ربما لم يكن الكاتب الجزائرى كمال داود يعلم أن دعوة تكفيره وإهدار دمه سوف تكون بمثابة الصعود إلى العالمية، ففى عالمنا العربى أحيانا ما يكون الجهل ودعوات التكفير وسفك الدماء نعمة.
ففى ديسمبر 2014، قام السلفى عبد الفتاح حمداش، زعيم ما يعرف بـ"جبهة الصحوة"، بإصدار فتوى لإقامة الحد على الروائى الجزائرى كمال داوود، واصفا إياه بـ"الزنديق الذى تنكر لدينه وهويته العربية".
وما حدث أن كمال داود، قبل أن تواجهه مثل هذه الدعوة لإهدار دمه، فى بلد عاش العشرية السوداء وفظائع الجماعات الإسلامية الإهاربية، كان قد تحدث فى برنامج "لم ننم بعد" على القناة الفرنسية الثانية، وكشف عن العديد من أفكاره التى رأى أنها دائمًا ما تثير الجدل حوله.
وما قاله كمال داوود، فى برنامج "لم ننم بعد"، تعلق بالدين الإسلامى والهوية العربية، فرأى أن العربية ليست جنسية وإنما هى ثقافة وتراث، وأنه كان فى بداية شبابه إسلامى التوجه، لأنه لم يكن هناك شىء آخر فى المقابل، ثم أصبح متدينا فقط... كما قال: "أنا لم أشعر بنفسى يوما عربيا.. أنا جزائرى ولست عربيا"، معتبرا "العروبة احتلال وسيطرة.. وأن الشاب الجزائرى يجد نفسه مجبولا على الإسلاموية منذ صغره باعتباره فكرا شموليا"، كما قال إن "علاقة العرب بربهم هى من جعلتهم متخلفين".
كل هذا كان سببًا فى أن يتعرض لتهديد، قام بنشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، الأمر الذى دفع مثقفين وكتابًا وصحفيين جزائريين إلى توقيع عريضة تطالب ب4رفع دعوى قضائية ضد عبد الفتاح حمداش وحث الدولة على وضع حد لهذه الممارسات التى تمس بالحق فى التعبير، كما دعا البيان "وزيرى العدل والداخلية إلى تحريك الدعوى العامة بالملاحقة القضائية لمرتكبى هذه الدعوات إلى القتل التى تعيد تذكيرنا بأبشع صور ما عشناه عندما كانت الجزائر تواجه الجماعة الإسلامية المسلحة".
وفى مارس 2016، قضت محكمة جزائرية، بالسجن 6 أشهر بحق الداعية السلفى عبد الفتاح حمداش الذى طالب بإقامة الحد على كمال داوود بتهمة "الكفر"، وألزمته بدفع غرامة قدرها 50 ألف دينار (450 يورو).
منذ ذلك الحين، برز اسم الكاتب كمال داوود عالميا، ليس فقط على مستوى الكتاب المضطهدين والمعرضين للاغتيال، بل أيضًا على المستوى الأدبى، ونيل أبرز الجوائز، ففى 2015، فاز كمال داود بجائزة جونكور عن أول رواية كتبها وهى "ميرسو، تحقيق مضاد"، واليوم فاز مناصفة مع الكاتب الأمريكى دانيال ميندلسون بجائزة البحر المتوسط الأدبية الفرنسية، حسبما ذكر موقع فرانس 24.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة