أكرم القصاص - علا الشافعي

"ما وراء فنزويلا".. تاريخ طويل من التدخلات الدموية لـ CIA فى أمريكا اللاتينية.. واشنطن تسعى لتكرار سيناريوهات سابقة فى كاراكاس.. محاولة الإطاحة بمادورو تكرار لنسخة تشافيز 2002.. تشيلى والبرازيل شهود على العصر

السبت، 02 فبراير 2019 02:00 م
"ما وراء فنزويلا".. تاريخ طويل من التدخلات الدموية لـ CIA فى أمريكا اللاتينية.. واشنطن تسعى لتكرار سيناريوهات سابقة فى كاراكاس.. محاولة الإطاحة بمادورو تكرار لنسخة تشافيز 2002.. تشيلى والبرازيل شهود على العصر التدخلات الدموية فى أمريكا اللاتينية
تحليل: إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الفصل الخامس من روايتها "ما وراء الشتاء" تتناول الكاتبة التشيلية "إزابيل أللندى" الانقلاب العسكرى ضد الرئيس الماركسى، سلفادور الليندى، فى سبتمبر 1973، وما سبقه من صراع محموم بين اليمين واليسار ومراقبة شديدة من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للمشهد الذى سبقته بأعوام الثورة فى كوبا وصعود فيدل كاسترو حيث اعتادت واشنطن التدخل فى شئون جيرانها فى الجنوب.

المشهد فى تشيلى 1973، ربما هو ما تسعى واشنطن لتكراره فى فنزويلا 2019، فالقوى التى توجد فى الحكم هى الأقرب للمعسكر الأخر من القوى العالمية المتمثل فى روسيا والصين فى ظل مشهد يعج بالكثير من ملامح الحرب الباردة، كما أن فنزويلا، التى قطعت علاقتها الدبلوماسية مع واشنطن منذ سنوات، تمتلك أكبر احتياطات للنفط الخام فى العالم. الصحافة الأمريكية كشفت مبكرا عن مؤامرة مخابراتية أمريكية للدفع بإنقلاب عسكرى ضد الرئيس نيكولاس. مادورو.

خوان جوايدو زعيم المعارضة الفنزويلية المدعوم من واشنطن

ففى سبتمبر الماضى، كشف مسئولون أمريكيون وأحد القادة السابقون فى الجيش الفنزويلى، أن إدارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، رعت لقاءات سرية مع العسكريين المتمردين فى جيش فنزويلا، خلال عام 2017، لمناقشة خطط للإطاحة بمادورو. وتؤكد واقع الاضطرابات الحالية التى تشهدها كاراكاس، هذه التسريبات، إذ أنه بدعم من واشنطن راح زعيم المعارضة ورئيس البرلمان، خوان جوايدو، لإعلان نفسه رئيسا للبلاد، معلنا عدم الأعتراف بشرعية مادورو.

 

للولايات المتحدة تاريخ طويل من التدخل السرى فى بلدان أمريكا اللاتينية، فلا يزال الكثيرون فى المنطقة يشعرون بالاستياء الشديد جراء دعمها لحركات التمرد والانقلابات والمؤامرات السابقة فى بلدان مثل كوبا ونيكاراجوا والبرازيل وشيلى، وغض الطرف عن الانتهاكات التى ارتكبتها الأنظمة العسكرية خلال الحرب الباردة. وهو ما أقر به المرشح الرئاسى الديمقراطى السابق، السيناتور بيرنى ساندرز، فى تغريدة، الأسبوع الماضى، قائلا " يجب علينا أن نتعلم من دروس الماضى وأن لا نعمل على تغيير النظام أو دعم الانقلابات- كما كان الحال فى تشيلي وجواتيمالا والبرازيل والكونغو. الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل من التدخل غير المناسب فى دول أمريكا اللاتينية. يجب ألا نسير فى هذا الطريق مرة أخرى."

 

جواتيمالا 1954

فى عام 1944، تمت الإطاحة بالديكتاتور العنيف المدعوم من قبل الولايات المتحدة، خورخي أوبيكو من خلال انتفاضة شعبية. كان أوبيكو مجرد دمية فى يد شركة الفواكه المتحدة، والتى استعبدت السكان.

 

جلب انتصار الانتفاضة السلام إلى البلاد لمدة 10 سنوات، وكانت ذروتها فى انتخاب الرئيس التقدمى جاكوبو أربينز، الذى سعى إلى الإصلاح الزراعى، عام 1951. لكن سرعان ما أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عملية تسمى PBSUCCESS، عام 1954، أنطوت على قصفت مدينة جواتيمالا عاصمة البلاد بالطائرات الحربية الأمريكية.

 

وفى ظل سلسلة من الحكام العسكريين بعد الانقلاب، عانت جواتيمالا من ثلاثة عقود من القمع الوحشى الذى قتل فيه ما يصل إلى 200 ألف شخص، العديد منهم قتلوا على يد قوات الأمن.

 

البرازيل 1964

فى أوائل الستينيات شهدت البرازيل تحول مذهل، حيث بدأ الرئيس جواو جولارت فى تنفيذ خطة "إصلاحاته الأساسية" التى تهدف إلى محو أمية الكبار والسيطرة على نقل الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات التى يوجد مقرها فى الخارج ، من خلال إصلاح قوانين الضرائب ومصادرة الأراضى وإعادة توزيعها على السكان.

جواو جولارت
جواو جولارت

 

غير أن الصورة لم تكتمل بفعل المؤامرة الأمريكية عام 1964، إذ أطاح انقلاب عسكرى بجولارت حيث لعب لينكولن جوردن، سفير للولايات المتحدة، دوراً رئيسياً فى دعم المعارضة ضد حكومة جولارت وخلال الانقلاب. وفى 27 مارس 1964، قام بكتابة برقية سرية إلى حكومة بلاده، وحثها على دعم انقلاب هومبرتو دي ألينكار كاستيلو برانكو مع إرسال أسلحة سريا وشحنات من الغاز والنفط، التى ربما تم إرسالها عن طريق عمليات سرية أدارتها الـCIA.

 

تشيلى 1973

فى شيلى، استخدمت وكالة المخابرات المركزية أساليب مختلفة لكن النتائج كانت نفسها. وقادت الوكالة حملة تشهير ضد حكومة شيلى، واستخدموا وسائل الإعلام الوطنية والدولية لتشويه صورة الرئيس الاشتراكى سلفادور أليندى، وهو أول ماركسى يتم إنتخاباه ديمقراطيا فى ذلك الوقت.

سلفادور الليندى مع كاسترو
سلفادور الليندى مع كاسترو

 

حاولت وكالة الاستخبارات المركزية والقوات اليمينية بث الرعب بين الشعب تجاه الليندى بدعوى أنه سيسمح للسوفيت بالسيطرة على البلاد وأنهم سيخطفون الأطفال لغسل ادمغتهم ويدمرون الكنائس ويغتصبون الراهبات وغيرها.  وفى 11 سبتمبر 1973، قاد الجنرال أوجستو بينوشيه الجيش إلى القصر الرئاسى بدعم من السى آى إيه، الذين زودوه بكل الأسلحة والمركبات المدرعة اللازمة. وأسقطت الطائرات الحربية قنابل على القصر وتم قتل الرئيس.

 

الأرجنتين 1976

اتسمت الحرب القذرة فى الأرجنتين، التى دعمتها الولايات المتحدة، بين عامى 1976 إلى عام 1983 باحتجاز وتعذيب المعارضين اليساريين، حيث يعتقد أن  30000 شخص قتلوا واختفى 13000 شخص.

إيزابيل بيرون
إيزابيل بيرون

 

ففى عام 1976 وبدعم من الولايات المتحدة، أطاح المجلس العسكرى بالرئيسة إيزابيل بيرون وذلك فى أعقاب تصريح وزير الخارجية الجديد سيزار جوتزي لوزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر بأن الجيش قام بقمع "الإرهابيين (قاصدا حركات اليسار)" بقوة، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز. وسرعان ما أعطت الحكومة الأمريكية، الضوء الأخضر لمواصلة الهجمات الوحشية ضد اليساريين والمعارضين السياسيين والمعارضين المشتبه بهم.

 

فنزويلا 2002

فى فنزويلا نفسها، أعطت الولايات المتحدة موافقتها الضمنية على محاولة انقلاب ضد سلف مادورو السابق هوجو شافيز عام 2002. إذ تظهر الإحاطات السرية للـ"سى آى إيه" أن إدارة جورج دبليو بوش كانت على علم مسبق بخطط المعارضة ولم تشارك معلوماتها مع شافيز. وتم خلع الرئيس الفنزويلى السابق لمدة أقل من 48 ساعة حتى ساعد الدعم الشعبى الساحق والموالين له فى الجيش على إعادته إلى السلطة.

هوجو شافيز
هوجو شافيز

 

الحالات السابقة هى امثلة قليلة على التدخلات الأمريكية فى شئون جيرانها،  ففى الثمانينيات، دعمت الولايات المتحدة متمردين كونترا اليمينيين فى نيكاراجوا لتولى الحكم والإطاحة بحكومة الساندينستا الاشتراكية، مما أدى إلى عقد من النضال العنيف، ناهيك عن بنما 1989 وبيرو 1990 والسلفادور 1980 وبوليفيا 1971 وأوروجواى 1969 وهايتى 1959.

 

وبينما يتفق معظم زعماء أمريكا اللاتينية على أن رئيس فنزويلا الحالى، هو حاكم سلطوى بشكل متزايد تسبب فى تدمير اقتصاد بلاده، مما أدى إلى النقص الحاد فى الغذاء والدواء، وتسبب هذا الانهيار فى نزوح جماعى من الفنزويليين اليائسين الذين يتدفقون على الحدود، ويغمرون جيرانهم، غير أن تاريخ أمريكا من التدخلات التى شاعت فى أعقابها الفوضى والقتل فى البلدان ربما يمثل أداة قوية يمكن لمادورو استخدامها لحصد التأييد الشعبى.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة