"بنت الخير" كما يسمونها أهل الواحات القديمة وقرية بولاق بمحافظة الوادى الجديد لما يجدونه فيها من فوائد لاتحصى دون أدنى تكلفة سوى أن أحدهم يقوم بغرس بذرتها ويتركها تنمو طبيعيا فهى الشجرة العتيقة والتى تنبت منذ قديم الزمان فى عدة مواقع بالمحافظة وخاصة مدينة الخارجة وقرية بولاق ومواقع أخرى ولكنها أوشكت على الانقراض بسبب تجاهل أهل المحافظة لها بعد أن كان أثرها فى كل بيت، وأصبح أغلب شباب المحافظة لا يعرف عنها شيئا سواء عن كيفية زراعتها أو نموها على الرغم من كونها لا تنمو إلا فى محافظتى الوادى الجديد وأسوان .
ويستخدم أهل الوادى الجديد أشجار الدوم فى عدة أغراض تتمثل فى الاستفادة من أخشابها منذ قديم الزمن لكونها تتميز بالصلابة الشديدة حيث تم العثور على ثمار الدوم فى المقابر المصرية القديمة بمنطقة اللاهون بمحافظة الفيوم، وهناك العديد من رسومات الدوم على منقوشة على جدران حديقة أحد أتباع "نخب" فى تل العمارنة بمحافظة المنيا ولتميز أشجار الدوم بالمتانة، جعل أبناء الواحات يستخدمونه في سقف البيوت والأبواب، لأن خشبه لا يتأثر بالنمل الأبيض ويتم استخدامها فى صناعة الأبواب والسقائف أحد أهم ملامح الطراز المعمارى الواحاتى.
كما تستقطب أشجار الدوم الفنانين والنحاتين لأخشابها كأحد فنون النحت الراقية والصعبة التى يتميز بها فنانو الواحات دون غيرهم من الفنانين والذين يجدون صعوبة بالغة فى العمل والنحت والرسم على تلك الأخشاب الصلبة، حيث تصنع منها القطع الفنية بمختلف أنواعها حيث يقول الفنان حامد سرور أحد أشهر نحاتى الوادى الجديد فى تصريح خاص لــ" اليوم السابع " إنه يقوم باستخدام خشب الدوم فى أعماله الفنية، لأن هذا النوع من الخشب يتميز بقوته الشديدة ومرونته فى نفس الوقت، حيث يسهل على الفنان تشكيله ببراعة شديدة، وعلى الرغم من ندرته إلا أن كل قطعة من جذوع نخيل الدوم يمكن الاستفادة منها فى صناعة أعمال فنية رائعة.
وتعتبر ثمرة شجر الدوم عالية القيمة الغذائية والدوائية، حيث أن عصيرها من المشروبات التي تنظم ضغط الدم تلقائيا وهي خاصية نادرة الحدوث في المشروبات الأخرى .
ويقول محمد على صاحب كافية، أن الدوم من الثمار الغنية بالعناصر المعدنية والفيتامينات وله عدة طرق فى صناعته فيمكن شربه مغلي ثم تحليته بالسكر وتناوله ساخناً كبديل للشاي، كما يمكنك تحضير شراب مركز من الدوم عن طريق النقع فى المياه وتستخدم عصارة شجرة الدوم لعلاج التقرحات التي تصيب الفم، ويستخدم لوقف نزيف الدم وعلاج بعض الأمراض الجلدية وتسكين آلام القدم والأرجل وعلاج اضطرابات القدرة الجنسية عند الرجال، ويعمل على زيادة عدد الحيوانات المنوية، كما يعمل على ضبط إفراز هرمون (التستيرون) وكعلاج للعقم عند النساء بتناول ملعقة من حبوب لقاح الشجرة مخلوطًا بالعسل يوميًا ويستخدم الدوم بكثرة فى علاج الضغط حيث يتم تقشيره ويتم أخذ اللحاء الخارجي الخاص به ويتم تجفيفه وطحنه وإذابته فى الماء مخلوطا لعلاج الصداع.
ويقول الدكتور مجد المرسى أستاذ ورئيس بحوث بمركز البحوث الزراعية ووكيل وزارة الزراعة السابق، شجرة الدوم أو نخيل الدوم وهى من الأشجار المُعمّرة، التي تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، فهو نخيل صحراوي ينمو في الناحية الغربية الشمالية للخارجة والتي كانت قديما مزروعة بالدوم، وهو نبات معمر لمئات السنين وجذوره تمتد في أعماق الأرض لأكثر من 1000 متر، بحثًا عن المياه الجوفية.
ويضيف المرسى أن شجرة الدوم نخلة متوسطة الارتفاع تتميز بالساق المنتظم التفرع إلى تفريع ثنائي أو ثلاثي بطول من 10- 30 متر حسب منطقة الزراعة، والنوع المنزرع من الدوم والأوراق رامية التعريق حيث يبدا التعريق من مركز واحد ويتشعب على شكل مروحة بها اشواك قليلة، وتوجد الأزهار في نورة إغريضية مركبة.
ويؤكد المرسى أن الموطن الأصلي للدوم المناطق الساحلية في شمال وشرق أفريقيا وينمو الدوم في المناطق المعتدلة وتحت الاستوائية والاستوائية كما ينمو في المناطق الصحراوية الجافة ذات الأراضي الرملية الخفيفة حيث يتحمل الظروف الصحراوية القاسية نظرا لان جذوره تتعمق في التربة لتصل للمياه الجوفية مؤكدا على شجر الدوم يتكاثر بالفسائل والبذور، وتستغرق البذرة 10 شهور للانبات ويمكن الاسراع من انباتها بنزع الغلاف الخارجي وتكون شتلات نخيل الدوم حساسة جدا للشتل ويزهر نخيل الدوم في الربيع والصيف وتوجد الأزهار في نورات على نباتات مؤنثة وأخرى مذكرة ويتم التلقيح بواسطة الرياح والثمرة حسلة بيضاوية او مستديرة طولها 5,7 سم وعرضها 5 سم لونها بني لامع ، وتجمع ثمار نخيل الدوم في الخريف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة