تسبب إيران صداعا كبيرا ليس فقط لإسرائيل أو جيرانها، ولكن لأوروبا أيضا، حتى الدول التى لا تزال تساندها فى ظل الموقف المعادى الذى تتبناه إدارة ترامب ضدها، بعد انسحابها من الاتفاق النووى الإيرانى.
وقد نشر معهد واشنطن الأمريكى تقريرا عن التهديدات التى تمثلها صواريخ إيران لأوروبا والخليج وإسرائيل، قال فيه إن واشنطن ليست وحدها الداعية إلى اتخاذ موقف دولى أكثر حزما ضد برنامج إيران الصاروخى.
ففى فبراير الماضى، أعرب الاتحاد الأوروبى عن قلقه البالغ إزاء تطوير النظام الإيرانى للصواريخ الباليستية، وذلك فى بيان مشترك نادر حول إيران دعاها إلى الامتناع عن تنفيذ مزيد من عمليات إطلاق الصواريخ.
وفى مارس الماضى، حذر وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان طهران من فرض عقوبات قاسية لو فشلت المحادثات متعددة الأطراف بشأن الصواريخ، مشيرا إلى أن المفاوضات التى كانت فرنسا تضغط لإجرائها منذ الصيف الماضى على الأقل قد بدأت.
ورغم إنكار الخارجية الإيرانية، إلا أن ما كشفه وزير الخارجية الفرنسى قد دفع الحرس الثورى الإيرانى إلى إصدار خطاب هو الأكثر جرأة له ضد أوروبا حتى الآن. حيث حذر نائب القائد العام للحرس الثورى فى فبراير من أن بلاده ستقوم بقفزة إستراتيجية هائلة فى برنامجها الصاروخى من خلال تبديل متغيرات تكنولوجية وجغرافية مهمة، أى أنها ستحسن دقة صواريخها وقدرتها وقوة دفعها ومداها لتتمكن من بلوغ أوروبا.
ويشير التقرير إلى أن إيران توجه تهديدات مماثلة إلى السعودية ناهيك عن إسرائيل التى تعتبرها طهران عدوها اللدود.
ويوضح معهد واشنطن أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، اقتصرت اختبارات الصواريخ الباليستية التى أجرتها إيران على محاولتيْن فاشلتيْن لإطلاق قمر صناعى، لكن الخطاب الحاد الذى تبناه الحرس الثورى قد يشير إلى تكثيف هذا النشاط قريبا.
فعلى سبيل المثال، قد يستخدم الحرس الثورى الشجار الأخير مع أوروبا لتحريك الدعم المحلى لتطوير صواريخ ذات مدى أبعد كجزء مما يدعوه القادة العسكريون الإيرانيون "تغيير حسابات الردع".
وكانت الذكرى الأربعون لثورة عام 1979 فرصةً ذهبية لإيران للكشف عن مجموعةٍ من أنظمة الأسلحة والمعدات العسكرية، التى تلقى بعضها انتباهاً أكبر. ففى فبراير، كشفت طهران عن صاروخ "الحويزة" الجوّال، وهو نسخة مطورة من صاروخ "سومار".
ووفقاً لبعض المسئولين فى الحرس الثورى، يبلغ مدى صاروخ "الحويزة" 1,350 كيلومتراً، وهو تحسن ملحوظ عن صاروخ "سومار" البالغ مداه 700 كيلومتر. ومن غير الواضح ما إذا كان قد تمت تجربة الصاروخ الجديد فعلياً، إلا أنه يمكن أن يهدد أهدافاً بحريةً فى شرق البحر المتوسط إذا ما أطلق من شمال غرب إيران، أو فى الخليج كله تقريباً إذا تم إطلاقه من سواحل إيران الجنوبية.
كما، كشف الحرس الثورى فى فبراير أيضا عن ما زعم أنه الجيل الثانى من الصاروخ الباليستى "خرمشهر". وكشف أيضا عن خط إنتاج تحت الأرض لصاروخ باليستى جديد يدعى "دزفول"، له القدرة على شن ضربات دقيقة التوجيه بسرعة على مدى ألف كيلومتر. وإذا كان هذا الأمر صحيحاً، فسيسمح هذا الصاروخ لإيران بإصابة أهدافٍ داخل أعماق السعودية فضلاً عن شمال إسرائيل.
وخلص التقرير فى النهاية إلى القول إن ترسانة الصواريخ الإيرانية تشكل ركيزة لاستراتيجياتها الدفاعية والهجومية. وقد بلغ النظام آفاقاً بعيدةً فى عرض هذه الأسلحة، ليس فقط باعتبارها ورقته الرابحة فى ردع الأعداء وتحقيق طموحاته الإقليمية فحسب، بل أيضاً كإشارة على أن إيران لن تحيد عن طريقها فى المضى قدماً فى تطوير الصواريخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة