحاوى ملقى على شرفة داره وجفته بين يديه وقدميه، وقد انطلقت منه رصاصة خرقت عينه اليسرى فقضت عليه.

بينما يرى كتاب "طرب.. طرب" لـ فيصل أكرم، رأيا آخر فيقول:

مأساة أخرى حققها (الصمت القاتل) ولكنها واقعية، حدثت فى بيروت عام 1882 ولا يزال الوسط الثقافى  العربى يضرب كفا بكف حيرة حين يتذكرها، وهى حادثة انتحار الشاعر اللبنانى الكبير خليل حاوى صبيحة اجتياح الجيش الصهيونى لبيروت.
قيل أول ما قيل إن الشاعر لم يستطع احتمال رؤية بلاده تحت الاحتلال فانتحر، ومثل هذه التبريرات تذكرنى بما قرأته سابقا، واستحضرته فى قصيدة أيضا،  عن الشاعر والأديب النمساوى شتيفان تسفايج (1881 – 1942) هو وزوجته معا صبيحة نشوب الحرب الأهلية فى بلاده.
طرب طرب
غير أنى لا أظن أحداثا عظيمة تتسبب فى انتحار شعراء عظماء أبدا، فالشعراء فرسان والفارس العظيم لا يهرب من مواجهة عظيمة، والعظيم لا تهون عليه نفسه إلا عندما يجدها هانت على حقيرة أو حقير.
 
ففى حالة الشاعر خليل حاوى الذى أطلق النار على نفسه من مسدسه على رأسه فى شرفة منزله، حيث كان يعيش وحيدا كما ينبغى لشاعر، وبرغم كل ما قيل من تحليلات لنفسية الشاعر وعذاباته والضغوط التى ضاق بها فى آخر حياته، فإننى كلما جاءت سيرته أرفض رفضا قاطعا أن يكون خليل حاوى مات منتحرا من أجل قضية كبرى، فمثله يعيش بالقضايا الكبرى ولا يموت منتحرا جزعا منها.
 
لم تتح لى فرصة التعارف الشخصى مع خليل حاوى فأثناء انتحاره كنت فى الثالثة عشرة من عمرى، بيد أن معظم أصدقائه هم أصدقائى الآن، وقد سمعت عنه منهم الكثير، وكلما شاهدنا عودة زهور إحدى الكاتبات العراقيات مجددا، تتحدث فى قنوات إعلامية وغير إعلامية عن الحب الكبير الذى ملك قلب خليل حاوى تجاها، وأنها كانت موافقة على حبه لها، وتبادله الحب والأمانى والأحلام، ولكن شجارا تافها حدث بينهما جعلها تبتعد عنه وتلتزم الصمت (الصمت القاتل).
 
وعندما فشلت كل استجداءات الشاعر الكبير وعجز عن الفوز بكلمة، ولو واحدة، من حبيبته الصغيرة، أقدم على الانتحار وانتحر.
 
هكذا بكل أنفه وبساطه وصدق ووضوح، وهذا ما أصدقه تماما، هم الشعراء ورب الكعبة، لا تهون عليهم أرواحهم إلا حينما يستودعونها من يستكثر عليهم مجرد كلمة من بضعة أحرف يحتاجون إليها ليتأكد لديهم شعور أنهم لا يزالون أحياء، وأن أرواحهم لا تزال مصانة عند من يحبون.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة