بملامح طفل تمكنت خفة الروح منه يجلس حمزة على الطاولة المستديرة ممسكًا بالألوان الخشبية وورقة الرسم التى اعتاد على تلوينها فى كل مرة يزور فيها الورشة الفنية، يجلس الأطفال بجانبه، فيداعبهم، ويتشاركوا فى تلوين الرسوم التى تساعدهم على تخفيف لحظات ألم جرعات العلاج عليهم سويًا، لتلاحظ أن خلف ذلك الوجه الملائكى قصة كبيرة تبدأ فى التقاط أول خيوطها عندما يفاجئك بحلمه الأبدى "نفسى أطلع شيف"، ليقطع حديثكما صوت من آخر الغرفة يدعوه للانصراف لتجدها الأم "إيمان"، رفيقة درب حمزة خلال رحلة هزيمة السرطان.
"اكتشفت عن حمزة عنده سرطان وهو عنده شهرين وقالولى ربنا يعوض عليكى"، عبارة صادمة قالتها الأم عن بداية رحلتها مع مرض حمزة، فبتجمع على شكل كرة فى بطن حمزة دفعها الأمر لتقوم بعمل الفحوصات والتحاليل اللازمة لمعرفة حالة طفلها، ليخبرها الأطباء أنه يعانى من السرطان وصعب شفائه لصغر سنه.
لم تستلم إيمان لما تلقته من آراء سلبية وهدامة حول إمكانية شفاء حمزة، وفى اليوم التالى من ظهور التحاليل كانت أول المتواجدين أمام البوابة الرئيسية لمستشفى 57357 لتبدأ رحلة علاج شعارها الصبر يولد الفرح، "من اللحظات الأولى لوجودنا فى المستشفى وأنا حاسة إن كل الناس أهلى وبيدعمونى أقف على رجلى فى رحلة علاج حمزة"، فكل لحظة مرت على إيمان وطفلها على مدار 5 سنوات من العلاج لا تفارق خيالها، مزيج من الأمل والألم والصبر الذى تستمد قوته من إرادة طفلها.
الأم إيمان جمال
بالرغم من مرورعام بالكامل على شفاء حمزة تمامًا من السرطان إلا أنه يحرص على زيارة المستشفى والتواجد مع الأطفال فى الورشة الفنية التى تدعمه وتعطيه جرعة من الإرادة ليهزم ما تبقى من آثار جانبية لرحلة علاجه فى صعوبة حركته بعد الانتهاء من جرعات الكيماوى فهو الآن فى مرحلة العلاج الطبيعى.
"حمزة هو اللى كان بيقوينى، وحالته النفسية كانت بتخفف عنى كتير"، كلمات قالتها الأم عما أعانها خلال رحلة علاج حمزة، حيث الاهتمام بحالته النفسية فى المستشفى، وهو ما عاد عليها بجرعة الأمل بطريقة غير مباشرة، موضحة أن القائمين على المستشفى يعتقدون أنهم يساهمون فى تحسين الحالة النفسية للأطفال، ولكن فى حقيقة الأمر أنهم يدعمون الأهل الذين يجدون أطفالهم يمارسون الأنشطة، بدلًا من لحظات المعاناة التى تمر عليهم خلال جرعات الكيماوى.
الورشة الفنية
"عمرى ما أنسى أول جرعة كيماوى أخدها حمزة كان عمره شهرين"، بنظرات شاردة قالت إيمان تلك الكلمات متذكرة لحظات أول جرعة كيماوى حصل عليها حمزة، وشتان بين شعورها حينها، وبين فرحتها بعد مرور الوقت وانتهاء رحلة العلاج التى تعتبرها أكثر تجربة أثرت فى شخصيتها وعلمتها الكثير"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة