فى الوقت الذى اتخذت فيه إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العديد من القرارات المثيرة للجدل، وعلى رأسها فصل أطفال المهاجرين عن ذويهم، يبدو أن المنظمات الحقوقية سوف تقوم بدور كبير فى الداخل الأمريكى فى المرحلة المقبلة، خاصة بعدما تراجعت حقوق الإنسان فى الأجندة الأمريكية فى الآونة الأخيرة، منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
إدارة ترامب ربما اتخذت منحنى مخالفا فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وهو ما بدا واضحا فى تصريحاته أو سياساته أو حتى القرارات التى لم تقتصر على الداخل، ولكنها امتدت فى الكثير من الأحيان إلى المستوى الدولى، خاصة بعد الانسحاب الأخير للولايات المتحدة من المجلس الدولى لحقوق الإنسان، ليكون هذا القرار بمثابة طلاقا رسميا بين إدارة ترامب والقضايا الحقوقية، وهو الأمر الذى يساهم فى إثارة حالة من الفوضى خاصة مع الدعوات التى تتبناها المنظمات الحقوقية ضد الرئيس الأمريكى وسياساته.
المنظمات الحقوقية.. هل تتحول لحشد المعارضة ضد ترامب؟
ولعل التقرير الأخير، والذى أبرز تزايد عدد أعضاء منظمة الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية من 400 ألف إلى 1.84 مليون شخص منذ انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، دليلا دامغا على تصاعد الجدل، وربما الغضب، تجاه السياسات الأمريكية التى تجاهلت المسألة الحقوقية، فى الآونة الأخيرة، باعتباره تراجعا صريحا عن التزامات الولايات المتحدة تجاه حقوق الإنسان، وهو ما يمثل خروجا عن دورها القيادى باعتبارها راعية الحقوق والحريات فى العالم.
ترامب يوقع قرار الفصل
إلا أن التزايد الملحوظ فى عدد أعضاء المنظمة، والتى تتمثل مهمتها فى الدفاع عن الحقوق والحريات الشخصية والحفاظ عليها التى يتمتع بها كل شخص فى هذه الدولة كما هو منصوص عليه فى الدستور والقوانين الأمريكية، وكذلك الزيادة الكبيرة فى التبرعات التى تحصل عليها لتصل إلى ما يقرب من 120 مليون دولار منذ انتخاب ترامب، ربما يطرح العديد من التساؤلات حول ماهية الدور الذى ستقوم به تلك المنظمة وغيرها فى المرحلة الراهنة، خاصة مع ما يمكننا تسميته بحالة "التأهب" السياسى استعدادا لانتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، الذى يحظى حاليا بأغلبية جمهورية، والمقررة فى نوفمبر المقبل.
حقوق الإنسان.. رهان الديمقراطيين قبل انتخابات الكونجرس
يبدو أن الفصل بين التقرير، والذى نشرته صحيفة "ذى هيل" الأمريكية، حول تزايد عدد أعضاء منظمة الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية، والوضع السياسى فى الداخل الأمريكى، أمرا صعبا للغاية، خاصة وأن خصوم ترامب السياسيين، من الحزب الديمقراطى، كانوا أكثر من تناولوا القضايا الحقوقية، فى إطار انتقادهم لسياسات ترامب، خاصة عند الحديث عن قرار الفصل بين المهاجرين وأبنائهم، وكذلك عندما تناولوا مواقف الإدارة من القضايا الدولية، حيث انتقدوا عدم تركيز ترامب على مسألة حقوق الإنسان خلال القمة التى عقدها مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، فى يونيو الماضى بسنغافورة.
الكونجرس
الرئيس الأمريكى تناول انتقادات الديمقراطيين لسياساته حول حقوق الإنسان، عبر حسابه على موقع "تويتر"، ليشن هجوما لاذعا عليهم فى مايو الماضى، متهما إياهم بمحاولة تشويه صورته، عبر نشر صور مزورة عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث قال فى تغريدة له أن "الديمقراطيون نشروا عن طريق الخطأ على موقع تويتر، صورا التقطت عام 2014 أثناء فترة حكم أوباما، وهي تعود لأطفال على الحدود الجنوبية وهم داخل أقفاص فولاذية."
Capture
التحريض.. وسيلة الديمقراطيين لمواجهة ترامب
على الجانب الآخر، يبقى سلاح المنظمات المدنية والنشطاء أحد أهم أسلحة الديمقراطيين لتنفيذ سياساتهم، وأجنداتهم، سواء فى الداخل الأمريكى أو فى الخارج، وهو الأمر الذى بدا واضحا منذ لحظة الإعلان عن فوز الرئيس الأمريكى بالرئاسة الأمريكية فى نوفمبر 2016، حيث تحولت الديمقراطية التى دائما ما تتشدق بها أمريكا، إلى مظاهرات أعرب خلالها المحتجون عن رفضهم لنتائج الانتخابات الأمريكية للمرة الأولى فى التاريخ.
مظاهرات بعد الاعلان عن فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية
ولم تتوقف المسألة على لحظة النصر الانتخابى الذى حققه ترامب، ولكنها امتدت إلى التحريض الصريح، ضد الرئيس الأمريكى وأنصار إدارته.
ففى كلمة لها أمام احتجاج فى مدينة لوس أنجيليس الأمريكية، قالت النائبة الديمقراطية ماكسين واترز، إنه ينبغى ملاحقة عناصر الإدارة الأمريكية، لإضفاء الانطباع العام بأنهم غير مرغوبين. وأضافت متحدثة إلى أنصارها "إذا ما رأيتم أيا من عناصر تلك الإدارة فى مطعم أو متجر أو محطة بنزين.. فعليكم بالخروج عليهم ومحاولة حشد أكبر عدد من الناس ضدهم لتعبرون أنهم ليس مرحب بهم."
ولعل الدعوات التحريضية قد لقت صدى إيجابى لدى قطاع كبير من المناوئين لترامب، حيث هاجم متظاهرون وزير الأمن الداخلى فى الولايات المتحدة، فى أحد المطاعم بينما كان يحاول أن يتناول العشاء بالعاصمة الأمريكية واشنطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة