أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف أيوب

كوريا الشمالية تؤكد أن السياسة تقبل كل شىء

الأربعاء، 04 أبريل 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل شهرين تقريباً كنت مع وفد صحفى مصر فى زيارة لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، بهدف استقراء المستقبل بشأن الأزمة الكورية الشمالية، وبعد العودة للقاهرة تأكدت أن الأزمة مقبلة على حل تاريخى، نعم هناك تهديدات متبادلة من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية من جهة، وكوريا الشمالية من جهة أخرى، قد تشير إلى أن الحرب قادمة، لكننى لم أكن مقتنعا أن الحرب آتية، بل إن السلام هو القادم، وشجعنى على ذلك ما سمعته من مسؤول أمريكى التقيناه فى اليابان.
 
المسؤول الأمريكى قال إن التعرف على المستقبل يتطلب فهم الماضى، والماضى يقول إن زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون ليس منغلقاً كما يشاع عنه، فهو درس بمدرسة بيرنى الدولية فى سويسرا حتى عام 1998 تحت اسم مستعار، وهو ما يؤكد أن كيم جونج أون ذو ثقافة عالية، وتعليم جيد ويفهم ويدرك جيداً ما يدور حوله، وليس بالشخص الغبى كما يتردد فى الأوساط السياسية والإعلامية والأكاديمية الدولية، ولم يكتفِ هذا المسؤول بذلك، بل أشار إلى أن المعلومات المتوفرة عنه أنه يدرس جيداً ثلاثة نماذج، محاولاً التعلم منها جيداً فيما يتعلق بموضوع النووى، فأمامه نموذج صدام حسين فى العراق الذى عارض بقوة ورفض السماح بأى رقابة دولية على البرنامج النووى العراقى، فانتهى به الحال إلى القبض عليه ومحاكمته وإعدامه، وهناك نموذج معمر القذافى فى ليبيا الذى سارع بالتخلى على طموحه النووى بعدما شاهدا ما حدث مع صدام حسين، لكن هذا التخلى لم يحمه، بل انتهى به الحال إلى مقتله على يد الثوار، وهنا النموذج الباكستانى الذى ظل يناور بالسياسة تارة والتهديدات تارة أخرى، إلى أن تمكن من امتلاك القنبلة النووية وبعدها دخل فى مفاوضات مع المجتمع الدولى، لكن بعدما امتلك القنبلة النووية فعلياً، وحظى بقبول دولى.
 
المسؤول الأمريكى يعتقد بقوة أن كيم جونج أون مهتم بالنموذج الباكستانى، فهو يناور بكل الطرق والوسائل الممكنة حتى يحظى باعتراف دولى باعتبار كوريا الشمالية دولة نووية، وهو ما سينجح فيه فى نهاية المطاف.
 
شخصياً أبدو متحمساً لهذه الفكرة، خاصة أن المتابعة الدقيقة لتصرفات كيم جونج أون تشير إلى أنه لم يدخل مطلقاً فى مرحلة التهديدات الجدية، فهو يطلق تهديدا ثم بعدها يفتح بابا مواربا للسياسة، مستغلاً فى ذلك أيضاً علاقته بالصين وروسيا، لكنه أبداً لم يصعد عسكرياً ولم يستخدم القوة العسكرية مطلقاً، بل اكتفى فقط بالتهديد، حتى حينما صعدت الولايات المتحدة من لهجتها وأجرت مناورات عسكرية مشتركة مع كوريا الجنوبية، اكتفى كيم جونج أون بالتهديد.
 
اليوم الأوضاع كلها تسير إلى أن كوريا الشمالية مقبلة على حل سياسى تاريخى، ويساعدها فى ذلك أن جارتها الجنوبية لديها إيمان عميق الآن بأهمية الحوار وإنهاء كل مظاهر الخلاف والعداء مع الجارة الشمالية، وهو ما يؤكد عليه دوما رئيس كوريا الجنوبية الذى جاء بسياسة مغايرة تماماً، ويدرك أهمية أن يعم السلام شبه الجزيرة الكورية.
 
كل الوارد إلينا الأن من بيونج يانج يشير إلى الحل قريب جداً، حتى البيت الأبيض بدت لغته هادئة تماماً، فالمتحدثة باسمه سارة ساندرز قالت قبل أيام إن الأمور مع كوريا الشمالية تسير فى الاتجاه الصحيح بعد أن اجتمع الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون مع الرئيس الصينى شى جين بينج فى بكين، وقالت نصاً «سنكون متفائلين بحذر لكننا نشعر بأن الأمور تتحرك فى الاتجاه الصحيح، واجتماع بكين كان مؤشرا جيدا على أن حملة ممارسة أقصى ضغط ممكن تؤتى ثمارها».
 
نعم زيارة زعيم كوريا الشمالية للصين كانت مهمة، لكن الأهم هذا الود الذى بدا فى العلاقات ما بين الكوريتين، منذ أن شاركت الشمالية بوفد رياضى وسياسى رفيع المستوى فى الأولمبياد الشتوية بكوريا الجنوبية قبل شهرين، كما أن كيم جونج أون، دأب خلال الأيام الماضية على استقبال وفود جنوبية، سواء كانت سياسية أو عسكرية وآخرها فنية حينما رحب قبل أيام بمطربين من كوريا الجنوبية قاموا بإحياء حفل تحت عنوان «الربيع قادم» فى بيونج يانج، وحضر الزعيم الكورى الشمالى وزوجته، الحفل الذى الحفل فى المسرح الكبير بالعاصمة، آخذاً فى الاعتبار أنه الأول لفنانين من كوريا الجنوبية فى الجارة الشمالية منذ أكثر من عقد، وستكلل هذه الجهود بلقاء تاريخى مرتقب فى 27 إبريل الجارى بين الزعيم الكورى الشمالى والرئيس الكورى الجنوبى مون جاى أن، وهو اللقاء الذى سيمهد للمواجهة بين كيم والرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مايو المقبل، حتى اليابان باتت منفتحة على الحوار مع كوريا الشمالية، فهى الآن تسعى لعقد قمة ربما فى يونيو المقبل، بين رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى والزعيم الكورى الشمالى كيم.
 
كل ذلك يشير إلى أن كيم هو لاعب ذكى بشكل مثير للدهشة، حيث خصص هذا العام 2018 من بدايته للابتعاد عن التهديدات والمساعى العسكرية التى قد تثير أى مشاكل أو توقعات بمواجهات عسكرية، واستمر فى صنع السلاح النووى، كما اتجه نحو الحوار والتنازلات أحادية الجانب، وهو ما يؤكد أننا أمام شخص استطاع خداع الجميع.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة