جاء الانفجار الذى شهدته مدينة إسكندرون بولاية هاطاى جنوب تركيا، والذى أعلنت وزارة الداخلية التركية منذ قليل، أنه كان بسبب مقتل عدد من الإرهابيين جراء هذا الانفجار، ليسلط الضوء على التاريخ الاستعمارى التركى، خاصة إذا علمنا أن مدينة إسكندرون هي في الأصل مدينة سورية احتلتها تركيا منذ عشرات السنوات.
خلال حديثنا عن تاريخ تركيا الاستعمارى، فعلينا في البداية أن نعرف ما هي مدينة إسكندرون، فلواء إسكندرون، تعتبر في سوريا بالمحافظة الخامسة عشر، ثم احتلها تركيا في عام 1939، ويسميه بعض المؤرخين "الألزاس واللورين السورية".
منطقة إسكندرون كانت تابعة لولاية حلب ضمن سوريا العثمانية، ثم مثلت في المؤتمر السوري العام، ورغم اعتبارها دولة مستقلة في أعقاب صدور مراسيم التقسيم، غير أنه أعيد ربطها بالدولة السورية عام 1926 بجهود الرئيس السورى حينها أحمد نامي، وعاصرت إطلاق الجمهورية السورية الأولى عام 1938 قامت فرنسا بخطوة غير مسبوقة واستفزازية ، وأعادت منح اللواء حكمًا ذاتيًا مع بقائه مرتبط من ناحية شكلية بالجمهورية السورية، ثم أعادت إلغاء هذا الرباط الشكلي؛ وفي العام التالي، 1939، انسحبت فرنسا بشكل نهائي، في حين دخلت اللواء قوات تركية، وقامت بضمه وإعلانه جزءًا من الجمهورية التركية ، وهو ما اعتبره مراقبون حينها مخالفة لصك الانتداب الذي يلزم الدولة المنتدبة بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدب عليها.
وخلال استعمار تركيا لتلك المدينة، كانت غالبية سكان اللواء كانت من عرب سوريا الموزعين بين السنة، والعلويين، والمسيحيين العرب، والأرمن، ولم تتجاوز نسبة تركمان سوريا فيه 39.4% حسب إحصاءات 1939، واحتلتها تركيا رسميًا في 5 يوليو 1939 بعد أن دخلها الجيش التركي ومنذ ذلك الحين تطالب الحكومة السورية بعودة السيادة السورية إلى إقليم لواء الإسكندرون وجلاء الاحتلال التركي، واستمر السوريون الذين يعيشون بتلك المدينة يطالبون بالحرية من قيود الاحتلال التركي لسنوات طويلة، وحتى تسعينيات القرن المنصرم كانوا يضعون صورا للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في بيوتهم.
التاريخ الاستعمارى التركى لا ينفصل عن جرائم تركيا التاريخية، وعلى رأسها جريمة مذابح الأرمن التي ارتكبتها السلطات التركية الممثلة في الدولة العثمانية حينها، والجرائم التي ارتكبتها وصلت لقتل أكثر من مليون شخص أرمينى.
المدينة أيضا تعد شاهدة على الإجرام التركى ضد الشعب السورى، والذى لا زال مستمرا حتى الآن، حيث يمارس الرئيس التركى رجب طيب أردوغان كل أشكال الإرهاب والقتل والتطهير العرقى ضد الأكراد في شمال سوريا بجانب القصف المتواصل واختراق السيادة العراقية تحت ادعاءات ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستانى، بجانب تدخلات أردوغان ونشر سياساته الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة